Sunday 24th March,200210769العددالأحد 10 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الرئيس اللبناني إميل لحود لـ « الجزيرة »:الرئيس اللبناني إميل لحود لـ « الجزيرة »:
مبادرة الأمير عبدالله مهمة لأنها تطرح في قمة عربية هي الأولى بعد أحداث 11 سبتمبر
العدو الإسرائيلي لن ينتصر على العرب إلا إذا ضرب تضامنهم وأصابه في الصميم

  * * للمرة الثانية في غضون شهور قليلة أقابل رئيس الجمهورية اللبنانية فخامة الرئيس إميل لحود، لقد أغراني اللقاء الأول وانطباعاتي عن شخصية الرئيس في أن أعود إليه ثانية لأستمع إليه يتحدث عن مؤتمر القمة التي ستعقد في بيروت خلال هذا الأسبوع وبالتالي سيتولى رئاسته.
* * *
وها هو التاريخ يعيد نفسه، ويعود قادة العرب إلى بيروت لعقد اجتماعهم من جديد، كانت بيروت قد احتضنت في العاشر والحادي عشر من ربيع الآخر 1376ه الموافق الثالث عشر والرابع عشر من شهر تشرين الثاني 1956م قمة عربية بحضور عدد من القادة العرب بينهم جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز رئيسا لوفد المملكة وذلك في اعقاب العدوان الثلاثي على مصر، وهي اليوم تعود إلى الانعقاد لتتخذ قرارات تاريخية في ضوء العدوان الصهيوني السافر والمستمر على شعبنا في فلسطين مدعومة من الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
* * *
وبين ذلك التاريخ وتاريخ قمتنا الجديدة مسافة زمنية طويلة استجدت فيها أمور كثيرة وتغير فيها كل شيء، لكن مواقف العرب لحسن الحظ لم تتغير من قضيتهم الرئيسة ومن إيمانهم بحقهم واصرارهم على استعادة ما فقدوه من حقوق سواء بالقوة أو من خلال مبادرات السلام، والرئيس اللبناني هنا يتحدث عن جوانب كثيرة من هموم هذه الأمة في حدود ما اتسع به وقته خلال لقائي بفخامته * *
* فخامة الرئيس، لا تفصلنا إلا أيام قليلة عن موعد انعقاد مؤتمر القمة العربية في بيروت، كيف ينظر لبنان ورئيس لبنان الى هذا الحدث المهم المتمثل في استضافة بيروت للمؤتمر؟
لبنان الحاضر دوماً
* إنّ بيروت تشعر بالافتخار لاستضافة قمة القادة العرب، في هذه الظروف المصيرية التي تمرُّ بها المنطقة العربية خصوصاً والعالم عموماً. لقد كان لبنان دوماً حاضراً عند كل موعد مصيري ليؤكد لأشقائه العرب، ان قضاياهم هي صلب التزاماته. وهذا يعني ان عروبة لبنان لم تكن يوماً أمراً نظرياً بل عملية التزام يومية تقوى مع ازدياد التحديات، ومع ارتفاع حجم التساؤلات الكبرى.
تكريم لبنان
* بالمقابل، لا بدّ لي ان اكرر هنا ما سبق وقلته للشعب اللبناني ان اختيار القادة العرب بيروت عاصمة للقائهم هو تكريم للبنان، ما بعده تكريم. فهو أرض المقاومة التي حررت الأرض من الاحتلال الإسرائيلي، وأثبتت ان في تضامن أي شعب عربي بوجه هذا العدوّ المشترك، قوة قادرة بثباتها وعزمها على تحقيق الانتصار، فكيف إذا جعلنا من تضامننا، جميعاً، أمراً ثابتاً وفاعلاً ومستمراً.
لقد نظر كثيرون الى شعاراتنا ومبادئنا على أنها متينة في تركيبتها وقوية في أبعادها. ألَم يحن الوقت لنجعل من هذه المبادئ افعال إيمان بدورنا وفاعليتنا.
نحن أقوياء
* أنا أضع قمة بيروت ضمن هذا الإطار من الحسم الضروري لحضورنا ولقوتنا. منذ سنوات الآلام والنكبات لم أشك يوماً بحجم القوة التي نمتلكها، والكامنة في تضامننا، وثباتنا في هذا التضامن. ولقد أدرك العدو، ربما قبل غيره، أنه لا يمكنه ان يحقق أي إنجاز إلا إذا ضرب هذا التضامن وأصابه في الصميم.
لذلك، أنا أرى اليوم أننا في قمة بيروت أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرر أمامنا، لصياغة مفهوم عملي لهذا التضامن، بعدما اقتنعنا جميعاً بضرورته وبالنتائج المترتبة على أبعاده. وقد لا أُغالي إذا أطلقت على هذه القمة صفة «التأسيسية»، لأنها مدعوة لإعادة تأسيس حضور عربي فاعل ومتعدد الأبعاد للقرن الحالي. وإذا نظرنا الى العالم بأسره بكافة تكتلاته الكبرى، نلاحظ الى أي مدى يعيد الجميع النظر بدوره وحضوره ليدعم أكثر مراكز قوته، وليحول تطلعاته المستقبلية الى مصادر قوة اضافية.
قمة القرارات المنتظرة
* من أجل ذلك، أنا مؤمن ان قمة بيروت ستلبي طموحات شعوبنا في هذا الإطار، وستتجاوب مع إرادتنا الجامعة في تخطي أبعاد الخطابة التي أُلصقت مراراً بلقاءاتنا من قبل من لا يريد منا ان نشهد لتضامننا، وان نعمل معاً باسم هذا التضامن.
* يتزامن التئام القادة العرب في مائدة مستديرة ببيروت لبحث قضاياهم مع بروز مستجدات خطيرة عاشها العالم منطقتنا تحديداً خلال الفترة الزمنية بين مؤتمر عمان وبيروت. اسأل فخامتكم، ما الجديد الذي يمكن ان يقدمه المؤتمر للعالم؟
* في مرحلة إعادة النظر بمعظم القيم والمبادئ التي يقوم عليها التعامل الدولي بين الأمم والدول، خصوصاً مع سقوط الإيديولوجيات واستفراد قوة جبارة واحدة في حكم العالم وإحكام قبضتها عليه، أرى ان الظرف مصيري لنظهر للجميع أنه لا يزال للعالم العربي الكثير ليقوله وليقدمه للعالم.
تاريخنا ليس كما يدعي أعداؤنا
* في ضوء هذا الواقع، لا يمكننا ان نتنكر لدورنا او ان نتنازل عن رسالتنا الحضارية. نحن مدعوون، تحديداً، ان ندعو العالم بأسره الى إعادة اكتشاف قيمنا ومفاهيمنا ومبادئنا.
تماماً كما أرى أننا مدعوون لإعادة إنتاج مقومات وجودنا وحضورنا.
وإذا كان قيل في السابق، ان تاريخنا المشترك ليس إلا سلسلة من قضايا نزاعية تعيق تطورنا، فأنا مؤمن ان مستقبلنا لا يمكن أن يكون إلا مترابطاً ومتواصلاً كما نحن نريده، لا كما يرغب أعداؤنا في فرضه علينا.
فمنذ مؤتمر مدريد الى اليوم، خيارنا الاستراتيجي هو السلام المستند الى القرارات الدولية ومنطق الشرعية الدولية. بالمقابل نرى ان منطق القوة الذي اعتمدته إسرائيل بكافة وجوه قادتها هو الغالب لديها، فهل نحن أمام مأزق؟
بين منطق القوة ومنطق الحق
* آن الاوان للتغلب على منطق القوة هذا، بقوة منطق الحق. وهذا الأمر لا يكون إلا بمدى تضامننا والتزامنا بتأكيد حقنا. ولذلك، رأى الكثيرون ان هذه القمة وما سينتج عنها هي الفرصة الأخيرة نحو حل سلمي شامل وعادل، مقابل الحلول الجزئية التي يريد العدو استدراجنا إليها. نعم، مطلوب منّا ان نواجه منطق محو الذاكرة والضمير العربيين بقوة الكلمة، وقوة الحق، وقوة المقاومة التي أثبتت فاعليتها. وأنا هنا أتحدث انطلاقاً من تجربة لبنان، حيث ان التضامن والالتفاف بين المقاومة والجيش الوطني والشعب وقف في وجه المحنة والإذلال والظلم وأنجز التحرير من معظم الأراضي اللبنانية. وكان لبنان بذلك، الوطن العربي الأول الذي حقق انتصاره على الآلة العسكرية الإسرائيلية، مجبراً إياها على الاندحار. وهذا يجب أن يكون مبعث أمل لنا بالمستقبل، ويبقى.
* ولكن لبنان استبق موعد انعقاد المؤتمر بخلافات بين طوائفه ومؤسساته على مبدأ حضور الرئيس الليبي معمر القذافي للمؤتمر، مستذكرين قضية موسى الصدر وما يُقال من دور لليبيا في اختفائه. هل من تعليق يا فخامة الرئيس، وهل أراحكم خطاب الرئيس القذافي الذي أعلن فيه النية للانسحاب من الجامعة العربية؟
القذافي.. واللبنانيون
* اسمحوا لي ان اصحح بعض الشيء في السؤال بحدّ ذاته، لأوضح ان التضامن بين اللبنانيين بكافة طوائفهم، هو حقيقة واقعة، لا يمكن لأي أمر مهما كان طارئاً او نافذاً، ان يؤثر فيها او يعمل على اضعافها. تالياً لا خلافات حلت بين اللبنانيين حول هذا الموضوع. أما بخصوص خطاب الرئيس الليبي، فأرى انه في الوقت الحاضر، تحتاج الساحة العربية الى اكثر وجوه التضامن العربي فاعلية. مع الاشارة الى ان الرئيس الليبي سحب اقتراحه هذا وبالتالي لم يعد مطروحاً. على أي حال، إن لبنان جاهز اكثر من أي وقت مضى للقيام بكل مسعى ومجهود من شأنهما ان يوحدا نظرتنا ورؤيتنا لمستقبل اكثر تضامنا لعلاقاتنا المشتركة، ولكيفية الدفاع عنها وحمايتها. وقد آن الاوان لتنصب أمانينا في اتجاه واحد، هو ضد كل من يتوسل لنفسه شرذمتنا وإضعافنا.
* أريد ان أسألكم، هل لبنان في وضع يسمح له بانعقاد مؤتمر قمة عربي بهذا المستوى وعلى ترابه، ألا يخشى الرئيس اللبناني من دور إسرائيلي كبير لإفشاله؟
لبنان فخور بالحضور العربي على أرضه
* إن لبنان شديد الاعتزاز بحضور القادة العرب إليه، على قدر اعتزازه بالإرادة العربية الجامعة في اللقاء على أرضه. وقد تمكن، على الرغم من ضآلة قدراته واستناداً الى ثبات قوة حقه، من تحرير القسم الأكبر من أرضه. ما أعطى العرب جميعا مثالا لا يمكنهم التنكر له او تهميشه. انطلاقاً من هنا، فإن لبنان أنجز، ومنذ فترة، اتخاذ كافة التدابير اللازمة من اجل تأمين كل ما يستلزم انعقاد القمة، سواء من النواحي اللوجستية، او التنظيمية او الإدارية او السياسية والأمنية. ولا توازي جهوزية السلطة اللبنانية إلا حماسة اللبنانيين في رؤية القادة العرب، وقد التقوا فوق ترابه، قد اتخذوا قرارات حاسمة تؤكد الحق العربي وتثبته، وتؤسس لمرحلة جديدة لا استضعاف فيها لقوانا.
إسرائيل خرجت ولن تعود
أما بخصوص دور إسرائيلي محتمل لافشال القمة، فأرجو لو سألتم أياً من المواطنين اللبنانيين حول هذا الأمر. انا متأكد ان جوابه سيكون في غاية الاقتناع والإقناع.
فإذا كانت إسرائيل قد حاولت في السابق الدخول عبر بعض الثغرات الى الساحة اللبنانية، فهي قد خرجت منه مندحرة في أبشع مخارج الإذلال التي لم يكن بإمكانها تصورها، بفعل تضامن فاعل بين مقاومة لبنان وإرادة شعبه وعزم جيشه الوطني.
ولأن هذا التضامن ثابت ومستمر وحاسم، فلن تنجح إسرائيل مطلقاً في العودة الى أي محاولة افشال صور حضور لبنان وفاعليته على الساحة الاقليمية او الدولية، حتى ولو كانت في قرارة نفسها لا تريد ان يلتقي العرب على ما يوحدهم ويجمعهم ويثبت تضامنهم بفاعلية.
* بعد خمسين عاماً من الانتظار قام سيادة الرئيس السوري بزيارة الى لبنان، هل هذه مقدمة لتبادل السفراء بين البلدين.. هل هي ضمن خطوات للتسريع بالانسحاب السوري الكامل من لبنان، أم ان هذه الخطوة تقتصر فقط على المشاورات بينكما لإنجاح مؤتمر القمة العربي القادم؟
العلاقات السورية اللبنانية
* لطالما أجمع المسؤولون في البلدين، وعن قناعة كاملة وراسخة، على القول ان ما يربط بين لبنان وسوريا هو حضارة مشتركة ومتواصلة منذ فجر التاريخ.
وهذه الروابط اتخذت على مرّ العصور صوراً متنوعة وغنية جعلت كل شعب منّا ينظر الى الآخر وكأنه امتداد طبيعي له.
ولا بد من التشديد على ذلك لإدراك مدى الأهمية التي وصلتها العلاقات الثنائية بين البلدين اليوم، من مستوى عالٍ من التلازم، يمكن اعتباره مثالاً ونموذجاً يُحتذى بين الدول العربية.
قرارات اقتصادية
* وزيارة الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد تصب في هذا الإطار.
وأهميتها التاريخية تتعدى المبادئ العادية لتسمو الى ارفع ما يمكن ان تترقبه دولة شقيقة من شقيقتها. وتفهمون إذ ذاك، لماذا بادر الدكتور الأسد إلى اتخاذ سلسلة من القرارات الأساسية ذات الطابع الاقتصادي لمساعدة لبنان، أثناء هذه الزيارة. واللبنانيون يدركون تماماً ان هذا الوقوف الى جانب لبنان، استمرار لما أسسه الرئيس الراحل حافظ الأسد، من علاقات وثوابت بين البلدين، خصوصاً وأنه بذل الكثير من التضحيات للحفاظ على وحدة لبنان وسيادة أراضيه، في أوقات تخلى فيها كثيرون من أصدقاء لبنان عنه او تجاهلوا نداءاته المتواصلة للمساعدة.
* وبالنسبة لتمثيل الدول العربية في مؤتمر القمة العربي. هل تسلمتم من القادة العرب ما يؤكد أنه سيكون على أعلى مستوى، كيف تنظرون الى من سيُرسل وزيراً عنه او مندوبه في الجامعة ليمثله بالمؤتمر في مثل هذه الظروف دون عذر مقبول...؟
قيمة رمزية مؤثرة
* طبيعي ان تكون إرادة لبنان هي في حضور كافة القادة العرب من ملوك ورؤساء، لما يمثله هذا الحضور من قيمة رمزية مؤثرة.
ولكنه لا يعود الى لبنان ان يقرر عن الدول العربية في ما يتعلق بمستوى حضورهم القمة، او ان يفرض عليهم مستوى معيناً من التمثيل. هذا من ناحية المبدأ المتعارف عليه في حضور القمم. وكم ان افتخارنا كبير بمستوى التمثيل الذي سيكون في قمة بيروت. يكفي ان تلقوا نظرة سريعة على أعداد الصحافيين المعتمدين لتغطية اعمال القمة، فتأخذوا علماً بمدى الاهتمام البالغ بها.
