* بيروت عبدالكريم العفنان:
أكد معالي الأستاذ محمود حمود وزير الخارجية اللبناني أن مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء تشكل رسالة واضحة بأسسها وعناصرها المتكاملة بأن العرب جميعاً اختاروا السلام العادل والشامل على أسس مرجعية مدريد موضحاً بأنها ستكون محوراً أساسياً في قمة بيروت.
وقال وزير الخارجية اللبناني في حوار مع «الجزيرة» ان لبنان يقدر عالياً قيمة وحجم مواقف المملكة الداعمة للبنان مبيناً أن المملكة لها دورها الرائد دائماً في دعم القضايا العربية وسعيها الدائم إلى لم الشمل العربي.
وأوضح الوزير أن مستوى المشاركة في القمة العربية سيكون على أعلى المستويات معرباً عن ثقته بأن مستوى القرارات سيكون على الوجه المطلوب.
كما أكد الوزير اللبناني أن القمة ستكتسب أهمية خاصة لأنها تعقد في مرحلة دقيقة وحساسة وستكون قمة التأكيد على الثوابت العربية وقمة الموقف العربي بمستوى التحدي القائم وفيما يلي نص الحوار:
* وسط ظرف دولي وعربي دقيق.. هل تعتقدون أن كافة الرؤساء العرب سيحضرون القمة، أم سيكون هناك تمثيل لبعض الدول على مستوى أقل؟
أولاً، يهمنا أن تكون قمة بيروت القادمة، قمة العرب جميعاً خاصة في ظل الظروف التي تعيشها الأمة، وفي ظل الحاجة لموقف عربي موحد لمواجهة التحديات. لقد تلقينا التأكيدات اللازمة حول المشاركة والتي ستتم على أعلى المستويات التي نرغبها نحن ويرغبها كل العرب ونحن واثقون من أن مستوى المشاركة سيكون عالياً وأيضاً مستوى القرارات التي نصبو جميعاً لأن تعبر عما يجب أن تكون عليه في ظل ما نشهد.
* أطلق سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز مبادرة قبل أقل من شهر على انعقاد القمة، ما هو برأيكم تأثير هذه المبادرة على جدول أعمال القمة ومجمل مجرياتها؟
من غير شك، نحن كنا دائماً ونبقى مع أي مبادرة عربية تقوم على أساس الثوابت العربية التي نتفق عليها جميعاً في رؤيتنا للسلام والذي نريده سلاماً عادلاً وشاملاً بكل مدلولاته، سواء لجهة استناده للقرارات الدولية أو أسس مؤتمر مدريد والاقتراح السعودي يستند على هذه الثوابت وهو ما أكده سموه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب عبر التوضيحات التي تمت وكما نعلم جميعاً فإن سمو الأمير عبدالله سيطرح مبادرته خلال انعقاد القمة وهذه المبادرة ستشكل رسالة واضحة بأسسها وعناصرها المتكاملة وهي أن العرب جميعاً اختاروا السلام العادل والشامل على أسس مرجعية مدريد، وبالتالي نأمل أن تصل هذه الرسالة لمن يجب أن تصل إليه وهي ستشكل محوراً أساسياً في قمة بيروت القادمة، خاصة وأن اهتماماً عربياً ودولياً يتركز الآن حولها ولبنان المعني مباشرة بالوصول إلى سلام عادل وشامل هو مع أي خيار ينطلق من الثوابت التي نؤمن بها.
* ما هو أثر التنسيق السعودي اللبناني لانجاح اللقاء العربي في بيروت؟
بالطبع، تربطنا بالمملكة العربية السعودية أمتن العلاقات والتي تستند على ما يربط بلدينا من الأخوة والصداقة والأهداف المشتركة، ولبنان يقدر عالياً قيمة وحجم المواقف السعودية الدائمة للبنان وهو ما يترجم على أكثر من مستوى ولعل هذا يشكل انعكاساً لما نشعر به في لبنان من رعاية خاصة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وبالتالي فإننا على تشاور مستمر من أجل تنسيق مواقفنا سواء بالنسبة للقمة أو لأي تحدٍ تواجهه الأمة.
إن للمملكة العربية السعودية دورها الرائد دائماً في دعم القضايا العربية وهو ما نشعر به الآن من خلال ما تبادر إليه المملكة من أجل جمع الصف العربي ومن أجل بلورة موقف عربي موحد في القمة العربية القادمة.
* تترافق قمة بيروت مع العديد من المستجدات والأحداث المتلاحقة، مثل: التصعيد الإسرائيلي،كيف تعاملتم مع حساسية توقيت انعقاد القمة وهذا التصعيد؟
أساساً، لو لم تكن هناك قمة في بيروت لكان يجب أن تكون لمواجهة التحديدات القائمة، نحن في مرحلة دقيقة وحساسة تستوجب المزيد من اللقاءات العربية وتكثيف الاتصالات والتشاور من أجل مواجهة هذه التحديات بموقف عربي قوي وبمستوى ما يجب أن يكون. لهذا، نرى أن قمة بيروت العربية القادمة ستكتسب أهمية خاصة لأنها ستواجه عناوين كبيرة وهامة كمحصلة لما يدور إقليمياً ودولياً، ونرى أن ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة من تعسف واجراءات قمعية وما تقوم به حكومة أرييل شارون إنما يدفعنا لأن نكثف من اتصالاتنا وأن نعمل من أجل اتخاذ ما يجب أن يتخذ لمواجهة العربدة الإسرائيلية التي تجاوزت كل اعتبار وكل احتمال.
إن قمة بيروت ستكون قمة التأكيد على الثوابت العربية وقمة الموقف العربي بمستوى التحدي القائم.
* قبل انعقاد القمة شكل التحرك الدبلوماسي العربي، سواء عبر زيارة الرئيس الأسد للبنان ثم السعودية، أو في مباحثات الرئيس المصري في واشنطن، ما هو برأيكم تأثير هذا التحرك على التحضيرات الجارية حالياً لانعقاد القمة العربية؟
من الطبيعي أن تقوم هذه الاتصالات وبهذا المستوى انطلاقاً من المسؤولية الكبيرة لمواجهة التحديات القائمة، كانت زيارة سيادة الرئيس بشار الأسد للبنان بكل مدلولاتها زيارة تاريخية تعنينا جداً في لبنان ليس لأنها تعبر عن عمق ما يربط لبنان وسوريا من علاقات مميزة ووحدة المسار والمصير بل أيضاً لأنها جاءت في لحظة اقليمية دقيقة وفي ظل مناخات تستوجب منا جميعاً أن نتشاور وأن ننسق الموقف، ولعل زيارة الرئيس الأسد للمملكة العربية السعودية تندرج أيضاً في إطار تعزيز التنسيق المشترك وفي لحظة هامة سوف تترك انعاكساتها الايجابية على أكثر من مستوى وهو ما شعرنا به خلال اجتماعاتنا في القاهرة.
إن امام القادة العرب الآن مسؤولية كبيرة ونحن أمام مفترق صعب وتحديات غير عادية ومن الواجب أن نعمل جميعاً من أجل مواجهتها وعلى كل المستويات، ونحن ننظر بارتياح كبير إلى أهمية هذه الاتصالات التي تشهدها عواصم عربية عدة قبيل انعقاد قمة بيروت ونرى أن كل ذلك سيعزز قدراتنا لمواجهة الموقف ولأن تكون قمة بيروت قمة التأكيد على قوة الموقف العربي الداعي إلى سلام عادل وشامل وإلى أن تكون وجهة النظر العربية واحدة حيال كل الملفات المطروحة، ولعل القرارات التي اتخذها وزراء الخارجية العرب عكست هذه التوجهات خاصة لجهة تبني تقديم مساعدات عاجلة للانتفاضة ولجهة التأكيد على خيار السلام وعلى التمسك بالثوابت العربية.
* ماذا يريد لبنان من القمة؟
بالطبع، نريدها قمة غير عادية بقراراتها وبما يجب أن تكون عليه مرحلة ما بعد القمة، نريد اجتماعاً عربياً وتوافقاً عربياً بل موقفاً عربياً موحداً يملك كل عناصر القوة، ونحن في لبنان نتمسك طبعاً بثوابتنا التي تستند على السلام العادل والشامل وعلى القرارات الدولية ومرجعية مدريد، نريد لقمة بيروت أن تؤكد على هذه الثوابت، ومنها استكمال تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم «425» وهذا يعني استمرار دعم لبنان في سعيه لاستكمال تحرير أرضه، كما أن لبنان يعلق أهمية خاصة على الدعم العربي له في ظل ما يواجهه، ولدينا قرارات عربية عديدة أقرت هذا الدعم وسوف نسعى خلال قمة بيروت لطرح تطورات عملية من أجل ترجمة هذه القرارات من أجل دعم لبنان.
* هل يمكن لهذه القمة أن تخرج بقرارات تغير من صورة الوهن العربي؟
نعمل جميعنا من أجل ذلك، نعمل جميعنا من أجل أن تكون قمة غير عادية، ونأمل أن تكون بمستوى ما يريده الانسان العربي في كل الوطن العربي واستناداً إلى ما جرى في القاهرة وإلى مستوى الاتصالات الجارية فكلنا ثقة أنها ستكون قمة غير عادية فعلاً.
* يبدو أن الإدارة الأمريكية لا تكثرت بما تشهده المنطقة من تصعيد، وفي أحيان كثيرة باركت هذا التصعيد، كما أنها غير حريصة على تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالمنطقة، هل تعتقدون أن فكرة السلام قد نضجت لدى الرئيس بوش؟
إننا دعاة سلام، وحرصنا دائماً على تأكيد ذلك، وتعاونّا جميعاً مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة من أجل الوصول إلى سلام حقيقي عادل وشامل، ذهبنا إلى مدريد انطلاقاً من هذه القناعة وتعاطينا مع مبادرات أمريكية عديدة من هذه الرؤية لكننا كنا نشعر دائماً بانحياز أمريكي وبموقف غير محايد وفق ما يجب أن يكون عليه راعي السلام. إن ما تقوم به الإدارة الأمريكية إنما يعكس انحيازاً فاضحاً باتجاه إسرائيل ويتناقض مع مفهوم السلام الذي انطلقنا من مرجعية مدريد باتجاهه ومن الضمانات الأمريكية نفسها لتحصين هذه المرجعية لكن ما يجري الآن يتناقض كلياً مع هذه الضمانات.
إن هذا الموقف يستعدي المنطقة العربية ويتناقض مع المصالح الأمريكية في المنطقة بل أيضاً يتناقض مع دور راعي السلام المحايد وبهذا نرى استمرارية هذا الانجاز إنما تعني المزيد من الارهاب الإسرائيلي والعربدة الإسرائيلية التي نرى العديد من أوجهها الدامية ضد الشعب الفلسطيني وأيضاً استمرار احتلال هضبة الجولان وأجزاء من لبنان واستمرار احتجاز الرهائن اللبنانيين واستمرار الخروقات الإسرائيلية للأجواء والأراضي اللبنانية، إن للولايات المتحدة دورها الهام الذي يجب أن تلعبه في المنطقة إذا كانت تحرص على اقامة سلام عادل وشامل لكن ما نراه أمامنا الآن لا يشجع على المضي نحو هذا السلام في ظل الخلل القائم على مستوى الانحياز الأمريكي بل أيضاً في الدعم الدائم لإسرائيل التي تضرب بكل اتجاه.
*كلمة أخيرة:
رغم الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة إلا أنني متفائل بأن القمة سترتقي في قراراتها إلى مستوى التحديات التي تواجه الأمة بكاملها.
|