* رام الله من وفاء عمرو رويترز:
منذ أيامه الأولى كمقاتل وحتى عودته من المنفى في عام 1994 كرئيس فلسطيني واجه ياسر عرفات الأهوال في كفاحه من أجل قيام دولة فلسطينية مستقلة. لكن حلمه القديم يواجه الكثير من المصاعب ان اقتحمت قوات اسرائيلية مقره في مدينة رام الله بالضفة الغربية في اطار جهود لعزله واعتقال نشطاء.
ويفرض ارييل شارون رئيس وزراء اسرائيل حصارا على عرفات في رام الله منذ أكثر من ثلاثة أشهر في محاولته قمع الانتفاضة الفلسطينية الدائرة منذ 18 شهرا ضد الاحتلال الاسرائيلي. وتعهد عرفات «72 عاما» من مكتبه المحاصر بمواصلة الكفاح من أجل دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية العربية بينما كان يرتدي الكوفية الفلسطينية التي اشتهر بها ويلفها حول رأسه على شكل خريطة فلسطين.
وقال عرفات في مقابلة بالتليفون «لا يوجد واحد في الشعب الفلسطيني ومن الأمة العربية يمكن ان يركع... ويستسلم».
وأضاف متحديا شارون ان الشيء الوحيد الذي يمكن ان يفعله شارون هو ان ينال من عرفات «شهيدا» وانه لن ينال منه بأي شكل آخر. وتزايدت شعبية عرفات بين شعبه منذ ان بدأ حصاره في أوائل ديسمبر كانون الأول الماضي. بينما تظهر استطلاعات الرأي ان الاسرائيليين فقدوا الثقة في شارون.
لكن الزعيم الفلسطيني تعرض لضغوط جديدة يوم الجمعة عندما أعلن شارون انه عدو وتعهد بالقيام بتحرك واسع النطاق لعزل سلطته الفلسطينية حيث يدعي انها تعزز «البنية التحتية الارهابية».
ويقول مسؤولون فلسطينيون: ان عرفات يواجه أقوى تحد طوال حياته السياسية واختبارا جديدا لمكانته وقدرته على البقاء سياسيا. ويقول كثير من المراقبين في الشرق الاوسط انه اذا كان هناك من يستطيع الخروج من هذه الورطة فانه عرفات الذي اشتهر منذ فترة طويلة بقدرته على البقاء مهما يكن ما يعترض طريقه.
قال المحلل السياسي الفلسطيني غسان الخطيب «استطاع عرفات ان يقود شعبه من المنفى مهما يكن الموقف الذي يكون فيه».
وتابع قائلا: «موقفه السياسي أقوى الآن لأن شعبه يشعر انه يستطيع ان يتوحد معه. ويدرك الفلسطينيون والرأي العام العربي انه يواجه الآن هذا الضغط لانه يرفض تقديم تنازلات سياسية».
وقال المحلل السياسي الاسرائيلي ابراهام سيلا: ان تعرض عرفات لمثل هذه الضغوط قد يكون له تأثير معارض للتأثير الذي ترغب اسرائيل في تحقيقه وهو اذكاء السخط بين الفلسطينيين واثارة المزيد من العنف.
وتساءل سيلا «هل وضع عرفات تحت الحصار سيحل المشكلة. لا وبالقطع لا. فالعنف سيؤدي الى مزيد من العنف.وتريد اسرائيل والولايات المتحدة ان يقمع عرفات الجماعات الفلسطينية النشطة التي تقف وراء الهجمات لكن التأييدالفلسطيني لمثل هذه الجماعات تزايد منذ ان بدأت الانتفاضة».
ويقول عرفات ان الحصار الذي يفرضه الجيش الاسرائيلي والهجمات التي تشنها اسرائيل على أهداف أمنية فلسطينية كبلت قدرته على اعتقال نشطاء ومنع هجماتهم.
ونجا عرفات من فرق الاغتيال ومن غزو اسرائيل في عام 1982 لقاعدة قوته في لبنان .
وتقاسم جائزة نوبل للسلام مع اسحق رابين رئيس وزراء اسرائيل الذي اغتيل ومع شمعون بيريس وزير خارجية اسرائيل للتوقيع على اتفاقيات اوسلو التاريخية للسلام في عام 1993 . وأدت اتفاقيات السلام الى عودته من المنفى في عام 1994 كرئيس فلسطيني ونجح لاحقا في السيطرة بصورة جزئية أو كاملة على 40 بالمئة من الضفة الغربية ومعظم قطاع غزة.
وبعد 18 شهرا من الهجمات المتبادلة اصبحت اتفاقيات السلام المؤقتة الان في مهب الريح. ومنذ بدأت الانتفاضة انقسم الاسرائيليون: فالبعض يطالب باجراءات أقوى ضد عرفات من بينها طرده بينما يطالب اخرون بانسحاب الجيش انسحابا تاما من الأراضي التي احتلها منذ عام 1967 .
ويتوقع كل من المحللين الاسرائيليين والفلسطينيين أسوأ إراقة للدماء وانعدام الأمن اذا لم يتم التوصل الى وقف لاطلاق النار على الفور. وقال سيلا ان ابقاء عرفات محاصرا في رام الله لن يساعد على الأرجح في ضمان التوصل الى هدنة. وقال سيلا: «ان ابقاء عرفات في رام الله أثناء هذه العملية سيجعل المحاولة كلها تبدو اكثر سخفا لكن عرفات واذا ظل عرفات السلطة النهائية فانه سيكون اكثر رفضا للمطالب الإسرائيلية».
|