عجيب هذا الهلال!
وإن تعجب له.. فأمره عجب...
وإن تعجب لأمره.. فالرأي فيه عجاب.
وإن تعجب لرأيهم.. فالهلال أعجب!!
تبذل له المطارف والحشايا.. فيعافها حيناً..
ويبيت على «رصيف» البطولات!
وتعترضه العوائق حيناً آخر.. وتضيق به ذات اليد.. وتهتز أركانه.. ويرضى محبوه بالوضع قانعين بما هو آت.. فيفاجأون بأنه بات تلك الليلة في فندق من فئة النجوم الخمس وفي جناح تحف جوانبه أكاليل الزهور.. وبوكيهات الورد.. المتوجة بعبارات التهاني والتبريك..!!
üü تأتيه البطولة منقادةً..
كسيرة.. متذللة..
ترجو لقاءه.. وتبحث عنه..
فيمارس معها الصدود..
وتمتنع منه.. وعليه تستعصي..
وتنظر إليه من علٍ..
فيزداد لها شوقاً.. ويصبح أكثر اصراراً.. على النيل منها..
لأنه «يحب عسف» هذا النوع من البطولات..
ولانه «يحب أن يطوع كل طرف» من هذا النوع..!!
فكل شيء.. إلا جرح كبريائه..!!
وكل شيء.. إلا المساس بزعامته..!!
üüكيف..؟! [ وحدهم القريبون من الهلال.. [ والسابرون لغور الهلال.. [ والعاشقون للهلال.. [ وحدهم أولئك .. الذين يحيطون علماً بالاجابة على هذه ال«كيف؟!». [ لأنهم وحدهم الذين يدركون كيف يحتفظ الهلال بأوراقه البيضاء.. للأيام السوداء!! [ وهم وحدهم.. يدركون كيف يتعامل الهلال مع أوراقه؟! وكيف يوظف هذه الأوراق بشكل جيد مهما كانت.. وأياً كانت!! حتى لو غابت منها الورقة المؤثرة.. والورقة الفاعلة.. أو الورقة الصالحة لكل وقت..!! لأنه يعرف كيف يرتب أوراقه!!
ويعرف متى يلعب هذه..؟!
ومتى يحتفظ بتلك..؟!
وأنى يرمي ورقته الأخيرة.. فتلقف ما صنع الآخرون..!!
üü عجيب هذا الهلال.!!
عجيب.. عجيب..عجاب..
وإن تعجب له.. فأمره أعجب!!
لا يرتبط بالتاريخ الميلادي.. أو الهجري.. ولا بحركات المد والجزر..
أو ساعات الخسوف والكسوف...
ولا يهمه ما تقوله المراصد..»!
فقد يكتمل.. ويصبح بدراً في أول الشهر.. أو أوسطه.. أو آخره..
وربما عاد «كالعرجون القديم» في منتصفه!
صحيح..ان لاسمه منه نصيباً في كثير من الأحيان..في شموخه..وكبريائه..
في نوره.. وضيائه..
وفي محاكاته للهلال الحقيقي.. في توقيت اكتماله..بطولة الأمس.. جاءت في منتصف شهر قمري!
وكذا كانت النخبة..
وقبلها العديد من بطولات آسيا.. وغيرها.
فكأنما أراد بهذا.. اعلان «توأمة» بين «هلالين» هلال الأرض.. وهلال السماء..
لكن هلال الأرض.. مع ذلك.. ينتقي منازله الخاصة به!!
ويتأثر بمد.. وجزر بحاره.. ومحيطاته..!!
üü عجيب هذا الهلال..
عجيب.. عجب..عجاب.
لا يرتبط بذاكرة الأفعال الماضية..
ولا الأفعال الحاضرة..
ولا أفعال المستقبل..
ولا بظرف الزمان .. أو المكان..!! [ فهو آني الفعل.. آني التنفيذ.. [ وبلغة الإدارة.. فهو العضو المنتدب للأندية السعودية في البطولات الخارجية!!
وهو المدير العام التنفيذي.. في هذه المشاركات!!
üü عجيب.. هذا الهلال..
حتى في تعامله مع الخصوم.. وفي إدارته معاركه الحربية معهم.. ومنازلته ساحاتهم.. فلكل خصم طريقة..
ولكل ساحة فارسها..
وكل منازلة لها أسلوبها الخاص..!
أحياناً.. لا يحب أن يضيع وقته.. فيقول كلمته ويمشي..!! بعد أن يقرر وينفذ!! [ وأحياناً.. يمهل خصمه في النزال.. لكنه لا يهمله.. [ يعطيه الفرصة.. يستدرجه.. يزرع له بذور الأمل..
يشعره بالأمان.. ليكون النزال سجالاً وأكثر تشويقاً واثارة.. حتى إذا ما اطمأنت نفسه.. واستشعر التفوق.. أتاه من حيث لا يحتسب وأجهز عليه.. ب«عاجل طعنة» اقضت مضجعه وانهت أمله..!! مما يجعل هؤلاء يكرهون نزاله.. ويتحاشون طريقه.. خوفاً من بطشه.. وإيمانهم المسبق بصعوبة التفوق.. وأحياناً لا يمانعونها.. ادراكاً منهم بشرف المنازلة.. واحترام الخصوم.. والقناعة بالهزيمة.. لأنها أمام فارس شهم وبطل شجاع..
تماماً.. مثل ذلك الفارس العربي عنترة العبسي في نزاله.. وفنه المتميز به في إدارة معاركه الحربية..
إذ لا أزال على رحاله سابح
نهد تعاوره الكماة مكلِّمِ
ومدجج كره الكماة نزاله
لا ممعن هرباً ولا مستسلم
يدعون عنتر والسيوف كأنها
آشطان بئر في لبان الأدهم
ولقد ذكرتك والرماح نواهل
مني وبيض الهند تقطر من دمي
هذا الفارس الذي يدعوه قومه إذا جد الجد وحمي الوطيس.. ادراكاً منهم بدوره..
وهو الذي لا يشغله وطيس المعركة.. ونبالها.. التي تنهل من جسده عن ذكر حبيبته..
هكذا.. هو الهلال..
إذا جد الجد.. واحتاج الأمر للحسم..
دعوا الهلال!!
يحضر الهلال.. ويدير الأمر بفنه المتميز.. وبطريقته الخاصة..
لكنه يظل وفياً لمحبوبته..
وملهوفاً لمعشوقته..
تحوطه نبال الخصوم..
وتناله رماح المنافسين..
وتنتظره دوائر المتربصين..
لكنه لا ينسى في هذا الخضم أن حبيبته «البطولة» تنتظره..
وان معشوقته «الكأس» تتراءى أمامه..
فيرتقي «بمنازلته» للخصم..
ويبدع في «مغازلته»..
وينجح في الاجهاز عليه..
وهكذا كان الهلال.. وهكذا كان تعامله مع كأس الكؤوس الآسيوية الثانية عشرة..
نظر إليها..
وابتسمت له..
فألقى التحية..
وتحاور معها..
وكان الموعد السبت 16 محرم 1423ه الموافق 30 مارس 2002م.
ثم اللقاء.. على لغة أمير الشعراء أحمد شوقي:
نظرة فابتسامة فسلامٌ..
فكلام فموعد فلقاءُ!
üü عجيب أمر هذا الهلال..
لا بد أن يزرع له في كل ميدان راية..
وأن تكون له في كل بطولة آية..!!
وآية الهلال في هذه البطولة أعجب!!
فكأنما أراد بأسلوبه هذا.. وطريقته هذه أن تكون هذه المباراة عالقة في الذهن..
وثابتة في ذاكرة الزمن!!
لم لا؟!
وهي البطولة الأخيرة في سجلات الاتحاد الآسيوي بهذا المسمى.. وهذه الطريقة فقد قرر هذا الاتحاد الغاء بطولاته الثلاث «أبطال الدوري أبطال الكؤوس والسوبر» ودمجها في بطولة واحدة.. وكان لا بد للهلال.. أن يجعل ختامها مميزاً كعادته.
لم يعد يكتفي بالبدايات.. ويسابق على الأوليات.. بل أصبح أيضاً راعياً للختاميات!!
وكأنما أراد الهلال وهو يفوز بهذه البطولة أن يمارس نوعاً جديداً من التعامل مع البطولات..
هذه البطولة.. أعلن من خلالها الهلال فوزه بالبطولات الآسيوية الثلاث ست مرات بواقع مرتين لكل بطولة في انجاز غير مسبوق..
و«المرتان» في عرف ومفهوم المشرفين التربويين وزياراتهم للمعلمين.. تعني أن الزيارة الأولى اشرافية توجيهية.. والثانية تقويمية!!
وهكذا كان الهلال في فوزه بكل بطولة مرتين..
مرة اشرافية..
وأخرى تقويمية..
بلغة أخرى..
مرة للتعرف على أهميتها.. والأخرى للتأكيد على الجدارة بها..!!
وإذا كان الهلال قد تعود على المستوى المحلي أو العربي الفوز بالبطولات.. وتسجيل الأرقام القياسية التي يصعب كسرها على المدى المنظور.. فقد تجاوز ذلك على مستوى آسيا.. وأدخل أنديتها مرحلة اليأس.. وخانة الاستحالة..
فهو الوحيد الذي فاز ببطولات الأندية الآسيوية الثلاث..
وعاد ليؤكدها مرة أخرى.. قبل أن يلعبها الاتحاد الآسيوي..
وبهذا «غلق» الهلال «الأبواب» على أندية آسيا.. وقال لكل منهم «هيت لك»!!
üü عجيب أمر هذا الهلال..
وأمره أعجب..
فهو يبحث عن رفع الحرج عن الآخرين..
ويبحث عن التماس الأعذار لهم..
وكأنما أراد بهذه البطولة.. وبغلق الأبواب أن يقول للاتحاد الآسيوي..
ها أنذا الهلال.. نادي القرن..
لا حاجة لكم بالتصويت..
ولا البحث في الملفات..
ولا أحد يعترض عليكم بعد اليوم..
أنا نادي القرن.. المتوج..
أنا نادي القرن.. الذي قدمته الميادين..
ودانت له البطولات.. ورشحته الأندية..
وزفته الجماهير من الرياض.. إلى طوكيو..
مروراً بالدوحة.. وسيؤول.. وبكين..
وكل بقعة من آسيا ..!!
üü عجيب هذا الهلال ..
حتى وهو يودع.. يريد لوداعه طقوساً مميزة..
فقد بدأ مشواره الآسيوي عام 1992م.
من الدوحة.. وختمه الآن في الدوحة..
فكانت له دوحة العز.. ودوحة السمر.. وكان «دوحة» عز.. وهلال فخر..
والله من وراء القصد،،
|