Friday 8th March,200210753العددالجمعة 24 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

سحب وديمسحب وديم
انهزام الوفاء في زمن الجحود
فريدة محمد قدح

الخبر الصحفي يقول: شابة صغيرة السن تحمل مسدساً وتطلق النار بعشوائية، العمر... والفكر والعواطف وبانهزامية النفس المتعبة لا أدري لماذا رافق الحزن عيني وأنا أتابع الخبر، ولا أدري لماذا تدافعت داخل نفسي الشفقة والتساؤل عليها.
شابة في ربيع العمر وأم نبت في داخل قلبها معنى الرأفة والرحمة وزوجة تجملها الأماني والأحلام.
وفجأة تكون هدفاً واتهاماً ونظرات الشفقة والتساؤل تتساقط عليها.
الذي أحزنني هو رد الزوج الذي ذكرأنها متعبة منذ عام وبعد ذلك أعادها إلى ذويها.
أنا لا أعرف ملابسات الوضع الخفية ولكن الذي يدفع النفس إلى السؤال بإنسانية مغمورة بالحزن لماذا الزوج أو المسؤول يعيد زوجته ورفيقة عمره بعد العشرة عندما تلم بها المصاعب والمتاعب والمرض وملمات الزمن، في الوقت الذي فيه جمال الإنسانية يفرض عليه الوقوف والانتماء لواجب شريكة الحياة.. وإحساس المروءة يتمثل بالاحتواء والحماية.
لأن الأهل يضعون بين يدي الرجل فلذة كبدهم بميثاق غليظ، يتمنون ويأملون ان يكون درعاً.. وقوة وصمام أمان بعد الله عز وجل لحياتها معه، وعند حاجتها له وبرهان وفاء للمشاركة..
إن أصعب أنواع الموت النفسي الإهمال الذي تعانيه الزوجة والذي يجعلها تتخبط في تصرفاتها وتبدأ أمورها بالصعود والهبوط بشكل مضحك وموت الإهمال هو الانصراف عن المشاعر بشكل إنساني الذي يبدأ في وضع إنانية هذه المرأة على رف اللامبالاة.
لتبدأ مرحلة أخرى من انهيار المشاعر.. وعدم الاهتمام.. وتزايد الأخطاء ويزداد صقيع الحياة في أطراف العشرة والعمر ويبدأ ذبول المشاعر والأحاسيس في الوقت الذي يحتاج فيه ذلك الموقف للاحتواء والدفء لأن لمسة الحنان من الزوج تختلف، الاحتواء النفسي منه كذلك مختلف.. أنا لا أرسم صورة مثالية خيالية بعيدة أو صعبة المنال وإنما أنا اريد الأعناق والعيون ان تلتفت بلطف وتمعن إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، لتميز التعامل الإنساني مع الزوجة وشريكة العمر من النساء ذوات الطباع والأعمار المختلفة، والبيئات والظروف المتعددة، لأنه عليه الصلاة والسلام كان مع المرأة عبر زوجاته وبناته يراعي أزماتها، وتعبها وحزنها.. ومشاعرها بمختلف صورها ومراحلها حتى في علاجه لحالات العصيان والغيرة والخطأ التي كانت تبدر من إحداهن، ومن هنا علينا التفكير والمقارنة لأخذ أمثلة إنسانية للقدرة العظيمة في المعاملة، ليس عدلاً أنه في لحظة الحاجة لنبل عواطف الزوج نترك الغير يقومون بتقديم مشاعر إنسانية هي أساس الميثاق الغليظ بين كل زوجين.
***
ما بعد الحديث:
هي كلمات مرت أمام عيني منذ زمن فالتصقت بشغاف الذاكرة وكأنها بقيت لتلمس واقع الحاضر وصدمة لحظة الجحود.
كتبها الكاتب الراحل (رشدي صالح) يقول فيها:قل لي ماذا أفعل
لو أنك أحببت غيري
لو أنك نسيت ما كان بيننا
يا إنسان عيني
لا تقل إنك تحمل همي
فأنت تعرف أني قادر على أن أداوي جرحي
همي الذي لن أعرف كيف أداويه
هو أن تتحمل مرارة الندم بعدي.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved