Friday 8th March,200210753العددالجمعة 24 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يتزاحم الكلاميتزاحم الكلام
محمد بن عبدالله الشريف

يصاب المرء بما يشبه الإعاقة عن الحركة والكلام وتعطُّل التفكير عندما يتلقى خبراً مفجعاً محزناً كالموت المفاجىء لعزيز لديه، وذلك نتيجة عدم استيعاب الخبر من اول وهلة، وعدم تخيل حدوثه، وبخاصة عندما يكون قد التقى للتوّ بذلك العزيز، وكان ما يزال ماثلا حاضرا في ذهنه وكيانه.. ذلك هو ما حصل لي ولكثيرين من أقارب وأصدقاء الفقيد المرحوم إن شاء الله عبدالعزيز بن عبدالله الدوخي مستشار سمو وزير الأشغال العامة والإسكان والمشرف على مكتب سموه الذي انتقل الى جوار ربه إثر حادث مروري مساء يوم الاربعاء ليلة الخميس الماضي الموافق 23 من ذي الحجة 1422ه.
لقد عرفت المرحوم معرفة حميمة ولصيقة مذ كنا طلابا في المدرسة الليلية المتوسطة نكافح صغارا لطلب العلم، وتطورت علاقتنا كأفضل ما تكون العلاقة العميقة بين صديقين، وأتاحت لي هذه المعرفة الاطلاع على جوانب كثيرة من حياة ذلك الانسان وشخصيته وسلوكه، وعلاقاته بالآخرين الى الحد الذي جعلني أوقن بأنه يكاد يكون فريدا في شخصيته وصفاته، فقد حباه الله بشخصية محببة للنفس، يأسر كل من عرفه بدماثة الخلق، والتواضع واللباقة، وخفة النفس، والطيبة، والعاطفة المتدفقة، الى جانب صفات قلّما تجتمع في شخص واحد مثل الشهامة والنخوة، والكرم في المال والجاه والنفس، وطيب المعشر، والرغبة في إسداء أي خدمة لمن يعرف ومن لا يعرف.


تلقاه إذا ما جئته متهللاً
كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ولو لم يكن في كفه غير روحه
لجاد بها فليتق الله سائله

اذكر من صفاته رحمه الله ولا استطيع حصرها عندما كنا ندرس في الولايات المتحدة الامريكية أنه كان يستقبل ويستضيف أي طالب يسمع أنه قادم للدراسة من السعوديين وغيرهم من الطلبة العرب، ويقوم بارشادهم الى كيفية التسجيل في الجامعة، وتعريفهم على مرافق الجامعة وهيئة التدريس، كما يقوم بمساعدتهم على توفير السكن الملائم وشراء السيارة، وتوفير ما يحتاجونه من مستلزمات، ونحو ذلك، وكان يقوم بذلك عن رغبة وبرحابة صدر وسعادة.
إن الكلام يتزاحم في الشفاه، والعَبرة تخنق التعبير، والحدث يلجم المنطق، ولا يجد المرء القدرة على البوح بما يجيش في النفس، ويختلج في الضمير في مثل هذا الموقف الحزين، وليس أمامنا سوى التسليم بقضاء الله وقدره.


كل ابن أنثى وإن طالت سلامته
يوماً على آلة حدباء محمول

لقد رحلت عنا يا أبا مازن فجأة رحلة طويلة لن تعود منها، وتركت فينا حزنا عميقا وأسى دفيناً بفقدك، رحلت دون ان نودعك، وكأنك تذكرنا بمآل كل حيّ، وتقول لنا هكذا هي الدنيا لا تساوي هذا اللهث المتسارع من الأحياء، وان كل إنسان سوف يأتيه أجله في أي لحظة، ولن يبقى بعده إلا ما خلّفه من صفات حميدة وفعل للخير يشتري به مرضاة ربه وحب الناس، وكأنك تضرب لنا مثلا في ذلك وتقول: انظروا، فقد تركتكم في لحظة، ولكنكم ستظلون تذكرونني إن شاء الله بما قدّمت.
نعم سنظل نذكرك يا أبا مازن، ونستمد من سجاياك وخصالك ما يذكرنا بك، ويدفعنا الى محاولة الاقتداء بك، والسير على نهجك، والدعاء لك بالمغفرة والرضوان.
عزاؤنا العميق ومواساتنا الصادقة لزوجتك وابنائك وابنتك وإخوانك وأخواتك، وأقاربك وأصدقائك ومحبيك، ولكل من عرفك أو سمع عنك، ودعائي لنا جميعاً بالصبر على فقدك، وتحمُّل الابتعاد عنك.
{يّا أّيَّتٍهّا پنَّفًسٍ پًمٍطًمّئٌنَّةٍ (27)رًجٌعٌي إلّى" رّبٌَكٌ رّاضٌيّةْ مَّرًضٌيَّةْ (28)فّادًخٍلٌي فٌي عٌبّادٌي (29)وّادًخٍلٌي جّنَّتٌي(30)} [الفجر : 2730 ]
والله المستعان.
* عضو مجلس الشورى

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved