Thursday 4th April,200210780العددالخميس 21 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خلال اقتحامها لمدينة رام الله خلال اقتحامها لمدينة رام الله
قوات الاحتلال ترتكب أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين

* رام الله فلسطين خدمة الجزيرة الالكترونية:
حدث شيء بالغ الفظاعة في الدور الرابع بمبنى القنصلية البريطانية المبنية على احد التلال في داخل مدينة رام الله، فكان هناك جثث لخمسة مسؤولين بالشرطة الفلسطينية ملقاة على ظهورها وعلى جنبها، وكانوا قد اصيبوا بطلقات في الرأس والعنق، وحتى الآن لا تزال الدماء حولهم تلطخ الحوائط بارتفاع متر، طبقا لما قاله احد المراسلين الذي شاهد موقع الحادثة.
ان قتل هؤلاء الموظفين الخمسة الذين لجأوا إلى المبنى الجمعة الماضية كان من أبشع الجرائم التي اقترفتها القوات الإسرائيلية في اثناء اجتياحها لرام الله ومركز قيادة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.
وفي الوقت الذي كان فيه عرفات ومصيره هو محور الاهتمام العالمي، وذلك لانه رمز القضية الفلسطينية، قامت القوات الاسرائيلية بعمليات بحث واسعة النطاق في معظم انحاء المدينة، وقاموا بتفتيش المنازل، والمكاتب، وعندما يواجهون بأدنى نوع من المقاومة، كانوا ينهونها باراقة الدماء.
ولم يذكر المسؤولون الاسرائيليون اية تفاصيل عن نتائج عمليات البحث، ولم يتم العثور على اية مخازن سلاح سرية، في الوقت الذي زعموا فيه بأنهم قتلوا «ارهابيا» واحدا ولم يتم القبض على اي منهم.
وقد اثارت عمليات القتل داخل القنصلية البريطانية مخاوف من نوع خاص بين الفلسطينيين، وذلك لانهم يشكون في ان هذه العملية كانت عملية اغتيال، في الوقت الذي قال فيه مسؤولون اسرائيليون ان الرجال قتلوا في اثناء «تبادل لاطلاق النار».
وفي الجمعة الماضية لجأ الى ذلك المبنى 19 ضابطا على الاقل من ضباط البوليس من القوة الوطنية والتي مهمتها تتمثل في تسهيل حركة المرور والقيام بالمهام الحدودية في المناطق التابعة للسلطة الفلسطينية.
وفي هذه الليلة، تحركت الدبابات الاسرائيلية وحاملات الجنود المدرعة الى المبنى المكون من سبعة طوابق والذي تم بناؤه في منتصف التسعينات في الفترة التي بدا فيها ان تحقيق السلام بين اسرائيل وفلسطين كان قريب المنال. وفي العاشرة مساء سمع دوي اطلاق الرصاص، وظل ماهر شلبي، رئيس فرع تليفزيون ابوظبي في رام الله، قابعا في مكتبه في الطابق السادس حبيسا حتى فجر ذلك اليوم الذي اهتز فيه المبنى من الانفجارات من اثر الطلقات والقنابل المضادة للافراد والصوت المدوي لنيران البنادق الآلية وقال شلبي ان جنودا اسرائيليين جاءوا لتفتيش مكاتب التلفزيون واخبروه انهم قتلوا خمسة شرطيين هذا الصباح، ووجد شلبي جثثهم في الطابق الرابع.
وقال شلبي ان الرجال الخمسة كانوا يختبئون وتم اعدامهم او اطلق عليهم الرصاص عندما كان الجنود الاسرائيليون بالقرب من البهو الرئيسي، ولم تكن هناك اية علامات تدل على ان الفلسطينيين قاموا باطلاق النيران عليهم في مكانهم الاخير الذي ماتوا فيه وعثر على جثثهم في البهو امام مكتب «مركز الدعوة الى الديمقراطية»، ولكن لم يبد عليهم انهم حاولوا اللجوء الى ذلك المكان. وقال شلبي: «انت ترى مكان هؤلاء الخمسة، انهم محصورون ولم يكونوا يستطيعون عمل شيء من مكانهم هذا سواء قاتلوا ام لا». وقال شهود عيان ان هناك 14 شرطيا آخرين استسلموا، واقتادتهم القوات الاسرائيلية في إحدى ناقلات الجنود المدرعة.
اما بالنسبة للعديد من سكان رام الله فان الشعور بالعزلة والخوف هو الشعور المهيمن على الحياة هناك، ولا يخاطر بالنزول الى الشوارع الا القليل من السكان، لانهم يخشون ان يطلق عليهم الرصاص، من قناص رابض، او يحصروا في مكان به تبادل لاطلاق النار، ولكن الجيش الاسرائيلي كان يقوم باقتحام بيوتهم في بعض الاحيان.
وحدث هذا مع ماجد ابو غوش، فكان في بيته مع ابنيه الصغيرين عندما دخل عليه الجنود المسلحون بالبنادق، وطرقوا بابه واخبروه انهم يبحثون عن الاسلحة، وابو غوش يعمل في إحدى المطابع ويقوم بانتاج الملصقات للشهداء الفلسطينيين المقاتلين والاستشهاديين، ولكن لم يبد على الجنود انهم اهتموا لذلك، وقال ابو غوش: «احضروا كلابا لكي تقوم باقتفاء اثر القنابل، وذهبوا حتى للصندوق الذي نضع فيه الملابس المتسخة، وقد تصرف ابنائي بشجاعة ولم يهابوا الموقف، حتى في وجود الكلاب المتوحشة».
وفي مدينة البيرة بالقرب من رام الله، وبدلا من ان يقوم الجنود بعمليات التفتيش كانوا يقومون بجمع الرجال والشباب ما بين 15 و 45 عاما، وقامت عربات الجيب والسيارات المدرعة باطلاق النداءات عبر مكبرات الصوت في الطرقات، ودعوا الشباب الفلسطيني من الذكور لان يتجمعوا في إحدى المدارس امام المسجد الرئيسي، وقام الشباب بالتجمع بالفعل، وقال احمد حماد احد العاملين الذي لبى النداء: «اذا لم أذهب سوف يظنون انني ارهابيا وذلك لأن هؤلاء الذين يطلبهم الاسرائيليون لن يأتوا».
وفي تلك المدرسة قال لواء اسرائيلي: «انني أقوم بفحص كل الرجال في المنطقة، وانت ترى اننا لا نقوم بضربهم، معظمهم من الابرياء لا يزيد على واحد في المائة فقط هم الذين لهم علاقة بمراكز «الارهابيين»، ومصادر مخابراتنا لديها طرقها الخاصة لمعرفة ذلك، ونحن نعلم تماما من الذي نبحث عنه.
وقام الجنود بالبحث في احد المستشفيات في مدينة رام الله بحثا عن الأسلحة، وكذلك عن المقاتلين الذين جرحوا أثناء المواجهات، والذي يعد انتهاكا لقوانين الحرب الدولية. وقال شوقي حرب وهو أحد الأطباء في أحد المستشفيات الخاصة انهم دخلوا كل أجنحة المستشفى ما عدا حجرة العمليات، وقال: «قلت للجنود الاسرائيليين: تستطيعون ان تقتلوني، ولكنكم لن تدخلوا هنا، فهم ربما يلوثون المكان وذلك لأن هذه المنطقة معقمة فقالوا لي: اخرس!، ولكنهم لم يدخلوا».
وقاموا بالتفتيش في الملابس الداخلية لأحد الجرحى وهو محمد سليمان ظلوم البالغ من العمر 14 عاما والذي جرح في صدره وقدميه عندما كان في طريقه لأداء صلاة الجمعة، وكذلك قاموا بالتفتيش داخل حقيبة بلاستيكية ل«كارلوا هاندال» وهو أحد مسؤولي التصوير الذي يعمل في التلفزيون الفلسطيني والذي أصيب في الشارع بالقرب من مكتب عرفات عندما كان يقوم بتصوير تحركات الدبابات الاسرائيلية. وقد اخترقت رصاصة حلق هاندال قريبا من الشريان الرئيسي الذي يصل الدم الى المخ، وكان المستشفى قد كتب تقريرا قال فيه انه قد فارق الحياة.
ولكن هاندال قال في صوت متهدج: «يمكنهم ان يفتشوا كما يريدون، انني سعيد بأنني لا زلت على قيد الحياة».
المصدر: «واشنطن بوست»

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved