أعلم أن المرور كتب عنه كثيراً وقامت حملة توعيات كثيرة، وأسابيع مرور كثيرة، وكل ذلك لم يجدِ نفعاً، ولم يقلل من الحوادث، بل أصبحنا نشهد حوادث أكثر بشاعة، ومخالفات مرورية أكثر استهتاراً، فلم يبق إلا شيء واحد وهو قوة السلطان، والضرب بيد قوية على من يستهتر بحياة الناس.
ما دعاني للكتابة ليس الاستهتار الذي نراه وبخاصة من الشباب ولا عدم جدوى حملات التوعية بل الإحصائية التي نشرتها مجلة السلامة المرورية، وهي إحصائية تنذر بخطر أكبر قادم ما لم يواجه ذلك بصرامة، وملخص الإحصائية أن عدد الحوادث المسجلة رسمياً عام 1421ه 280 الف حادث، وهو ما يعني أن حادثاً واحداً يقع كل دقيقتين، وكفى بهذا نذيراً من هذا الداء، ألا يكفي أن تبلغ الاصابات خلال عام واحد داخل المدن (30040) والوفيات (4429)، وخارج المدن (4713) اصابة و(531) وفاة، ومعلوم أن إحصائيات المرور تعني من مات أو أصيب في موقع الحادث أما من يُحمل الى المستشفى وفيه رمق حياة فيموت فيما بعد لا يدخل فيها، وهم ليسوا بالقليلين سواء أماتوا بعد ساعات أم أيام أم شهور.
إن تجربة حزام الأمان وما أعقبها من تطبيق تدل على أن مجتمعنا بحاجة الى حزم أما اللين أو التوعية فلم تعد مفيدة، ولو أن المرور استفاد من تجربته هذه الناجحة وعمل على تطبيق القوانين المرورية بصرامة لنجح كما نجح في حزام الأمان.
ومن أول ما يجب أن يعمل هو منع المحسوبيات والوسائط وإيقاع العقوبة الفورية وبخاصة الإيقاف على من يخالف مخالفة مستهترة كقطع الاشارة والمراوغة بين السيارات، والسرعة الجنونية وعكس السير للدخول مع فتحة قريبة للمدرسة أو المسجد أو غيرهما.
إن وقود حوادث المرور هو الأرواح التي تذهب بسبب الإهمال في تفقد السيارات حيث إن الفحص الدوري بوضعه الحالي ليس إلا فحصاً شكلياً، ولم يطبق ما صدر مؤخراً من مجلس الوزراء بشأن إعادة الفحص الى ماكان عليه ، ثم السرعة التي يكثر الكلام عنها ولكن لم يحاسب مرتكبوها حساباً دقيقاً سواء داخل المدن أم على الطرق الطويلة.
إن وقود الحوادث ليس تهشيماً في سيارة بل ازهاقاً للأرواح وتيتماً لأطفال، وعجزاً لسليم، وإعاقة لصحيح، وأمراضاً نفسية لأسر المفقودين، وهؤلاء أحق بالرأفة من شاب متهور تذرف من أجله الدموع، وتكثر المهاتفات من أجل ألا يبقى في الحجز ساعات، فأكثر الوفيات والإعاقات ليست ممن حصلت له الوفاة أو الاعاقة بل من الطرف الآخر المخطىء.
لقد ذهب زمن الكلام والتوعية والحملات التي ثبت أنها غير ذات جدوى كبيرة في مجتمعنا، وأنه آن أوان الشد والحزم والبعد عن المحسوبيات والوساطات لمن يزهقون أرواح الأبرياء موتاً أو يتماً أو إعاقة.
للتواصل ص.ب: 45209 الرياض: 11512 فاكس: 4012691 |