Wednesday 3rd April,200210779العددالاربعاء 20 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

عملية السلام تدخل في غيبوبة عملية السلام تدخل في غيبوبة
الشرق الأوسط يحترق والرئيس الأمريكي يلهو في مزرعته بتكساس

* دمشق خدمة الجزيرة الالكترونية:
عبر تصريح عام من مزرعته في تكساس وفي نداء إلى زعماء الشرق الأوسط والعالم، استخدم الرئيس جورج بوش لهجة قوية في تأكيد التزام امريكا بعملية السلام، واعدا بأن يبقي المبعوث الأمريكي أنتوني. سي. زيني في المنطقة لاستكمال محاولاته من أجل السلام في الشرق الأوسط.
وقال بوش «أعتقد أن وجود فرصة للحوار ولجمع الأطراف هو أمر مهم لبلادنا»، مضيفا أن «الجنرال زيني سيبقى في المنطقة وسيستمر بدفع عملية السلام»، لكن مدى هذه الكلمات كان فارغا أمام الجمهور الواسع في الوطن أو العالم، فحسب الخبراء وبعض الموظفين الأمريكيين السابقين تبدو توقعات إنهاء إراقة الدماء أو وقف إطلاق النار، وهي وضعية دون حالة السلام، ضئيلة وتكاد تنعدم بشكل تدريجي.
ليس هناك سلام
فالسفير الأمريكي السابق في إسرائيل مارتن إنديك يقول «ليس هناك عملية سلام، هناك عملية حرب فقط».
بينما يعتبر أوغستين آر. نورتون. خبير الشرق الأوسط في جامعة بوسطن ومؤلف لعدة كتب عن المنطقة، أن وضعية السلام في الشرق الأوسط «تذكرني ب (الديكتاتورالإسباني الجنرال فرانكو) عندما وضع على جهاز تنفس اصطناعي ودماغه متوقف حتى يجد الناس وريثا لحكمه».
ويعتبر نورتون أن «عملية السلام في الشرق الأوسط التي أطلقت في أوسلو عام 1993 تملك دماغا ميتا منذ فترة طويلة، لكن بعض الإشارات الحيوية داخل الجثة تجعلنا نتخيل احتمال إحيائها»، مسؤولية الجميع.
ويرى بعض الموظفين والمحللين العسكريين أن لائمة انهيار عملية السلام يتقاسمها وبدرجات متفاوتة المتعصبون الفلسطينيون ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات إضافة لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون. ولكن مع الهجوم الانتحاري الفلسطيني الجديد يوم السبت والمترافق بالهجوم الإسرائيلي الصارخ على مقر الرئيس عرفات مع عدم وجود أي فعل أمريكي جديد فإن إدارة الرئيس الأمريكي غدت هي أيضا في دائرة النار لعدم قيامها بما يكفي من تفادي أو إدارة الأزمة.
ويرى نورتون أنه وضع مؤسف جدا حيث نرى «الرئيس بوش، وسط هذه الأحداث، يلعب في البيت الأبيض أو تكساس، وهي أشبه بلعبة نيرون (الأمبراطور الروماني) بينما الشرق الأوسط يحترق».
إن الرئيس بوش أصبح تحت النار حتى من قبل مؤيديه.
عجز أمريكي
وعبر موقف آخر من جيفري كيمب، مسؤول سياسة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي خلال إدارة الرئيس رونالد ريغان، فإن «من دواعي السخرية ما برهنت عليه أكبر قوة في العالم في عجزها على إدارة أزمة إقليمية».
ويبين كيمب أن «قدوم هذه الأزمة يمكن أن يراها من هو بعمر سنتين، ومحاولة إخفائها من قبل الإدارة عبر التركيز على أفغانستان أو العراق يظهر إما تكبرا أو جهلا مروعا».
وأطلق كيمب على الأزمة الحالية «دعوة للنهوض» وذلك مقارنة مع تأثيرات أحداث 11 أيلول التي هاجمت السياسة الأمريكية.
ويعتبر البعض أن الولايات المتحدة تملك الآن خيارات محدودة وهو ما يوضح الحقيقة الصعبة التي تواجه إدارة بوش وتجعل تحركاتها وتأثيراتها محدودة.
وفي هذا الإطار فإن لورانس . إس. إيجلبيرجر. وزير الدولة الأمريكي في إدارة بوش الأب، قال لمحطة سي.إن.إن: «لست طبيبا أو عالما نفسيا، لكنني أشك في أن سبب عدم تدخل الرئيس بوش يتعلق بطبيعة الفوضى مع عدم وجود أي احتمال للنجاح، سواء لنفسه أو لعملية السلام بذاتها، وهو ما يعتبره الرئيس خطرا، لكنه بذلك يبرهن أننا لا نملك أي قدرة على التأثير في الأحداث، وباعتقادي أننا لانعمل جديا على هذه المسألة».
