Sunday 3rd February,200210720العددالأحد 20 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

المكتبات الخاصة
محمد عبدالرزاق القشعمي

في عام 1396ه تعرفت على الدكتور خالد بن عبدالرحمن السيف وكيل جامعة الملك فيصل بالاحساء آنذاك وكان في البداية أمينا عاماً لها، وكانت الجامعة وقتها تشغل مبنى صغيرا هو نواة الجامعة حاليّا وكان بها صالة تقام بها كل الأنشطة بدءاً من المحاضرات والاجتماعات وحتى تقديم الطعام للضيوف، وتعرفت على السيف لمجاورته في السكن ولنشاطه المستمر، فاتفق أن زرته مع وفد معسكر الشباب العربي المقام وقتها في الكلابية، واتفقنا على تنظيم الموسم الثقافي لمكتب رعاية الشباب بالاحساء بصالة الجامعة، وكنا قبل ذلك نقيم المحاضرات والأمسيات الشعرية وغيرها في المدارس أو الأندية الرياضية أو قاعة مشروع الري والصرف بالمبرز وحلت المشكلة بوجود قاعة قريبة للمكتب ومجهزة بالآلات وغيرها،
عرفت أن الدكتور السيف يسأل عن أصحاب المكتبات الخاصة من أجل اقتناء مكتباتهم لتكون نواة لمكتبة الجامعة وكان يطلب من لديه القدرة على تقديم مكتبة أو مكتبة والده للجامعة، ، وقد تعثر المشروع، ، وجاءه من أخبره بأنهم وجدوا في مرمى القمامة في أحد الأحياء بعض الكتب القديمة وعرف أن مصدرها أحد بيوت العلم المشهورة وهو أحد المؤرخين الذي ألف الكتاب الشهير (تاريخ الأحساء) إذ إن ورثته أو أحفاده قد لا يماثلونه في الاهتمام بالكتب أو قد يهمهم مظهر الكتاب ولون جلده لوضعه كديكور في مجالسهم فإذا ما ذبل الغلاف أو تمزق فقد انتهت صلاحيته أو الحاجة إليه فيرمى مع الفضلات، ، ولهذا وسّط من يعرفهم لشراء ما تبقى من هذه الثروة، وعرفت أنها قد كونت النواة الأولى لمكتبة الجامعة، لهذا تشجعت بإعلان مسابقة ثقافية في البحث عن المكتبات الخاصة بالأحساء، ورصد لها جوائز تشجيعية متواضعة وتقدم بعض الشباب بدراسات قد تكون محددة، ولكنها البداية، وقد اختيرت الدراسة التي تقدم بها طالبان في جامعة الملك فيصل وقتها إبراهيم صقر الحسن وصالح علي السليم رحمه الله وكان عنوان البحث (المكتبات الاهلية القديمة بالأحساء) وقدما لبحثهما (وعندما قام مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالأحساء بطرح هذا الموضوع على بساط البحث وجدنا الفرصة سانحة ومناسبة لترجمة ذلك الإحساس وإبراز ذلك الهدف عبر سطور لا تعني أكثر من كلمات صيغت في جمل ولكن كانت هناك الحقائق التي ستدعم هذه الكلمات وهذه الجمل فلم نجد بدا من ان نشمر عن سواعدنا ونحقق أمنية عزيزة على قلوبنا طالما كنا ننتظرها بفارغ الصبر ألا وهي العمل كوحدة واحدة، ، وفي الحقيقة كنا متفائلين جدا في بداية تدارسنا لأفكار هذا البحث إلا أنه عندما قمنا بجمع مراجع ومصادر هذا البحث وجدنا ان الطريق امامنا بدأ ينحني انحناءً آخر لا اجد مثالا أقرب إلى وجهة نظر القارئ من شوارع منطقة الأحساء لدرجة ان الفرصة لتحديد ميعاد لمقابلة مكتبي قد تأخذ منا أكثر من ثلاثة أسابيع على اقل تقدير وإن كان لنا أن نبين للقارئ العزيز ذلك الهدف السامي الذي دفعنا الى الكتابة فهو كشف القناع ونفض الغبار المتراكم عن بعض المكتبات الخاصة بمنطقة الأحساء، وبمعنى أدق وأصح للتعبير فهو الإشارة إلى وسيلة واضحة الدلالة على الثقافة والمكانة العلمية التي تتمتع بها منطقة الاحساء في الماضي القريب والبعيد، كما أنه لحرصنا الذي يدفعه الخوف من اندثار تلك الثروة المكتبية بين عشية وضحاها، ، أو أن تتمزق أو يعيث الزمان بها وتفقد قيمتها العلمية دون ان يستفيد الناس منها دفعنا لأن نتحمل المصاعب والمشاق ونسلك الطريق الوعر في كتابة هذا البحث الأمر الذي قد يحمل إحدى المؤسسات العلمية أو المؤسسات الحكومية التي تعنى بالآثار على القيام بجمع وإعادة ما تلف من تلك الثروة ووضعها في متحف يعتني بالكتب النادرة لتبقى تراثا وأثرا على مدار الزمان لتلك الفئة التي كرست أقلامها وجهودها لخدمة العلم والمجتمع كعرفان منا لهم بالجميل والذكر الحسن)،
وتحدثا عن المكتبات في الأحساء وأنه يتم توارثها أبا عن جد كما كانت تستعمل كوقف شرعي لا يمكن بيعه وإلا ما كانت مكتبات قديمة تحوي كتبا ومخطوطات قديمة وقيمة ونادرة ولا يكاد يخلو منها بيت علم أو أدب ويبدو ان الكثير من المواطنين درجوا على حب القراءة واقتناء الكتب والتباهي بها ولاسيما الفقهية والمخطوطة وهان عليهم وضع الثمن الغالي في سبيلها بسخاء وطيب خاطر، وقضت العادة أن يوصى كثير من المسافرين إلى الخارج بجلب الكتب،
وقالا ضمن مقدمة بحثهما (، ، ولا نجد ضيرا من مكتبة آل عبدالقادر نستشهد بها على ان هذه المكتبات كانت لها مكانة علمية بارزة في تلك الحقبة حيث كانت هذه المكتبة منبعا لرواد العلم من كل مكان، ففي حياة الملك سعود رحمه الله علم بهذه المكتبة أثناء زيارته التفقدية للمنطقة الشرقية واطلع عليها وأرسل بعض المخطوطات مثل (سنن أبي داود) في ذلك الوقت الى الولايات المتحدة الامريكية لتصويرها وأخذ منها صورة وأرسل مع الأصل جائزة قدرها ألفا ريال في ذلك الوقت، كما قام وفد من جامعة الدول العربية بزيارة لهذه المكتبة وتصوير ما يقارب 38 مخطوطة، ولقد صرح رئيس الوفد الذي قام بهذه الزيارة بأن هذه المكتبة تعد من أكبر المكتبات الأهلية الموجودة بالمملكة من حيث الجودة والوفرة وهذا بالتالي يحدد مكانة هذه المكتبة العلمية في ذلك الوقت، ، )،
وقالا في موضع آخر (، ، لقد كان الطلاب يفدون قديما إلى هذه المكتبات من مختلف مناطق الخليج وبلاد الرافدين يجذبهم إليها مكانتها العلمية وشهرتها الواسعة ولقد تخرج من الحلقات العلمية في الأحساء علماء فطاحل من المنطقة ومن الخليج عاد هؤلاء إلى بلادهم يحملون العلم وينشرونه وعلى سبيل المثال نجد منهم الشيخ عبدالعزيز حمادة قاضي الكويت والشيخ عبداللطيف آل سعد قاضي البحرين وغيرهما، ، كما أن قرى الاحساء نفسها كان يرد منها شباب يرغبون في تلقي العلم والتفرغ له وينزحون عن أهاليهم فترات طويلة وكان منهم على سبيل المثال الشيخ عبدالله بن سعيد من قرية الشقيق والشيخ عبدالوهاب الفضل من قرية الجليجلة والشيخ عبداللطيف بوبشيت من قرية الجفر وكان هؤلاء القادمون إلى الاحساء من القرى والبلدان الاخرى يقيمون في المدارس العلمية المعدة للسكن وكان بعضهم يقيم في أربطة المدن للوافدين لطلب العلم وأخرى عليها أوقاف للإنفاق على الطلاب من ذلك رباط تحت ولاية آلي أبي بكر،
ولقد تتلمذ على يد المشايخ والعلماء الكثير ممن أقبلوا على هذا البلد لنهل العلم ومنهم الشيخ يوسف القناعي (الكويت)، الشيخ عبدالرحمن العوضي (الكويت)، السيد عبدالله أحمد الهاشم وأخوه عبدالرحمن (الهفوف)، الشيخ علي الخطيب رحمه الله والذي كان يعمل قاضياً في المبرز والشيخ حسن والشيخ عبدالمحسن، الشيخ عبدالله حسين العبدالقادر، الشيخ أحمد بن عبداللطيف آل يحيى قاضي صفوى في الوقت الحاضر،
كما يمكن ان ندرك أثر هذه المكتبات علميا وأدبيا من خلال تلك الكتب التي ظهرت علينا في تلك الحقبة، ومن هذه الكتب والتي تم تأليفها من قبل علماء ومشايخ تلك المنطقة: كتاب منظومة الشيخ عبدالعزيز بن صالح العلجي وهي في الفقه وتزيد على أربعة آلاف بيت وقد طبعت، ورسالة في الفقه المالكي للشيخ عبدالعزيز بن حمد المبارك وكتاب التسهيل في الفقه المالكي للشيخ عبدالعزيز بن حمد المبارك وكتاب التسهيل في الفقه المالكي مقرونا بالدليل لا يزال خطيا وهو من تأليف الشيخ عبداللطيف بن مبارك وكتاب تاريخ الأحساء المسمى (تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء في القديم والجديد) للشيخ محمد بن عبدالله آل عبدالقادر، والرسائل التي كان يؤلفها الشيخ أبوبكر «التبصرة»،
ونظرة بسيطة لواقعنا الحاضر في الاحساء ومستواها الحالي نجد ان هناك عددا من المكتبات والأسر التي تمتلك هذه المكتبات قد اندثرت، ، نعم اندثرت؛ لأنها لم تكن في مكان يهيئها لأن تكون محفوظة حتى أن بعض هذه المكتبات لم تكن في مكان محفوظ فرميت كتبها في الشوارع وهذا شيء يحمل على الأسى لأنه في ذلك الوقت كان هناك من يبحث عن هذه الكتب لشرائها مهما كان ثمنها، ، وكثيرا ما نسمع اليوم عن أسر علمية قديمة كانت لديها مكتبات قديمة ولكنها اندثرت واختفت حيث تقلص منها عدد العلماء علما بأن مجالسهم كانت حلقات دراسة تعج بالوافدين من طلاب العلم حيث كان العلم غايتهم والمكتبات وسيلتهم والتدارس طريقتهم،
وإن كان هناك سبب ما يعزى لما وصلت إليه الأحساء من مستوى فهو الإهمال، والإهمال وحده حيث انشغل الناس بأعمالهم وأصبحت تلك المكتبات بما تضمه من مخطوطات ومطبوعات تعد شيئاً ليس بذات الأهمية التي كانت عليه في ذلك الوقت، ولهذا كان اندثارها وضياعها ليس أمرا صعبا ولو حاولنا في نظرة مقارنة عما كانت عليه بعض المكتبات قديما وحديثا في وضعها وهيئتها لوجدنا أن بعض هذه المكتبات قد أصبحت اسما تحمل رمز صاحبها تحمل اسمه وعلمه وانتهت بعدما انتهى وأصبحت أثرا بعد أن كانت روحا تغذي صاحبها مثل من يرتادها،
ثم استعرض أهم المكتبات الموجودة بالأحساء وهي:
مكتبة المبارك:
1 يوسف بن راشد المبارك،
2 عبدالله بن عبداللطيف المبارك،
3 مكتبة العبدالقادر،
4 مكتبة العكاس،
وأخيرا مكتبة حسين عبدالله بو مسفر، الذي قالا عنه (، ، ، ، وفي الحقيقة إنه لشيء يبعث على الفخر والاعتزاز أن نجد رجلا من أبناء القرى تتوافر لديه تلك الرغبة التي تدفعه إلى أن يقتني مكتبة خاصة به، وهذا يقودنا إلى القول: إنه ليس الوحيد من أبناء القرى بل هناك الكثير وفي قرى مختلفة حاولنا الاتصال بهم ولكن بغياب البعض منهم ولظروف البعض الآخر لم نستطع أن نحظى بأية معلومات، ، )،
واختتما بحثهما قائلين (، ، ، قد يلاحظ القارئ من خلال صفحات هذا البحث أن هذه المكتبات التي استعرضناها هي كل المكتبات الخاصة الموجودة في منطقة الأحساء، والواقع غير ذلك تماما فما تم استعراضه قد لا يعد أكثر من نصف هذه المكتبات وإن كانت لها اهميتها ومكانتها العلمية، إلا أنها تعتبر عددا من اعداد كثيرة لم تسمح لنا الظروف أن نستجلي عن هذه المكتبات وذلك بسبب اندثارها و، ، ، وقد يكون على الاندثار الكثير من الأسر العلمية التي كانت موجودة آنذاك واندثر معها علمها وأدبها وتراثها، ، ومن هذه الأسر التي لم نعد نسمع بها واندثرت مكتباتهم بل إن البعض من هذه الاسر تم رمي كتب مكتباتهم في الشارع بعد أن فسدت وعثت للأسباب التي ذكرناها سابقا ومنها (أسرة الملا، والعفالق، والموسى، والغنام، والعمير، وابن الرومي، ابن شمس، والسالم والكثير، والعرفج، والعيثنان، والمطاوعة، والمطلق، والمصطفى، والعبيدالله، والعبداللطيف، ، )،
لقد وعدني الدكتور بعد ذلك إبراهيم بن صقر الحسن المسلم، أحد الباحثين في تجديد بحثه وتطويره ولكن مشاغله العملية كأستاذ بجامعة الملك فيصل بعد أن كان طالبا بها حال دون ذلك، فرحم الله زميله ورفيق دربه أيام الدراسة،
أقول إنه من المهم الوصول الى أصحاب تلك المكتبات ومعرفة محتويات مكتباتهم إذ قد يكون بها كتب نادرة لا يستفاد منها الفائدة المرجوة، وكذا قد لا يورث صاحبها من يهتم بها أو يعطيها ما تستحقه من حفظ ومحافظة، ولهذا فتوعية هؤلاء بأهمية الوقف أو التوجيه بأن تؤول إلى أحد المراكز أو المكتبات المعنية ليتاح للباحثين والدارسين فرصة الاطلاع والاستفادة مع حفظ حقوق أصحابها مثل كتابة اسم صاحبها على أغلفة الكتب وطبع دليل شامل بمحتوياتها وكذا تخصيص (أجنحة خاصة يكتب أسماء أصحاب المكتبات عليها لتخليد ذكراهم وحفظ حقوقهم المعنوية ليتشجع غيرهم على أن يحذو حذوهم)،
وبالمناسبة سأجدها فرصة لذكر نماذج من أصحاب المكتبات الخاصة والذين قدموا مكتباتهم كاملة برضا لمكتبة الملك فهد الوطنية وهم في كامل صحتهم وعطائهم:
1 الأستاذ الأديب عبدالله بن محمد بن خميس،
2 الدكتور اللواء متقاعد يوسف ابراهيم السلوم،
3 الأستاذ محمد المنصور الشقحاء،
4 الشيخ عثمان بن حمد الحقيل،
5 الشيخ سعد بن عبدالله الجنيدل وغيرهم،
وهي دعوة موجهة لجميع من لديه مكتبة ويخشى عليها من الضياع أن يبادر بحصرها وتقديم قائمة بعناوين الكتب ليجري تسجيلها، والتوجيه بأن تؤول لإحدى الجهات العلمية من مكتبات أو جامعات وغيرها،

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved