Tuesday 26th March,200210771العددالثلاثاء 12 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

غاب عام وجاء عام وغابت شمس الإمامغاب عام وجاء عام وغابت شمس الإمام

ودعنا منذ أيام سنة 1422ه، ودعناها ونحن ندعو الله سبحانه ونرجوه ان نكون قد قدمنا فيها ما يرضيه عنا وينقذنا من غضبه وعذابه يوم الحساب، وبعد ان غابت شمسها بقينا متأسفين على أيامها وساعاتها ودقائقها التي مضت ولا نستطيع ارجاعها لعلنا نستزيد منها عملاً صالحاً.
لكنها سنَّة الله في الكون وأمره.. وقد قيل:
إذا قضى الله فاستسلم لقدرته
ما لامرئ حيلة فيما قضى الله
ودعناها وقد رحلت بالهموم والأحزان والأحبة وبقينا في محطة الانتظار نرى ماذا ينتظرنا في باقي الأعوام من نعم وابتلاء، في عام فقدنا أبرز العلماء الواحد بعد الآخر وهذا والله لأمر يجعل من كل إنسان مسلم يدرك أن الحياة لا تدوم له طويلاً وإن غرَّه عمره بصحته وشبابه وجماله وماله ودينه.
إن كلا منا يريد الإيمان ولكنه لا يكون فعلاً إلا إذا تيقن الواحد انه عاجلاً أم آجلاً راحل وتارك هذه الدنيا، والناس خلفه، وسيقدم على الله وحده لا ينفعه إلا إيمانه وعمله وتقواه.
إن كل واحد منا بحاجة لأن يفكر ويتدبر فعلاً كيف انقضت أعوامه وهو لا يشعر بها، ولا يثق بأنه قدم أعمالاً ترضي ربه سبحانه.
إنا فقدنا لعلماء فضلاء جهابذة، وفقدنا لأقرباء أحبة في عام واحد فقط يجعلنا نعرف اننا في سفرنا قد قاربنا لمحطة الاقلاع فعلينا التأهب بين حين وآخر وقد قيل:
فأقْر السلام على الحياة فإنها
قد آذنتك بسرعة التوديع
إن الأمة الإسلامية العظيمة ودعت عصر يوم الجمعة 2/1/1423ه أحد أئمة الحرم المكي الشريف ألا وهو الشيخ الفاضل الدكتور عمر السبيل، فرحمة الله عليه وغفر الله له وأسكنه فسيح جناته، ورزق الله أهل بيته الصبر والسلوان، وآجر الله إمامنا الكبير والده الشيخ محمد بن عبدالله السبيل في عظم مصيبته وعوَّضه خيراً منها ونذكِّره بقوله صلى الله عليه وسلم: «من يُرد الله به خيراً يصب منه».
وندعو لطلابه ومحبيه بالصبر والثبات ونذكِّرهم بقول ابوبكر الصديق رضي الله عنه عندما كان يعزي أحداً: «اذكروا فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم تصغر مصيبتكم وعظم الله أجركم».
إننا نرثي اليوم هذا الإمام والاقلام ما جفت مدادها من الكتابة عن فقد العلماء!.. إن الإمام عمر السبيل أقبل على ربه بخير ونور ولم لا؟!.. وهو الذي قضى حياته ما بين ذكر الله وطلب علم ونشره ودعوة للدين والفضائل والمعالي، وصلاة وإمامة للمصلين في بيت الله الحرام فأيامه كلها بإذن الله في طاعته ورضاه.. اشترى نفسه بطاعة الله وباع دنياً رخيصة وعز من قال: {إنَّ پلَّهّ \شًتّرّى" مٌنّ پًمٍؤًمٌنٌينّ أّنفٍسّهٍمً} ، فهنيئاً له قرب لقاء الأحبة محمد وصحبه.
جعل الله سبحانه قبره روضة من رياض الجنة.. قد رحل وترك دنيا فانية.. ترك أياما تتقلب لا يعلم أحدنا ما ينتظره فيها وما تخبئ له لياليها؟!..
إن هذا الإمام أحبه الله فرغب في لقائه، توجه لربه وفي انتظار أعماله الحسنة والحور الحسان قد تزيّن بانتظار لقائه.. ابتلاه الله بما أصابه ليرى حجم صبره وثباته وإيمانه وليس هناك أشد مما أصابه!؟..
ما أحد أكرم من مفردٍ
في قبره أعماله تُؤنِسُه
منعّماً في القبر في روضةٍ
ليس كعبدٍ قبره محبسه
فكان نعم الرجل القوي الإيمان، الثابت الجنان فنحن نسمع أخباره وندعو له ومرضى المسلمين وبقدر حزننا لفقده، وهو أحد أئمة بيت الله العتيق بقدر ما سرتنا خاتمته وهو على المحجة البيضاء، رحل إلى رحاب ربه بقلب مؤمن صابر على فراش المرض والألم على شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله..
نعم الشيخ المؤمن تقي الخلق نقي القلب الذي أيقن ان له ربا ملاقيه، وان له بيتا هو ساكنه، فاسترضى ربه قبل لقائه وعمّر بيته قبل انتقاله إليه.. نسأل الله له ذلك ولا نزكيه ولكن نشهد له بما شهد به المسلمون وبما شهدت له صلواته بالمسلمين في الحرم العظيم، وآيات تلاها فيه وترددت أصداؤها في الدنيا..
فإلى جنة الخلد يا إمام بيت الله العتيق، وإلى رضوانه، وفسيح جناته، {إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}، والحمد لله على قضائه وقدره.

هدى بنت سلطان القحطاني - الرياض

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved