عزيزتي الجزيرة .. تحية طيبة..
الجنادرية.. ما هي الجنادرية..؟! هذا ما كانت تتساءل به تلك الصغيرة التي لم تبلغ بعد سن السادسة.. فأنا أتابع الأوبريت الغنائي المنطلق ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية السابع عشر.. الأكثر من رائع. ذلك السؤال جعلني أفكر وأفكر.. وأعيد شريط ذكرياتي إلى الوراء.. عندما كنت برعماً قد احتضنته الحياة بأكناف الطبيعة.. وتفتحت عيناي وأنا بين يدي الأمومة العاطفة.. والنظرات الحانية.. والمداعبة الصادقة.. بكل بقعة من بقاع هذه الأرض.. كنا أسرة تعيش في بيت صغير ترفرف السعادة على جوانبه..
تسكن ذكرياتنا كل شبر فيه.. ففيه ذقنا براءة الطفولة.. ورعاية الأسرة.. وبساطة الحياة.. وطيب المعاشرة.. حينها كانت الجنادرية للتراث والثقافة في عامها الثامن.
كانت بداخلي رغبة قوية تدفعني على الاصرار للذهاب ورؤية الجنادرية عن قرب.. ومعرفة كيف يعود بنا الزمان إلى الوراء؟!! لنلتقي بكل شيء طوته الأيام ورحل.. وبقيت خلفه رياح الحنين.. وكيف يذهبون مشتاقين لذلك المكان لاسترجاع أيامهم..؟!
ذلك كان يزيد من اصراري اصراراً.. لمعرفة ما هية الجنادرية عن قرب.. وأي تراث تحمل..؟! فضولي يدفعني لأذهب وأشاهد بعيني.. وألمس بيدي.. كل ما أشاهده عبر الشاشة وأسمع عنه.
عندما وصلت إلى مقر الجنادرية.. شعرت حقاً بروعة الجمال نفسه.. وتراث مملكتنا الحبيبة يتراقص أمام عيني وكأنه الحاضر الماضي..! استمتعت به كثيراً.. وعندما حان الرحيل تخطينا أعتاب المدينة.. وبدأ ضجيج العمران.. أخذت أتأمل ما رأيت في زمن الماضي «الجنادرية».. ما أراه في حاضري من مدن.. وضجيج.. وأصبحت تطفو كلماتي على محيط ذاتي عندما عجزت أن أفهمها.. وعندما وصلنا إلى منزلنا.. لم أكتف بما شاهدته أو سمعته.. ولمسته.. بل أطلقت مجموعة من الأسئلة على مسامع من يسمع.. فملأ أرجاء الغرفة صوت جدي وهو يجيب ويحكي لنا عن ماضيهم وماضي من سبقونا.. وكيف كانت حياتهم؟! وتلف بي عاصفة الحيرة عندما أنظر إلى وجه جدي الذي تملؤه التجاعيد فأسلو عنها بمتابعتي لما يحكي.. عندما أنظر إلى جدتي وهي تلعب بشعري وتؤكد ما يقوله جدي.. تداهمني الحيرة.. وتكتظ في داخلي مجموعة من الأسئلة عندما تنتقل عيناي بين تقاسيم وجهها وعندما أرفع نظري إلى رأسها الذي غاب عنه السواد إلى الأبد.
صعق الجميع بسؤال عابر.. لماذا هذه التجاعيد التي تملأ وجهك الحاني العطوف..؟! ترد عليَّ قائلة وقد أثقلت الزفرة كاهل كلماتها..
انه العمر قد مضى بنا وأُلحق بنا وان ما ترونه من تجاعيد قاسية.. هي تضاريس الزمن.. الذي نحتها على ملامحنا كما يشاء الله لنا من الأعمار.
فقلت لهم: هكذا نرى الجنادرية..؟!!
وضحك كل من حولي..
وقال جدي وهو يبتسم: كيف..!؟!
الجنادرية..
ألف.. أصالة الماضي العميق.. بتضاريسه القاسية.
لام.. لهفة لمعايشة حياة آبائنا وأجدادنا التي فقدناها.
جيم.. جذور عميقة بعمق انسانية آبائنا وأجدادنا.
نون.. نهوض بمستقبل زاهر.. بمبدأ الماضي الأصيل.
ألف أخرى.. احترام تراث آبائنا وأجدادنا.
دال.. دوحة مليئة بالعطاء الذي لا ينضب معينه.
راء.. راية ترفرف بالاعتصام حول دين الله سبحانه وتعالى.. وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ياء.. ينابيع خير الماضي الأصيل.. والحاضر المجيد.. والمستقبل الزاهر. تاء.. تطلع إلى مجد بلادنا.. الذي تحيطه أياد بيضاء. حفظها الله لنا ولمملكتنا.. مملكة كل العرب تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.
* ربما تضحكون وأنتم تقرأون ما كتبت.. ولكنها مذكرات طفلة ترويها عن ماضيها الجميل..!
نجود أحمد - الرياض |