Thursday 28th March,200210773العددالخميس 14 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

200 مليون شجرة تستهلك أكثر من نصف المياه الجوفية200 مليون شجرة تستهلك أكثر من نصف المياه الجوفية
الأسبوع القادم أول مؤتمر وطني حول «القات» في اليمن
أكثر من ملياري دولار سنوياً ينفقها اليمنيون مقابل القات

* صنعاء عبدالمنعم الجابري:
تجري الاستعدادات في العاصمة اليمنية صنعاء لعقد مؤتمر وطني حول ظاهرة «القات» في اليمن خلال الأسبوع القادم،
وحسبما أكدت مصادر في الجهات المنظمة فإن فعاليات المؤتمر الذي يعد الأول من نوعه من حيث القضية التي سيخصص من أجلها ستعقد يومي 3 و 4 من أبريل وبمشاركة عدد من الأكاديميين والمختصين وممثلون عن منظمات وجهات حكومية وغير حكومية،
وذكرت المصادر بأن المؤتمر الوطني حول «القات» في اليمن والذي تنظمه وزارتا التخطيط والتنمية والزراعة سيقف أمام عدد من الموضوعات المتصلة بهذه الظاهرة من خلال أوراق عمل سيقدمها المشاركون وتتضمن دراسات حول الأبعاد المختلفة للقات الذي انتشرت زراعته واتسعت بصورة كبيرة جدا في مختلف المحافظات اليمنية، حتى إنها أصبحت تشكل مصدر قلق بالنسبة إلى السلطات المعنية في الدولة والحكومة،
وتركز الدراسات على جملة من المسائل المهمة المتصلة بالآثار التي تخلفها شجرة «القات» على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية في اليمن ذلك أن لهذه الشجرة أضراراً بالنسبة إلى القطاع الزراعي نظرا لأن التوسع في زراعة «القات» يأتي على حساب المحاصيل الزراعية الأخرى ذات الأهمية الاقتصادية وذلك من خلال استحواذ «القات» على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية واستنزاف معظم المياه الجوفية، بالإضافة إلى الأضرار الصحية،
ونظرا لتعدد الدراسات التي قامت بها جهات ومنظمات حكومية وغير حكومية فقد جاءت نتائج هذه الدراسات متباينة وبالذات في الجوانب الإحصائية فيما يتعلق بزراعة شجرة «القات» في اليمن، وقد يعود ذلك إلى كون الدراسات والإحصاءات التي تمت لم تشمل كافة المناطق وإنما اكتفت كل دراسة بعدد معين من المحافظات كنماذج تم اسقاط نتائجها على بقية المناطق،
فهناك إحصائيات تشير إلى أن عدد أشجار القات المزروعة في الجمهورية اليمنية يزيد على 200 مليون شجرة وتغطي ما نسبته 49% من مساحة الأراضي المزروعة في حين تقدر دراسات أخرى مساحة زراعة القات بنحو 250 ألف هكتار من أصل مليون و 150 ألف هكتار هو إجمالي المساحة المزروعة في اليمن، ، وهناك من يؤكد أن المساحة المزروعة بشجرة القات تبلغ 150 ألف هكتار، ، وقد يكون هذا الرقم هو الأقرب إلى الواقع، ، لكن الشيء الذي تختلف حوله الدراسات هو أن «القات» يستهلك النسبة الأعلى من المياه المخصصة للزراعة، ، فإلى جانب المياه السطحية التي يجري استغلالها بشكل كامل هناك المياه الجوفية التي يجري استخرج 4، 3 مليارات متر مكعب منها سنويا 85% يستخدم للزراعة والبقية للاستخدامات المنزلية، ، بحيث نجد أن القات يستحوذ على أكثر من نصف المياه المخصصة للزراعة، ، وبسبب زراعة القات فقد أصبح العديد من أحواض المياه الجوفية مهددة بالنضوب نتيجة لأن الموارد المتجددة سنويا تصل إلى 5، 2 مليار متر مكعب، ومن ثم فإن ما يجري استهلاكه يزيد على المتاح بنحو 900 مليون متر مكعب سنوياً،
ويحتاج الهكتار الواحد من القات إلى 8500 متر مكعب من المياه سنوياً، ، ويعطي الهكتار الواحد قرابة 15 طناً من القات سنوياً بقيمة تبلغ في متوسطها 6، 8 ملايين ريال «الدولار يعادل 172 ريالاً حالياً»، ، وتشير الدراسات إلى أن عدد المشتغلين في القات في مجال الزراعة والتسويق والنقل يصل إلى900 ألف عامل، ، ويشكل القات مصدر دخل مهماً لكثير من الأسر في اليمن، حيث يقدر دخل الفرد الذي يعمل في القات ب250 ألف ريال، وهو ما يعادل أضعاف المعدل العام لدخل الفرد في اليمن والذي لا يصل إلى300 دولار سنوياً «50 ألف ريال» وهناك فئات اجتماعية كثيرة تعتمد على القات كمصدر دخل وحيد ، ، ووفقا لاستطلاع في أوساط بعض المزارعين فإن المساحة اللازمة لإعالة أسرة مكونة من عشرة أشخاص هي 15 لبنة مزروعة بالقات «اللبنة الواحدة = 44، 44 متراً مربعاً» وبالنسبة إلى المحاصيل الأخرى يتطلب الأمر 100 لبنة مزروعة بالطماطم و150 لبنة مزروعة بالخوخ و200 لبنة عنب و500 لبنة مزروعة بالذرة الرفيعة،
وتقدر الدراسات بأن إجمالي ما ينفقه اليمنيون على تعاطي القات سنويا يصل إلى أكثر من ملياري دولار، في حين يقدر الوقت الذي يقضيه الفرد «كوقت ضائع» في تناول القات بنحو 1460 ساعة سنوياً، ، وإلى جانب الآثار التي يلحقها «القات» على صعيد المحاصيل الزراعية واستنزاف حقول المياه الجوفية وغيرها مما سبق الإشارة إليه هناك أيضاًً بعض الآثار الصحية ومنها أنه يؤثر في الدورة الدموية والجهاز الهضمي، ويؤدي إلى فقدان الشهية وبعض التوترات العصبية لدى البعض ويؤدي أيضاً إلى الإمساك والجفاف في المعدة إلى جانب تأثيره في الغدد اللبنية بالنسبة إلى الأمهات المرضعات مما يؤدي إلى سوء تغذية الطفل من حليب الأم لأن القات يجعل كمية الحليب لدى الأم المرضعة أقل مما يجب ومن ثم تقل تغذية الطفل بالرضاعة الطبيعية، ، وكذلك الحال بالنسبة إلى الأمهات الحوامل، ، حيث يشير الدكتور ناصر عبدالله عوض في كتابه «القات والعقم وانفصام الشخصية» إلى أن تعاطي القات من قبل آلام الحامل وكذلك «التدخين» يؤدي إلى فقدان الشهية لدى الأم ومن ثم نقص التغذية مما ينعكس على تغذية الجنين وتكوينه في رحم أمه فيكون وزنه ناقصا عند الولادة،
وهناك أمراض خطيرة بدأت تظهر في اليمن خلال الأعوام الأخيرة نتيجة استخدام مزارعي القات للمبيدات والمواد الكيماوية السامة بهدف زيادة المحصول، ، وهذه المبيدات وكما يرى بعض الباحثين أدت إلى ظهور بعض الحالات المرضية الخطرة كسرطان الرئة واللثة والفم،
وهناك من يذكر بأن للقات بعض الفوائد ومنها أنه يساعد على زيادة طاقة وحيوية الجسم ويجعل الإنسان يشعر بنشاط وقدرة أكبر على الجهد والعمل، إضافة إلى تخفيف ولو بصورة مؤقتة بعض الآلام الناتجة عن الإعياء والأرق والحمى، ، فالقات لا يحتوي على مواد مخدرة كتلك التي تؤدي إلى الإدمان وفقا لدراسات أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا الأمريكية، ، لكنه يحتوي على مواد منشطة ومنبهة، ، ومن المواد التي يحتوي عليها القات «الثانين، الكاثين، الكاثدين، الكاثنين، الكولين، الأفادرين، الكاثينون والأيدولين» وبنسب متفاوتة، ، ويرى البعض بأن نسبة السكر عند متعاطي القات أقل من نسبته عند من لا يتعاطاه، على اعتبار أن القات يعيق امتصاص السكر الآتي من الأمعاء والمعدة بسبب وجود مادة «الثانين» والمعادن مثل الماغنسيوم، كما أنه يجعل الإصابة بالضغط نادرة الحدوث عند من يتعاطاه نتيجة تصلب الشرايين وسبب ذلك يرجع إلى عدم الإصابة بالسمنة،
وإجمالا فإن المؤتمر الوطني حول القات في اليمن كما تؤكد مصادر الجهات المنظمة سيقف أمام أبعاد مشكلة القات ومخاطره وكيفية الحد من انتشار زراعته، وكذلك الوقوف أمام آثاره الصحية والاقتصادية على المجتمع اليمني ومناقشة البدائل المتوفرة والممكنة والموضوعية، ، ويحرص المنظمون على إعداد استراتيجية تهدف إلى محاولة احتواء الانتشار المتزايد لزراعة واستهلاك القات في أوساط المجتمع اليمني ومحاولة التقليل التدريجي من ذلك وصولا إلى أقصى حد ممكن في التخلص من شجرة القات، ، لكن الواقع الاقتصادي والامكانيات والموارد المتاحة حاليا تجعل من الصعب على الحكومة إيجاد البدائل المطلوبة وتوفير مصادر دخل جديدة للأسر والفئات الاجتماعية التي تعتمد على القات كمصدر رئيسي للدخل حالياً،
لكن وكما يشير المعنيون فإن أهم ما يمكن تحقيقه هو نشر الوعي في أوساط المجتمع حول الأبعاد المختلفة لظاهرة القات وأضرارها والوصول على الأقل إلى الحد من زراعة هذه الشجرة وضمان عدم التوسع فيها مستقبلاً،
كما تهدف الاستراتيجية إلى إزالة بعض جوانب الغموض وسوء الفهم في أوساط المهتمين والباحثين في مجال القات من خارج اليمن والذين يتناولون موضوع القات من زوايا وأبعاد تكون أحيانا غير واقعية وتفتقر إلى الدقة في كثير من المسائل،

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved