Sunday 10th March,200210755العددالأحد 26 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الحنابلة وتاريخهم في التأليف في حوار مع الدكتور الطريقي (12)الحنابلة وتاريخهم في التأليف في حوار مع الدكتور الطريقي (12)

* حوار يوسف بن محمد العتيق:
أصدر الباحث الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الطريقي الخبير الفقهي والمهتم بالحركة التأليفية عند علماء الحنابلة مؤخرا كتابه الكبير وموسوعته الضخمة «معجم مصنفات الحنابلة» من وفيات «241ه حتى سنة 1420ه» وهو يقع في ثمانية مجلدات كان الجزء الثامن منها مختصا بفهارس الكتاب. ولأهمية هذا الموضوع كان لابد من تسليط الضوء على هذا الموضوع الهام عبر وراق الجزيرة فأجرينا هذا الحوار مع سعادة الدكتور الطريقي؛ وننشر هذا الأسبوع الجزء الأول من الحوار راجين ان يجد فيه القارئ الكريم مادة علمية تشفي رغبته المعرفية؛ فإلى ذلك:
* كتاب «معجم مصنفات الحنابلة» موسوعة ضخمة يضم أكثر من ثمانية آلاف عنوان في مختلف التخصصات. فهل لكم ان تحدثنا عنه.. الفكرة كيف بدأت، ومن ثم الشروع في هذا المشروع الهام، وما اعترضكم من صعوبات أثناء ذلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فقد اعتنى العلماء منذ عهد بعيد بما يعرف بالمعاجم والفهارس والمشيخات، والاثبات والبرامج. وهذا النوع من التأليف يجمع بين الشيوخ ومصنفاتهم، حيث يذكر المؤلف شيوخه والكتب التي سمعها منهم، وقد كان هذا الصنف من التأليف من أسباب حفظ ما ألفه هؤلاء العلماء، حيث ثبت هذا التصنيف بالسند المتصل الى مؤلفه.
وقد راودني وأنا العبد الضعيف التفكير بجمع مصنفات لبعض هؤلاء العلماء الأفذاذ الذين أفنوا حياتهم في خدمة الاسلام والمسلمين، وخدمة العلم وطلابه، وذلك بجمع مصنفات الحنابلة في سائر العلوم وأنواع الفنون.
وهذا موضوع واسع، وبحر متلاطم، والخوض في هذا البحر الزاخر صعب المسلك، بعيد المرمى، قد يصعب عليَّ الخروج منه، والانتهاء من بحثه نظرا لطوله من جهة، وتداخل أسماء المؤلفين والمصنفات فيه من جهة أخرى.
وقد استعنت الله عزوجل على الخوض في معمعته، والبدء في بحثه لما له من أهمية ظاهرة، وفوائد متعددة، خاصة بعد ان ضاع كثير من الكتب بعضها بالاغراق، وبعضها بالاحراق، واندرست الآثار، ونسيت الأخبار.
وقد كانت بدايتي مع هذا الموضوع قبل سنوات حينما كنت رئيسا لقسم الفقه في كلية الشريعة، بالجامعة الاسلامية وعضوا في مجلس الكلية، وفي المجلس العلمي، ثم وكيلا للجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي ورئيسا للمجلس العلمي.
وقد كان طلاب الدراسات العليا خاصة، وغيرهم عامة يسألون ويستشيرون عن موضوعات تصلح للرسائل الجامعية.
فأحيانا يذكرون بعض الكتب ويرغبون الاستشارة حول الاقدام على تحقيقها.
وأحيانا يطلبون افادتهم عن موضوع يصلح ان يكون موضوع رسالة علمية.
واجابتهم تتطلب النظر في مظان ذلك، والرجوع الى بعض المراجع والمصادر لمعرفة صلاحية ذلك للرسائل العلمية.
وقد كنت كلما أمعنت النظر في ذلك عثرت على كنوز من المصنفات لم أقف عليها من قبل.
وكذلك كنت أقوم بالتدريب في الدراسات العليا وكانت هذه الأسئلة توجه اليَّ من قبل الطلاب.
وكذلك حينما كنت أقوم بتدريس مادة القواعد الفقهية وكان ذلك في كتاب القواعد لزين الدين عبدالرحمن بن أحمد بن رجب «ت795ه» وفي هذا الكتاب الكثير من أسماء المصنفات وخاصة في المذهب الحنبلي وكنت أحرص ان أزود الطلبة بمعلومات عن هذه المصنفات، مخطوطها، ومطبوعها، ومفقودها.
عند ذلك تحصلت على مجموعة عظيمة من المصنفات، فرأيت ان أجمعها في مصنف عنوانه:«معجم مصنفات الحنابلة» ويكون ذلك عبر القرون من وفاة امام المذهب الامام أحمد بن حنبل في 12/3/241ه، وحتى وفاة العالم الرباني مفتي الدنيا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز في 27/1/1420ه، وهذا يشتمل على وفيات ما يقرب من ألف ومائة وتسعة وسبعين عاما.
وهذا يقتضي رصد النتاج الفكري خلال هذه الحقبة من الزمن لهؤلاء العلماء الأفاضل من علماء الحنابلة.