انجراف نحو الجنون
وحتى مع بدء زيني بجهوده في المنطقة، فإن بعض المحللين يرون أن المجابهة غدت خارج إطار الوساطات الأمريكية، وهو ما يعبر عنه جوديث كيبر، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، حيث يرى «وفق الاحتمالات الحالية، ضرورة عمل الولايات المتحدة من بعيد حتى حدوث شيء مريع يدعو الولايات المتحدة والمجتمع الدولية للقيام بخطوة لإيقافه، فالنزاعات التي تسير على هذا الشكل تنجرف نحو الجنون، تماما كما حصل في لبنان والجزائر، والنزاع في الشرق الأوسط يدخل الآن هذه المرحلة، وعليه أن يتحرك بنفسه بعيدا عنا». كما يوضح إيجلبيرجر أن الأزمة الحالية أسوأ من سابقاتها، فهي «قاسية وقاتلة» أكثر من كافة الحروب التي شهدها الشرق الأوسط خلال نصف القرن الماضي، ويعتقد أن أي شخص سيعجز عن إيجاد طريق واضح لهذه الفوضى والتي ستستمر لوقت طويل.
مخاطر بعيدة المدى
ويحذر المحللون من إمكانية توسع نتائج الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية، حيث يرى إيجلبيرجر وجود خطر بعيد المدى وذلك عبر انتقال العنف بما يؤثر على قدرة الولايات المتحدة في حربها الواسعة ضد الإرهاب.
عمليا فإن الارتداد ضد الولايات المتحدة ظهر خلال يوم السبت في الكويت ،وهي الإمارة الغنية بالنفط والتي تم تحريرها من الاحتلال العراقي عبر تحالف دولي، نظمته وقادته الولايات المتحدة في عام 1991، وغدت بعدها الكويت والولايات المتحدة حلفاء محوريين وشركاء تجاريين.
ولكن بعد 11 عاما على تحرير الكويت فإن أربعة آلاف متظاهر، حسب وكالة رويترز للأنباء، احتشدوا في ساحة العلم بمدينة الكويت لشجب إسرائيل وسياسة الولايات المتحدة. وكان على رأس هذه الحشود برلمانيون ووزراء، بينما تعالى صياح المتظاهرين:«لا إله إلا الله وأمريكا عدو الله»، كما ردد المتظاهرون «المسلمون متحدون .. الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل».
وفي انعكاس لتحرك المشاعر خلال 18 شهرا من الانتفاضة الفلسطينية، فإن المتظاهرين رددوا أيضا «أمريكا والصهيونية ضد الأمة الإسلامية!» إن هذه الظاهرة المضادة للولايات المتحدة تشكل ارتدادا في المشاعر، خصوصا أن الفلسطينيين أيدوا العراق، وليس الحكم الكويتي، خلال حرب الخليج الثانية عام 1991.
لا يمكن لوم الإدارة الأمريكية على العنف في الشرق الأوسط، لكنها أخطأت في استخدام الفرص المتاحة خلال عام ونصف، وسمحت باستمرار وتطور الوضع السائد كما يقول «أنديك» من مؤسسة بروكيجنس «دائرة واشنطن البحثية».
ويرى اندي أن «موقع التقصير الذي لم يتم ربطه بحالة الاستقرار الإقليمي يظهر في نقاط متعددة من إضاعة الفرص، ثم غدا التدخل الفعال بعد ذلك أصعب».
ويشير المحللون إلى فشل الولايات المتحدة في الاستفادة من نقاط الانعطاف التي ظهرت في مسيرة النزاع، ففي حزيران الماضي، وبعد انفجار تل أبيب الذي قتل 22 إسرائيليا، بدأت خطوة جديدة من ضريبة الموت في احداث الانتفاضة، ولم تثر إدارة بوش اهتماما كبيرا لهذه الحادثة، ولم تدفع الطرفين على قبول تفاهم تينيت لوقف إطلاق النار الذي أنجزه مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية جورج تينيت، وتركت الأمور عالقة.
الفرصة الثانية التي أخطأت الإدارة الأمريكية في استخدامها كانت في نهاية العام الماضي، عندما تم تجميد وساطة الجنرال زيني بعد عودته إلى واشنطن وفشله في إحراز اتفاق بين الطرفين. ولو أن موظفي الإدارة الأمريكية أصروا على أن مهمته لم تحتضر ومازالت قائمة. لما كانت نتائج إقامته لثلاثة أسابيع في المنطقة موجة من العنف حصدت 100 قتيل إسرائيلي وفلسطيني ماتوا نتيجة تفجيرات انتحارية أو ردود انتقامية.
وتقول الولايات المتحدة بعد ذلك، إنها لن ترسل زيني إلى المنطقة ما لم تسد فترة من الهدوء، وذلك في إشارة إلى نية الطرفين في وقف العنف. وتمسكت الإدارة الأمريكية بهذا الشرط حتى بدأت جولة نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني في الشرق الأوسط لاستطلاع الآراء العربية حول عزم الولايات المتحدة تغيير النظام في العراق، والنتيجة، حسب ما يرى كيب، دخول عملية السلام في غيبوبة.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved