* اسلام اباد من عصام ابراهيم أ.ش.أ:
هيمنت مسألة اختفاء الصحفي الأمريكي دانيل بيرل على اهتمامات الباكستانيين فيما تشهد البلاد واحدة من اكبر حملات البحث الأمني في تاريخها على امل العثور على هذا الصحفي حيا بعد ان تبين كذب الادعاءات التي ترددت مؤخرا عن قيام خاطفيه بقتله.
وأكدت مصادر امنية باكستانية ان الجثة التي قيل انها لدانيل بيرل المختفي منذ مساء الثالث والعشرين من شهر يناير الماضي تبين انها لشخص آخر فيما يتجه المحققون للتركيز على احتمال ان يكون الخاطفون من المنتمين لاحد التنظيمات الاجرامية التي لا علاقة لها بالقضايا ذات الصبغة السياسية.
وحذرت الشرطة الباكستانية بشدة من خطورة العواقب المترتبة على قيام بعض الاشخاص بالإعلان عن مزاعم سواء عبر الاتصالات الهاتفية أو رسائل البريد الإلكتروني بشأن مصير دانيل بيرل الذي يعمل في صحيفة «وول ستريت جورنال» بينما طالت حملات الاعتقالات بعض الاشخاص الذين تورطوا في هذا النوع من المزاح الثقيل.
واستجوبت الشرطة عشرات الاشخاص في إطار عمليات البحث الواسعة النطاق عن الصحفي الأمريكي والتي شملت الاقاليم الاربعة في باكستان غير انه لم يعثرعلى اثر له حتى الآن .
وتقوم قوات من خفر السواحل بعمليات تفتيش للمسطحات المائية بين اقليمي السند وبالوشيستان في الوقت الذي اكدت فيه مصادر ان تكليفات محددة صدرت لاجهزة المخابرات الباكستانية للمشاركة بدور رئيسي في حملة البحث الامنية المكبرة للعثور على دانيل بيرل.
وكان خاطفو دانيل بيرل قد طالبوا بتحسين ظروف المعاملة التي يلقاها المحتجزون لدى الولايات المتحدة من عناصر حركة طالبان وتنظيم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن والافراج عن عبدالسلام ضعيف السفير السابق لطالبان في اسلام اباد الذي بات في قبضة الامريكيين فضلا عن اخلاء سبيل الباكستانيين الذين احتجزوا في افغانستان وهم يقاتلون إلى جانب حركة طالبان ضد التحالف الذي تقوده واشنطن.
واإلى جانب كراتشي التي شوهد فيها الصحفي الأمريكي دانيل بيرل آخر مرة قبيل اختفائه «أولت الاجهزة الامنية الباكستانية اهتماما خاصا لعمليات البحث في مدينة بيشاور عاصمة الاقليم الحدودي الباكستاني المتاخم لافغانستان والتي سبق لبيرل وان زارها في إطار مهمته الصحفية بباكستان.
وأفادت معلومات امنية ان دانيل بيرل زار بيشاور منذ نحو 20 يوما وكان يفكر في التوجه لافغانستان فيما قال امس الصحفي الباكستاني رحيم الله يوسف ضاي المتخصص في الشؤون الافغانية ان بيرل وزوجته قد قاما بزيارة له في منزله اثناء وجودهما في بيشاور.
وأوضح ضاي في تقريره الذي نشرته صحيفة نيوز الباكستانية ان دانيل بيرل كان يريد الاستفسار عن بعض المسائل المتصلة بالتطورات على الساحة الافغانية فضلا عن الاجراءات التي اتخذها الرئيس الباكستاني برفيز مشرف مؤخرا لكبح جماح التنظيمات المتطرفة والضالعة في عمليات العنف.
وأشار إلى ان دانيل بيرل «وزوجته ماريان التي تعمل ايضا صحفية بالقطعة» قد اظهرا اهتماما بلقاء أي عناصر قيادية في حركة طالبان المنهارة مؤكدا انه أوضح لهما انه ليس بمقدوره ترتيب مثل هذا اللقاء.
وفي سياق انطباعاته عن هذا الصحفي الأمريكي المفقود «قال رحيم الله يوسف ضاي لقد وجدته فضوليا للغاية وينتمي لهذا الطراز من الصحفيين المصممين على تحقيق اهدافهم المهنية مهما كانت التضحيات فيما استبعد ان يكون بيرل وزوجته على صلة بأي جهاز للمخابرات أو من المتطفلين على مهنة البحث عن المتاعب.
وتسعى حكومة الجنرال برفيز مشرف لكبح جماح التنظيمات المتطرفة والضالعة في عمليات العنف الطائفى فضلا عن الجماعات التي تبنت مواقف مويدة لحركة طالبان وارسلت متطوعين باكستانيين للقتال إلى جانب هذه الحركة في مواجهة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
واعتبر الرئيس الباكستاني برفيز مشرف جماعات التطرف والعنف الطائفي احد اهم العوامل المسؤولة عن «تشويه صورة باكستان أمام العالم الخارجي» فيما اشار الكاتب الصحفي الباكستاني مير جميل الرحمن إلى ما وصفه بالتحامل من جانب وسائل إعلام غربية ضد بلاده وتناولها غير الموضوعي للقضايا الخاصة بباكستان.
ويرى العديد من الصحفيين الباكستانيين ان التغطية الصحفية الغربية للحرب الامريكية في افغانستان المجاورة اتسمت بالتحيز والانتقائية والافتقار للموضوعية فيما قال شيراز باراشا «وهو صحفي باكستاني يعمل مع وسائل إعلام غربية ان وسائل الإعلام الغربية احجمت بناء على تعليمات عن ذكر الارقام الحقيقية للخسائر في هذه الحرب معتبرا ان وسائل الإعلام في الغرب تخدم في نهاية المطاف مصالح دولها رغم كل ادعاءات الموضوعية والتجرد.
غير ان الصحافة الباكستانية اجمعت على التنديد بحادث الاعتداء الذي تعرض له الصحفي البريطاني الشهير روبرت فيسك في نهاية العام الماضي من جانب جمع غاضب من اللاجئين الافغان في محيط كويتا عاصمة اقليم بالوشيستان الباكستاني.
وكان هؤلاء اللاجئون الافغان قد رشقوا روبرت فيسك بالحجارة غير انه نجا لحسن طالعه من الموت المحقق فيما اعتبر معلقون باكستانيون الجماعات والاحزاب المؤيدة لحركة طالبان مسؤولة عن «اجواء العداء المطلق بين البسطاء لكل ماهو غربي» مشيدين في الوقت ذاته الاداء الصحفي المتميز والموضوعي لروبرت فيسكسواء في تناوله للحرب في افغانستان أو النزاع العربي/الاسرائيلي.
ويشعر اصحاب الفنادق في باكستان بالاسى حيال انحسار موجات الصحفيين الاجانب الذين اكتظت بهم فنادقهم عندما كانت المناطق الحدودية الباكستانية معبرا يسلكه هؤلاء الصحفيون لافغانستان إبان احتدام الحرب بين التحالف وطالبان في سياق الازمة الدولية التي اندلعت عقب الهجمات التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن يوم الحادي عشر من شهر سبتمبر الماضي فيما تندر البعض حيننئذ واطلقوا على باكستان اسم «صحافستان» بعد ان اضحت مقصدا للصحفيين القادمين من شتى دول العالم ومازال سكان الحزام القبائلي الباكستاني يتحدثون عن «الغزو» الذي تعرضوا له من جانب هؤلاء الصحفيين الذين جاؤوا بحثا عن الحقيقة والمتاعب معا.
|