Thursday 4th April,200210780العددالخميس 21 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

فاتحة البكاء فاتحة البكاء
قراءة في رثاء أحمد الصالح
عبدالله بن صالح الوشمي

يبدو المشروع الشعري الذي قدمه «الصالح» ذا أفانين متنوعة، ولعل المقاربة النقدية التي تسعى إلى قراءة النص الأدبي بوصفه نموذجاً أدبياً معرفياً تدرك ذلك جيداً، ومن ثم كان واجباً أن تأخذ في اعتبارها تنوع السياقات والمآلات التي تسيطر على الشاعر، ولقد كان الشاعر«الصالح» في نسيجه الشعري ذا فرادة لا تُنكر، وأحسب أن قراءة تعيد ما قيل لا تجدي، ولذا فقد أردت في قراءتي هذه أن أطأ أرضاً لم تزل بكراً، وهي تجربة الشعر الحديث في الرثاء، وما الذي يستطيعه الشاعر أن يقدمه لمتلقيه.
وفي تصوري أن الرثاء فن صعب، حيث إن القصيدة التي لا تعطيك سوى نبأ عن موت فلان هي قصيدة ميتة، والبكاء الذي يشابه بكاء الناس جميعاً هو فعل مكرور، ولكن القصيدة المبدعة هي التي تمنحك كيفيةً للبكاء لا تجدها في الواقع، ولا تجدها في نماذج الرثاء السابقة، إن الرثاء هو نوع أدبي مارسه كثيرون، ولكنهم قلة أولئك الذين استطاعوا أن يبكوا في شعرهم، والأغلبية هم الذين لم يتجاوزوا في رثائهم حدود اللياقة في التعزية، والنص الذي بين أيدينا واحد من نصوص قلة قبس صاحبها من تجربته الحقيقية، وهو المنشور في مجلة العرب تحت عنوان«مجامع أهل الضاد تندب شيخها». وقد توافر في النص الذي نقفو جمالياته هنا عدد من الحوافز المهمة، فقد اجتمع فيه مع السياق الحزين «الرثاء» والشاعر المتمكن«الصالح» الموضوع المهم«رثاء علامة الجزيرة العربية»، ومن هنا فهو يمثل درجة من درجات الالتزام ولا شك، ولأن«الصالح» شاعر له حضوره اللافت، فإن قراءته راثياً تستمد مشروعيتها من هذه الناحية، ومن ناحية أخرى، وهي أن له عدداً من القصائد التي عزف فيها على هذا الوتر، كرثائه لوالده، وللشيخ عبدالعزيز بن باز، وربما غيرهم، ما يعني وجود متجه رثائي إبداعي أصيل، هذا مع أن قارئ دواوينه، والمتابع لنتاجه يحس أنه أمام شاعر مبدع في شعر الحب والغزل، ومن هذا المنطلق تأتي هذه القراءة لتفتح آفاق النص أو شيئاً منها، ولتدرس كيف استطاع شاعر الحب أن يصبح شاعر البكاء. فأما بالنسبة لعنوان القصيدة، فقد جاء جزء من القصيدة نفسها، إذ هو شطر البيت الرابع، وتتمته «وعراب ناديها، ويبكيك صاحب»، ومع أني لست متأكداً من أن الشاعر هو واضع هذا العنوان، فإن السؤال الأولي هو: لم لجأ الشاعر إلى هذا العنوان؟! فعندما ننظر إلى هذا العنوان وفق القاعدة التي ذكرها د. محمد مفتاح«دينامية النص: 60» من القمة إلى القاعدة، حيث يفترض في الجمل والمضامين أن تجيء متناسلة من الحقل اللغوي والدلالي للعنوان، فإننا لا نجد حديثاً عن اللغة ولا مرادفاتها إلا في البيت الرابع فحسب، بينما انتشرت مفردات كثيرة لا تتلاءم مع هذا العنوان كحديثه عن الآثار، والتاريخ، والكتب، وحب الناس له وغيرها، مما يشي بأن هذا العنوان لم يكن مقصوداً كجزء إبداعي، وإنما جاء ربما موافقة للمحل الذي نشر فيه«مجلة العرب»، أقول هذا كتحليل نقدي، وقد يخبرنا الواقع خلافه، كأن يكون الشاعر هو واضعه، أو أن المجلة هي التي اختارته، وعلى كلٍ فإني أؤكد على أن هذه الطريقة سمة أسلوبية قديمة، كان القدماء يقومون بهذا الصنيع، اعتقاداً منهم أن العنوان منفصل عن اللحظة الإبداعية، ومن ثم اكتفوا بوصف القصيدة بحرفها الأخير، أو اقتطاع جزء منها ليكون دالاً على فضائها، وواضح أن الأدب الحديث ونقده يلجآن إلى جعل العنوان عنصراً في رسم التجربة الإبداعية «انظر ثقافة الأسئلة للغذامي»، حيث يصبح العنوان أول العتبات الإبداعية للدخول في التجربة الشعورية.
وعندما نحاول قراءة المعجم اللغوي للقصيدة، وهو مفتاح مهم للولوج إلى فضاءات القصيدة كما هو العنوان، فسوف نجد عدداً من المحاور التي امتلأت القصيدة بمفرداتها، وفي إشارة عجلى إلى أهم المحاور نجد المحور الأول يتمثل في الحب وما يتناسل منه «حبيب، حبيبنا، أهلاً، أباهم، للحب، القلوب حفية، الهوى غالب، حبيبها، أحباباً، حبيب الناس، بحبك، التحيات أنت أهلها»، وأما المحور الثاني فهو الحزن «يبكيك، تبكيك، يبكي، تبكي، تندب، عين، وحشة، وداعك، فزَّع، استجاشت، دمع، مستعتباً»، وأما المحور الثالث فهو العلم وما يدور في فلكه «أمينها، مجامع أهل الضاد، شيخها، ناديها، سهرت، التاريخ، أرضاً ، أمة، تمحص، أخباراً، رأيك، الآثار، أسفار، راوي، كاتب، العقول، علماً، حجة، العلم، العلوم»، وفي ترتيب فلسفي لهذه المحاور نجد أن العلم العظيم الذي انطوى عليه الشيخ، والذي انتشرت مفرداته في النص أدى إلى الحب العظيم له، وحين مات كان هذا الحب هو المسوغ للحزن العظيم عليه، ونستطيع القول: إن قلق الرحيل مسيطر على الشاعر/ الجماعة، ويقابله أو هو ناتج عن علاقة الحب والاحترام للراحل، ومن ثم شاعت ألفاظ من قبيل «الرحيل، موعد، آيب..»، ولعل الجملة الأعلى في دلالتها على الرحيل هي قوله: «أباهم، إلى أين الرحيل وجمعهمü على موعد للحب أنك آيب»، وواضح هنا أن القلق الذي جسده الشاعر هو قلق الواقع، وقلق المستقبل، وبيان ذلك أن الراحل يمثل سداً معرفياً ضخماً، وحين يمضي فإن أحبابه وعشاقه سيبكون، ولقد بكى الجميع، بل إن الشاعر أسقط مفردات البكاء على الجمادات وأعطاها سمة الحيوات، قبل أن يشعرنا ببكاء الأحياء.
وفي قراءتنا النقدية لهذا النص سوف نجد أن سمات أسلوبية متنوعة ساهمت في خلق الجو البكائي الذي يلف النص، وفي محاولة لاستقراء واستكناه بعض هذه الجوانب، سوف نجد أن التكرار المتناظر للتراكيب اللغوية في بعض الأبيات «البيتان الثاني والثالث مثالاً» يسهم في خلق جو بكائي متوتر، حيث توالت أربع جمل تبتدئ بفعل البكاء، فبكت روضات الخزامى، وبكى عرار، وبكت برود السر، وبكى ندي، مما يمكننا من القول بأن الشاعر أقام بيتيه السابقين على هاتين النواتين الصوتيتين فحسب، وهي إشارات تحمل في رحمها دلالات متنوعة، حيث الارتباط الوثيق بين الجاسر/ المرثي وهذه المواضع بوصفها أماكن الجغرافية التي خطى عليها، وانتمى إليها، ومعلوم أن حس المكان أصيل مهما ابتعد عنه الإنسان، فإنه يبقى مسيطراً على ذاكرته حيث اتجه، ولا شك أن هذا التكرار يسهم في خلق إيقاع داخلي قوي، وهو ما يمكن تسميته بالمماثلة، حيث يلح فعل البكاء على الشاعر فيظهر في تضاعيف القصيدة، ومن ثم يبدأ في إحداث مداه ووقعه على المتلقي، بالإضافة إلى ما يشيع في الأبيات الأولى من فنون بلاغية جاءت مكملة لهذا المنحى كالجناس وغيره. ولعل من أهم السمات الملحوظة في هذا النص هو غياب الضمير الفردي وحضور الضمير الجمعي، فليست المشاعر في هذه القصيدة سوى مشاعر المجموع، ولم يكن الشاعر إلا الرسالة التي نقلت فحسب، ولذا فنحن نلحظ في تضاعيف القصيدة، أنها ممتلئة بضمائر الجمع «أمينها، حبيبنا، شيخها، حبيبها»، وهذا دال على التوحد الذي جمع قلوباً عديدة في موقف واحد تجاه وفاة هذا الرجل، وقد غاب ضمير المتكلم مطلقاً، فلم يعد هناك صوت متحدث واحد، بل الصوت السائد هو صوت الجماعة، وفي هذا إبداع من الأديب حين جعل الاتصال قوياً بين الجماعة والراحل، وهو اتصال يوحي بالاندماج الفاعل بين الطرفين، ولعل من السمات الملحوظة في ذلك أن الألفاظ الموحية بمرادنا هنا، قد جاءت متناسقة ومتسلسلة، فقد ابتدأ وصف الجاسر في هذه القصيدة بأنه حبيب الجبال، ثم أمينها، ثم حبيبنا، ثم شيخ المجامع وعرابها، وهذا تسلسل منطقي أفضى بالشاعر بعد ذلك أن يستدعي أسمى العلاقات الإنسانية، ليسقطها على الجاسر، وهي الأبوة، فما دام أنه بهذه المنزلة، فهو الشيخ، والأمين، والحبيب، فإن ذلك مسوغ لأن يقول له:«أباهم إلى أين الرحيل..»، وهي جملة تضمر دلالة الفقد الذي سوف يسيطر على ضمير الجماعة، فإذا رحل الأب فإن اليتم والفاقة والحزن مصير الأبناء.
ولعل مما يدعم هذا الاتجاه ما نراه من سرعة الإيقاع التي تتأتى من خلال حذف أدوات النداء، فلم يعد الشاعر بحاجة أن يدعو مرثيه بأدوات النداء حتى القريبة منها، بل إنه إمعاناً في طلب القرب والتوحد مع الجاسر كما هي عادة شعراء الرثاء المحلقين، نجده يحذف أدوات النداء، ويقدم المنادى مباشرة،«حبيب شماريخ الجبال، أبا هذه الآثار..»، وتعليل ذلك أن الشاعر حين لم يكن في مقدوره أن يقترب من محبوبه واقعياً، فإنه يحاول استرجاعه والقرب منه على مستويات اللغة وتراكيبها، فجاءت اللغة الشعرية خادمة للمضمون المراد.
وفي تأملنا لحس الجماد، وكيف استطاع الشاعر توظيف إمكانياته لخدمة غرضه الأساسي، وهو إظهار التفجع من الكل على رحيل العلامة/ الجاسر، سوف نجد أن الشاعر حاول مقاربة جميع الهموم التي كان الجاسر متعلقاً بها، ولذا فقد رأينا أن الجاسر أصبح حبيباً لشماريخ الجبال، ولعل المسوغ الكبير لهذا الحب هو سيرته في حياته، وهو ما يخبرنا عنه الشاعر، حين يصفه بأنه «أمينها على سرها»، كناية عن جهده في استقراء سيرة الجبال، والحواضر، والبوادي، في الجزيرة العربية، ويستمر الشاعر في هذا الاتجاه فنجد روضات الخزامى باكية، وعرار، وبرود السر، والمجامع اللغوي، وهنا يحاول الشاعر أن يلقي في روع المتلقي أن وفاة الجاسر كانت معادلاً موضوعياً لانهيار عدد من الأشياء الجميلة في دواخلنا وفي واقعنا، وهي ما سبق ذكره، أي أن الشاعر يحاول أن يلتقط من الواقع والتاريخ ما يكون حافزاً له في إظهار هذا البكاء المأساوي فلم يعد الواقع منفصلاً عن السياق، بل تحول المكان في رثاء«الصالح» من دلالته على البعد الجغرافي المجرد، إلى مكان يتحرك من خلال اللغة إلى مناطق الإحساس، ولذا فقد أسقط الشاعر كثيراً صفات الإنسان على المكان، فمرة نراه يبكي، وأخرى نراه ابناً، وثالثة نجده الحبيب، إلى غير ذلك من الأوصاف التي ساهمت في خلق الجو البكائي الفريد، وحين تصل الشحنة الشعورية إلى قمتها، فإن الشاعر يصرخ ويقول:«أبا هذه الآثار أنت حبيبها»، ويقول:«أقمت بنا عمراً حفزت سنينه بأحداقنا»، وهي كنايات متنوعة تشي بالبعد الخُلقُي والنفسي الذي كان المرثي مستقراً فيه، وواضح أن تعامل الشاعر مع هذه الجمادات بوصفها أماكن خصبة الدلالة، تفرض دلالة معمقة لتقنية «الحيز» في القصيدة، ولعل هذا مما يتطلب دراسة مستقلة بذاتها. وعندما نأتي إلى حيز الأفعال، ودراسة حركتها في القصيدة، فإننا نجد أن الأبيات من 1 9 فيها اثنا عشر فعلاً مضارعاً، على حين غابت الأفعال الماضية ما عدا فعلاً واحداً هو «سهرت»، وهو مستمر في حقيقة الأمر لأنه متلو بالفعل المضارع «تمحص» فأصبح عاكساً لحقيقة مستمرة، وأما الأبيات من 10 22، فقد عادت الغلبة فيها للأفعال الماضية، حيث انتشر منها أربعة عشر فعلاً ماضياً، مقابل اثني عشر فعلاً مضارعاً، كل هذا مع غياب مطلق لفعل الأمر في القصيدة كاملة، وهذا دال على أن هذا النص يجنح إلى التأمل، فهو رثاء ينظر إلى الموت بوصفه مآلاً يقينياً لا يمكن الانفكاك عنه، وهو نص لا يقدم توجيهات، بقدر ما يبدع في التأمل وتبطّن الأشياء.
وهذه النسب الفعلية وما قاربها، تفضي بقراءتنا إلى منعطف مهم، حيث نصبح أمام سؤالين مهمين، هما: ما الذي دعا الشاعر في وعيه إلى هذا؟ أو ماالذي سيطر على لا وعيه عندما أنتج نصه بهذه الكيفية؟، لنا أن نقول في تحليل نقدي يعتمد على الذائقة النقدية أولاً، وعلى هذه الأفعال الماثلة أمامه: إن سيطرة الأفعال المضارعة دون غيرها تقريباً في المقطع الأول أدى إلى انسيابية النص وتلاؤمه، من حيث وقوعه في الحاضر، بالإضافة إلى دلالتها على الاستمرار والحدوث، ولعلها دلالة تحقق بعد النص المهم من حيث بكائيته، فالأفعال مثل:«تبكيك، تندب، يبكي، تحدى»، كلها توافرت على تحقيق هذه الدلالة، حيث تلقي في روعنا استمرارية البكاء والندب والحزن، ونحن مع ثقتنا أنه لا يمكن فصل الجمل ولا الألفاظ عن سياقاتها مطلقاً، ولكننا نستطيع من خلال هذه الآلية النقية أن نضيء بعداً آخر من أبعاد النص وهو ما سبق ذكره، وأما المقطع الثاني الذي اختلطت فيه هذه الأفعال فإنها قد تؤدي إلى عدم تلاؤم النص، من حيث اختلاف الأزمنة والسياقات، ولكنها من جهة أخرى تعكس الحال السائدة في هذا المقطع، حيث إن طغيان المضارع يتناسب مع أغلب القصائد الرثائية، لأنها تنطلق من الحاضر، وما ورد من الماضي يشكل زاداً لإشعال تجربة الأديب، فالشاعر يتكلم عن مأساته برحيل الجاسر، فساد الفعل المضارع في المقطع الأول، وحين بلغ قمة المأساة رحل في المقطع الثاني إلى الماضي ليذكر مسوغات بكائه، وهنا بدأ الممازجة بين الفعلين/ الحالين.
ومما يتعلق بالبنية الخاصة في القصيدة سوف نجد انتشاراً لافتاً للأسماء، فهي موجودة بنسبة طاغية مقارنة بالأفعال الماضية والمضارعة على حد سواء، حيث بلغت الأسماء 156 اسماً، بينما مجموع الأفعال الماضية والمضارعة والحروف 108، مع غياب فعل الأمر كما سبق، وهذه النسب وإن لم تكن متناهية الدقة، فإن الفارق كبير بينهما، ما يعني أن التوازن منعدم في ثناياها، ومن ثم فلابد من مقصدية تسللت إلى لا وعي الشاعر، وأثرت في اختياراته اللفظية، ولعل هذا عائد إلى أن النص بأنساقه يوفض إلى إثبات الحال واستمراريتها، حيث إن الأسماء التي تدل على الثبوت والاستمرار ترِدُ بشكل ملحوظ في أثناء حديث الشاعر عن حياة الجاسر، وعلمه، وجهده، فناسب حينئذ استخدامها تعلقاً بدلالتها، وطلباً لبقاء هذا الحال، ولكن الجمل تتحول إلى جمل فعلية بشكل سريع ومباشر حينما يتحدث الشاعر عن الواقع، وهو واقع يحمل في إهابه دلالات الحزن والرحيل، وهذا يعني دلالة هذه الجمل على التغيير والتحول من هذا النطاق الحزين إلى نطاق آخر، وحين لا يتيسر ذلك فإن عزاءه أن يلجأ في ختام قصيدته إلى إلقاء السلام على الجاسر، والإشارة إلى أن ماضيه يؤهله للخلود في الجنة، وكأن في ذلك إراحة لضمير الشاعر/ الجماعة الذين أحبوه.
ولقد كان من تداعيات الجو الحزين الذي عصف بالشاعر، أن ظهرت الأصوات التي تتزامن لتحقيق مرام الشاعر، فصوت الألف يربو على 175 مرة، حيث تدل فيما تدل عليه على نوع من الرغبة في التنفيس عن المشاعر وإطلاق الآهات التي تتواءم مع مصاب الشعر/ الجماعة بفقد الحبيب، هذا مع وجود بعض الأصوات الأخرى التي شكلت بعض الملامح، كصوت الباء 61 مرة، وهو صوت انفجاري شفوي يعكس طموحاً لملامسة الحدث، وغير ذلك.
وأخيراً فإن هذه القراءة لا تنفي غيرها، بل هي محاورة لنص فاعل، تحول إلى وثيقة تأريخية للسيرة الفكرية التي عاشها الجاسر رحمه الله، وهي قراءة تؤمن بأن إمكانيات النص كبيرة وتستدعي عدداً من القراءات التي تبحث في أنساقه، وصوره، وتراكيبه، ولكنها جاءت كما عنوانها فاتحة للولوج في قراءة هذا النسق الذي جلَّى فيها شاعرنا، وبرع فيه وهو إن لم يكن وحيداً في هذا الاتجاه فإنه يمثل نفساً خاصاً به، لا تكاد تجده عند غيره.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved