فرانسيس بينجستون «السفن الطويلة»
Les Long Bateaux
Francis Bengeson
الكاتب البريطاني بينجستون واحد من الذين كتبوا العديد من الروايات عن البحر، والقراصنة، مولود عام 1896، ومات عام 1964، ومن بين أهم رواياته: «القراصنة ذوو الرقاب الطويلة»، و«البحار المليئة بالدم».
وهو كاتب شعبي، نشرت أعماله القصصية في كتب الجيب، وقد ترجمت روايته «السفن الطويلة» في سلسلة كتب الجيب التي كان يترجمها، وينشرها عمر عبدالعزيز أمين، وتعتمد هذه الروايات على روح المغامرة التي اشتهر بكتابتها أدباء عديدون من انجلترا، ومنهم جوزيف كونراد، ورفائيل ساباتيني.
ورواية «السفن الطويلة» تدور حول الفايكنج، أو غزاة الشمال الذين عاشوا في القرن الثاني عشر. وما قبله في بحار الشمال قرابة سواحل فنلندا، والدول الاسكندنافية.
والصراع في هذا الفيلم بين بعض رجال الفايكنج، وبين الزعيم المسلم المانسو، فقد قرر «روولف» بحار الفايكنج السفر مع رجاله الى مراكش من اجل العثور على جرس من الذهب. هذا الجرس له اهمية كبيرة فهو من كنوز الفايكنج التي وصلت عن طريق القراصنة الى الساحل المغربي، أما القائد المغربي فإنه يود الاحتفاظ بالجرس، لأن القراصنة أودعوه إليه كأمانة وليس من حقه ان يسلمهم له.
ومن هنا يبدو الخلاف الحاد بين الاطراف، فرجال الفايكنج يرون أنهم اصحاب الجرس الذهبي، وهو يحمل معاني مقدسة لديه، وهم الذين لهم الحق في اعادته، أما الزعيم «المانسو» فإنه يرى ان الفايكنج يجب ان يستردوا الأمانة من القراصنة لتكون فرصة للانتقام مما ارتكبوه.
انه منطق مختلف متناقض بين الرجلين الذين ينتمي كل منهما الى حضارة مختلفة، لذا تبدأ المواجهة بين المسلمين والفايكنج. تنتهي بأن يقبض المغاربة على الفايكنج ويقرر «المانسو» ان يبحث عن الجرس الذي لم يكن يعرف بالفعل مكانه، وفي الطريق الى مكانه يستمع المانسو الى حكايات متعددة عن أهمية وقدسية هذا الجرس في حياة الفايكنج ، ويخبره المستشار أن القراصنة قوم لا خلاق لهم، وأنهم لصوص بحار لا أكثر ، ولذا فعليه ان يخلف وعده معهم، يردد «المانسو».
المسلم لا يخلف وعداً قطعه على نفسه.
وأمام الحيرة التي وجد فيها نفسه، فإنه يقرر الابقاء على «روولف»، ورجاله كأسرى في سجونه حتى يأتي القراصنة، لكن مستشاره يخبره، أنه منذ البداية فلا يجب مصافحة الخارجين على القانون، ويجب عدم وضع المواثيق معهم.
ويتذكر المانسو أنه فعل ذلك لأنه تعامل مع القراصنة كتجار، وأنه لم يكتشف حقيقتهم إلا بعد ان تركوا الجرس وغادروا الى البحر مرة أخرى.
وبالفعل، فعندما يعود القراصنة يجدون ان الزعيم المغربي قد تغير، ويطالبهم بإعادة الجرس المقدس المسروق الى أصحابه، وعندما يرفض القراصنة، يأمر بإطلاق سراح رجال الفايكنج، وتدور مواجهة يشترك فيها «مانسو» ورجاله من أجل الوقوف الى جانب اصحاب الحق.
وعندما يسترد «روولف» ورجاله جرسهم المقدس، ويهزم القراصنة يردد زعيم الفايكنج:
لقد جئنا الى بلادكم ولدينا مفهوم أنكم تناصرون القراصنة.. لكننا الآن فهمنا معنى الاحتفاظ بكلمة شرف.
**********
أميتاف جوش
Amitav Gosh
«خائن في مصر»
آميتاف جوش هو واحد من ألمع الكتاب الشباب في الهند، وهو أكثرهم قراءة باللغة الانجليزية، مولود في مدينة كلكلتا عام 1956. وقضى طفولته في دكا، ورحل بين كولومبو وطهران ودرادون اسفل جبال الهيمالايا، وقام بتدريس التاريخ بجامعة دلهي. حصل على الدكتوراه في علوم الأنثربولوجي من جامعة اوكسفورد، ثم سافر الى الولايات المتحدة، وقام بالتدريس في جامعاتها. نشر مجموعة من الروايات المهمة منها «نيران البنغال» عام 1987 و«سطور الظل» و«خائن في مصر».
والملاحظ انه مهتم بالتاريخ، وقد سجل هذا الاهتمام حتى في روايته عن مصر التي تدور في القرن الأول الهجري، أو السابع الميلادي، وهي فترة لم يتناولها الكتاب العرب أنفسهم في رواياتهم، وهو أمر يدعو للدهشة، والاهتمام بما كتب آميتاف جوش.
أبطال الرواية من المسلمين الأوائل في المنطقة العربية، حيث تصل رسالة من عدن الى مصر، كاتب الرسالة هو ابراهيم بن بوجي، ارسل عبر صحراء الحجاز رسولا الى صديقه المصري يخبره فيها أنه بحث عن عبد هندي تم بيعه الى رجل عربي ويود ان يسترده، لأن لديه رسالة مهمة من حكيم هندي.
ولأن الرحيل في تلك الآونة كان أمرا بالغ الصعوبة، فإن الرحلة تطول بين الراسل والمرسل بحثاً عن هذا العبد الهندي الذي اشتراه شخص يدعى عبدالرحمن ، من الذين كانوا مع عمرو بن العاص حين جاء الى مصر إبان الفتح الاسلامي.
ويروح الصديق المصري يبحث عن هذا العبد بين الفسطاط والاسكندرية. ويكتشف ان العرب جاءوا معهم ببعض العبيد الهنود من الجزيرة العربية، وأن بعض السادة قد حرروا عبيدهم وأطلقوهم. كما يعرف أن العبد «سيب» قد تزوج واقام في احدى القرى المصرية بعد ان أعلن اسلامه.
ويلتقي الصديق المصري بالعبد ويحدثه عن رسالة سيده السابق العدني ابراهيم بن بوجي، ويفاجأ العبد بالأمر وسرعان ما يفر من أمام «الصديق المصري» وهذا هو اسمه في الرواية ، وتبدأ رحلة البحث من جديد عن هذا العبد الذي يتم اكتشاف أنه خان الأمانة وقرر الحضور الى مصر دون علم سيده.
وبعد عدة أشهر يأتي ابراهيم الى مصر من أجل البحث عن العبد «سيب» ويقول ابراهيم الى صديقه «المصري» الذي يسافر معه عبر الدلتا من أجل البحث عن العبد «سيب».
لقد تغيرنا كثيراً نحن العرب، بعد أن دخل الاسلام قلوبنا، وهذا العبد خان الأمانة ويجب ان يعاقب.
ويعترف الصديق «المصري» بأن الاسلام غيَّر من سلوك الناس في مصر، وان المصريين استقبلوا جيوش عمرو بن العاص رضي الله عنه كمخلص من الاحتلال الروماني.
وبالفعل يتم اللقاء مع الوالي ويشرح له ابراهيم الأمر، فيرسل الوالي رجاله للبحث عن رجل هندي له نفس الأوصاف التي ذكرها الرجلان، وعندما تعرف «زوجته» بأمره فإنها تشارك في التبليغ عنه، وتعرف الحكاية، فقد كان على «سيب» ان يبلغ رسالة الى الوالي تسهل من دخول حصن الاسكندرية، لكن «سيب» لم يسلم الرسالة وعمل لمصلحة الرومان مقابل عتقه. فكان جزاءه الموت عندما تم اكتشاف امره.
لأن الاسلام لا يغفر مثل هذه الخيانة حسبما يقول آميتاف جوش في روايته.
**********
جابرييل جارسيا ماركيز
وقائع موت معلن عنه
جابرييل جارسيا ماركيز، روائي من كولومبيا فاز بجائزة نوبل في الأدب واشتهر بكتاباته التي عرفها النقاد باسم الواقعية السحرية، وبدت هذه المدرسة الأدبية الجديدة في رواياته العديدة ومنها «ليس للجنرال من يكاتبه» و«خريف البطريرك» و«مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» وغيرها من الأعمال المهمة.
وهناك رواية لماركيز تحمل عنوان «يوميات موت معلن عنه» كتبها في أواخر السبعينات من القرن الماضي.
هذه الرواية تتحدث عن فتاة من قرية صغيرة في كولومبيا، هي قرية الكاتب نفسه، وفي ليلة عرسها يغادر العريس البيت غاضباً بعد ان يكتشف أن زوجته غير عذراء، وهو أمر مهم في قرية كولومبية أغلب سكانها من القادمين من الشرق سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين، أي أنهم جاءوا الى كولومبيا بعاداتهم وعقائدهم.
وسرعان ما ينقلب حال القرية. ويقوم شقيقا العروس بإجبارها على أن تنطق اسم الرجل الذي غرر بها، فتقول إنه الشاب سانتياجو نصار، وعلى الفور يسري في القرية ان الشابين يشحذان المديات من أجل ذبح نصار، ولا يملك أحد من القرية أن يحمي الشاب الذي يفاجأ بالشقيقين ينتظرانه تحت سمع وبصر أهل القرية، ويطعنانه أمام عيني أمه، وهي التي لا تلحق ان ترد الخطر عن ابنها الوحيد.
ويكون الحادث مأساويا، ليس فقط للطريقة البشعة الى مات بها الشاب اللبناني نصار، بل لأننا سرعان ما نفهم أنه كان بريئاً من التهمة التي وجهتها له العروس، وأنها فقط نطقت باسمه من أجل ان تحمي حبيبها الذي زلت معه.
ويكون هذا الحادث الذي راح نصار ضحيته دون أن يرتكب شيئا يجعل الناس تتدفق مديحاً، وتقريظاً في العرب القادمين من الشرق، وعاشوا في كولومبيا، خاصة قرية اركاتاكا التي ولد بها المؤلف جابرييل ماركيز، والذي يقرُّ أنه كان شاهداً على هذه القصة المعلن عنها.
وما إن يتم اكتشاف براءة نصار: حتى نعرف أن عائلته تتسم بالطيبة، والمودة وان الأم سيدة فاضلة لا تعرف الكذب، ولا الخداع، وأنها تشارك اهل القرية من ذوي العقائد الاخرى كافة مناسباتهم السعيدة، والحزينة.
كما أن الشاب نصار نفسه ليس مخادعاً مثلما حاولت العروس ان تتهمه، ولكنه أشبه بالفتاة البكر التي لا تعرف شيئا عن خبرات الحياة، فهو شاب صغير، في العشرين من العمر، وهو اقرب الى الطائر الأخضر الذي ينطق بالبراءة.
وفي هذا المنظور فإن جابرييل جارسيا ماركير ينقل لنا ان المسلمين الذين هاجروا الى كولومبيا من سوريا ولبنان قد حملوا معهم عاداتهم وخاصة الحميمية، والبر بالوعد، فضلا عن أنهم قوم مسالمون لا يحملون السلاح، ولذا فان هناك مشهداً بالغ الأهمية في الرواية، فقد تصور الشاب ان قاتليه قادمان إليه لتحيته فيفتح لهما ذراعيه ، فيتلقى الطعنة بدلا من العناق.
|