* القرية الالكترونية الجزيرة:
في غرفة بإحدى المراكز التجارية الخالية يجلس ما يزيد على 70 شابا متلاصقين، أعينهم معلقة بمشاهد الانفجارات التي تبثها شاشات ألعاب الفيديو، سماعات الأذن التي يضعونها حولت صياح اللاعبين وهم يتعقبون شخصيات اللعبة إلى أصوات مكتومة كما غطت على الضوضاء الخارجية التي تحدثها عربات نصف النقل والتي تبدو وكأنها في سباق محموم مع اللاعبين أنفسهم.
أحد الشباب (18 عاما) من أصول فيتنامية ويطلق على نفسه «الشاب الآسيوي المستهتر» يتساءل مستنكرا: «لم كل هذا الضجيج؟ إن هذه الأماكن تجذب الشباب إليها».في الواقع أن «الضجيج» يدور حول العنف الذي تولده تلك الألعاب داخل ما يسمى بمقاهي الإنترنت والتي يهرول إليها الشباب، وكان مجلس مدينة جاردن جروف في الأسبوع الماضي قد وضع قواعد جديدة للسماح بإنشاء مثل تلك المقاهي كما حدد عدد ساعاتها وسن قوانين جديدة لزيادة إجراءات الأمن داخلها فيما وصفه محللون قانونيون بخطوة مبشرة لخطوات أخري مماثلة في أنحاء الولايات المتحدة.
جاءت تلك التشريعات بعد سلسلة من الجرائم ارتكبت بسبب هذه المقاهي منها طعن أحد الأشخاص في أحد مواقف السيارات في آخر ديسمبر الماضي.
وفي الأسابيع التالية، طعن شاب آخر يبلغ من العمر 21 عاما وهاجم أربعة من لاعبي كرة البيسبول ولدين صغيرين كما تفشت العديد من النزاعات الشبابية نتيجة لذلك.
انتشرت مقاهي الإنترنت بصورة كبيرة خلال العامين الماضيين مع تزايد الطلب حتى وصل إلى 19 مقهى في مدينة جاردن جروف التي يبلغ عدد سكانها 151 ألف نسمة وتتميز هذه المدينة بتركيبة سكانية تمزج أعراقاً مختلفة ولاسيما من الكوريين والفليبينيين.
ويعلق جورج تاندل مدير المدينة قائلا: «لقد تنامت هذه المقاهي بسرعة كبيرة حتى أن أحدا لم يع ذلك في حينه.. ولكن الجرائم الأخيرة جعلتنا ندرك أنه ينبغي علينا التصرف فورا».
وفي تعليق آخر على الإجراءات التي اتخذت هنا للحد من هذه الظاهرة يقول بعض المحللين إنه بالرغم من أن هذه القوانين ستقوم بإزالة منتديات الإنترنت الموجودة بالفعل إلا أنها ستعمل على إنشاء غيرها، ككل الصيحات الشبابية السابقة عليها، نمت تلك المنتديات بشكل عشوائي غيرمنظم.
ويصفها روبرت باجسلي أستاذ في كلية الحقوق بجامعة ساوث ويسترن، «إنها أحدث ما يجذب الشباب، تماما مثل وسائل الترفيه المختلفة من قبل مثل ألعاب السوكر وكرة القدم وحفلات الروك الصاخبة وحفلات المخدرات أو الهذيان».
بعد اجتماع مطول في الأسبوع الماضي اشتكى فيه أصحاب تلك المقاهي من أن هذه التشريعات الجديدة ستتسبب في أضرار مالية لهم، قرر مجلس المدينة أن تغلق هذه المقاهي أبوابها في منتصف الليل (كان العمل يظل مستمرا إلى الثانية والرابعة صباحا)، وطبقا للقوانين الجديدة، سيضطر أصحاب تلك المحال إلى تركيب كاميرات فيديو أمنية مصرح بها من الشرطة وإزالة النوافذ الداكنة وتقليل عدد أجهزة الكومبيوتر بحيث تفصل مساحة 20 قدم مربع على الأقل بين كل جهاز وآخر.يقول ستيف تشوي صاحب أحد مقاهي الإنترنت الشهيرة هنا (Net2Net): «لا أعتقدأن هناك أي ضرر من كاميرات الفيديو ولا الإضاءة أو حتى وجود الحراس، ولكني لا أعتقد أنه من العدل تحديد عدد ساعات عملي فأضطر إلى إخراج الأطفال من المكان».في المقابل، رحب كل من رجال الشرطة والمواطنين بهذه القرارات ترحيبا شديدا حيث يقول كينجي شان كبير الطهاة بأحد المطاعم اليابانية المجاورة «الأمر كان قد بدأ يخرج عن السيطرة حيث كانوا يستحوذون على مواقف السيارات ويتسببون في إزعاج لا يطاق». وكان عشرة من المارة قد انقضوا على أحد رواد مقهى (Net2Net) في شهر نوفمبر الماضي.من ناحيته، يعد مجلس المدينة بأن يعيد تقييم هذه القوانين بعد انقضاء مدة 45 يوما، وعلى حد قول باجسلي «سينبذ المجلس إذا لم يتجاوب ولكنه أيضا سيجد مبررا إذا قام باستصدار إنذار قضائي والذي من شأنه الحد من تجوال بعض الشباب مجهولي الهوية وهو ما سيكون الخطوة الأكثر تشددا من مجرد الإجراءات الأمنية السارية الآن».
ووفقا للقوانين الجديدة فإن الصغار لا يمكنهم البقاء دون ولي أمر بعد الثامنة مساء من أيام الاثنين إلى الخميس وبعد العاشرة أيام السبت والآحاد. ويعكف موظفو مجلس المدينة الآن على إقناع المعارضين لهذه القوانين بجدواها في قول بيل دالتون عضو مجلس إدارة المدينة والذي قضى مدة طويلة في العمل مع قوات الشرطة المحلية «كأي أب وأم، لا أحد يرغب في إرسال أبنائه إلى أمكنة ترتفع فها نسبة الجرائم وعلى المدى الطويل إذا لم يكن لديكم مجتمع آمن فلن يكون لكم عمل دائم».ويتساءل الموظفون هنا عما إذا كانت ألعاب الكومبيوتر في حد ذاتها هي التي تولد العنف، من المعروف أنه على العكس من ألعاب الفيديو التقليدية والتي يتسابق فيها اللاعب مع الكومبيوتر نفسه، فإن اللاعبين الجدد ينقسمون إلى فرق تتنافس مع بعضها البعض عبر الإنترنت وقد يفصل بين الخصمين مدن وبلاد وفي بعض الأحيان تفصلهم غرفة واحدة.ويضيف دالتون: «نريد أن نقيس نسبة أعمال العنف التي ترتكب عندما يخسر أحد الفريقين فيتحول الصراع إلى أرض الواقع، كما نريد أن نعرف المسابقات التي تتم والجوائز التي ترصد بل والمثيرات التي تدفع هؤلاء الشباب للمقامرة في مثل هذه الألعاب».بينما يبذل موظفو المجلس قصارى جهدهم في هذا الشأن، يرى آخرون أنه لا طائل من كل ذلك حيث يؤكد شادي وهو شاب فيتنامي (17 عاما) «لا أري ضررا من هذه الأماكن ولم أر أبدا أنها كانت تمثل أية خطورة من قبل، عليكم ملاحقة وتعقب العصابات التي تقوم بأعمال العنف لا تلك المقاهي».
|