أهلاً بالقادة العرب
* ويسعدني شخصياً ان ارحب في لبنان بأشقائي القادة العرب الذين سيحضرون القمة. فوجودهم في وطنهم الثاني لبنان، هو قيمة أخرى تضاف الى قيم لبنان الحضارية. وأستطيع ان اؤكد استناداً للمعلومات المتوافرة لدينا حتى اليوم ان عدداً كبيراً من القادة العرب سيحضر شخصياً الى القمة.
* أعلنتم يا فخامة الرئيس، تأييدكم لمبادرة سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي في الشرق الأوسط. هل أنتم متأكدون أن إسرائيل سوف تستجيب لأي مبادرة تقودنا الى قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس؟
موقف موحد من مبادرة الأمير عبدالله
* نحن ننتظر حضور الأمير عبدالله قمة بيروت كي نطلع على تفاصيل مضمونها ونبحثها مع سمو الأمير عبدالله بكل تفاصيلها. وحينذاك وبالتشاور مع الاخوة القادة العرب سيكون هناك موقف موحد بإذن الله.
  أما بخصوص اسرائيل، فإن تجربتنا الطويلة والأليمة معها قد ركزت قناعاتنا بأنها دولة قائمة على انتهاك الحقوق العربية والتنكر لمبادئ القانون والأعراف الدولية. وهي دولة قائمة على الظلم والعنف. لكن تجربتنا اللبنانية في مقاومتها أثبتت ايضا ان منطق القوة الذي تعتمده، مهما كان دموياً، لا يمكن ان يثبت ويستمر. لا بل ان هذا المنطق قد اندحر أمام صمود مقاومتنا وثبات وحدتنا ورصّ صفوفنا.
المقاومة جزء من السلام
وإذا كان العرب طلاب سلام حقيقي دائم وعادل وشامل، فإن تجربة المقاومة اللبنانية تأتي مكملة لهذا الإطار ولا تتعارض معه.
فمن حق كل شعب احتلت اسرائيل ارضه ان يحرر هذه الأرض ويعيد اليها طهارتها وقداستها، بكافة الوسائل.
* إذاً من المسؤول عن عدم استجابة اسرائيل لقرارات الشرعيّة الدوليّة، تحديداً هل يرى فخامتكم أنّ الولايات المتحدة الامريكيّة هي من يتحمّل المسؤولية في ذلك، بحكم رعايتها لاتفاقيات السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين؟
هؤلاء لا يدعمون إسرائيل
* إنّ كلّ من يدعم دولة تطبّق منطق إرهاب الدولة وتنتهك الحقوق وتضرب بعرض الحائط القرارات والأعراف الدوليّة، هو مسؤول بالتكافل والتضامن مع هذه الدولة، واليوم وصلنا الى مرحلة أصبح فيها الكثير من النوايا مكشوفاً وغير قادر على التلطّي وراء الكلمات الدبلوماسيّة والبيانات المنمّقة.
وإذا تتبعتُم تطوّر المواقف الأخيرة تجاه اسرائيل وعدوانها الدموي المتواصل بحقّ الشعب الفلسطيني الباسل في الدفاع عن ذاته ووجوده، لوجدتم أنّ أكثر الدول دعماً لإسرائيل لم يعد قادراً على مواصلة تغطية جرائمها المتكرّرة، وهذا كلّه بسبب الدمّ العربي المُراق من أجل استعادة الحقّ، ففلسطين، التي تختصر قضيتها أبشع الجرائم ضدّ الإنسانيّة في القرن العشرين وما يليه، ستكون التحدّي الأكبر للحقّ الدولي، فارضةً على ضمير الإنسانيّة أن يدافع عنه ويحميه بعد طول تنكّر له، هي تلك قصّة الدم الذي يعيد كتابة المستقبل، والكلمة الحقّ التي تقف بوجه الظلم وأعنف الأسلحة وإرادة الدمار.
* ولكن هل هناك جهود لبنانّية ومساعٍ لم يعلن عنها بعد تتجه نحو الإفراج عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لتمكينه من حضور اجتماعات القمّة العربيّة؟ ماهي هذه المساعي وإلى أيّن وصلت يا فخامة الرئيس؟
نرصد التطورات ولن نستجدي
* نحن نرصد التطوّرات اليوميّة الجارية على الساحة الفلسطينية في ظلّ العدوان الاسرائيلي اليومي على الشعب الفلسطيني وسنرى ما إذا كانت تلك التطوّرات ستحول أم لا دون حضور الرئيس عرفات إلى القمّة.
وبخصوص المساعي أودّ أن أوضح أنّ العرب ما اعتادوا استجداء المواقف ولا استعطاء حضورهم في قمة مدعوّة لأن تؤسس لحضور فاعل لهم وهي مصيريّة لحاضرهم، هم يعرفون كيف يجعلون حضورهم التزاماً لهم، وكيف يجعلون لهذا الحضور إلزاماً للآخرين، أيّاً كانوا، لترقّب نتائجه وفاعليته.
* أعود ثانية لأسأل فخامتكم عن مبادرة سمو الأمير عبدالله، أين تكمن أهميتها، ما الذي يمكن أن تضيفه الى ما سبق أن قلت عنها؟
* الأفكار التي طرحها سمو الأمير عبدالله مهمة، لاسيما وانها ستطرح في قمة عربية هي الأولى بعد احداث 11 ايلول، وبهذه الافكار سنعطي رسالة للعالم بأنه لايجوز تناسي القرارات الدولية لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة، ومبادرة الأمير عبدالله تدخل في هذا الإطار، ولا سيما اشارتها الى معادلة الأرض في مقابل السلام.
* ولكن مرة أخرى ماهي توقعاتكم لنتائج مؤتمر القمة العربية؟
رسالة واضحة
* أنا متفائل بأن القمة ستخرج بقرارات ترضي الشعوب العربية، وهي قرارات ستنفذ ضمن المهل المحددة، وستكون فيها رسالة صريحة الى المجتمع الدولي.
* هل لي ان اسبق انعقاد المؤتمر وأسألكم عن الحالة العراقية الكويتية؟
لابد من إزالة الخلافات
ان الظروف التي تجتازها الامة العربية تحتم إزالة هذه الخلافات لما فيه مصلحة العرب جميعاً، وعلينا ان نجد الطريقة المناسبة لحل هذه الخلافات حتى لا تبقى هذه الخلافات شوكة في خاصرتنا.
*ولكن هل أنتم أعني لبنان مع ضرب العراق عسكرياً..؟
لا لضرب العراق
* أكدنا مراراً عدم موافقتنا لاستفراد أي دولة عربية، لأنه اذا استفردت دولة ما فسيأتي دور دولة اخرى وهكذا دواليك، ولبنان يرفض ضرب العراق، وهذا موقف عربي شامل.
* هناك يا فخامة الرئيس مبادرة الأمير عبدالله والتصريح من الولايات المتحدة الامريكية بحق الفلسطينيين بدولة لهم وتأييد المجموعة الأوروبية لذلك، السؤال: هل أنت متفائل بالوصول الى حل للصراع العربي الاسرائيلي..؟
لا سلام بوجود شارون
* أريد أولاً أن أؤكد بأنه يجب تنفيذ كل القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة بهذا الشأن، والزام اسرائيل بأن تستجيب لها وتطبقها لا كما تفعل الآن، ثم ومن خلال معايشتي للواقع العربي اقول صادقاً لكم ان الحل الذي نتطلع اليه لايبدو أنه سيتحقق أو أنه ممكن مع استمرار شارون رئيساً لحكومة اسرائيل، فهذا الرجل لايعترف الا بقوة السلاح، وهو يعمل الآن على «خربطة» الوضع كلما لاحت في الافق مبادرة سلام، وانا اطالب المجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤوليته في صون السلم والسلام في هذا الجزء المهم من العالم.
لبنان لايرضخ للضغوط
* هل تلقيتم اشارات او ايحاءات بشكل مباشر او غير مباشر من هذا الطرف او ذاك لثنيكم عن عقد القمة العربية..؟
* لا أحد يستطيع الضغط علينا في لبنان، واذا كانت هناك رسائل غير مباشرة سمعناها من هذا السفير او ذاك، فإن جوابنا كان واحداً وهو ان هناك مصلحة للجميع بانعقاد القمة ونجاحها ولا أرى فائدة من عدم عقدها.
* هل يعني هذا ان امريكا لم يكن لها اي حضور او رأي في عقد المؤتمر..؟
* كان سفير امريكا في مكتبي منذ يومين تحدث معي عن العملية العسكرية التي تمت في اسرائيل بالقرب من الحدود مع لبنان ولم يتطرق الى مؤتمر القمة العربية وهو يعرف ان لبنان لايرضخ للضغوط..
* وماهي طبيعة الاحاديث بينكما حول العملية العسكرية، نريد من فخامتكم ان تضعوا قراء «الجزيرة» في اجواء هذا اللقاء الذي تم بينكما..؟
العملية الإسرائيلية في حديث مع السفير
* ذكر لي ان اسرائيل وبالتالي الولايات المتحدة الامريكية على قناعة بان العملية نفذها مسلحون تسللوا من الحدود اللبنانية، وكان ردي واضحاً وحاسماً وصريحاً اين براهينكم احضروها لنا وعندها لكل حادث حديث وانتهى نقاشنا في هذا الموضوع عند هذا الحد.
* وإيران، ألم تكن لديها رسالة او افكار او تسريبات الى المؤتمر في ظل تصنيف الولايات المتحدة الامريكية لها كإحدى محاور الشر..؟
الموقف الإيراني
* الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية ومن القدس ومن الاراضي العربية المتحلة واضح، وهي مع كل مايعزز الصمود والتضامن العربيين، كما انها مع تنفيذ كل القرارات الدولية، وهي بهذا تعلم اننا على إلمام بموقفها.
* هل لكم مطالب كلبنانيين محددة ستقدمونها للقادة العرب خصوصاً وان المؤتمر ينعقد في اراضيكم..؟
دعم لبنان اقتصادياً
* لبنان لا مطالب لديه، سوى دعم مواقفه ودعم صموده، لاسيما اقتصادياً، لأن أحداً لن يستطيع التغلب علينا بالقوة، وهم يحاولون بالضغط الاقتصادي لتحقيق مايريدون، لابد من مساعدة لبنان اقتصادياً لمواجهة هذه الضغوط.
* وكيف تعاملتم في لبنان مع الشائعات التي تزامنت مع التحضيرات للمؤتمر..؟
إشاعات لاقيمة لها
* قبل شهرين من موعد انعقاد المؤتمر بدأنا نسمع فعلاً الكثير من الإشاعات التي تهدف إلى ارباكنا، مثل تأجيل القمة أو أنه لن يحضرها أي رئيس عربي أو أنها لن تتخذ قرارات ترضي الأمة العربية وغيرها، ومروجو مثل هذه الاشاعات يقومون بمثل هذا لأنهم يخشون من القرارات المنتظر صدورها عن القمة، وما ثبت حتى الآن ان القمة سوف تخرج بقرارات مهمة تؤكد فيها باننا نرغب باحلال السلام في منطقتنا بل واننا قادرون على صنع هذا السلام مستندين في ذلك على قرارات الشرعية الدولية.
* افتراضاً، وماذا لو اختتمت القمة العربية بدون قرارات على هذا المستوى..؟
قرارات غير مسبوقة
* لا شك ان هذا سينعكس سلباً على الانتفاضة التي تقدم في كل يوم العشرات من الشهداء والجرحى في فلسطين، لكن ليطمئن الجميع بأن ماهو متوقع ومنتظر لقمة بيروت من نجاح سوف يتحقق، فكل القادة العرب مصممون على ان تكون هذه القمة تاريخية وغير مسبوقة في قراراتها.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved