يتفق كثير من علماء التربية الحديثة على أن التربية الحديثة المدرسية تقوم على أربعة محاور، فلا شك أن المحور الأول هو المقرر الدراسي والمحور الثاني هو المدرس والمحور الثالث هو الطالب والمحور الرابع: البيئة المدرسية، أما أنا فأضيف محوراً خامساً هو النشاط المدرسي.
وقبل أن أتطرق إلى هذا المحور وأهميته ودوره الفعال في بنية التربية المدرسية الحديثة استعرض بعضاً من مفاهيم وتعاريف النشاط المدرسي فهناك من يطلقون عليه النشاط غير الصفي أو اللاصفي أو خارج الفصل الدراسي، وهناك من يطلقون عليه النشاط المصاحب، وهناك من يطلقون عليه النشاط الخارجي، وهناك من يطلقون عليه النشاط المنهجي الإضافي، وهناك من يطلقون عليه النشاط الخارجي، وهناك من يطلقون عليه النشاط الحر المكمل للمنهج الدراسي. ويمارس هذا النشاط داخل أو خارج المدرسة. وللأسف أن الدول العربية لا تعترف ولا تقيم وزناً للنشاط المدرسي بل لا تعترف به في خططها ولا تضع له درجات. بل ان المدرسة التي لا تمارس النشاط المدرسي لا توضع تحت طائلة العقاب، فقد أجمع علماء التربية الحديثة وعلم النفس التربوي الحديث على أن النشاط المدرسي يلعب دوراً هاماً في حياة الطلاب ليحقق ذواتهم وتنمية مواهبهم وقدراتهم واهتماماتهم ويشعرهم بمزاولة متعة الإنجاز لأنفسهم ولمجتمعهم.
يقول عالم التربية الحديثة الأمريكي «جون هارلو» إن النشاط المدرسي يخلق العبقرية عند الطالب لأنه يساعد الطالب على الإبداع والخلق والابتكار، ويضيف هذا العالم قائلاً قلما تجد طالباً عبقرياً إلا وقد مارس النشاط المدرسي في مرحلة من مراحله الدراسية التي مرّ بها، ويسرد أسماء عدد من الطلاب العباقرة والذين أصبحوا علماء يشار لهم بالبنان.
وعندما نرجع إلى كتب التاريخ التربوي نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية أول من أدخل النشاط المدرسي إلى مدارسها عام 1917م بواسطة البروفيسور «فرتويل» بكلية المعلمين بجامعة كولومبيا الأمريكية الشهيرة. ولقد لاحظت أن للنشاط المدرسي أثراً فعالاً في عملية التربية وهو يفوق أحياناً أثر التعليم في حجرة الدراسة ويرجع ذلك إلى خصائص النشاط المدرسي التي لا تتوافر بنفس القدر لتعلم المواد الدراسية وذلك لأن الطالب عنصر فعال في اختيار نوع النشاط المدرسي الذي يشترك فيه وفي صنع خطة العمل وتنفيذها مما يجعل الإقبال عليه متميزاً بحماس أشد مما يتوافر لدراسة المواد الدراسية الأمر الذي يؤدي إلى تعلم أكثر اقتصاداً ويهيئ فرص تعلم المبادرة وتوجيه الذات.
ويقول عالم التربية الأمريكي «هنسون» إن النشاط المدرسي يمكن النظر إليه على أنه طيف مستمر من البرامج يبدأ من تلك التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالمقرر الدراسي وينتهي بالنشاطات التي لها علاقة به قليلة أو حتى ليست لها علاقة مباشرة به. لذا فإنني أطالب بالنظر إلى النشاط المدرسي كمحور خامس للعملية التربوية والتوسع فيه ليشمل النشاط الديني والعلمي والصحي والفني والإذاعي والصحفي والاجتماعي والمسرحي والرياضي والثقافي.
وأحبذ أن يكون النشاط المدرسي في المدارس الابتدائية متصلاً اتصالاً مباشراً بالدراسة في المقررات. أما في المدارس المتوسطة فيكون النشاط المدرسي متصلاً اتصالاً شبه مباشر بالدراسة في المقررات. أما في المرحلة الثانوية فيكون النشاط المدرسي غير متصل اتصالاً مباشراً أو شبه مباشر بالدراسة في المقررات.أكرر أسفي الشديد في نهاية هذه السطور بأن النشاط المدرسي في مراحل التعليم المختلفة ما زال يخطو خطوات بطيئة لأسباب عديدة لعل من أهمها عدم الوعي بأهمية النشاط المدرسي وندرة المتخصصين في النشاط المدرسي حيث إن فاقد الشيء لا يعطيه وقلة الاعتمادات المالية لموازنة النشاط المدرسي بل إن بعض المدارس ترى أن النشاط المدرسي عبء ثقيل على كاهلها وأنه مضيعة للجهد والمال والوقت.
عبدالله شافي المطلق الإدارة العامة للتعليم - بمنطقة الرياض |