* الرس خاص ب«الجزيرة»:
حث فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن حمين الحمين رئيس محكمة محافظة الرس بمنطقة القصيم المسلم الراغب في أداء الحج على أن يتخير لحجته وعمرته المال الحلال لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً»، ولما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خرج الرجل بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى، لبيك اللهم لبيك ناداه منادٍ من السماء لا لبيك ولا سعديك زادك حرام ونفقتك حرام وحجك غير مبرور».
وأكد فضيلة الشيخ الحمين في حديث ل«الجزيرة» أنه ينبغي للمسلم الذي يريد الحج أن يستصحب عارفاً بالمناسك؛ ليكون ذلك أحرى أن يؤديها على الوجه الصحيح الذي شرعه وسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كل عبادة تؤدى على خلاف شرع الله، فهي مردودة غير مقبولة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» فإذا وصل الحجاج إلى المواقيت لبس الرجل إزارا ورداء كأنها أكفان الموتى لا فرق في ذلك بين صغير وكبير ولا غني وفقير أو أبيض أو أسود أو مأمور وأمير، بل هم سواسية كأسنان المشط فيدخلون مكة مهللين مكبرين ملبين خاشعة قلوبهم متوجهة إلى الله أفئدتهم قد خلفوا الدنيا وراءهم تركوا أهلهم وديارهم وأموالهم يرجون رحمة الله وغفرانه.
ووصف فضيلته مناسبة الحج إلى بيت الله الحرام، بأنها من أعظم المناسبات والمواسم التي شرعها الله لعباده ليزدادون فيها تقرباً إليه، بها تظهر معالم الدين، وتتضح شعائره وتطبق شرائعه على مستوى المسلمين جميعاً مهما تباعدت ديارهم ونأت أوطانهم واختلفت لغاتهم وتباينت ألوانهم.
وأوضح فضيلته أن إبراهيم خليل الرحمن قام بالدعوة إلى حجه كما أمر الله جل وعلا فما وسع إبراهيم أن يتخلف عن أمر ربه فنادى بأعلى صوته، يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتاً فحجوه فبلغ الصوت بإذن الله وقدرته أرجاء المعمورة كلها وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه ومن كتب الله له أن يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك، لبيك اللهم لبيك، قال الله تعالى : {إنَّ الَّذٌينّ كّفّرٍوا وّيّصٍدٍَونّ عّن سّبٌيلٌ اللَّهٌ وّالًمّسًجٌدٌ الًحّرّامٌ الَّذٌي جّعّلًنّاهٍ لٌلنَّاسٌ سّوّاءْ الًعّاكٌفٍ فٌيهٌ وّالًبّادٌ وّمّن يٍرٌدً فٌيهٌ بٌإلًحّادُ بٌظٍلًمُ نٍَذٌقًهٍ مٌنً عّذّابُ أّلٌيمُ )25( وّإذً بّوَّأًنّا لإبًرّاهٌيمّ مّكّانّ الًبّيًتٌ أّن لاَّ تٍشًرٌكً بٌي شّيًئْا وّطّهٌَرً بّيًتٌيّ لٌلطَّائٌفٌينّ وّالًقّائٌمٌينّ وّالرٍَكَّعٌ السٍَجٍودٌ )26( وّأّذٌَن فٌي النَّاسٌ بٌالًحّجٌَ يّأًتٍوكّ رٌجّالاْ وّعّلّى" كٍلٌَ ضّامٌرُ يّأًتٌينّ مٌن كٍلٌَ فّجَُ عّمٌيقُ )27( لٌيّشًهّدٍوا مّنّافٌعّ لّهٍمً وّيّذًكٍرٍوا اسًمّ اللَّهٌ فٌي أّيَّامُ مَّعًلٍومّاتُ عّلّى" مّا رّزّقّهٍم مٌَنً بّهٌيمّةٌ الأّنًعّامٌ فّكٍلٍوا مٌنًهّا وّأّطًعٌمٍوا الًبّائٌسّ الًفّقٌيرّ )28( ثٍمَّ لًيّقًضٍوا تّفّثّهٍمً وّلًيٍوفٍوا نٍذٍورّهٍمً وّلًيّطَّوَّفٍوا بٌالًبّيًتٌ الًعّتٌيقٌ )29( ذّلٌكّ وّمّن يٍعّظٌَمً حٍرٍمّاتٌ اللَّهٌ فّهٍوّ خّيًرِ لَّهٍ عٌندّ رّبٌَهٌ وّأٍحٌلَّتً لّكٍمٍ الأّنًعّامٍ إلاَّ مّا يٍتًلّى" عّلّيًكٍمً فّاجًتّنٌبٍوا الرٌَجًسّ مٌنّ الأّوًثّانٌ وّاجًتّنٌبٍوا قّوًلّ الزٍَورٌ )30( حٍنّفّاءّ لٌلَّهٌ غّيًرّ مٍشًرٌكٌينّ بٌهٌ وّمّن يٍشًرٌكً بٌاللَّهٌ فّكّأّنَّمّا خّرَّ مٌنّ السَّمّاءٌ فّتّخًطّفٍهٍ الطَّيًرٍ أّوً تّهًوٌي بٌهٌ الرٌَيحٍ فٌي مّكّانُ سّحٌيقُ )31( ذّلٌكّ وّمّن يٍعّظٌَمً شّعّائٌرّ اللَّهٌ فّإنَّهّا مٌن تّقًوّى الًقٍلٍوبٌ )32( لّكٍمً فٌيهّا مّنّافٌعٍ إلّى" أّجّلُ مٍَسّمَْى ثٍمَّ مّحٌلٍَهّا إلّى الًبّيًتٌ الًعّتٌيقٌ )33(} [الحج: 25 33]
وأضاف فضيلته قائلاً: وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بني الإسلام على خمس «شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداْ رسول الله واقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام»، وورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج ليضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين»، وروي عن علي أنه قال: «من قدر على الحج فتركه فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً».
وبين فضيلته أن الحج والعمرة بشرط الإسلام والحرية والبلوغ والعقل والاستطاعة، ويزيد في حق المرأة شرط سادس وهو وجود المحرم لها وهو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح، مشددا فضيلته على أن حج الفريضة واجب على الفور في حق الرجال والنساء جميعاً، ومن الخطر العظيم التساهل فيه أو تأخيره فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعجلوا إلى الحج.. يعني الفريضة فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له» رواه أحمد، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح «الحج مرة فمن زاد فهو متطوع»، فإذا عزم المسلم على السفر إلى الحج أو العمرة شرع له أن يوصي أهله بتقوى الله وتأكد في حقه وجوب التوبة إلى الله تعالى.
واستطرد فضيلة الشيخ عبدالعزيز الحمين قائلاً: فإذا فرغ منه أحرم بالعمرة منها أحرموا بالحج يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة وخرجوا إلى منى فيصلون بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرا بلا جمع والفجر، ويبيتون بمنى تلك الليلة، فإذا طلعت الشمس ساروا إلى عرفة فإذا زالت الشمس صلوا بها الظهر والعصر قصرا وجمعاً فيكثرون في ذلك اليوم من الدعاء والتضرع إلى الله والانطراح بين يديه حتى إن الله يباهي بهم ملائكته فيقول انظروا إلى عبادي قد أتوني شعثا غبرا أشهدكم أني قد غفرت لهم فإذا غربت الشمس توجهوا إلى مزدلفة وصلوا بها المغرب والعشاء جمعاً وقصرا ويبيتون تلك الليلة بها فإذا صلوا الفجر وأسفروا جدا ساروا إلى منى فإذا وصلوها رموا جمرة العقبة، وينحر المتمتعون والقارنون بعد ذلك هديهم على اسم الله فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام»، وحلقوا رؤوسهم أو قصروا ويطوفون طواف الإفاضة.
وأبان فضيلة الشيخ الحمين أن المتمتعين يسعون بين الصفا والمروة، والقارنون والمفردون إن لم يكونواسعوا من طواف القدوم ثم يقيمون بمنى يرمون الجمار، ويبيتون بها ليالي أيام التشريق يومين للمتعجل وثلاث لمن تأخر، كما قال تعالى: {وّاذًكٍرٍوا اللَّهّ فٌي أّيَّامُ مَّعًدٍودّاتُ فّمّن تّعّجَّلّ فٌي يّوًمّيًنٌ فّلا إثًمّ عّلّيًهٌ وّمّن تّأّخَّرّ فّلا إثًمّ عّلّيًهٌ لٌمّنٌ اتَّقّى"...} [البقرة: 203]، وبذلك تتم مناسك الحج، فيودعون البيت الحرام بالطواف حوله، كل ذلك بقلوب خاشعة وجوارح خاضعة وألسنة على الله بالدعاء لاهجة، فهناك تسكب العبرات وتغفر الزلات وتستر الخطيئات وتمحى الموبقات بعفو الله وكرمه، فكم من مستحق للنار قد أعتق وكم من أسير لإبليس قد فك وأطلق وكم من دعاء قد أجيب وحقق، قال الله تعالى: {الًحّجٍَ أّشًهٍرِ مَّعًلٍومّاتِ فّمّن فّرّضّ فٌيهٌنَّ الًحّجَّ فّلا رّفّثّ وّلا فٍسٍوقّ وّلا جٌدّالّ فٌي الًحّجٌَ وّمّا تّفًعّلٍوا مٌنً خّيًرُ يّعًلّمًهٍ اللَّهٍ وّتّزّوَّدٍوا فّإنَّ خّيًرّ الزَّادٌ التَّقًوّى" وّاتَّقٍونٌ يّا أٍوًلٌي الأّلًبّابٌ} [البقرة: 197].
وفي سياق حديثه ل «الجزيرة»، وجه فضيلة رئيس محكمة محافظة الرس كلامه إلى المسلمين حاثاً إياهم قائلاً: اتقوا الله واحمدوا ربكم أن أكمل لكم الدين، وأتم عليكم النعمة، ويسر لكم سبل الخيرات، حتى أصبحت في متناول أيديكم من غير كلفة، وقال: فلقد كان الناس فيما مضى يعانون من الوصول إلى البيت أنواع الكلفة والمشقات يعانون كثرة النفقات والمشقة البدنية وتحمل الأخطار.
وأثنى فضيلته في ذات السياق على ما وفرته الدولة حفظها الله ، حتى أصبح أداء فريضة الحج يسيراً، كما يسرالله بفضله ما كان عسيرا فأصبح ضيوف الرحمن يصلون إلى البيت الحرام بكل سهولة، نفقات يسيرة، ومراكب مريحة، وأمن وافر، وطمأنينة كاملة، وعيش رغد، داعياً فضيلته المسلمين إلى شكر الله تعالى على هذه النعمة، واغتنموها، وانتهزوا فرص الخيرات،وابتدروها، وأدوا ما فرض الله عليكم من الحج وتزودوا من التطوع به فإن التطوع تكمل به الفريضة، مستدلاً لذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «ما من أيام العمل فيهن أحب إلى الله أحد يعمل منهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة»، فهي أيام شريفة فاضلة، ولهذا كانت أفضل من غيرها من الأيام ولهذا فهي أفضل من أيام العشر الأواخر من رمضان وإن كانت ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل لوجود ليلة القدر فيها».
وأوضح فضيلته في ختام حديثه ل«الجزيرة» أنه يشرع ا لإكثار من الأعمال الصالحة في أيام هذه العشر تقرباً إلى الله عز وجل كنوافل الصلاة، والصيام، والذكر، والدعاء، والصدقة، والإحسان، وقراءة القرآن، وتعليم الناس، والدعوة إلى الله تعالى، ونشر الخير كما يسن التكبير المطلق في كل العشر، والمقيد عقب كل فريضة في جماعة من صلاة الفجر يوم عرفة، وللمحرم من صلاة ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق، وصفته «الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد»، مشيرا إلى أن من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره أو أظفاره شيئاً حتى يضحي لقوله صلى الله عليه وسلم : «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك».
|