أكد عدد من أصحاب الفضيلة رؤساء المحاكم في بعض مناطق المملكة أهمية ندوة الوقف في الشريعة الإسلامية، ومجالاته التي أنهت أعمالها في مدينة الرياض مساء أمس، وما توصلت إليه من نتائج وتوصيات منوهين إلى أنه سوف يكون لهذه النتائج إن شاء الله عاملاً مهماً في توضيح أهداف الوقف الشرعي للإسلام ومنافعه للمسلمين ودوره في تحقيق التكافل والتراحم بين أبناء المجتمع المسلم.
ونوهوا برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة الرياض لأعمال الندوة، واعتبروها استمراراً للدعم والاهتمام الذي توليه حكومتنا الرشيدة لكل ما من شأنه يعنى بأمور الإسلام والمسلمين.
وبينوا أن الوقف نوع من الصدقة الجارية التي حث الرسول صلى الله عليه وسلم عليها مطالبين بابراز أهمية الوقف وبيان مكانته في الشريعة الإسلامية، وأن يأخذ حقه من العناية، خاصة في هذه البلاد التي بحمد الله تحتكم إلى الشريعة الإسلامية، وتدعو إليها قولاً وعملاً.جاء ذلك في تصريحات أدلى بها كل من أصحاب الفضيلة رئيس محاكم المنطقة الشرقية الشيخ محمد بن زيد السليمان، ورئيس محاكم منطقة تبوك الشيخ عبد العزيز بن صالح الحميد، ورئيس محاكم منطقة القصيم الشيخ صالح بن مسفر الجوفان بمناسبة اختتام ندوة: (الوقف في الشريعة الإسلامية ومجالاته) التي نظمتها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد.
الأثر النافع للوقف
ففي البداية، قال الشيخ محمد بن زيد السليمان رئيس محاكم المنطقة الشرقية: مهما تسابق الناس للأعمال في أمور دنياهم وابراز نشاطهم وأعمالهم الانسانية فهي للدنيا، ومن أجل الدنيا ولكن شريعة الإسلام تمتاز بأنها تحتسب للمسلم والمسلمة أعمالهما الصالحة للدنيا والآخرة متى كانت منسجمة مع الشرع وبنية خالصة، فالله سبحانه وتعالى يثبت عليها في الدنيا والآخرة.
وقال: لذا فإن من فضل الله سبحانه على الإنسان المسلم أن هداه لشريعة سمحة تقوم على عقيدة خالصة لله وحده لا شريك له، شريعة ميسرة تعالج كل أمور معاشه ومعاده، وتأمره بالخير، وبذل المعروف، والبعد عن الاعتداء، والاضرار بالآخرين، بل توجهه للاصلاح والعمران والعلم والعمل النافع الذي يرفع من شأن الانسان في حياته، ويقدم الأعمال الصالحة لآخرته.
واسترسل فضيلته قائلاً: إن شريعة الإسلام السمحة فتحت طرق الخير للناس، وحثتهم على البذل فيه، ووعدتهم بالأجر الجزيل عليه، فانظر مثلاً لهذا الجانب المهم الذي ينفع المسلمين ويعلي من مكانتهم ألا وهو الوقف الإسلامي الذي يوجه إليه القرآن الكريم والسنة المطهرة، حيث يقول الحق جل وعلا في كتابه الكريم: { وّافًعّلٍوا پًخّيًرّ لّعّلَّكٍمً تٍفًلٌحٍونّ} ،
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له رواه مسلم ).
وأهاب فضيلته بالمسلمين بالبذل في الوقف الإسلامي الذي رغبنا فيه كتاب ربنا سبحانه وتعالى، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهذه هي الباقيات الصالحات التي يستفيد المسلم والمسلمة من الدنيا، ونسأل الله للجميع حسن النية والعمل.
وتحدث فضيلته عن مجالات الوقف المختلفة قائلاً: إن الوقف الإسلامي متى جعل على تعليم القرآن الكريم في المدارس، أو حلقات المساجد، أو بناء المساجد والمستشفيات، وتمويلها لعلاج المسلمين المحتاجين أو بناء المدارس والجامعات للعلم النافع والمهن الشريفة لكل ما يحتاجه المسلمون رجالاً ونساء من ذوي الحاجة، أو حفر الآبار لسقيا المحتاجين للماء أو غير ذلك من طرق الخير كان لهذا الوقف أثره في حياة المسلمين، كما هو معلوم ومثبت في هذه البلاد وفي المدن الإسلامية الكبرى في القدس، ودمشق، واستنبول، ومصر، وغيرها من المدن الإسلامية.
وأكد فضيلة الشيخ محمد آل سليمان: أن للوقف الإسلامي أثره النافع والمفيد في حياة المسلمين في نشر العلم، واغاثة المسلمين، وايواء ابن السبيل، وانظر في مدننا وقرانا في المملكة العربية السعودية مثل مكة والمدينة المنورة وفي الرياض وبريدة والاحساء بل وفي كثير من قرانا، ماذا كان أثر الوقف في نفع الذرية، والأرحام، والمحتاجين، وفي بناء المساجد، وإنارتها بالسرج، وامدادها بالماء، وطعام الافطار للصائمين، وغير ذلك مما هو معروف بأثره الكريم، وقال فضيلته: ان للوقف الإسلامي الأثر العظيم في حياة المسلمين في عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإلى اليوم، فلا تزال هذه الأعمال الخيرية موصولة في بلدنا بحمد الله مما يقدمه ولاة الأمر فيها وفقهم الله ويبذله أيضاً الطيبون جزاهم الله خيراً من أبناء هذه البلاد حيث وصلت هذه الأعمال الطيبة للمسلمين في خارج بلادنا زادها الله خيراً على خير وبراً على بر، وكان لها الأثر الكريم في بناء المساجد والمدارس لتعليم العلم النافع والمهن الشريفة والمصحات وحفر الآبار لسقيا المحتاجين واغاثة المسلمين في طاعة الله سبحانه، ان شاء الله حيث أمرهم رب العالمين بقوله
{ وّافًعّلٍوا پًخّيًرّ لّعّلَّكٍمً تٍفًلٌحٍونّ} وقوله جل وعلا : {مّثّلٍ پَّذٌينّ يٍنفٌقٍونّ أّمًوّالّهٍمً فٌي سّبٌيلٌ پلَّهٌ كّمّثّلٌ حّبَّةُ أّنًبّتّتً سّبًعّ سّنّابٌلّ فٌي كٍلٌَ سٍنًبٍلّةُ مٌَائّةٍ حّبَّةُ وّاللَّهٍ يٍضّاعٌفٍ لٌمّن يّشّاءٍ وّاللَّهٍ وّاسٌعِ عّلٌيمِ (261)} .
ومضى فضيلة الشيخ آل سليمان يقول: لهذا فلا غرو ان تقيم حكومتنا وفقها الله وزارة تعنى بالشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، فهي دولة قامت على الاسلام، والعمل به، والدعوة إليه، وقد قامت هذه الوزارة بنشاطها المشكور فيما أوكل إليها واختارت رجالاً طيبين يعملون بواجبهم، وتوجيه معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ للقيام بتلك المهام العظيمة التي يحتاجها المسلمون في بلادنا وخارجها.
وأبان إن الوزارة تبنت هذه الندوة العلمية الارشادية (ندوة أوقف في الشريعة الإسلامية ومجالاتها)، لتوضيح معنى الوقف الشرعي في الإسلام وأهدافه ومنافعه للمسلمين، وذلك تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة الرياض الذي لا يدخر جهداً ولا وقتاً إلا صرفه للأعمال النافعة والرعاية الكريمة، جزاه الله خيراً وزاده توفيقاً على توفيق وجعلنا وإياه واياكم من العاملين بأمر ربنا سبحانه القائل في كتابه الكريم {وّافًعّلٍوا پًخّيًرّ لّعّلَّكٍمً تٍفًلٌحٍونّ} .
بيان مكانة الوقف
ومن جهته، قال الشيخ عبد العزيز بن
صالح الحميد: من المعلوم أن للوقف أهمية كبيرة في حياة الأمة ورغب إليه الشارع ونص الفقهاء رحمهم الله تعالى على أنه مستحب والدليل على ذلك ما ورد في الكتاب، والسنة من أدلة تحث على الصدقات، والوقف صدقة من ذلك قوله تعالى {لّن تّنّالٍوا پًبٌرَّ حّتَّى" تٍنفٌقٍوا مٌمَّاتٍحٌبٍَونّ}، وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) صحيح مسلم.
وأضاف فضيلته ان الوقف نوع من الصدقة الجارية التي حث الرسول صلى الله عليه وسلم عليها، وفعلها الصحابة من بعده مشيراً إلى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوقف أرضاً بخيبر بعدما استشار النبي صلى الله عليه وسلم في وقف ارض خيبر، وقال: إن هذا العمل توكيد أن الوقف من السنن المباركة، وقال: إن ابراز هذه الأهمية وبيان مكانة الوقف في الشريعة الإسلامية لابد أن يأخذ حقه من العناية، وخاصة في هذه البلاد التي بحمد الله تحتكم الى الشريعة تدعو اليها قولاً وعملاً، ومن توفيق الله سبحانه ما نلمسه من عناية مهمة يوليها ولاة الأمر يحفظهم الله للوقف.
وأبان الشيخ الحميد أن عقد هذه الندوة التي نظمتها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض يحفظه الله لتؤكد على هذا التوجه والمنهج مشيراً إلى أن المتابعة الصادقة والتوجيه من معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد أثمر انجازات كبيرة لصالح الأوقاف واستثمارها كما تقوم به وكالة الوزارة من بحوث ومناشط كلها تنصب في تحقيق الأهداف المرجوة والتي نتطلع إليها في المستقبل ان شاء الله .وأبرز فضيلته أهمية الأهداف والغايات التي رمت إليها الندوة والمتمثلة في بيان مكانة الوقف في الشريعة الإسلامية، وتطبق هذه المكانة في المجتمع، وتلمس آثاره الايجابية في الدعوة الى الخير، وحث الناس على بذل الصدقات، توسيع دائرة الوقف، لتشمل آفاقاً أوسع أكثر مما هو مترسب في أذهان الناس والمجتمع بحاجة إلى توسيع هذه الدائرة، بالاضافة الى حث الموسرين على أن يوقفوا شيئاً من أموالهم، وهي كثيرة جداً حتى لا يحرموا الخيرية في الدنيا والآخرة، والنصوص من الكتاب والسنة ترغب في أعمال البر وفي الصدقات،
وكذا الاستفادة من الاعلام بكافة اشكاله لابراز دور الوقف في حياة الأمة، وبيان ما عليه السلف الصالح، رضوان الله عليهم وحبذا عقد ندوات يدعى إليها مجموعة من العلماء الأفاضل والمختصين في علم الاجتماع والاقتصاد لايضاح ما يؤديه الوقف من دور عظيم في نشر البر والخير لأفراد المجتمع.
الدلالة على الوقف
ومن جانبه، قال رئيس محاكم منطقة القصيم الشيخ منصور بن مسفر الجوفان: إن من محاسن الدين الإسلامي ومزاياه العظيمة دعوته الى انشاء الوقف، وترغيبه فيه، والحض عليه في وجوه البر مثل المحتاج من الأقارب، والفقراء، والمساكين والمرافق العامة من مدارس، ومكتبات، ومستشفيات، ومساجد، وأربطة، والدعوة الى الله، وغير ذلك، فقد تضافرت على مشروعيته الأدلة، وانعقد على ذلك الاجماع، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع منه، أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (قال أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به، قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، قال فتصدق بها عمر ان لا يباع أصلها ولا يبتاع، ولا يورث، ولا يوهب ، قال: فتصدق بها عمر في الفقراء، وفي القربى وفي الرقاب. وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، ولا جناح على من ولاها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقاً غير متمول فيه) متفق عليه واللفظ لمسلم.وأكد الشيخ الجوفان ان من ثمرات الوقف غرس المحبة والتراحم بين المسلمين، واعلامهم بأنهم يداً واحدة، وليعطف الغني على الضعيف، وذو اليد والسعة على قليل اليد، حتى يسود الاخاء والسؤدد، ويعم الأمن والاطمئنان بين أفراد المجتمع، مشيراً إلى أن من رحمة الله بعباده ان أجر الوقف يجري على الواقف بعد ماته، ويكتب له في سجل حسناته، بفضل الله ورحمته، ثم قيام المشروعات الخيرية، من مغل هذا الوقف ودعاء المنتفعين به.وأوضح فضيلته أنه مما يؤجر عليه المسلم الى جانب انشاء الوقف، الدلالة عليه واظهاره للجهة المختصة لتقوم برعايته، وإنفاذه حسبما نص عليه الواقف، وكذلك عمارته حتى لا تتعطل منافعه وتنميته واستثماره حسبما يقتضيه الوجه الشرعي، ووصف انعقاد ندوة الوقف في الشريعة الاسلامية ومجالاته برعاية كريمة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض حفظه الله بأن تتويج سموه لها يدل على اهتمامه وحكومتنا الرشيدة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني حفظهم الله وعنايتهم بالشؤون الإسلامية في الداخل والخارج، وحرصهم الدائم والدؤوب على مصلحة الاسلام والمسلمين. وما يعود عليهم بالمنفعة الدائمة، وسأل الشيخ الجوفان في ختام تصريحه سأل الله تعالى ان يحفظ لهذه البلاد دينها وأمنها وعزها ورغد عيشها تحت هذه القيادة الحكيمة، وان يعز الاسلام والمسلمين في كل مكان.
|