تحقيق/ يوسف البواردي
مع إطلالة هذا العام الجديد وانقضاء العام الماضي يتذكر المسلمون جميعاً انقضاء العمر وسرعة مرور الأيام وقرب الموت. فكم ولد في العام الماضي من مولود وكم مات فيه من حي. وكم استغنى فيه من فقير وكم افتقر فيه من غني. ويتذكر المسلمون هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وما حدث في سيرته عليه الصلاة والسلام من دروس وعبر.
وإن المتأمل في أحوال بعض الناس في استقبال هذا العام ليعجب من انتكاس الفطر والجهل المطبق الذي يقودهم إلى فعل المحدثات من البدع في استقبال هذا العام والتي يوضحها أصحاب الفضيلة العلماء بشيء من التفصيل فإلى التحقيق:
في البداية يوضح الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو اللجنة الدائمة للإفتاء أن من أعظم وقائع السيرة النبوية قضية الهجرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتد عليه أذى المشركين بمكة صار يعرض نفسه على القبائل في موسم الحج ويطلب منها أن تحميه وتناصره حتى يبلغ رسالة ربه فلم يجد من يجيبه حتى حج نفر من الخزرج من أهل المدينة وكان جيرانهم من اليهود يحدثونهم عن مبعث رسول قريب ويتوعدونهم أنهم سيكونون معه فيقاتلونهم كما قال تعالى عن اليهود: {ولّمَّا جّاءّهٍمً كٌتّابِ مٌَنً عٌندٌ پلَّهٌ مٍصّدٌَقِ لٌَمّا مّعّهٍمً وكّانٍوا مٌن قّبًلٍ يّسًتّفًتٌحٍونّ عّلّى پَّذٌينّ كّفّرٍوا فّلّمَّا جّاءّهٍم مَّا عّرّفٍوا كّفّرٍوا بٌهٌ فّلّعًنّةٍ پلَّهٌ عّلّى پًكّافٌرٌينّ (89)} [البقرة: 89] أي كان اليهود قبل مجيء الرسول عليه الصلاة والسلام يستنصرون به على أعدائهم ويقولون: «اللهم انصرنا بالنبي المبعوث آخر الزمان الذي نجد نعته في التوراة»، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل كعادته في موسم الحج وصادف نفرا من الخزرج ففرحوا به وقالوا: «هذا النبي الذي توعدكم به يهود فلا يسبقكم إليه»، فآمنوا به وبايعوه وانصرفوا إلى قومهم بالمدينة فأخبروهم فآمن من آمن وقدموا في العام الثاني للحج وبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة على الإيمان به ومناصرته إذا هو هاجر إليهم فأذن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لبعض أصحابه بالهجرة إلى المدينة، ويواصل فضيلته فيقول: ولما أراد أن يلحق بهم أراد المشركون منعه مخافة أن تقوى شوكته ويظهر دينه عليهم فاجتمعوا وتشاوروا في شأنه فاتفق رأيهم على قتله واجتمعوا عند بابه ينتظرون خروجه ليقتلوه فأخبر الله نبيه بمكيدتهم، فأمر علياً رضي الله عنه أن يبيت في فراشه، فخرج من بينهم، ولم يشعروا به، وذهب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ووجده قد أعد راحلتين للسفر واستأجر دليلاً فخرجا من مكة متخفيين وذهبا إلى غار ثور ودخلاه، واختفيا فيه ودفعا الراحلتين للدليل وواعداه أن يأتي بهما في وقت محدد، ولما علم المشركون بخروج الرسول صلى الله عليه وسلم وأن الذي على الفراش هو علي رضي الله عنه غضبوا غضباً شديداً، ونفروا يلتمسون النبي صلى الله عليه وسلم في كل وجه، وجعلوا لمن يأتي به الأموال الطائلة، قال تعالى: «{وإذً يّمًكٍرٍ بٌكّ پَّذٌينّ كّفّرٍوا لٌيٍثًبٌتٍوكّ أّوً يّقًتٍلٍوكّ أّوً يٍخًرٌجٍوكّ ويّمًكٍرٍونّ ويّمًكٍرٍ پلَّهٍ واللَّهٍ خّيًرٍ پًمّاكٌرٌينّ (30)} [الأنفال: 30] وأمر الله عنكبوتاً فنسجت على باب الغار، وحمامة فرخت فيه وعندما وصل المشركون إلى باب الغار ووقفوا عليه حتى قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا فقال عليه الصلاة والسلام: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما»! وفي ذلك يقول تعالى: «{إلاَّ تّنصٍرٍوهٍ فّقّدً نّصّّرّهٍ پلَّهٍ إذً أّخًرّجّهٍ پَّذٌينّ كّفّرٍوا ثّانٌيّ \ثًنّيًنٌ إذً هٍمّا فٌي پًغّارٌٌ إذً يّقٍولٍ لٌصّاحٌبٌهٌ لا تّحًزّنً إنَّ پلَّهّ مّعّنّا} [التوبة: 40] ولما رأى المشركون عش العنكبوت أيسوا من وجود النبي صلى الله عليه وسلم في الغار حتى قال أحدهم: إن هذا العش موجود قبل أن يولد محمد وانصرفوا خائبين صاغرين، ومكث النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار أياماً وكان عبدالله بن أبي بكر يأتيهما خفية بأخبار المشركين وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر يرعى غنماً ويمر بها عليهما فيحلبان من لبنها، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام خفية في المساء، مشيراً فضيلته الى أنهما لبثا في الغار ثلاثة أيام حتى انقطع الطلب فجاء الدليل بالراحلتين على الميعاد فركبا وتوجها إلى المدينة وكان الأنصار رضي الله عنهم ينتظرونهما بفارغ الصبر كل يوم إلى أن وصلا بسلامة الله وحفظه إلى المدينة، وهناك اجتمع المهاجرون والأنصار وتكونت الدولة الإسلامية وأمر الله رسوله بالجهاد لإعلاء كلمة الله وإظهار دينه فواصل صلى الله عليه وسلم الغزوات والسرايا ونصره الله وأظهر دينه حتى دخل مكة عام الفتح معززا منصورا تحف به رايات المهاجرين والأنصار، وأزال ما على الكعبة المشرفة من الأصنام ودخلها وكبر الله فيها ثم خرج إلى قريش وكانوا قد اجتمعوا في المسجد الحرام ينتظرون ماذا يفعل من العقوبة، فقال: «يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيراً أخ كريم وابن أخ كريم قال: فإني أقول لكم كما قال يوسف لأخوته «لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين» اذهبوا فأنتم الطلقاء.
احتفالات وخطب
بعد ذلك يتحدث الشيخ الفوزان عن مدى أهمية الوقوف والتأمل في سيرته عليه الصلاة والسلام موضحاً أنها كانت لأجل نصرة دين الله وإعلاء كلمته ليس القصد منها الرفاهية وراحة البدن والتنعم، فهكذا تكون هجرة المؤمنين إلى آخر الزمان فالهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام باقية إلى أن تطلع الشمس من مغربها لمن لا يستطيع إظهار دينه في بلد الكفر وإظهار الدين معناه الجهر به والدعوة إليه وبيان بطلان ما عليه الكفار، وليس معنى إظهار الدين أن يترك الإنسان يصلي ويتعبد ويسكت عن الدعوة إلى الله وإنكار الشرك والكفر، لو كان الأمر كذلك لبقي النبي صلى الله عليه وسلم بمكة لأن المشركين لم يمنعوه من أن يصلي ويتعبد ولكنهم منعوه من الدعوة إلى الله وإبطال ما عليه الكفار والمشركون. مشيراً فضيلته الى أن من الناس اليوم من لا يعرف عن هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلا أنها ذكرى تمر كل عام وتقام بمناسبتها احتفالات وخطب ومحاضرات لمدة أيام ثم تنتهي وتنسى إلى مرور تلك الأيام من السنة القابلة دون أن يكون لذلك أثر في سلوكهم وعملهم؛ ولذلك تجد بعضهم لا يهاجر من بلاد المشركين إلى بلاد الإسلام كما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم، بل على العكس فإن الكثير منهم ينتقل من بلاد الإسلام إلى بلاد المشركين لا لشيء إلا للترفه والعيش هناك بحرية بهيمية، مؤكدا أن ذكرى الهجرة يجب أن تكون على بال المسلم طول السنة لا في أيام مخصوصة فإن تحديد أيام مخصوصة للاحتفال بمناسبة الهجرة النبوية أو لتدارسها إن هذا التخصيص بدعة «وكل بدعة ضلالة» فلم يكن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا صحابته ولا القرون المفضلة من بعدهم يخصون هذه المناسبة باحتفال يتكرر كل عام وإنما كان السلف الصالح والتابعون لهم بإحسان يدرسون سيرة نبيهم عليه الصلاة والسلام للاقتداء بها غير متقيدين بوقت معين، ثم أن الهجرة هجرتان الهجرة الأولى هجرة قلبية إلى الله بعبادته وحده لا شريك له، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم باتباعه وفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه كما قال عليه الصلاة والسلام: «والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» وهذه الهجرة ملازمة للمسلم طول حياته لا يتركها أبداً، وأما الهجرة الثانية هجرة بدنية وهي تتضمن الهجرة القلبية وهذه الهجرة هي الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام وهذه الهجرة تجب عند الحاجة إليها إذا لم يستطع المسلم إظهار دينه في بلاد الكفر.
الوقت أنفس ما عنيت بحفظه
الشيخ جابر بن عبدالله الشهري رئيس هيئة محافظة النماص أكد على أهمية محاسبة النفس قائلاً: إننا قبل أيام قليلة ودعنا عاماً رحل عنا بما فيه وارتحل فمن أودع فيه خيراً فليحمد الله ومن أودع فيه غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، وليتب إلى الله تعالى ولكم يفرح المرء باليوم يقطعه وما يدري أنه كل يوم يمر به فإنما يقربه من أجله، إنها أيام مضت وأشهر خلت ولن تعود أبداً وكل ساعة تمر عليك أيها الإنسان فإنها هي لك أوعليك وهي من وقتك وكما قيل السنة شجرة والشهور فروعها والأيام أغصانها والساعات أوراقها والأنفاس ثمارها، فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرته شجرة طيبة ومن كانت أنفاسه في معصية فثمرت حنظل، مشيراً فضيلته الى أننا في هذه الأيام وفي هذا الشهر المحرم قد حل بنا عام جديد إنه ضيف علينا والضيف سيرحل يمدحك أو يذمك ومن حق الضيف على مضيفه أن يكرمه فليكن يومك خيرا من أمسك وغدك خيرا من يومك، ومن رحمته تعالى بعباده أنه لم يتركهم هملاً بل شرع لهم على مدار العام أعمالاً جليلة ومواسم عظيمة يتقربون بها إلى الله تعالى فأول هذه الأعمال المشروعة والمندوبة: الصوم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم. فصامه موسى. قال: فأنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه» وكيف لا يكون الصوم من أفضل الأعمال وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» مستطرداً فضيلته بقوله: وهكذا جميع العبادات مشروعة في العام كله، من صلاة وصيام وزكاة وحج، فالصلاة منها الفرض ومنها النفل، وكذلك الصوم منه الفرض ومنه النفل والحج مرة واحدة في العمر فمن زاد فهو من باب التطوع. فجميع العبادات شرع لنا من جنسها ما هو فرض وما هو نفل، يتطوع بها المسلم ويتقرب بها إلى الله تعالى، فما إن ينتهي عمل من أعمال الطاعة والعبادة إلا وبعده عمل عظيم وهكذا وقت المسلم كله، يجب أن يكون مليئاً بأعمال الخير والبر وشعب الإيمان كثيرة «أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق». والبر حسن الخلق وأفضل الأعمال ما داوم عليها صاحبها، والذكر من أجلّ العبادات وأفضل الطاعات عند الله تعالى: «لا يزال لسانك رطباً بذكر الله». ويؤكد الشهري أن المسلم الحقيقي هو المحاسب لنفسه الذي لا تمر عليه لحظة من اللحظات ولا ساعة من الساعات إلا ويعمل فيها طاعة من الطاعات يتقرب بها إلى رب الأرض والسماوات لأنه يعلم يقيناً أن وقته هو رأس ماله وسوف يسأل عنه يقول الشاعر:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه
وأراه أسهل ما عليك يضيع
فالمسلم يستقبل عامه الجديد بالتوبة النصوح والاستقامة على طاعة الله فليس للعبادة والطاعة وقت ولا زمن محدود قال تعالى: {واعًبٍدً رّبَّكّ حّتَّى" يّأًتٌيّكّ پًيّقٌينٍ (99 )} [الحجر: 99]
فضل صيام عاشوراء
بعد ذلك يفصل الشيخ محمد بن صالح المنجد إمام وخطيب جامع عمر بن عبدالعزيز بالخبر في صيام يوم عاشوراء مبيناً فضله والتفصيل في أحكامه مستدلاً بما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان» رواه البخاري، ومعنى يتحرى أي: يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم «صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» رواه مسلم، وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة، والله ذو الفضل العظيم. وعن استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء فيشير الشيخ المنجد الى ما روى عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع». قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون: يستحب صوم اليوم التاسع والعاشر جميعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر، ونوى صيام التاسع، وعلى هذا فصيام عاشوراء على مراتب، أدناها أن يصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه، وكلما كثر الصيام في محرم كان أفضل وأطيب، وحول الحكمة من استحباب صيام تاسوعاء فقد قال النووي رحمه الله ذكر العلماء من أصحابنا وغيرهم في حكمة استحباب صوم تاسوعاء أوجهاً:
أحدها: أن المراد منه مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر.
الثاني: أن المراد به وصل يوم عاشوراء بصوم، كما نهى أن يصام يوم الجمعة وحده، ذكرهما الخطابي وآخرون.
الثالث: الاحتياط في صوم العاشر من خشية نقص الهلال ووقوع غلط، فيكون التاسع في العدد هو العاشر في نفس الأمر.ويؤكد المنجد أن أقوى هذه الأوجه هو مخالفة أهل الكتاب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: نهى صلى الله عليه وسلم عن التشبه بأهل الكتاب في أحاديث كثيرة مثل قوله في عاشوراء :«لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع». وقال ابن حجر رحمه الله في تعليقه على حديث: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع»: ما هم به من صوم التاسع يحتمل معناه إلا يقتصر عليه بل يضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطاً له وإما مخالفة لليهود والنصارى وهو الأرجح وبه يشعر بعض روايات مسلم. وحول حكمة إفراد عاشورء بالصيام فيبين المنجد أن شيخ الإسلام رحمه الله قال: «صيام يوم عاشوراء كفارة سنة ولا يكره إفراده بالصوم» وهل يصام عاشوراء ولو كان يوم سبت أو جمعة؟ يجيب الشيخ المنجد فيقول: ورد النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم، والنهي عن صوم يوم السبت إلا في فريضة ولكن تزول الكراهة إذا صامها بضم يوم اليهما أو إذا وافق عادة مشروعة كصوم يوم وإفطار يوم أو نذراً أو قضاء أو صوماً طلبه الشارع كعرفة وعاشوراء، وعن التساؤل فيما العمل إذا اشتبه أول الشهر فيبين فضيلته أن الإمام أحمد قال: فإن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام، وإنما يفعل ذلك ليتيقن صوم التاسع والعاشر. فمن لا يعرف دخول هلال محرم أو أراد الاحتياط للعاشر بنى على إكمال ذي الحجة ثلاثين كما هي القاعدة ثم صام التاسع والعاشر، ومن أراد الاحتياط للتاسع أيضاً صام الثامن والتاسع والعاشر «فلو كان ذو الحجة ناقصاً يكون قد أصاب تاسوعاء وعاشوراء يقيناَ» وحيث إن صيام يوم عاشوراء مستحب ليس بواجب فلا يؤمر الناس بتحري هلال شهر محرم كما يؤمرون بتحري هلال رمضان وشوال.
بدع عاشوراء
وفي آخر المطاف يوضح الشيخ المنجد بعض البدع التي يفعلها بعض الجهال في يوم عاشوراء مبينا أنه سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عما يفعله الناس في يوم عاشوراء من الكحل، والاغتسال، والحناء والمصافحة، وطبخ الحبوب وإظهار السرور، وغير ذلك هل لذلك أصل أم لا؟ فأجاب رحمه الله بعد حمد الله بأنه لم يرد في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئاً، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة، ولا التابعين، لا صحيحاً ولا ضعيفاً، ولكن روى بعض المتأخرين في ذلك أحاديث مثل ما رووا أن من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد من ذلك العام، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام، وأمثال ذلك، ورووا في حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم : أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه ستائر السنة ورواية هذا كله عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب.
|