* عرفات بعثة الجزيرة:
استقبل صعيد عرفات مع إشراقة صباح أمس الخميس التاسع من شهر ذي الحجة قوافل حجاج بيت الله الحرام الذين تدفقوا على هذا الصعيد الطاهر في مواكب إيمانية يغمرها الخشوع والسكينة ملبين متضرعين داعين الله تعالى أن يمن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار في هذا اليوم العظيم الذي لم تطلع الشمس على يوم خير منه.
ورصدت التقارير التي رصدتها بعثة الجزيرة في المشاعر المقدسة عملية انتقال حجاج بيت الله الحرام من منى إلى عرفات التي تمت بسهولة وانسيابية بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بفضل ما وفرته لهم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين من امكانات كبيرة وترتيبات متميزة لتأمين انتقال وفود الحجيج بين المشاعر المقدسة وهم ينعمون بالأمن والأمان والراحة والاطمئنان.
واضطلعت مختلف الأجهزة الحكومية ذات الصلة بخدمة الحجاج بعملها في تقديم الخدمات وتوفيرها لقوافل ضيوف الرحمن الذين وفدوا من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم وليذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما هداهم تحفهم عناية المولى تبارك وتعالى.
وتوفرت على كل طريق وفي كل ناحية من عرفات جميع المواد الغذائية والتموينية والمياه العذبة المبردة بدرجة تفوق الاحتياجات الأساسية لجموع الحجيج على الرغم من الأعداد الهائلة المتوقع وقوفها على صعيد عرفات في هذا اليوم الأغر. وقد أخذ رجال الأمن وقوى الأمن الداخلي والمرور والدفاع المدني والحرس الوطني والكشافة وغيرها من الجهات الحكومية المساندة مواقعهم لتقديم الخدمات والإرشادات والمساعدات لضيوف الرحمن الذين انصرفوا من جانبهم بفضل الله ثم بفضل تلك العناية والرعاية المهيأة لأداء شعائرهم في أجواء روحانية مفعمة بالسكينة والوقار. وتابعت الطائرات العمودية رحلة الحجيج إلى عرفات لتسهيل الحركة المرورية بما تصدره من تقارير للجهات المختصة. وقد أدى حجاج بيت الله الحرام أمس الخميس صلاتي الظهر والعصر في مسجد نمرة بعرفات جمعا وقصرا بأذان واحد وإقامتين جمع تقديم تأسيا بسنة الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال «خذوا عني مناسككم» ثم بدأت جموعهم المباركة في النفرة إلى مزدلفة مع غروب شمس أمس ومن ثم إلى منى مع ضحى اليوم.
وقد أدت جموع حجاج بيت الله الحرام ظهر أمس صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا في مسجد نمرة بعرفات اقتداء بسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بعد أن انتظم عقدهم على هذا الصعيد الطاهر. وقد أدى الصلاة مع جموع حجاج بيت الله الحرام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس لجنة الحج المركزية.
وامتلأ مسجد نمرة وساحاته بجموع المصلين الذين توافدوا منذ وقت مبكر على المسجد لأداء الصلاة والاستماع للخطبة.
وقد أمَّ سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وادارة البحوث العلمية والافتاء المصلين وألقى خطبة استهلها بحمد الله والثناء عليه سبحانه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر.
ودعا الناس الى تقوى الله في السر والعلن وتوحيده واقامة أركانه والتمسك بنهج الله القويم واتباع سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم في جميع أعمالهم وأقوالهم. وبيَّن فضيلته ان مراد الله من خلق الجن والانس هو لعبادته مخلصين له الدين وبيَّن لهم كل أمور الدين يستبصرون فيه وأعطى العبد الاختيار كما بين كل ما يتعلق بالدين من التعامل والحكم بين الناس واقامة العدل وهيأ من الاسباب الشرعية والكونية مما يجعله صالحا للانسان. وأفاد سماحته ان الدين الاسلامي أمر باحترام حقوق الناس وحفظها من مال وعرض ونفس وأمر بالسلم على الحرب ونهى عن قتل الأطفال والعزل والنساء مؤكدا ان الاسلام بعيد كل البعد عن الارهاب ونسب الارهاب له يعد ظلما وجورا. وقال سماحته «ان محاربة المسلمين الضعفاء في فلسطين هو الارهاب والظلم».
وأضاف ان نقمة الاعداء علينا لأن الدين الاسلامي هو خاتم الاديان وأمته خير أمة أخرجت للناس، فالدين الاسلامي أعطى كل انسان حقه وسعى في تكريمه وتحرير العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد.
وبيَّن سماحته ان اعداء الاسلام قدموا حضارة زائفة تميز بين البشر وتنقض العهود وقدمت كل أنواع الأسلحة المدمرة للبشر.
وقال «ان أمة الاسلام تمر اليوم بأحداث جسيمة مما يتطلب نظرة فاحصة لتكون أمة واحدة تدافع عن عقيدتها».
ولفت سماحته النظر الى ان ما أصاب الامة الاسلامية اليوم هو بسبب الذنوب وضعف الايمان ووجود التحزب والاختلاف في الدين ولن يصلح آخرها إلا ما صلح به أولها.
ودعا سماحة مفتى المملكة رجال الاعلام الى عرض وبث محاسن الدين الاسلامي لجميع الناس وتسخيره لخدمة قضايا الامة الاسلامية بأسلوب الحكمة التي جاء بها الاسلام، كما دعا الى جلب المناهج التعليمية التي تربط المسلم بدينه وتقوي صلته بالله سبحانه وتعالى.
وحث شباب الأمة الاسلامية الذين هم عماد هذه الأمة على محاربة خطط الاعداء الهادفة لافسادهم. كما أوصى نساء الأمه الاسلامية الى التمسك بتعاليم الاسلام والبعد عن كل ما يدعو اليه أعداء الاسلام من أمور الفتنة والفساد. وطالب سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ دعاة الاسلام الى عرض تعاليم الدين الاسلامي بالحكمة والبصيرة والتعاون والتكاتف في هذا المجال والحذر من اعداء الاسلام الذين يحاولون احباط جهودهم. وحث علماء المسلمين على تقوى الله في انفسهم والحرص على جمع كلمة الامة والابتعاد عن كل من يحاول تفرقة هذه الامة. ودعا قادة الأمة الاسلامية الى تحكيم شرع الله بين العباد حتى يصبح العيش مستقرا بإذن الله.
|