* ما المنهج الذي سرتم عليه في بحث هذا الموضوع المهم؟
هذا المعجم يخص مصنفات الحنابلة، ومعرفتها متوقفة على معرفة مؤلفيها، ونظراً لأهمية معرفة شخصية المؤلف العلمية فقد قمت بايراد ترجمة له علمية مختصرة تشتمل غالبا على اسم المترجم، ولقبه، وكنيته، وأهم صفاته، وما برع فيه، وأبرز شيوخه وتلاميذه مستمدة غالبا من مصادر ترجمته المثبتة في الحاشية.
كثيراً ما يذكر اسم العَلَم سواء من الشيوخ أو التلاميذ بلقب أو شهرة أو بالاسم المفرد أو الثنائي، وقد قمت بتفسير هذا الابهام وذلك بوضع ما أقوم بتفسيره بين هلالين هكذا:( ).
ونظراً لأهمية ذكر سنة الوفاة فقد قمت باثباتها للمترجم ولشيوخه وتلاميذه قدر الامكان، ليحصل التأكد التام من معاصرة هؤلاء الشيوخ والتلاميذ للمترجم، وللبعد عن التشابه والتداخل في الأسماء، إذ في اثبات سنة الوفاة ايضاح للمراد بالعلم.
رتبت التراجم حسب سنة الوفاة، من سنة وفاة الامام أحمد رحمه الله في 12/3/241ه، وحتى سنة وفاة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في 27/1/1420ه، أما من لم أقف لهم على سنة وفاة فقد أوردتهم في المكان الأقرب لسنة وفاتهم، أو عند نهاية كل قرن، ويمكن معرفة أماكن تراجمهم بواسطة الفهرس في آخر الكتاب.
حاولت قدر الامكان ان أورد مراجع ومصادر التراجم حسب الترتيب الزمني لسنوات وفاة المؤلفين.
نظراً لأن بعض المصنفات قد تذكر بأكثر من عنوان فقد قمت باثبات العنوان الأصلي، ثم اتبعته بالعناوين الأخرى واضعا لها بين هلالين هكذا:( )، وذلك من أجل تقريب الوصول الى عنوان الكتاب.
لم أثبت المصنفات للمؤلف حسب الترتيب الهجائي، وإن كنت رتبت البعض منها على هذا الوجه عند كثرتها.
ما ذكر من المصنفات انه ذكره المرداوي في مقدمة الإنصاف فهو دليل على أنه نقل عنه، وهذا يدل على وجود الكتاب الى زمن المرداوي المتوفى سنة 885ه.
المصنفات التي وردت في معجم الكتب لابن عبدالهادي أقوم بتوثيقها منه دون الاشارة الى ما ذكره المتمم أو المحقق، وذلك لأن طباعة هذا الكتاب سيئة وقد تداخل ما للمؤلف أو المتمم، أو المحقق، فهو يحتاج الى اعادة نظر.
يلاحظ ان رواة المسائل عن الامام أحمد كُثْر، ولم أذكر منهم إلا من ذكر عنه أنه دوَّن تلك المسائل، أو كان له مؤلفات غيرها.
جميع ما قلت فيه: «المترجم» فهو بفتح الجيم على البناء للمفعول.
* أخذ على الكتاب أنكم توثقون كتبا مطبوعة من خلال مصادر أخرى مع ان الكتاب المتحدث عنه مطبوع؟
توثيق نسبة الكتاب الى مؤلفه أمر مهم ومطلوب سواء كان الكتاب مخطوطاً أو مطبوعا، وسواء كان متقدما أو حديثا. وفي منهج الكتابة في هذا الموضوع المتقدم بيان بأن المصنف يتم توثيقه من الكتب التي نسبت لمؤلفه وهذا وان كان ظاهرا لنا في الكتب المعاصرة إلا أن غيرنا من الأجيال القادمة سوف يستفيدون منه كما استفدنا نحن ممن قبلنا وهكذا.
* ألا ترى ان من الأولى ان يتم ترتيب مصنفات الكتاب حسب الموضوع ليستفيد منه من يبحث عن موضوع معين؟
كانت الفكرة ان تتم فهرسة المصنفات حسب الأبجدية وحسب الموضوع وقد ابتدأت بذلك لكني لما رأيت ان عدد المصنفات كبير جدا فهرستها حسب الأبجدي قد جاءت بما يقرب من مجلد ظهر لي ان فهرستها حسب الموضوع سوف تكون كذلك، لكنني في المستقبل إن شاء الله تعالى قد أصنفها حسب الموضوع بعد ما يكتمل عمل المستدرك.
* هل لكم ان تحدثونا عن هذا المستدرك لكتاب «معجم مصنفات الحنابلة»؟
معجم مصنفات الحنابلة هو أحد مشاريع ثلاثة أنوي القيام بها إن شاء الله تعالى وهذا المعجم خاص بالمتوفين سنة 241ه وحتى وفيات 27/1/1420ه.
أما المشروع الثاني فهو ملحق أو ذيل ل«معجم مصنفات الحنابلة» ويشمل المستدركين ومن وفاته بعد 27/1/1420ه وكذلك يشمل الأحياء.
أما المشروع الثالث فهو طبقات الحنابلة من وفيات 241ه وحتى هذا العصر.
* كيف تتم الترجمة للأحياء مع ان الحي لا تؤمن عليه الفتنة؟
قلت لكم ان المستدرك على معجم مصنفات الحنابلة يشمل المستدركين على المعجم ومن وفاته بعد تاريخ 20/1/1422ه وكذلك يشمل الأحياء. والقول بأن الحي لا تؤمن عليه الفتنة صحيح لكن ضبط نبذة عن حياته واثبات مؤلفاته من الناحية التاريخية لا أثر له في نهاية وعاقبة أمره. ولا يعرف فائدة ذلك إلا من يأتي بعده حيث يجد الأمور موثقة ومضبوطة ومسجلة، ولو نظرنا مثلا الى بعض العصور المتقدمة ولو قبل زمن قليل لعرفنا فائدة ذلك وعلى سبيل المثال لو استعرضنا بعض الشخصيات المتعلمة ممن توفاهم الله وحاولنا معرفة مذاهبهم الفقهية لوجدنا صعوبة في ذلك، ولكن لو أنهم سجلوها وأثبتوها لظهر ذلك للعيان دون بحث يذكر.
* هل تمت الترجمة لأحد من الأحياء وضبط مؤلفاتهم؟
هذا هو ما أردنا الشروع فيه بمشيئة الله سبحانه. وقد تمت المكاتبة لبعض الجهات والشخصيات وكذلك من على هذا المنبر في جريدة الجزيرة وفي هذه الصفحة «وراق الجزيرة» أكرر ذلك وأوضح لجميع الشخصيات العلمية وأهل التأليف والكنابة بأنني اشتغل في هذا الموضوع ولمن توفر فيه شرطان حق الترجمة وضبط جميع المؤلفات والشرطان هما:
أ أن يكون حنبليا. ب أن يكون له مصنفات في أي تخصيص.
فعلى من توفر فيه الشرطان افادني بذلك على ص.ب 40664 الرياض 11511 وله الشكر على ذلك.
* هل طرق علماء الحنابلة جميع التخصصات والموضوعات التي ألف فيها غيرهم من علماء المذاهب الأخرى. أم أنهم يتفقون معهم في موضوعات ويقلون عنهم في موضوعات أخرى؟
قلت ان «معجم مصنفات الحنابلة» يضم ثمانية آلاف عنوان وهذه العناوين في مختلف العلوم والفنون وعلى مر العصور من عام 241ه وحتى وفاة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في 27/1/1420ه وهي أي العناوين تشمل كل التخصصات فهي تشمل على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:
القرآن وعلومه ، الحديث ورجاله وعلومه، المذاهب والأصول والفقه، والعقائد والوعظ والأخلاق والأداب والرياضيات والطب والتاريخ والجغرافيا واللغة والشعر والسير والحكايات والتراجم والقصص، والمعاجم والبلدان والأنساب والنحو والبلاغة والنقد.. الخ. وباختصار فالمصنفات في هذا المعجم شاملة لجميع التخصصات وقد ترجمت فيه كل من هو حنبلي وله مصنفات في أي تخصص.
وعلماء الحنابلة قد ساهموا في اثراء الحياة العلمية والثقافية كغيرهم من أئمة وعلماء المذاهب الأخرى وقد يحصل التفاوت بين المؤلفين من ناحية الكم ومن ناحية الكيف كما هي سنة الله في البشر فليسوا على درجة واحدة من العلم والفهم.
* كيف يتم الحصول على كتابكم الموسوم ب«معجم مصنفات الحنابلة»؟
الكتاب يباع في المكتبات ومنها دار التدمرية للنشر والتوزيع ومكتبة الرشد ومكتبة المعارف ومكتبة العبيكان ودار أطلس في الرياض وخارج الرياض.
* هذه العناوين التي يضمها هذا المعجم وهي عدد كبير إذ تبلغ ثمانية آلاف عنوان ما نسبة المخطوط فيها وكذا المفقود والمطبوع؟
لاشك ان للمفقود منها نصيباً كبيراً، مع أنها جميعها موثقة وثابتة لأصحابها.
أما المطبوع منها فهو كثير خاصة ما تم تأليفه في العصر الحاضر وهو كثير، أما نسبة المطبوع مما تم تأليفه في العصور المتقدمة وما بعدها فأقل.
أما المخطوط فقد تم الوقوف على كمية جيدة من المخطوطات وتمت الاشارة الى أماكن وأرقام هذه المخطوطات عند ذكر الكتاب المخطوط حيث يتم الاشادة بالهامش الى ذلك وقد أفاد بعض طلاب الدراسات العليا في الجامعات أنهم وجدوا في هذا المعجم نسبة جيدة من المخطوطات ما كانوا يعلمون عنها قبل ذلك، وهذا من فضل الله وكرمه، وهو من أهم أهداف البحث في هذا الموضوع كما تقدمت الاشارة الى ذلك.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved