الأمة الإسلامية أمة لها تاريخها الطويل وصفحاتها المشرقة، فليست هي وليدة اليوم ولم تستمد حضارتها أو تستورد فكرها ومنهجها من الشرق أو الغرب إنما منهجها منهج رباني وشريعتها شريعة إلهية ولذا لم تزدها هجمات الأعداء إلا ثباتاً ولا تطاول الأقزام إلا رفعة وشموخاً،
والتاريخ الإسلامي يشهد بذلك بسقوط المتطاولين على هذه الشريعة الخالدة ورد كيدهم في نحورهم {وّاللَّهٍ مٍتٌمٍَ نٍورٌهٌ وّلّوً كّرٌهّ پًكّافٌرٍونّ}،
وذلك لأن الله سبحانه وتعالى كتب لها البقاء إلى أن يرث الله جل وعلا الأرض ومن عليها وليس العجب تعرض هذه الأمة لهجمات الأعداء وسموم الخصوم فهذا أمر طبيعي في ظل الصراع المستمر بين الحق والباطل كما قال تعالى:{وّلا يّزّالٍونّ يٍقّاتٌلٍونّّكٍمً حّتَّى" يّرٍدٍَوكٍمً عّن دٌينٌكٍمً إنٌ سًتّطّاعٍوا} وقد حذَّر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله {وّاحًذّرًهٍمً أّن يّفًتٌنٍوكّ عّنً بّعًضٌ مّا أّنزّلّ پلَّهٍ إلّيًكّ}،
وتحذيره تعالى للمؤمنين بقوله: {يّا أّيٍَهّا پَّذٌينّ آمّنٍوا إن تٍطٌيعٍوا پَّذٌينّ كّفّرٍوا يّرٍدٍَوكٍمً عّلّى" أّعًقّابٌكٍمً فّتّنقّلٌبٍوا خّاسٌرٌينّ}،
لكن المصيبة العظمى والبلية الكبرى إذا صوَّب الأعداء سهامهم وألقوا سمومهم عن طريق بعض المنتسبين إلى الإسلام الذين رضوا بأن يكونوا أداة في أيدي أعدائهم وبوقاً يتحدث بلسانهم ويردد شبهاتهم خصوصاً في زمن الفتن وأوقات الأزمات،
وذلك حينما يختلط الأمر على البعض فيتعرض لثوابت الأمة وأصول اعتقادها بدعوى مهاجمة بعض الفئات أو الجماعات التي لايرضى منهجها ولا يتفق مع أفكارها أو التي اتفق الناس على ضلالها وانحرافها وهذه مزلة قدم، إذ يعلم من استقراء التاريخ وجود جماعاته وفرق انحرفت عن الاسلام وقد بيَّن العلماء زيفها وانحرافها ومع ذلك فهي تتفق مع أهل السنة في بعض أصول الدين وثوابت الملة ولم يكن هذا الاتفاق والاشتراك وسيلة للطعن في أهل السنة أو إلحاقهم بأهل البدع والانحراف أو الطعن في أصول الإسلام وثوابته لأن هؤلاء أخذوا بها واعتقدوها،
وهذا منهج أهل العلم ودعاة الإصلاح من السلف والخلف، لكن خوض من ليس من أهل هذا الشأن في هذه الأمور العظام هو الذي أسقطهم في هذه الأوحال وأوقعهم في هذا الاختلاط ومن خاض فيما لا يحسن رأيت منه العجب العجاب،
* جامعة أم القرى |