Thursday 28th March,200210773العددالخميس 14 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بوحبوح
الفلاحون/ عودة إلى الأرض
إبراهيم الناصر الحميدان

قرأت في إحدى صحفنا المحلية بأن 800 فلاح عادوا إلى أراضيهم في منطقة الباحة وكان العنوان مفرحاً لأنه يعني عودة الرجال إلى الجذور.. إلى الأرض التي تنبت الخير والخصب والنماء إلى الوطن الذي أقفرت خيراته بعد الاتكال على العمالة الوافدة. حقيقة أن الماء في بعض المناطق التي سيطر عليها جشع بعض الأفراد قد غادر إلى باطن الأرض بعد المتح اللاعقلي من أجل سقيا زراعة الحبوب قبل عدة سنوات عندما أعلنت الدولة حاجتها إلى بعض الحبوب بأسعار مغرية فتراكض الجميع ملاك الأراضي طبعاً إلى نثر البذار بغية الحصول على مكاسب مادية نظير تقديم الناتج من تلك الحبوب بكميات هائلة وقد تضررت المحاصيل الأخرى بطبيعة الحال بسبب استهلاك كميات كبيرة من المياه في تلك الزراعة المجدية مؤقتاً حتى امتلاء صوامع المطاحن والمستودعات الخاصة بتلك الحبوب وأصبحت اليوم غير مجدية عندما تقدمت كما يقال شركات أجنبية إلى الدولة لتزويدها بما تحتاج من تلك الحبوب بأسعار رخيصة جداً. عندها توقفت الجهات المسؤولة عن طلب أي كمية إضافية من تلك الحبوب فكانت الخسارة موجعة للأرض التي فقدت الماء بتلك الكميات التي سحبت منها بطريقة غير عقلانية. هذا الاستطراد فرضه عليَّ الموضوع الأرض والفلاحون الذين عادوا إلى مزارعهم بعد تلك الطفرة العديمة الجدوى والذين تجاهلوا أهم الموارد الغذائية لكثير من القرى والبلدان التي كانت تعيش على محاصيل الزراعة منذ مئات السنين وتشارك فيها حتى النساء لاسيما في المنطقة الجنوبية ومن ضمنها طبعاً الباحة. والفرحة غمرتني ليس لأنني من أسرة مزارعين وإنما لأنني عايشت حياة الذين يحترفون الزراعة فيما مضى وكم كنا نسعد في مواسم الحصاد وتوفر ما نحتاجه من الخضروات بأنواعها والتي هي الغذاء الذي تعتمد عليه بلادنا فلما كانت سنوات الطفرة قبل أن تتواضع وتصبح نكبة حضارية هجر الفلاحون أراضيهم كذلك ملاك الأراضي وتركوها للوافدين الذين يزرعونها بل إنهم تنازلوا عن المحاصيل لأولئك المستثمرين عندما زادت الكميات المستوردة ومازالت فأصبحت أسعارها تنافس الإنتاج المحلي ومن بينها الطماطم والخضروات التي يقال إن تكلفة نقلها وشحنها إلى الأسواق تزيد عن قيمتها عند البيع مما يجعلنا نطالب وزارة الزراعة وهي الجهة المعنية بأن تلتفت إلى الإنتاج المحلي في وجه المنافسة الشديدة من المستورد فتدعمه عن طريق وضع رسوم رمزية على أي إنتاج ينافس المزروع محلياً حتى تستقيم الأمور إذ ليس من المعقول أن نطالب المزارعين وملاك الأراضي بالاستثمار ولا نحقق لهم بعض الحماية أو هامشاً ربحياً في وجه هذه المنافسة غير العادلة. قد يقال إن للمستورد بعض المميزات التي من بينها خلوه من الخلط الكيماوي وهو ما أشك بصحته ومع ذلك فلست أدعو إلى منع الاستيراد للذين لديهم نقود فائضة عن الحاجة ليشتروا ما يريدون من المستورد إنما حماية الإنتاج المحلي هومايهمنا في هذه الحالة حتى نشجع أبناء الوطن للعودة إلى منابع ما اعتادوا عليه منذ مئات السنين والذي كان يحقق لهم المنفعة العادلة في وجه هجمات المستورد من كل صنف ونوع إنني في هذا الموقف أشد على أيدي رجال الأرض وأشجع على استثمار ما بين أيديهم لأننا بحاجة فعلاً إلى غرس الوطن يأيدي أبنائه حتى ننعم بالإنتاج البعيد عن الكيماويات الضارة التي لم تعرفها أرضنا قبل حضور هؤلاء الوافدين من أنحاء الدنيا والذين يسعون إلى المكاسب على حساب مصلحة الوطن ونماء إنتاجه الزراعي الذي تربينا عليه وفقدته الأجيال الطالعة التي لا تعرف مصدر الخير لأنها اعتادت على المستورد بسبب التقاعس والإهمال فالعود أحمد والتوفيق بيد الله.

للمراسلة:ص.ب: 6324 الرياض: 11442 - فاكس: 2356956

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved