Tuesday 19th March,200210764العددالثلاثاء 5 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في كتاب بعنوان «النظرية السيادية اليهودية»في كتاب بعنوان «النظرية السيادية اليهودية»
ديفيد ديوك يفضح مخططات اليهود التآمرية في العالم
إفرايم ليفي: «ربما يكون أخطر كتاب معادٍ للسامية ظهر على الإطلاق»
إسرائيل دولة يهودية مخصصة تحديداً لخدمة مصالح الشعب اليهودي

* القاهرة خدمة الجزيرة الإلكترونية:
تعتبر مقدمة ديفيد ديوك لكتابه الذي يحمل عنوان «السيادية اليهودية» واحدة من أهم الانتقادات للمسألة اليهودية تم كتابتها على الإطلاق.
وقد أحدثت نظرية «السيادية اليهودية» بالفعل عاصفة جدلية، فقد حاولت السلطات اليهودية حظر هذا الكتاب خشية انه سيكون له أثر في عالم القرن الحادي والعشرين ربما أكبر من ذلك الذي أحدثه كتاب «بروتوكولات صهيون» في القرن العشرين.
وقد حاول القادة اليهود ان يجبروا مجلس الدوما الروسي بسن قوانين أكثر قوة ضد مثل هذه الكتب، ولكنها فشلت بفارق ضئيل من الأصوات، فقاموا بالاستئناف لدى وزارة العدل الروسية لتقضي بأن هذا الكتاب معادٍ للسامية وبالتالي غير قانوني في روسيا. وقام أحد الناشطين اليهود وهو إفرايم ليفي بالتحدث الى جمع من اعضاء مجلس الدوما ووصفه بأنه «ربما يكون أخطر كتاب معادٍ للسامية ظهر على الإطلاق». وقال في 14 يناير 2001: «إن كتاب السيادية اليهودية» أعظم خطراً بكثير من كتاب «بروتوكولات صهيون» لأنه مكتوب بلغة جيدة ومعد بطريقة علمية وبه أكثر من سبعمائة مرجع، ومما جعله أكثر دهاءً هو أن ديوك عرضه بطريقة ماهرة ليبدو متفتح الفكر وفي صورة المحسن الى اليهود، ثم بعد ذلك قام بمهاجمة اليهودية والشعب اليهودي ونسج رؤية جديدة لأعظم فرية معادية للسامية في عصرنا الحاضر وادعى ان اليهود يمارسون السيادية العرقية.
وقال افرايم ليفي عن هذا الكتاب المثير للجدل: «واذا لم أكن مخطئاً فإن كتاب ديوك ربما يكون اخطر كتاب معادٍ للسامية كتب على الإطلاق إنه بمثابة سكب الجاز على نار كراهية اليهود. واذا تم التصريح لهذا الكتاب فانه لن يذكي من جذوة الشعور المعارض لإسرائيل هنا في روسيا فقط، ولكنه سوف ينتشر في بقية انحاء العالم، بما في ذلك الوطن العربي، والذي سوف يصبح سلاحاً قوياً سوف يستغله الفلسطينيون.. لتكن روسيا أول دولة تقول لهذا الكتاب: لا».
وبعد دراسة متأنية لكتاب ديفيد ديوك لمدة ستة أشهر حكم مكتب المدعي العام الروسي ان الكتاب لا يعادي السامية ولا ينتهك أية قوانين روسية!
من مقدمة الكتاب
أنا أعد بأن هذا الكتاب سوف يتحداك، وسوف تقوم أدلته الوثائقية المدهشة بمواجهة ومناقشة أعز معتقداتك، وإذا استطعت ان تنحي جانباً بقدر الإمكان الأفكار المتحيزة التي تعتقدها بشأن هذا الموضوع وأيضاً التصورات المبدئية عني أنا شخصياً، فسوف تتمكن من الحكم على أفكار ودلائل هذا الكتاب بصورة أكثر حيادية، وهذا هو كل ما يستطيع أن يطلبه كاتب من قارئه؛ وأنا أطلب ذلك منك، وأنا أعتقد اعتقاداً جازماً بأنك سوف تدهش لما سوف تقرؤه وذلك اذا استطعت ان تكون متفتح الذهن ومحايد التفكير.
إن القوة الحقيقية لهذا الكتاب تكمن في وثائقه التي تم جمعها من مصادر كبيرة، وفي الواقع، سوف تكتشف سريعاً ان معظم وثائقي عن «السيادية اليهودية» تأتي من مصادر يهودية أساساً. انا أشجعك على ان تذهب الى تلك المصادر التي اقتبستُ منها وتتحقق منها بنفسك، وفي هذا الكتاب انا اصحبك الى رحلة مبهرة للغوص في اغوار المواضيع المحرمة، وأنا أدعوك الى ان تقوم بفتح عقلك بشجاعة أثناء استكشافك للمواضيع التي تنتظرك، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي نستطيع ان نكتشف بها الحقيقة.
البعض سيقوم بالتشنيع على هذا الكتاب ويصفه بأنه معادٍ للسامية، في حين ان من يقوم بالتحقيق في تاريخ الإساءات الامريكية للهنود الحمر لا يعتبر معادياً للأمريكان، وكذلك لا يعتبر معادياً للنصرانية من يحاول التحقيق في فظائع محاكم التفتيش، وكذلك لا يعتبر معادياً للاسلام من يقوم بعمل بحث في العناصر المتطرفة بين المسلمين؛ فهل يعتبر من يقوم بتوثيق تاريخ جيم كرو معادياً للجنس الأبيض؟
هذا الكتاب ليس معادياً للسامية، إنه ببساطة يقوم بالبحث والتوثيق في عناصر السيادية العرقية والتي ظهرت في المجتمعات اليهودية قديماً وحتى عصرنا الحالي.
إن أي نقد لنظرية «السيادية اليهودية» يتم وصفها مباشرة بأنها «معاداة للسامية»، والتكرار المزمن من الإعلام عن فظائع المحارق النازية الهولوكوست جعلت من كلمة «معاداة السامية» مساوية أخلاقياً لمعنى قبول القتل الجماعي، إن الكلمة نفسها تلغي المنطق تماماً وتستدر الشحناء ولا تجلب النور. إن هذه الكلمة قد أسيء استخدامها بصورة كبيرة، وقد استخدمت ضد هؤلاء الذين عارضوا الانتهاكات الاسرائيلية لحقوق الانسان ضد الفلسطينيين.
وأنا ضد أن أصف كتابي بأن أنفي عنه ما ليس فيه أولاً، ولكن للأسف فإن المناخ الإعلامي يجبرني على فعل ذلك.
ولما للإعلام من قدرة على تشويه ما أقوله وما أكتبه، فسوف أعلن هنا وبثبات والآن أنني لا أعادي كل اليهود، ومثلي كمثل الذي يحقق في الفظائع التي ارتكبتها محاكم التفتيش فلا يمكن ان يعتبر معادياً للنصرانية. وبالتحديد، فان كتاب «السيادية اليهودية» يعالج سجلاً حافلاً من الافكار والتاريخ العنصري اليهودي والذي كان له آثار مدمرة على كل من اليهود والأمميين «غير اليهود» على حد سواء.
وسوف اكون اول من يعترف بأنه ليس كل اليهود يدعمون او يشاركون الآخرين هذه السيادية، فهناك عدد من اليهود الشجعان قد عانوا معاناة كثيرة بسبب معارضتهم لذلك، وهذا الكتاب مهدى إلى ذكرى واحد منهم، وهو استاذ اسرائيلي اسمه د. اسرائيل شاحاك الذي توفي مؤخراً. ود. شاحاك آمن بأن «السيادية اليهودية» قد اضرت الشعب الفلسطيني ضرراً عظيماً كما أضرت غيرهم من غير اليهود على مستوى العالم. وقد أتى بدلائل قوية بأن الراديكاليين اليهود قاموا بشن حرب عرقية ضروس ضد الأمميين وذلك منذ خروج اليهود من مصر، وقد آمن د. شاحاك أن هذه المغالاة في الشوفونية قد ساعدت على حدوث موجات وقرون متتالية من ردود الفعل المعادية للعنصرية؛ بدءاً من مجازر الفراعنة وحتى الفظائع التي تسمى الآن الهولوكوست. وقد أثبت بالحجة أنه إذا لم يقف كل من اليهود والأمميين بشجاعة ضد هذه الخطط السيادية وضد قواتها، فسوف تظل تمثل خطراً داهماً على كل من اليهود والأمميين على حد سواء.
وهذا الكتاب يدور خصيصاً حول تقليل المخاطر والكراهية بين شعوبنا، وهذا لن يحدث إذا لم يسمع كل من اليهود والأمميين الجانب الآخر من «المسألة اليهودية» وهي وجهة نظر محرمة حالياً في العالم المعاصر.
وهذا الكتاب سوف يوضح أن السياسات الرسمية لإسرائيل الحديثة وكثير من العناصر الاساسية لليهودية العالمية لاتزال تجسد المشاعر والسياسات السيادية الراديكالية. والعناصر المنظمة لليهود في انحاء العالم يمارسون وبثبات برامجهم السيادية، وهذه البرامج كثيراً ما تعارضت مع مصالح الدول التي ترعاها ويعيشون فيها.
إنني أؤكد على أنه هناك نظرية سيادية يهودية قوية ومترابطة ومنتشرة في انحاء العالم تدعمها الدلائل التي معظمها من اليهود السياديين انفسهم. ان معتقداتهم السيادية يتحدث عنها بجلاء كل من اساس وهيكل وسلوك دولة اسرائيل؛ الدولة التي اقيمت صراحة على نظرية سيادية العرق، انها دولة قد قامت بتجريد وارهاب الشعب الفلسطيني ومارست انتهاكات واضحة لحقوق الانسان والحقوق المدنية لهذا الشعب.
تعريف السيادية اليهودية
إن تعريف «سيادية الجنس الأبيض» يوصف في قاموس ويبستر بأنه: «الاعتقاد بالعلو والسيادة على أجناس أخرى ودوام السيطرة في كل العلاقات» .وسوف نأخذ هذا التعريف ونطبقه بالتحديد على مصطلح «السيادية اليهودية».
فالسيادية اليهودية، المعتقد والنظرية والتعاليم تفيد بأن الشعب اليهودي يعلو على كل الأجناس الأخرى ولا بد ان يحصل على السيطرة في كل العلاقات والمعاملات. وفيما يخص الجزء الأول من التعريف، فإن هذا الكتاب يجمع أدلة قوية بأن أوائل يهود العالم كان لديهم معتقد ونظرية او تعاليم بأنهم أفضل من كل الشعوب الأخرى. وكذلك سوف أعرض بصورة واضحة كيف أنهم كانوا يبغون التحكم في كل العلاقات بينهم وبين الشعوب الأخرى.
وديفيد بن جورين اول رئيس وزراء اسرائيلي الذي عادة مايطلق عليه «جورج واشنطن اسرائيل» قال بالتحديد إنه يؤمن بعلو اليهود على باقي الاجناس فيما يختص ب«الأخلاق والأفكار». وهذا الشعور يوجد بصورة شائعة في كتابات زعماء اليهود في كل انحاء العالم. تخيل ان يقوم رئيس الولايات المتحدة او رئيس أي دولة من دول اوروبا الحديثة بإعلانه انه يعتقد بعلو الجنس الابيض على غيره فيما يختص بالاخلاق والأفكار! وقد استطاع الإعلام العالمي الذي يسيطر عليه اليهود ان يحمي نظرية السيادية اليهودية من ان يوجه لها أي انتقاد لدرجة ان اشهر قادتهم يستطيعون ان يقولوا ذلك دون أي خوف من ردود الفعل.
ولم يعبر قادة العالم عن غضبهم العارم عندما قال بن جوريون عبارته، ولم يعقبها أية اعتراضات عندما صرح بنبوءته التي نشرتها مجلة «لوك» في عام 1962 وتوقع فيها ان اسرائيل سوف ترأس حكومة عالمية واحدة في يوم من الايام: «في القدس، سوف تقوم الأمم المتحدة (أمم متحدة حقيقية) ببناء ضريح للأنبياء لخدمة الاتحاد الفيدرالي لكل القارات؛ هذا سوف يكون عرش المحكمة العليا للانسانية جمعاء».
كما كان هناك نوع من السخرية اللاذعة لضحاياه الفلسطينيين عندما فاز الإرهابي المعترف بجرائمه مناحم بيجن بجائزة نوبل للسلام. وقد تفاخر بيجين في كتابه «الثائر» عن المذبحة التي راح ضحاياها مائتي رجل وامرأة وطفل في دير ياسين. وقد طارد العالم من يشتبه في انه من مجرمي الحرب النازيين، ولكنه اعطى اليهودي الذي يداه ملطختان بالدماء جائزة نوبل للسلام! وهذه الحادثة بمفردها يجب ان تعرفنا من هو الأعلى في عالمنا المعاصر.
والجزء الثاني والمهم من تعريف السيادية اليهودية يدل على تحكمهم في الاجناس الاخرى، بل انا أزعم أنهم يحاولون التحكم حتى في الدول التي يقطنون فيها، ويقومو بجهود جماعية مركزة من اجل السيطرة على مراكز التحكم الحيوية في عالمنا المعاصر: الإعلام والحكومات. وهذا الكتاب لن يعرض ادلة موثقة عن قدرتهم الفائقة في هذين المجالين. ان هذا التركيز من القوى لايتواجد فقط في الولايات المتحدة، ولكن يوجد في دول اخرى كبيرة في انحاء العالم، مثل كندا وبريطانيا وروسيا وفرنسا والبرازيل والعديد العديد؛ انه نسيج عالمي يؤكد على انه تم التخطيط له ولم يأت ابداً عن طريق المصادفة.
إسرائيل: دولة السيادية اليهودية
وبالطبع فإن اسرائيل نفسها ظهرت الى الوجود عن طريق التطهير العرقي واستبدال السكان الفلسطينيين الاصليين بغيرهم. وفي الوقت الذي صدر فيه وعد بلفور عام 1917، كان اليهود يمثلون 10% فقط مما يسمى باسرائيل الآن، وعندها هرب العديد من السكان الفلسطينيين وطردوا بواسطة الارهاب الاسرائيلي في عام 1947 و 1948 قام السياديون اليهود بإنشاء اسرائيل، وحتى الآن لا تزال الدولة الصهيونية تحافظ وبحرص على الهوية الثقافية والجنسية للشعب اليهودي.
وتقوم اسرائيل بالحفاظ على تحكمها اليهودي للأعراق الأخرى التي تعيش بينها وذلك عن طريق قيامها بحماية تكوينها العرقي بدقة؛ فالهجرة اليها محدودة بمقاييس ترجع الى الجنس والأصل العرقي وتقصر الهجرة على أولئك الذين هم من اصل يهودي، فيمكن ان تشجع يهوديا ملحدا من مدينة نيويورك والذي لم تطأ قدمه ارض اسرائيل ولا مرة في حياته وتقوم بدعمه مالياً، في حين ان مئات الآلاف من الفلسطينيين الذي تعيش اسرهم هناك من آلاف السنين محرم عليهم ان يعودوا الى المكان الذي ولدوا فيه.
ان اسرائيل ليست دولة «متعددة الثقافات» انها بلا مداراة دولة يهودية مخصصة تحديداً لخدمة مصالح الشعب اليهودي،؛ فهي دولة بها أقلية فلسطينية كبيرة وهي اكبر مجتمع يمارس فصلاً تعسفياً في العالم، فهناك مدارس منفصلة لكل من العرب واليهود، تجمعات سكنية منفصلة، احياء سكنية منفصلة، وكذلك مستوطنات منفصلة، وهناك الكثير من القوانين والاجراءات التي تؤثر بصورة سلبية على الفلسطينيين خاصة مقارنة باليهود، فعلى سبيل المثال، محرم على الفلسطينيين طبقاً للقانون بأن يلتحقوا بالجيش الاسرائيلي.
وبالرغم من تعدادهم الذي يبلغ 22 بالمائة من السكان (تقريباً ضعف نسبة الامريكان السود في الولايات المتحدة) لم يحدث على الإطلاق ان دخل وزير فلسطيني الوزارة، وقد وصف هذا النظام احد اعضاء المحكمة الاسرائيلية العليا حايم كوهين المطبق على اليهود والفلسطينيين في اسرائيل بأنه مشابه ل«قانون نورمبرج» لألمانيا النازية، قائلاً: «...إن من السخرية المريرة أننا سرنا الى نفس القوانين العنصرية التي دعا اليها النازيون والتي ألهمت قوانين نورمبرج سيئة السمعة لتكون اسس تعريف اليهودية من خلال دولة اسرائيل».
وسوف اغوص في اعماق موضوع اسرائيل في متن هذا الكتاب، ولكن ينبغي الا ادع هذه النقطة دون الاشارة الى ان مبدأ السيادية اليهودية الذي يهيمن على اسرائيل يلاقى بالقليل من الانتقادات الاعلامية على مستوى العالم، مع الوضع في الاعتبار الدعاية الصحفية الايجابية التي تتلقاها اسرائيل مقارنة باستهجان جميع وسائل الإعلام حول العالم الذي صب جام غضبه على نظام الفصل العنصري السابق في جنوب افريقيا. ان إدانة جنوب افريقيا كان حملة نفاقية قام بها الاعلام الامريكي الذي يهيمن عليه الموالون لإسرائيل.
وقد بدأت الى التنبه ببطء الى الازدواج الاخلاقي الذي يتحكم في العلاقة ما بين اليهود والأمميين؛ فاليهود يدعون الى اخلاقيات لأنفسهم ويدعون غيرها للعالم الغير اليهودي. ان أسمى اخلاقياتهم هي: كبرياؤهم العنصري وتضامنهم وعاداتهم ومصالحهم الشخصية، في الوقت الذي يدعون فيه الى التعددية والليبرالية لخصومهم، فإذا لم توجد هذه الازدواجية فكيف يتسنى للإعلام الامريكي الذي يسيطر عليه اليهود ان:
يدعم دولة اسرائيل، والتي تدعو الى اليهودية في مدارسها، في الوقت الذي تعارض فيه حتى ترانيم اعياد الميلاد في المدارس الامريكية العامة؟
يدعم دولة اسرائيل والتي تفصل وبحسم المدارس والمجتمعات والمرافق لكل من العرب واليهود، في الوقت الذي تدين فيه فصل المدارس والمساكن في الولايات المتحدة وجنوب افريقيا؟
يدعم دولة اسرائيل بقوانين هجرتها المقتصرة على «اليهود فقط»، في الوقت الذي تحطم فيه المحاولات الامريكية للحد من الهجرة الى اراضيها حتى غير المشروعة منها؟
يدعم دولة اسرائيل، والتي تسمح لكل مواطن يهودي بحمل سلاح آلي اذا رغب في ذلك، في الوقت الذي تنصح فيه بالتحكم في حمل السلاح بالنسبة للمواطنين الامريكيين؟
يدعم دولة اسرائيل، والذي يعني صراحة نيتها في المحافظة على الشعب اليهودي وتراثه، في الوقت الذي تدين فيه الامريكيين من اصل اوروبي الذي يجرأون بالتصريح بتأييدهم للحفاظ على التراث والثقافة الغربية في الولايات المتحدة؟
ودائما ضع في ذهنك العلاقات التاريخية بين اليهود والأمميين باعتبار الامميين فاعلي شر واعتبار ان اليهود ضحايا ابرياء، في الوقت الذي يدينون فيه الأمميين بوصفهم «معادين للسامية» إذا ما جرؤوا بالدفاع عن انفسهم بشأن هذا التجريح العرقي؟
وهناك مثل واضح على ازدواج المعايير الواضح في كتابات اهم المحررين في اهم جريدة في الولايات المتحدة وهو أ.م.روزنتال لجريدة النيويورك تايمز. فروزنتال متحمس وذو ثقافة متفتحة ومتعددة بالنسبة لأمريكا، ولكنه يمارس السيادية اليهودية والتزمت وضيق الأفق بالنسبة لإسرائيل.
إن هذه الازدواجية في وسائل الاعلام تبرز تساؤلات اخرى، لماذا يكون الاعلام العالمي قصير النطر الى هذا الحد فيما يتعلق بالقمع العرقي الاسرائيلي؟ وهل لنا الحق في أن نتساءل اذا ما كان هذا التحيز الاعلامي ناتج عن رجحان كفة القوة اليهودية؟ وفيما يتعلق بموضوع مثل السيادية اليهودية، بعكس سيادية الجنس الابيض، لم تستخدمه الصحافة على الاطلاق؛ حتى لم يتم التطرق الى المفهوم نفسه، حتى عندما اطلق مائير كاهانا على الفلسطينيين لفظ «كلاب» ودعا الى طردهم بالقوة من كل الاراضي التي تحتلها اسرائيل، لم يطلق عليه ابداً لفظ سيادي يهودي.
وفي 25 فبراير عام 1994 دخل اليهودي الامريكي باروخ جولدشتاين مسجداً في الخليل و فتح نيرانه الرشاشة على المصلين الفلسطينيين وقتل 29 منهم، ومنذ ذلك الحين وصفته بعض الجماعات اليهودية في امريكا واسرائيل بأنه قديس، وبنوا له ضريحاً في كل من الولايات المتحدة واسرائيل، ولم يوصف جولدشتاين او اي من اولئك الذين بنوا له الضريح بأنهم يمارسون السيادية اليهودية او حتى «ضد الأمميين». وعلى الجانب الآخر، اذا ما جرؤ احد الامميين بترديد عبارة حاييم كوهين التي قارن فيها القوانين اليهودية بقوانين نور مبرج النازية فسوف يجد نفسه بالطبع موصوفاً من الاعلام بأنه «معادٍ للسامية».
إن المعايير المزدوجة للحكومات العالمية والصحافة لهي مذهلة للغاية، ففي الوقت الذي أكتب فيه هذه السطور، يقوم رئيس الولايات المتحدة جورج بوش بعد كارثة مبنى التجارة العالمي في 11 سبتمبر بمحاولة استئصال الارهاب كما يدعو الى ازالة «كل الشر من العالم». وهو لا يرى على الإطلاق ان هذا الهدف يعد مغالياً في الطموح، فقد أعلن بأن أي دولة سوف تأوي إرهابيين سوف يمسها غضب من القنابل الأمريكية.
ولم تمر فترة طويلة بعد إعلانه هذا حتى تناول السيد بوش طعام العشاء مع واحد من أسوأ إرهابيي العالم، رئيس وزراء اسرائيل آرييل شارون، وكما يعلم العالم فإن شارون له تاريخ حافل بالقتل والإرهاب، بما في ذلك مسؤوليته عن ذبح 1500 من الرجال والنساء والاطفال في مخيمات صابرا وشاتيلا للاجئين في لبنان. وخلال العشاء، لم يفعل بوش الكثير سوى إعطاء السيد شارون غصن زيتون، وبعكس افغانستان فإنه لم تسقط أية قنابل امريكية على تل أبيب لإيوائها للإرهابيين، ولم يكن شارون هو أول الإرهابيين الذين وصلوا الى منصب رئيس الوزراء، بل كان هناك مجموعة من أسوأ الإرهابيين الذين وصلوا الى ذلك المنصب مثل بيجين وشامير وباراك.
ويبدو ان هذه الازدواجية لن تنتهي ابداً فعندما اغتال الفلسطينيون عضو الحكومة الإسرائيلي رحبعام زائيفي ندد بذلك العمل شارون وبعض المسؤولين الامريكيين. ولكن اذا كان قتل زائيفي إرهاباً، فماذا نسمي السنوات الطوال من «الاغتيال المستهدف» الاسرائيلي لمئات من السياسيين الفلسطينيين، ومن المفكرين ورجال الدين والشعراء؟ لماذا لم تشر الصحافة الى ان زائيفي نفسه كان يمارس السيادية اليهودية، والذي وصف الفلسطينيين بأنهم «حشرة» ودعا الى طردهم من المناطق المحتلة؟
وقد يجادل البعض ويقول لأن اسرائيل يقودها سياديون، فإن هذا لايعني بالضرورة ان ال«دياسبورا» (اليهود خارج اسرائيل) يرددون نفس المشاعر السيادية، ولكن على المرء ان يضع في اعتباره ان المنظمات اليهودية حول العالم كرست دعمها للدولة السيادية اسرائيل. ثانياً، هناك دلائل كافية على ان السياسات السيادية اليهودية قد تجاوزت حدود دولة اسرائيل. فإن اليهود من ذوي النفوذ في الاعلام والحكومات حول العالم يتصرفون بطريقة تضمن لهم التحكم في الشعب في المكان الذي يعيشون فيه.
خطة عمل حول العالم
وقد كونت الجماعات اليهودية خططاً استراتيجية وتصرفت بالطريقة التي يعتقدون أنها سوف تخدم مصالحهم اليهودية الخاصة. واعتقد انك سوف تدهش بالدلائل التي قدمتها بشأن النفوذ السياسي والإعلامي الذي مارسه اليهود السياديون حول العالم.
فإن التنظيمات اليهودية العالمية يمكن اظهارها بوضوح بأنها كانت لديها خطط على مستوى العالم منذ أوائل القرن الماضي. فعلى سبيل المثال، كان هدف يهود روسيا واليهودية العالمية في أوائل القرن العشرين ان تطيح بما اعتبرته معادياً للسامية، وهو الحكومة القيصرية لروسيا الإمبريالية. وقد دعمت اليهودية العالمية على مستوى العالم إنشاء أول نظام شيوعي يهودي في روسيا، وقد دعموهم بمعظم القيادات والتمويل اللازم لقيام «الثورة الروسية»، وهي ثورة كان يقودها أكثرية من اليهود أكثر من الروس أنفسهم، فكان الممول الرئيسي الحقيقي هم الرأسماليون اليهود من مدينة نيويورك، وكذلك اليهودي السيادي المتطرف يعقوب شف.
وكان من ضمن الوثائق المدهشة الكثيرة التي استقيت معلوماتي منها واحد قد اتيت به من الارشيف القومي للولايات المتحدة، وهو يظهر ان أول حكومة شيوعية في روسيا كان فيها 13 روسيا فقط واكثر من 300 يهودي من مجموع 384 فرداً شيوعياً، حاول ان تستوعب هذه المعلومة جيداً: كان هناك فقط 13 روسيا في أول حكومة بلشفية ل«الثورة الروسية».
وقد وصف مراسل لندن تايمز في روسيا وقتها بأن ذلك بمثابة «غزو خارجي» واحتلال يهودي لروسيا، وهذا هو الذي قاله سفيرنا الامريكي لدي روسيا ديفيد فرانسيز، وكذلك ضابط مخابرات امريكي في روسيا. حتى وينستون تشرشل نفسه وصف الثورة الروسية بأنها استيلاء من اليهود البلاشفة الذين... اقتادوا الشعب الروسي من شعور رؤوسهم وأصبحوا أسياداً على امبراطوريتهم الهائلة. هذا فقط عرض بسيط للكثير من الوثائق المهولة التي سوف تجدها في هذا الكتاب.
إن محاولة الإطاحة الناجحة لحكومة وطنية كبيرة كان جزءاً من المخططات اليهودية العالمية وتوضح انه حتى في أوائل القرن العشرين كان لديهم نفوذ قوي على الاقتصاد العالمي وكذلك على السياسة والإعلام، ومنذ ذلك الحين نما نفوذهم بصورة هائلة، وكثير من الناس لا يعلم تماماً الدور الرئيسي لليهودية العالمية في إنشاء البلشفية في روسيا وانتشار الشيوعية في أنحاء العالم.
إن جهل العامة بهذه الأشياء يبين بوضوح دور النفوذ اليهودي على الإعلام والحياة الاكاديمية، وإلا كيف تسنى حجب هذه الحقائق المهمة من التاريخ والتي يسهل التحقق منها عن أذهان العامة؟.
وأيضاً يظهر التماسك والتنسيق الرهيب للقوى اليهودية في أنحاء العالم والتي يمكن شحنها فقط لخدمة الأهداف اليهودية. وهناك مثال آخر عن النفوذ الذي يمتلكونه في أعلى المجالس لأعظم الدول وهو جهودهم الناجحة لإنشاء دولة إسرائيل. فمنذ استصدار وعد بلفور «وقد علم العالم منذ فترة قليلة ان بلفور كان يهودياً متخفياً» لإنشاء واستمرار الدعم لإسرائيل، اظهروا قدرتهم على الحصول على ما يريدونه.
إن السيادية اليهودية لديها طبيعة منافقة وغيورة، فإذا ما تبنى الشعب الذي يعيش بينه اليهود خططاً بشأن ولائهم لعرقهم ونوعاً من التضامن مشابه للسيادية اليهودية، فلن يستطيع اليهود ان يمارسوا قوتهم وتحكمهم، وذلك فقط لأنهم أقلية بين هذا الشعب. وعندما يبدأ تناقص الشعور العرقي والقومي عند الشعب المضيف، فعندها فقط يستطيع اليهود السياديون ان يحشدوا قوى كافية للحصول على مخططاتهم.
وسوف يعرض هذا الكتاب نموذجاً واضحاً للنفوذ اليهودي على الاكاديميين والحكومات والإعلام، والذي يهدف الى اضعاف كل أشكال التضامن العرقي والولاء بين الشعب الذي يستضيفهم، في الوقت الذي يشجعون فيه وذلك لغرض الكبرياء العرقي والتضامن بين اليهود، وهذه حقيقة واقعة، سواء تكلم المرء عن الفلسطينيين او البريطانيين او الفرنسيين او الأوروبيين او الأمريكان او الامريكان السود او بين المسلمين في الوطن العربي، وهذا النسيج واضح في كل الشعوب التي كان فيها عدد ملحوظ من اليهود.
ونفس القوى التي تدعم السيادية اليهودية قد اتهمتني بمنتهى النفاق بأني «سيادي أبيض»، وأنا أرفض هذا النعت، فأنا لا اطلب التحكم او قيادة أي جنس بعكس السياديين اليهود، انا فقط وببساطة اريد ان احمي تراثي الخاص. ومن الواضح ان هناك اختلافات جوهرية في الثقافة والسلوك والعادات وحتى الأصول بين كل الأجناس وهذا لا يجعل احدنا سيادياً، ان الحقيقة هي ان معظم الناس بطبيعتهم يفضلون مشاركة جماعتهم العرقية او الاثنية، وللحق، فإن معظم الناس يفكرون في ان قومهم هم الافضل. والذي يدعو الى تولد مبدأ السيادية هو عندما تحاول مجموعة ما ان تتحكم او تعلو على غيرها.
فرّق تسد
إن السياديين اليهود يخافون ويعارضون كل اشكال التضامن العرقي التي يقوم به غير بني جنسهم، ففي البلاد الغربية يعارضون بثبات كل المنظمات التي تطالب بحماية مصالح وتراث الأوروبيين. وبالمثل في الدول غير الأوروبية، فهم يعملون وبثبات لكسر التضامن والتجانس لأي مجموعة عرقية بارزة.
إن ذلك لهو جزء من طريقة عمل اليهود السياديين لكي يثيروا ويشجعوا من الهجرات المتجانسة والأشخاص من ذوي الثقافات المتعددة لكل دولة يقيمون فيها «ما عدا إسرائيل بالطبع»، فهم يرون المجتمعات المتشاجرة وغير المتوحدة تكون فريسة سهلة لمجهوداتهم المركزة والمنظمة للتحكم فيهم.
وفي الولايات المتحدة، لم يعملوا فقط لاضعاف تضامن الأوروبيين الامريكيين، ولكنهم وبنشاط عارضوا حركات الأمريكيين السود القوميين مثل حركة ماركوس جارفي وأمة الإسلام، وهذه المنظمات السوداء ببساطة فضلت الحفاظ على تراثها عن ان تقوم بفهم وهضم افكار المجتمعات متعددة الثقافات. ان اليهود السياديين بطريقتهم المنافقة لا يريدون لأحد غيرهم ان يكونوا على وعي بتراثهم الخاص ومصالحهم المشتركة. فهم يحاولون ان يجعلوا المجموعات الأخرى تشعر بالذنب لمجرد ان يتولد لديهم كبرياء وفخر بتراثهم الخاص. انهم يصبغون الكبرياء القومي او الترابط في المجموعات الأخرى بأنه سيادية او كره.
وهناك مثل وثيق الصلة بطريقة فرق تسد يمكن مشاهدته في فلسطين ولبنان، فمعظم الفلسطينيين واللبنانيين مسلمون، ولكن هناك عدد لا بأس به من المسيحيين، فقامت اسرائيل بإذكاء نيران الكره والحرب الأهلية بين النصارى والمسلمين في الشرق الأوسط. ان من احد الأسباب التي قام فيها آرييل شارون بترتيب مذبحة اللاجئين المسلمين على يد الميليشيات اللبنانية عام 1982 هو لإذكاء نار الكراهية المريرة والحرب بين اعداء اسرائيل من العرب. وقد تعرض موشي شاريت احد رؤساء اسرائيل السابقين لهذه الحقيقة في يومياته، وذلك بقوله بأن هذا كان احد تكتيكات اسرائيل الأساسية. ان عدم استقرار الشعوب بتشجيع الهجرات الجماعية من ذوي الثقافات المختلفة والأديان المختلفة، جنباً الى جنب مع إذكاء نار الانقسامات الدينية الموجودة أصلاً بين الشعوب هي استراتيجية طويلة الأمد يمارسها السياديون اليهود.
إن محاولاتهم لكسر التضامن الشعبي والعرقي لعدوهم يمكن تطبيقه على نموذج الشعب الفلسطيني. فإذا ما قامت إسرائيل بطرد الفلسطينيين تماماً الى دول غريبة فسوف يذوبون فيها تماماً بين الأغلبية السكانية في هذه الدولة، وبالتالي سوف يفقدون هويتهم كفلسطينيين، وسوف يفقدون بالتأكيد دعمهم للقضية الفلسطينية.
وفي الوقت الذي يحاولون فيه ان يقضوا على الولاء العرقي والقومي للشعوب، يقوم اليهود السياديون في الإعلام الذي يمولونه بسرد القصص التاريخية التي تتعلق بمعاداة السامية. وهذا السرد المستمر له هدفان، أولاً: يزيد من التضامن اليهودي ويجلب دعماً دولياً لإسرائيل، وثانياً: يزيد من الكراهية الجماعية اليهودية للعالم من حولهم وبالتالي يقلل من مخالطتهم. ان تلاوة قصص الغدر والغش من الأمميين ضد اليهود تحميهم أيضاً من نقد الأمميين، فإذا ما جرؤ أحدهم لنقد اليهود السياديين، فسوف يتم وسمه بأنه يتساوى من الناحية الأخلاقية مع الذين كانوا يدعمون الهولوكوست.
وهناك مثل واضح للنفاق اليهودي الكبير من السياديين اليهود يمكن رؤيته في قضايا الزواج المتعدد الجنسيات. فقد وجد جورج بوش نفسه وذلك أثناء حملته الانتخابية مدفوعاً من الإعلام ليتكلم في جامعة بوب جونز، وهي مؤسسة تعارض اللقاءات وكذلك الزواج بين أفراد الجنسيات المختلفة. وبالطبع، خلال الحملة كان كل من جورج بوش آل جور قد قاما بالعديد من الخطب المفروضة عليهم للكثير من المؤسسات والهيئات اليهودية. ان المفارقة تكمن في ان كل معبد يهودي في امريكا وكل المنظمات اليهودية الامريكية تعارض بشدة زواج اليهودي من غير اليهودية، وبالطبع هذه الازدواجية الصارخة لم يكن لها ادنى ذكر في صحافة امريكا المفترض فيها ان تكون عادلة وصحافة حرة، فهذا العرض لتلك المواضيع قد لا يكون في صالح العلاقات العامة لليهود.
وهناك الآلاف من الكتب والأفلام، كتبهم وأنتجهم وسوَّقهم اليهود السياديون وقاموا فيها بشجب التعاليم والحركات التي تمارس استعلاءً عنصرياً او عرقياً على غير اليهود. ولكن هناك القليل من الكتب التي جرؤت على اقتحام أقدم وأقوي وأخبث شكل من اشكال السيادية اليهودية. ويبدو أنه لو كان هؤلاء اليهود السياديون شرفاء، لكان من الأفضل لهم ان يكتبوا عن السيادية التي يعرفون الكثير عنها: سياديتهم.
وبالطبع ليس كل اليهود الآن سياديون كما انه ليس كل الألمان كانوا نازيين إبان عصر هتلر، ولكن الحقيقة الباقية هي ان اليهودية العالمية المنظمة قد مارست خططاً ناجحة والتي استطاعت ان تحشد قوي هائلة في عصرنا الحالي. ومع انشاء دولة إسرائيل انشأوا معها اكبر أمة عرقية وسيادية على وجه الأرض. بل الأهم من ذلك انهم استطاعوا ان يحصلوا على نفوذ هائل في العديد من الحكومات العظمى حول العالم «وخاصة الولايات المتحدة» واليوم يمارسون هيمنتهم على الأخبار العالمية والإعلام الترفيهي. وعندما تقرأ الجزء الخاص بالإعلام والذي تم توثيقه جيداً، سوف تجد ان قوتهم قد تخطت كثيراً ما يستطيع ان يتخيله إنسان.
وهؤلاء الذين هم في مراكز النفوذ السياسي في الولايات المتحدة وامم اخرى يهابون القوى المكثفة من اللوبي اليهودي. واللوبي اليهودي في واشنطن هو اللوبي الوحيد الذي لا يجرؤ أي سياسي امريكي ان يعارضه صراحة. إن مجرد التفكير في ان اكبر لوبي في الكونجرس الامريكي ولاؤه لدولة اجنبية لهو بالفعل شيء جدير بان يستحوذ على قلق أي أمريكي وطني.
إسكات منتقديهم
إن حجم القوى اليهودية هو بالتحديد السبب الذي يجعل العامة لا تلحظ وجودهم، أما بالنسبة لهؤلاء الذين يعرفون حجمها فهم يعلمون أيضاً الثمن الباهظ الذي يمكن ان يدفعوه لمجرد مناقشة ذلك صراحة. وفي الولايات المتحدة القيام بهذا العمل يمكن ان يكلف الشخص الإضرار بسمعته، او فقده لأعماله او وظيفته. وهذا العرض للحقائق يمكن ان يؤدي الى تهديدات ومضايقات وربما تصل الى التعدي بالضرب من قبل جماعات مثل رابطة الدفاع اليهودية. فجماعة مثل «رابطة محاربة التشهير» وهي رابطة من المفترض ان تعارض اشكال السيادة العرقية والدينية، عادة ما تكون مشغولة باتهام منتقديها بشأن عدم التسامح العرقي او الديني او العنصري، في الوقت الذي تدافع بحماس وتنكر السيادة الإسرائيلية الواضحة. وهذه الجماعة السيادية اليهودية تستطيع ان تضر بأعمال او بالمستقبل السياسي لأي فرد تختاره.
بل الأكثر من خطورة من ذلك ان السيادية اليهودية نجحت الان في ان تسجن منتقديهم في العديد من الدول الأوروبية. وذلك لأنهم لم يتمكنوا حتى الان من اغتيال منتقديهم بحرية في الدول الغربية كما فعلوا مع المئات من الكتاب والشعراء ورجال الدين الفلسطينيين في العالم العربي، والآن في أوروبا المعاصرة يمكن ان يؤدي مجرد نقل عبارات عن القادة السياديين اليهود الى دخول السجن.
وهناك المئات من المنشقين في السجون في هذه اللحظة من الذين تجرأوا أن يتكلموا او يكتبوا بصراحة عن عدم التسامح العرقي اليهودي. وبالرغم من ان الإعلام يخبرنا بصفة مستمرة أننا وبعكس النازيين او الشيوعيين لدينا حرية الكلمة، فهناك مواطنون من أوروبا الغربية الان في السجن فقط لأنهم شككوا في الروايات اليهودية عن أحداث تاريخية مثل المحارق النازية «الهولوكوست».
إن السيادية اليهودية قد بذلت جهوداً مكثفة لإضعاف الشعور بالوعي العرقي والولاء بين الأوروبيين. وطبقاً للسياسة العصماء لإعلامنا المعاصر فإن من يتحدث من الأوروبيين عن حبهم لتراثهم ويعبروا عن رغبتهم في الحفاظ عليه يعتبر «خطاباً يحض على الكره». وكأوروبي أمريكي، فإنني أؤمن بأن شعبي لديه الحق في الحفاظ على طريقتهم في الحياة، وفي الوقت ذاته انا اعترف بهذا الحق الطبيعي لكل الشعوب والجنسيات على ظهر الأرض. فعلى سبيل المثال، كم هو غريب ان يوصف الفلسطينيون الذين تم تطهيرهم عرقياً من دولتهم وحرموا من ابسط حقوق الإنسان ان يوصفوا بأنهم «معادين للسامية» و«ارهابيين»، في الوقت الذي يوجه القليل من الانتقاد في الصحافة العالمية الى السياديين اليهود «أعداء الأمميين» الذين ارهبوهم وسرقوا بلادهم.
لابد ان يفهم الفلسطينيون وهؤلاء الذين يعيشون في الوطن العبري ان اصل ورطتهم نابعة من ان الامريكيين الأوروبيين انفسهم تم منعهم من الدفاع عن مصالحهم القومية وتراثهم مثلهم مثل الفلسطينيين. ولن ينعم الفلسطينيون بالحرية في دولتهم حتى يتخلص الأمريكيون الأوروبيون في امريكا من ربقة السياديين اليهود.
وبالرغم من أني من الناشطين من اجل الامريكيين الأوروبيين، فإنني احترم واثني علي كل الشعوب التي ترغب في المحافظة على طريقتهم في الحياة، بل والأكثر أهمية من ذلك: وجودهم ككيان عرقي. وبالنسبة لي، فإن المحافظة على الأصل العرقي تعد من أساسيات حقوق الإنسان. وأيضاً حق أساسي من حقوق الإنسان ان يعيش الناس في ظل حكومة وكذلك إعلام اخباري وترفيهي يعكس قيمهم الأساسية وعاداتهم واهتماماتهم الاقتصادية والاجتماعية. إن وجود أمة تحت سلطة إعلام مدمر مساوٍ تماماً في القمع لعيش المرء في ظل حكومة اجنبية محتلة.
إن ازدهار العولمة في القرن الحادي والعشرين والذي تقودها السيادية اليهودية سوف يستمر في انقاص فرص الاختيار والحريات لكل الشعوب. بل سوف يتعدى ذلك الى تهديد الثقافات الشخصية والعادات والقيم والمعتقدات الدينية والهوية العرقية، وسوف تكون المحصلة النهائية للعولمة هو تكوين حكومة عالمية هائلة، والتي سوف تسحق الحرية والاختلاف كما تفعل المطحنة بزهرة صغيرة.
إن المحرك الأساسي لوثيقة إعلان الاستقلال الامريكية والسيادة القومية لامريكا هو فكرة ان الحكومة يجب ان تمثل شعبها وليس أية قوة خارجية أخرى، أي حق الشعب في أن يكون له حكومة خاصة به ولخدمة مصالحه الشخصية، ان ديباجة دستور الولايات المتحدة توجز تلك المعاني عندما تحدث عن حكومة «لشعبنا ولأحفادنا من بعدنا».
وفي الولايات المتحدة يدهش المرء في الهيمنة اليهودية على الوظائف الحساسة في الدولة. ففي أثناء إدارة الرئيس الامريكي كلينتون قالت جريدة معاريف الإسرائيلية الشهرية بأن «اليهود المخلصين» لمصالح إسرائيل يشغلون المناصب الحساسة للغاية في وكالة الأمن القومي للولايات المتحدة، فقالت المجلة أنه هناك 7 أعضاء من «اليهود المخلصين» من أصل 11 عضواً.
وشهد أوائل القرن الحادي والعشرين في حكومة الرئيس السابق بيل كلينتون تربعت مادلين اولبرايت على رئاسة وزارة الخارجية الامريكية، وجورج تينت وكالة المخابرات المركزية، ووليام كوهين رأس وزارة الدفاع، وساندي بيرجر رئيس وكالة الأمن القومي، وكلهم يهود. وبالرغم من ان إدارة الرئيس بوش يوجد بها القليل من اليهود في الوظائف الأكثر ظهوراً، فإن البنية التحتية للنظام البيروقراطي في الولايات المتحدة والتي تقوم بالوظائف الإدارية كلها مكونة من اليهود بدرجة لم تحدث من قبل. وهناك مثال جيد وهو آلان جرينسبان والذي عمل في المنصب الحيوي كرئيس الاحتياطي الفيدرالي لعدة إدارات. ان السيادية اليهودية سوف تظهر بالتحديد كيف أن اليهود السياديين قد استغلوا نفوذهم السياسي والإعلامي لكي يفرضوا جدول أعمالهم على الدول الأخرى حتى عندما تتعارض مع المصالح الحقيقية لهذه الدول.
إنني أقدر قيمة كل الناس الذين يحافظون على ثقافتهم وتراثهم القومي وحتى أصولهم التاريخية. فلكل الناس الحق في الحفاظ على هويتهم الخاصة بما في ذلك اليهود. وهذا الكتاب يدور حول هذه القضية الواقعة التي مفادها ان القيادة اليهودية المنظمة تسعى الى أهداف مثل الحفاظ على الذات والتقدم بترابط شديد، في الوقت الذي يمنعون فيه الجنسيات الأخرى والأعراق المختلفة ان يتصرفوا بالمثل فيما يتعلق بمصالحهم الشخصية.
إن انتصارهم النهائي لن يؤدي الى خسارتنا للحرية فقط، ولكن أيضاً سوف يؤدي الى تدمير التراث الإنساني على الأرض. وأملي أننا كلنا كل الشعوب وكل الأمم في الوقت الذي نعترف فيه باحترامنا لاختلافاتنا الدينية والعرقية والثقافية والجنسية، ان نعمل معاً للدفاع عن أنفسنا من هذه السيادية الفائقة القوة والتي تهددنا جميعاً.
إن الكثير من ذلك الكتاب تم أخذه من سيرتي الذاتي «يقظتي». وهذا الكتاب مبني بنفس الطريقة، فهو عبارة عن روايات من رحلتي الخاصة نحو ادراكي لحقيقة السيادية اليهودية كقمة السيادية على الأرض. وسوف تجد قوته الحقيقة في الاقتباسات المباشرة من المصادر اليهودية الهامة، والتي وثقتها توثيقاً دقيقاً مع المئات من الملاحظات عن المصادر لتكون بمثابة مراجع للقارئ.
إن السيادية اليهودية هي عبارة عن أطروحة في شكل سيرة ذاتية. إنها قصة يقظتي بشأن المسألة اليهودية، والتي بدأت عندما كنت شاباً في أواخر الستينيات.
وقد تكوّن معظم فهمي الرئيسي بنهاية هذا العقد، ولكن معلوماتي غدت أكثر عمقاً خلال الثلاثين عاماً الماضية. ومنذ الستينيات أصبحت الكثير من المصادر العلمية والسياسية متاحة للجميع. ومن خلال سرد كتاب «يقظتي»، فإني لا أحاول ان اعطي القارئ انطباعاً ان كل المعلومات والمصادر التي ذكرتها كانت متاحة في الستينيات، وقد أدخلت في هذا التعليق بيانات معاصرة ووثائق لكي يستفيد القارئ من أحدث المعلومات.
وأيضاً من أجل تماسك الموضوع وتنظيمه فكنت أركز على موضوع مهم معين وأتناول جوانبه كلها عن موضوع بعينه بهذه السلاسة. وسوف يجد القارئ بعض الإعادة في اقتباسات اليهود والتي قد أجدها سوف تزيد من التوضيح بشأن موضوع معين، وكذلك اقوم بإعادة ما اراه وثيق الصلة بأكثر من موضوع.
وأيضاً سوف اكون مقصراً إذا لم أقل انني عندما اكتب «تعلمت» او «اكتشفت» انني لا اكتب مصادر المراجع الرئيسية، وذلك لان معرفتي بهذه المواضيع أتت من عدد لا حصر له من الكتاب وكتبهم ومقالاتهم. وأنا مدين لهم كما انني مدين للعديد من الأصدقاء الذين ساعدوني والذين علموني برؤيتهم ومعرفتهم التي اكتسبوها من خلال اكتشافاتهم الخاصة. فأنا اقوم بتجميع وتنظيم وتحليل والتعليق على المواد التي جمعها العلماء والباحثون والكتاب من العصور القديمة وحتى وقتنا هذا.
إنني بمشاركتي في الصراع من أجل حياة شعبي وحريتهم لهو أمر طبيعي تماماً كتدفق النهر البلوري الذي يجري يجواري. وأملي ان يتم السماح لكل من الأوروبيين والفلسطينيين وبالطبع كل الناس في كل أنحاء العالم بأن يعطوا أبسط حقوق الإنسان لكي يحافظوا على ثقافتهم الخاصة وحريتهم وهويتهم، ولكي يتم هذا لا بد لهم ان يقاوموا نفوذ أعلى قوة سيادية على وجه الأرض: السيادية اليهودية.
وسوف أكون واهماً إذا لم أدرك الخطر على حياتي وسمعتي وحريتي التي يمكن ان اواجهه بتعرضي الى السيادية اليهودية. ولكنني كأمريكي أوروبي مخلص، وكمواطن لديه الشعور الوطني تجاه الولايات المتحدة، وكذلك كإنسان يتمنى بإخلاص العدل لكل أبناء العالم فإن مهمتي واضحة.
إن النهر بجواري سوف يستمر في مساره..
وأنا أيضاً كذلك..

ديفيد ديوك
الرئيس الوطني لمنظمة الحقوق والوحدة الأمريكية الأوروبية وعضو سابق بمجلس النواب عن ولاية لويزيانا الأمريكية
المصدر: www.davidduke.com

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.comعناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved