Monday 4th March,200210749العددالأثنين 20 ,ذو الحجة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الرَّوِيَّة.. الرَّوِيَّة!الرَّوِيَّة.. الرَّوِيَّة!
علامات استفهام حول سلوكيات غريبة

إن الإنسان ليحزن ويعصره الأسى كلما سمع بواقعة اعتداء على أب أو أم أو جار وتكون الدوافع طيش ولد أو سفاهة إنسان لم يقدر حق الجوار.
ولئن كانت تصرفات على هذا النحو غريبة على مجتمعنا السعودي ونادرة إلا أنها تبقى مثيرة للاشمئزاز وتضع علامة استفهام كبيرة تجاه تلك السلوكيات. فالذي قتل جاره في مدينة الطائف كما جاء في جريدة الجزيرة العدد 10741 كان لخلاف عادي يمكن درؤه دون مبارزة تفضي إلى قتل. ومثل ذلك صاحب ال85 عاماً الذي أرداه ولده قتيلاً في أيام عشر ذي الحجة وهو صائم بسبب رفضه مجاراة ولده له في موضوع غير مقتنع بجدواه.. فأي قلب هذا أو ذاك يحمل السلاح ويقتل نفساً مؤمنة دون وجه حق ثم يلوذ بالفرار تاركاً إياها ترسف في الدماء ظناً منه أنه بهذا الفعل انتهى كل شيء عند هذا الحد؟! وهذا غير صحيح بدليل أن القبض على الجناة يتم بنفس اليوم إن لم يكن خلال الساعة واللحظة نفسها ولعل في هذا عبرة وعظة لكل من تسول له نفسه إزهاق الأرواح الآمنة معتقداً أنه سينجو من العقاب وهو لا شك اعتقاد خاطىء فسرعان ما ينكشف أمره وينال جزاءه.
مثل هؤلاء الأشخاص الذين يعتدون على الغير سواء بالكلام الجارح أو بالأيدي أو السلاح يندمون على فعلهم ساعة زوال الغضب عنهم، فغياب العقل والركون للهوى يجلبان الندامة والحسرة على صحابهما مع أن المسلم مأمور بكظم الغيظ حين يعتوره الغضب وإن توضأ وصلى أطفأ هذا البركان الثائر داخل النفس الأمارة بالسوء، ولذا كان من الواجب التحلي بالخلق والبعد عن تأزيم المواقف بأشكالها سواء كانت كلاماً أو فعلاً حتى تهدأ سورة الغضب ثم العودة للموضوع ومناقشته بطريقة ودية وعقلانية بعيداً عن الإثارة ودفع الآخر للنزاع والمخاصمة، ولا بأس من الرجوع إلى التحكيم إن تطلب الأمر تجنباً لترك الدعاوى معلقة دون حلول فتصبح قنابل يمكن أن تثور في أي وقت.
أيضاً لا يجب أن يسود سوء الفهم أو التعدي بين أفراد الأسرة أو الجار بأي شكل من الأشكال لما في هذا من خطورة ثم إن حسن الخلق عامل مهم لردم الهوة حتى لا يتفاقم النزاع بين شخص وشخص في سبيل أمور دنيوية، فالخلق صفة محمودة ومنه الرفق ليسود الوئام بين أفراد الأسرة الجار وجاره وكل أفراد المجتمع مطالبون بكظم الغيظ والتحلي بالأناة والصبر امتثالاً لقول الخالق: {والًكّاظٌمٌينّ پًغّيًظّ والًعّافٌينّ عّنٌ پنَّاسٌ واللَّهٍ يٍحٌبٍَ پًمٍحًسٌنٌينّ (134)}وقوله: {ولا تّسًتّوٌي پًحّسّنّةٍ ولا پسَّيٌَئّةٍ \دًفّعً بٌالَّتٌي هٌيّ أّحًسّنٍ فّإذّا پَّذٌي بّيًنّكّ وبّيًنّهٍ عّدّاوّةِ كّأّنَّهٍ ولٌيَِ حّمٌيمِ (34)ومّا يٍلّقَّاهّا إلاَّ پَّذٌينّ صّبّرٍوا ومّا يٍلّقَّاهّا إلاَّ ذٍو حّظَُ عّظٌيمُ } [فصلت: 34 35] وقوله:{وإمَّا يّنزّغّنَّكّ مٌنّ پشَّيًطّانٌ نّزًغِ فّاسًتّعٌذً بٌاللَّهٌ إنَّهٍ سّمٌيعِ عّلٌيمِ} [الأعراف: 200] . وبذلك ينجو المسلم من الهوى والنفس والشيطان، هذا المثلث باتقائه نتجنب مثيرات الفتن والتعدي على الوالدين والجيران وكل أفراد المجتمع ونسلم من العقوق وسد أبواب الخطر والبلاء عن مجتمعنا.
نحن بحاجة إلى وقفة جادة لفهم دوافع أولئك الجناة بمعنى هل التسويات التي تتم بين الناس غير منهية للخصومات بشكل قاطع مما يجعل الخلاف يتكرر وينتج عنه عداوات واستعداءات تنتهي بنهايات مخزنة كما مر بنا عن الولد ووالده والرجل وجاره والولد وأمه الذي أودعها داخل أسوار المقبرة وهرب وكانت تظنه أوصلها إلى المستشفى والرجل الذي تخلص من ولديه بالقائهما في خزان مياه داخل عمارة تحت التشييد.
لا بد من تبصير الناس وحثهم على السلوك السوي والعلاقة الجيدة بواسطة الإذاعة والتلفزيون والصحافة وأئمة وخطباء المساجد وتكثيف الوعظ والإرشاد وتسليط الأضواء على تلك الانحرافات لاقتلاعها من جذورها وإن لم يتحقق فلا أقل من وقف استشرائها في مجتمعنا المسلم والله الهادي إلى سواء السبيل.

عبدالله بن عبدالرحمن الغيهب

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved