* واشنطن خدمة الجزيرة الالكترونية:
في ذروة الحرب الباردة أبقت الولايات المتحدة الأمريكية محافظة على نفوذها على سياج طوله (17) ميلاً وذلك للدفاع عن أراضي غوانتانامو ضد الانتهاك الشيوعي.
والان وفي ذروة نوع مختلف من الحروب يجادل محامو الولايات المتحدة بان غوانتانامو ليست ملكية امريكية على الاطلاق بل هي تعود اصلا لكوبا. وهذا الكلام يتعدى كونه نقاشا غامضا حول ايجار قاعدة غوانتانامو غير المحدود حيث ان الاتفاقية التي أبرمت بين الحكومة الأمريكية والكوبية تنص اصلا على استخدام اراضي غوانتانامو من اجل تأسيس محطة ومرفأ فحمي (وهو مرفأ لتزويد البواخر بالفحم الحجري).
وبدلاً من ذلك أصبحت غوانتانامو الآن المكان المناسب بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكي بوش لتحويل جزء من هذه القاعدة البحرية إلى مستعمرة للارهابيين بحيث تكون خارج نطاق القوانين والحماية الدستورية الأمريكية وببساطة فان القضية الرئيسية هنا هي هل تعتبر قاعدة غوانتانامو البحرية أرضا خاضعة للسيطرة والنفوذ الأمريكي ام هي أراض كوبية تعود ملكيتها للرئيس الكوبي فيدل كاسترو.
ان الجواب على هذا السؤال مهم جدا حيث انه يمكن ان يسهل او يزيد من تعقيد الجهود الأمريكية الرامية إلى الاستمرار في حجز واستجواب واتهام وربما محاكمة معتقلي طالبان وتنظيم القاعدة والبالغ عددهم 300 شخص والذين تم احتجازهم في معسكر قاعدة غوانتانامو.. ويقول جوزيف مارجوليس المحامي والاستاذ في القانون الدولي في جامعة كورنيل الذي تولى الدفاع عن رجلين من تنظيم القاعدة أحدهما بريطاني والآخر استرالي الجنسية: لقد تم جلب هؤلاء الاشخاص ضمن ما يسمى حق السلطة القضائية للولايات المتحدة وانهم محتجزون في غوانتانامو فقط لأن الولايات المتحدة احضرتهم وبدون توجيه أية تهمة لهم.
وهذا يعني من وجهة النظر القانونية ان المحتجزين لديهم الحق في الحماية والضمانات التي يمنحها الدستور الأمريكي بما فيها الحق بعدم الاعتقال بدون توجيه تهم ولفترة غير محددة.
ففي عام 1950 حكمت محكمة العدل العليا الأمريكية بان المواطنين الاجانب المتواجدون خارج الأراضي الأمريكية ليس لديهم الحق في الحماية الدستورية الأمريكية ويقول محامي الحكومة الأمريكية ان اتفاقية الايجار المبرمة بين الحكومتين الأمريكية والكوبية توضح الوضع القانوني للقاعدة البحرية بشكل تام بحيث ينص في احد بنوده على انه من ناحية الولايات المتحدة فهي تعترف باستمرار السيادة المطلقة والكاملة للجمهورية الكوبية أما من ناحية الحكومة الكوبية فهي تقر وتقبل بذلك وانه من حق الولايات المتحدة ان تمارس السلطة القضائية والسيادة الكاملة على المنطقة المذكورة.
ومن خلال قراءة متفحصة للغة الايجار هذه قام قاض اتحادي في لوس انجلوس في 21 شباط برفض إحدى الدعاوى وحفظها والتي رفعت نيابة عن أحد محتجزي غوانتانامو.
وكتب قاض محلي امريكي يدعى هاوارد ماز في قراره الصادر انذاك «هناك اختلاف بين السلطة القضائية والاقليمية والسيادة وان المحكمة تجد ان خليج غوانتانامو لايقع ضمن سيادة الولايات المتحدة».
ويقول استاذ القانون الدستوري في جامعة جنوب كاليفورنيا الذي قام بمرافعة القضية أمام القاضي ماز بانه سيستأنف القضية خاصة وانه قرأ البند الثالث من معاهدة غوانتانامو والذي ينص على جعلها جزءا من أراضي الولايات المتحدة ويتابع قوله بان الولايات المتحدة تمارس بالفعل السيادة فوق هذه المنطقة.
والحق يقال بان لديه وجهة نظر في ذلك فالاعلام الأمريكية ترفرف على اعالي التلال هناك ولا يوجد أية أعلام كوبية على مرآى البصر. والمرء بحاجة للطوابع الأمريكية من مكاتب البريد الأمريكية من أجل ارسال الرسائل البريدية كما انه لا يمكن ابدا شراء الساندويش بالعملة الكوبية بدلا من الدولار الأمريكي.
ولكن هل يمكننا اعتبار ذلك سيادة ام مجرد سيطرة وبسط نفوذ؟
ويعلق ديفيد ريفكن المحامي والخبير بشؤون القانون الدولي في واشنطن قائلاً: الولايات المتحدة تمارس سلطة غير محدودة ويومية على العمليات التي تتم في غوانتانامو ولكن هذا لا يؤهلها ابدا لبسط سيادتها الكاملة فوق هذه الأراضي فهل تستطيع الولايات المتحدة مثلا ان تبيع غوانتانامو؟
الجواب: بالطبع لا فهي ليست ملكا لها.
ان هذه القضية ليست جديدة كليا ففي عامي 1993 و 1994 حكم قاضيان اتحاديان أحدهما في نيويورك والآخر في ميامي بان اللاجئين الكوبي والهايتي الذين تم اعتراضهم بالبحر واسكانهم في غوانتانامو مؤقتا كان لهم الحق بالتمتع بالحقوق الدستورية وذلك لان الولايات المتحدة تمارس السيطرة والسلطة القضائية في غوانتانامو.
ولكن توصلت محكمة الاستئناف الدورية الأمريكية الحادية عشرة في اتلانتا إلى نتيجة مختلفة وذلك بردها على قاضي ميامي حيث قالت: نحن نرفض الحجة القائلة بان قواعدنا العسكرية المستأجرة في الخارج والتي تخضع لسيادة الدول الأجنبية صديقة كانت أم عدوة ان تكون هذه القواعد مساوية تماما للقواعد الموجودة داخل الأراضي الأمريكية.هذا وقد تم قبول هذا الحكم في عام 1995.
ان القرار الذي صدر يعني ان اللاجئين الكوبي والهايتي الذين تم احتجازهم في غوانتانامو لم يكن كافيا ليسمح لهم التمتع بالقانون الأمريكي في المحاكم الأمريكية. ان محاميي الحكومة الأمريكية يطبقون الآن هذه المبادئ على معتقلي القاعدة وطالبان الموجودين في غوانتانامو وفي مرافعة كتبها المحامي دوغلاس اكسل قال: ان هؤلاء المحتجزين أجانب وغوانتانامو أراض تقع خارج نفوذ وسيادة الولايات المتحدة ولذا فان وجود محكمة عدل أمريكية سابقة تمنع السلطة القضائية في تلك المحكمة أو في أي محكمة أمريكية أخرى.
ويقول المحامي مارجوليس ان قرار محكمة العدل العليا الصادرعام 1950 حول هذه القضية يختلف في نواح مهمة عن قضية غوانتانامو فهي كانت عبارة عن محاكمة جواسيس المان في الصين اثناء الحرب العالمية الثانية وقد تمت هذه المحاكمة العسكرية الأمريكية بالاتفاق وبتصريح من الحكومة الصينية.
وباجراء مقارنة ما بين هذه القضية وغوانتانامو نجد اننا في الأخيرة لدينا سيطرة كاملة منذ عام 1993 ولا يستطيع احد ان يدخل او يخرج إلا بإذن وتصريح من الولايات المتحدة كما انه يوجد لدينا قوات ومدارس تابعة لنا انها عمليا مدينة صغيرة تخضع للسيطرة والسيادة الأمريكية الكاملة وان القول انها مساوية تماما لأراض أجنبية غير معقول على الاطلاق.
* كريستيان ساينس مونيتور خاص |