دائم التشكي، ما يجلس مجلساً إلا ويبدي فاقته وحاجته، فديونه كثيرة، والتزاماته متعددة، ودخله قليل، يتضجر من وضعه المادي، يشتكي لفلان وعلان، من الذين لا يملكون له رزقاً، ولكنه يغفل عن أسباب الرزق الشرعية، التي جاء بها الدين، وذكرها الله في كتابه المبين، وبينها النبي صلى الله عليه في سنته المطهرة، إنها أسباب متى ما عملها الإنسان، ووافقت إخلاصاً وصدقا منه، فإنها تكون سبباً لسعة رزقه، وكثرة ماله بإذن الله تعالى.
وفي مقدمتها: الاستغفار والتوبة، يقول الله تعالى عن نبيه نوح عليه السلام: {فّقٍلًتٍ اسًتّغًفٌرٍوا رّبَّكٍمً إنَّهٍ كّانّ غّفَّارْا <10> يٍرًسٌلٌ السَّمّاءّ عّلّيًكٍم مٌَدًرّارْا <11> وّيٍمًدٌدًكٍم بٌأّمًوّالُ وّبّنٌينّ وّيّجًعّل لَّكٍمً جّنَّاتُ وّيّجًعّل لَّكٍمً أّنًهّارْا} [نوح: 10 - 12]، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم يقول: (من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا وزرقه من حيث لا يحتسب).
وكذلك: تقوى الله، وهي امتثال أمر الله ونهيه، والوقاية من عذابه وسخطه، يقول تبارك وتعالى:
{وّمّن يّتَّقٌ اللَّهّ يّجًعّل لَّهٍ مّخًرّجْا <2> وّيّرًزٍقًهٍ مٌنً حّيًثٍ لا يّحًتّسٌبٍ00} [الطلاق: 2 - 3].
ويقول سبحانه: {وّلّوً أّنَّ أّهًلّ القٍرّى" آمّنٍوا وّاتَّقّوًا لّفّتّحًنّا عّلّيًهٌم بّرّكّاتُ مٌَنّ السَّمّاءٌ وّالأّرًضٌ وّلّكٌن كّذَّبٍوا فّأّخّذًنّاهٍم بٌمّا كّانٍوا يّكًسٌبٍونّ} [الأعراف: 96]
ومنها: التوكل على الله، يقول تبارك وتعالى: {وّمّن يّتّوّكَّلً عّلّى اللَّهٌ فّهٍوّ حّسًبٍهٍ..} [الطلاق: 3]، أي يكفيه، ويقضي دينه، ويسد جوعته. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا).
ومن الأسباب أيضاً: المتابعة بين الحج والعمرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة).
ومنها: صلة الرحم، يقول صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يبسط له في زرقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه).
وقال صلى الله عليه وسلم: (تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في العمر).
فلصلة الرحم شأن عظيم، مهما كان الأرحام، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أعجل الطاعة ثواباً صلة الرحم، حتى أن أهل البيت ليكونوا فجرة، فتنموا أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا).
ومن أسباب الرزق: (الإنفاق في سبيل الله تعالى، يقول:
{وّمّا أّنفّقًتٍم مٌَن شّيًءُ فّهٍوّ يٍخًلٌفٍهٍ وّهٍوّ خّيًرٍ الرَّازٌقٌينّ} [سبأ: 39]، يقول تبارك وتعالى في الحديث القدسي: (يا ابن آدم انفق أنفق عليك).
فالإنفاق سبب في جلب الرزق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا وملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا).
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بلالا رضي الله عنه فقال: (يا بلال! أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا).
وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة أقسم عليهن، وأحدثكم حديثاً فاحفظوه، ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر).
فالاستغفار والتوبة، وتقوى الله سبحانه وتعالى، والتوكل عليه سبحانه، والمتابعة بين الحج والعمرة، وصلة الرحم، والإنفاق في سبيل الله، مع فعل الإسباب، طريقك للثراء.
|