بداية أثمّن لملحق «الجزيرة» الثقافي وللقائمين عليه هذه الاحتفالية بالمبدعين في حياتهم اذ من حق المبدع علينا ان يحتفى به وهو على قيد الحياة لنشعره بأهمية ان يتجدد ابداعيا وان يثق بأعماله من خلال الصدى في خطاب المتلقين من هنا تأتي هذه الاحتفالية بالشاعر (مسافر) بوصفها حلقة من حلقات الاحتفال التي لا تخص الشاعر وحده وإنما تشرك معه الشعراء الآخرين بوصفه صفحة من صفحات المشهد الشعري في المملكة.
وفي رأيي ان هذه الصفحة التي هي الشاعر مسافر كتبت مفرداتها من خلال العلاقة الحميمة بين ماضينا الشعري وبين حاضرنا المتجدد في السياق الشعري نفسه. فهو كتب القصيدة العمودية بجانب قصيدة التفعيلة واحتفل باللغة الشعرية التقليدية بجانب اللغة الجديدة وكثف الصورة والايقاع بجانب الميل الى الشعبي والعادي .. وهكذا بدا وسيطا من خلال النصوص التي قرأتها له.
ولأني من الذين لا يشتغلون نقديا على الخطاب الشعري دون الانفصال عن قراءته ومتابعته وذلك لانشغالي بالخطاب السردي، فان المقالة الوحيدة التي كتبتها عن الشعر في المملكة كانت عن مسافر قبل ما يقارب خمس سنوات وهنا أقتطف مما قلته سابقا ما يلي:
فمازال الشاعر (مسافر) يعد من الشعراء المقروئين في مستويات القراء العاديين لان قصيدته كما يهيأ اليَّ حافظت على التوازن ما بين الوضوح والغموض وما بين جدية التحديث وأصالة التعبير خاصة وانه يمتلك شرطي الكتابة من خلال الشكلين المنفصلين: العمودي والتفعيلة. أو المندمجين معا في قصيدة واحدة تبدو كأنها حالة من حالات التداخل بين الأجناس الشعرية في سياقات الكتابة الجديدة.
لكنه رغم كونه يكتب القصيدة العمودية، الاان تجربته الأكثر فاعلية تبدو من وجهة نظري على أقل تقدير متجلية في ثوب التفعيلة، هذا ما يظهر في ديوانه الأخير: «عيناك يتجلى فيهما الوطن» فقصيدة التفعيلة لديه ممتلئة بأفعال التأمل والملحمية والتصارع والتدفق الشعري.. وهي قصيدة ذات سقف تراجيدي يكشف امتداد الرؤية لدى الشاعر في تشكيل العالم الموضوعي الذي يعيشه الانسان العربي المثقف اليوم..
في حين يغلب على قصائده العمودية طابع التعجيل والاختزال.. خاصة وأن أغلب القصائد في هذا المجال تعد قصائد غنائية عاطفية الى حد ما..
وبشكل عام فان ديوانه الأخير يتدفق بأربع مفردات رئيسية تشكل الفضاء الشعري لديه، وهي مفردات: الوطن، والمرأة، والطفولة، والذات.
وفي النهاية، كما البداية لابد من تكرار هذا الاحتفال بالشاعرمسافر أو بغيره!!
|