* تحقيق عبدالله بن ظافر الأسمري:
ان من العدل الذي اتى به الاسلام ان يقال للمحسن احسنت، ويقال للمسيء أسأت، وذلك لان الله عز وجل يقول:{كٍلٍَ نّفًسُ بٌمّا كّسّبّتً رّهٌينّةِ}، فالانسان محاسب بما يفعل ومجزي بعمله سواء كان رجلاً او امرأة، ومن هذا المنطلق تطرح «الرسالة» في هذا الموضوع قضية مهمة، واهميتها تكمن في واقعيتها ووجودها، وهذه القضية تتعلق بالفتاة التي تبدأ بالمعاكسة قبل الشاب، بل وتتعرض للشباب، فما هي يا ترى المشكلة وماهو الخلل، واذا عرف الخلل فما الحل؟!
هذا ما سنعرفه من خلال الموضوع التالي:
واقع مؤلم
يبدأ الحديث في هذا الموضوع المهم فضيلة وكيل هيئة شقراء الشيخ ابراهيم بن محمد المقحم، اشار الى الواقع المؤلم الذي تعيشه بعض فتيات المسلمين اليوم بقوله: لاشك ان الواقع المعاصر تشكلت فيه ظواهر مخالفة لآداب الاسلام وهذه المخالفات يشترك فيها الرجال والنساء والشباب والفتيات. ومن هذه المخالفات المعاكسة التي لم تكن معروفة في مجتمعنا من قبل، وكون الموضوع يتناول احد اطراف هذه الظاهرة وهن الفتيات وبالاخص حول صور الحالات التي كانت فيها الفتاة هي التي تبدأ المعاكسة. وهذه المخالفات من الجميع والصورة التي تبدأ فيها الفتاة بالمعاكسة نتيجة غياب او تغييب الفتاة عن الوعي والارشاد الديني وعدم الاهتمام بغرس المبادئ الطيبة والاخلاق الحميدة في نفسها، او التمكين المباشر لها من مشاهدة وسائل الهدم كالقنوات الفضائية ومطالعة المجلات الهابطة والاستماع الى الاشرطة الماجنة، فمتى ولغ المجتمع في هذه المشارب النتنة وفقد التوجيه والمحافظة الاسرية، فهذه اكبر صورة لبدء الفتاة بالمعاكسة ولا تعجب بعدها من انواع المعاكسات التي ستبدأها الفتاة فستبدأ بتلقي الدروس الخصوصية المركزة وتحاول المحاكاة ومن ثم التنفيذ المباشر عبر الموضة والتبرج وكثرة الخروج والاطلالة المغرورة عبر النوافذ والابواب ومحاولة الاستقلال بغرفة خاصة وعبث الهاتف والالحاح على اهلها بضرورة زيارة او استضافة الصويحبات، حيث وراءها القوة الدافعة من رياح التغير والمهيجات الشيطانية واسباب الفتنة، بالاضافة الى فقد التوجيه بأهمية الالتزام بالدين وثمراته في الدنيا والآخرة، وغياب الحكمة والغاية الكبرى من خلق الانسان عن اكثر الناس وهي عبادة الله وحده، وضرورة الابتعاد عن اسباب دمار فطرة الانسان وكرامته. واضاف فضيلته: وان من اخطر ما يواجه مجتمع الشباب والفتيات هذه القنوات الفضائية والاطباق التي اينما توجهها لا تأت بخير، بل هي هجمة على الفضيلة ووكيل معتمد للوزر والفحشاء يدعمها ويتقاسم ادوارها تجار الغرائز. وللعلم بعظيم دمارها وشرها على المجتمعات فقد ذكرت الاحصاءات ما يشيب منه الرأس انه بسبب تشجيع وسائل الاعلام في العالم غير المنضبطة بضوابط الشرع على العيش في كنف الرذيلة.
اهداف ومقاصد مشبوهة
بعد ذلك ينتقل الحديث الى فضيلة وكيل مركز هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالواديين بمنطقة عسير الشيخ تركي بن عبدالرحمن الشقير، الذي ادلى بدلوه في هذا الشأن متناولاً قصة التغريب ومكيدة اعداء الاسلام لشباب وفتيات المسلمين، والذين علموا ان افساد المرأة هو السبيل الوحيد لاضعاف هذه الامة المسلمة، فيقول فضيلته:
فمن فضل الاسلام على البشرية ان جاءها بمنهج شامل قويم في تربية النفوس، وتنشئة الاجيال، وتكوين الامم، وبناء الحضارات، وذلك لتحويل الانسانية التائهة من الظلمات الى النور ومن الشرك الى التوحيد ومن الفوضى الى الاستقامة ومن الجهل الى العلم قال سبحانه وتعالى: {يّهًدٌي بٌهٌ پلَّهٍ مّنٌ \تَّبّعّ رٌضًوّانّهٍ سٍبٍلّ پسَّلامٌ وّيٍخًرٌجٍهٍم مٌَنّ پظٍَلٍمّاتٌ إلّى پنٍَورٌ بٌإذًنٌهٌ وّيّهًدٌيهٌمً إلّى صٌرّاطُ مٍَسًتّقٌيمُ } فسار النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ومن جاء بعدهم باحسان على هذا المنهج القويم والصراط المستقيم، فهل عرفت الدنيا انبل منهم واكرم او أرأف او أرحم او أجل او أعظم او أعلم منهم، وسارت الاجيال المسلمة عبر القرون تستقي من معين فضائلهم وتستضيء بنور مكارمهم وتنهج نهجهم فحازت المجد من كل جوانبه فكانت نبراساً للامم الاخرى مدى الزمان.
وفي عصرنا هذا بدأ اعداء ديننا في تمزيقنا من الداخل ليصلوا الى اهدافهم الخبيثة واغراضهم الدنيئة فحاولوا طعنه بمفهوم فلسفي غربي يقرر ما يسمى بالحريات الاربع للفرد غير ان مجتمعنا وبيئتنا لما كانت اسلامية على عقيدة صحيحة نبذت ذلك ورفضته رفضاً تاماً فعند كل مسلم ومسلمة ما يكفي في امور دينه ودنياه قال تعالى: {پًيّوًمّ أّكًمّلًتٍ لّكٍمً دٌينّكٍمً وّأّتًمّمًتٍ عّلّيًكٍمً نٌعًمّتٌي وّرّضٌيتٍ لّكٍمٍ الإسًلامّ دٌينْا } .
واعداء الاسلام يريدون افساد الفرد ثم افساد الاسرة المسلمة وهذا لا يتم الا بتمزيق القيم الاخلاقية واطلاق عنان الغرائز والشهوات واشاعة الانحلال في المجتمع.
ثم يواصل فضيلته حديثه قائلاً: فالمرأة المسلمة هي اول اهدافهم في الدعوة الاباحية والميدان الماكر فهي العنصر الضعيف العاطفي وذات الفعالية الكبيرة والمؤثرة. وان من اعظم المصائب والضرر على الدين ما يفعله كثير من النساء المسلمات اللاتي يخرجن من بيوتهن بلا حجاب شرعي، متعطرات وما يكون من مخالطة الرجال في الاسواق وغيره مما يسخط الله ويكون العقاب على من خالف، قال تعالى: {وّقّرًنّ فٌي بٍيٍوتٌكٍنَّ وّلا تّبّرَّجًنّ تّبّرٍَجّ پًجّاهٌلٌيَّةٌ الأٍولّى"}. وظهور المرأة بغير حجاب شرعي يكون فيه فتنة وما يترتب على ذلك من تقليد للكفار فاذا كان خروج المرأة وهي متعطرة قد حرمه الشرع الحكيم فقد روي عن ابي موسى رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:« ايما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية»، وهذا من باب سد الذرائع حيث ان خروجها متعطرة يؤدي الى افتنان الرجال بها، وهذا واقع كثير من النساء.
عواقب وخيمة
ويضيف الشيخ الشقير في معرض حديثه عن هذه الظواهر السيئة فيقول: كما ان اختلاط المرأة وعدم اهتمامها بحجابها يؤدي الى امور كثيرة منها ما يلي:
معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وشيوع الفواحش وسيطرة الشهوات، وحلول الزنا مكان الزواج الحلال، كما انه يوجب نزول العقوبات الالهية، والمفاسد المترتبة على الزوج والزوجة، وانعدام الغيرة على المحارم، وفساد الابناء بناء على الفساد الاسري، وكذلك الانهيار الخلقي الشامل من خيانة وخداع وعدم حياء، كما انه إساءة للمرأة فخروجها متبرجة يعرضها للاذى والسوء من قبل اهل الشر ولو لم تُرد ذلك، وغير ذلك من العواقب السيئة التي تهدد المجتمع الانساني بالانحطاط وتهبط بالانسانية الى مستوى الحيوان، فمن المؤسف ما نشاهده في بعض الاماكن العامة من نساء كاسيات عاريات فاتنات قد تجردن من الحياء والشيمة ومن الحجاب الشرعي ويجُبن الاسواق يمنة ويسرة من غير خجل ولا حياء. اننا نرجو من افراد الاسرة المسلمة ان يتداركوا هذا الخطر الذي يخالف تعاليم ديننا وتقاليد بلادنا حماها الله فالمرأة المسلمة المتمسكة بتعاليم دينها مازالت متمسكة بحجابها متسترة متحشمة عفيفة ممتثلة لامر الله ومتقيدة بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومحافظة على اخلاقها وتقاليدها وشرفها ولذلك ساد الامن في هذه البلاد الطاهرة على النفس والاهل والمال تحقيقاً لوعد الله للمؤمنين المتمسكين بذلك.
الوسائل والحلول
وعن الوسائل النافعة لعلاج مثل هذه الظواهر السلبية تحدث «للرسالة» فضيلة امين اللجنة الدائمة لدراسة التقارير بالرئاسة الشيخ بدر الغانم الذي عرج على خطر فتنة النساء، ثم ذكر الوسائل المقترحة لعلاج هذه المشكلة التي بدأت بين بعض الفتيات من بدء المعاكسة والخروج من طور الحياء، فقال فضيلته: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:« ما تركت بعدي في الناس فتنة اضر على الرجال من النساء» والمتأمل في واقعنا اليوم يجد مع الاسف ان للفتاة نصيباً من المسؤولية في ظاهرة المعاكسة سواء في الاسواق او في الاماكن العامة، اثناء دخول او خروج الطالبات.. الخ، والاسباب كثيرة، لكن يهمنا هنا وسائل العلاج. فالوسيلة الاولى:« التذكير بفضلية خلق الغيرة على المحارم، وانه من مكارم الاخلاق ومن شيم اهل الشرف والمروءة والشهامة والحمية، والغيرة من اخلاق العرب قبل الاسلام يفتخرون بها وقد اقرهم الاسلام عليها وهذبها وضبطها بضوابط، وهي انواع اعظمها غيرة الله عز وجل، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال:« ان الله يغار، وان المؤمن يغار، وغيرة الله ان يأتي المؤمن ما حرم الله» متفق عليه. ومنها غيرة الرجل على اهله ومحارمه. وفي الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:« اتعجبون من غيرة سعد، لانا اغير منه، والله اغير مني» فبالغيرة على النساء، يمكن علاج هذه الظاهرة وهذه الغيرة تتمثل فيما يلي:
1 منع النساء من التبرج والسفور والخروج لغير حاجة، قال تعالى: {وّقّرًنّ فٌي بٍيٍوتٌكٍنَّ وّلا تّبّرَّجًنّ تّبّرٍَجّ پًجّاهٌلٌيَّةٌ الأٍولّى}.
2 عند الخروج لحاجة، لابد من ارتداء الحجاب الشرعي البعيد عن الزينة ولفت الانظار، قال تعالى: {وّلًيّضًرٌبًنّ بٌخٍمٍرٌهٌنَّ عّلّى" جٍيٍوبٌهٌنَّ وّلا يٍبًدٌينّ زٌينّتّهٍنَّ إلاَّ لٌبٍعٍولّتٌهٌنَّ أّوً آبّائٌهٌنَّ أّوً آبّاءٌ بٍعٍولّتٌهٌنَّ أّوً أّبًنّائٌهٌنَّ أّوً أّبًنّاءٌ بٍعٍولّتٌهٌنَّ أّوً إخًوّانٌهٌنَّ أّوً بّنٌي إخًوّانٌهٌنَّ أّوً بّنٌي أّخّوّاتٌهٌنَّ أّوً نٌسّائٌهٌنَّ أّوً مّا مّلّكّتً أّيًمّانٍهٍنَّ أّوٌ پتَّابٌعٌينّ غّيًرٌ أٍوًلٌي الإرًبّةٌ مٌنّ پرٌَجّالٌ أّوٌ پطٌَفًلٌ پَّذٌينّ لّمً يّظًهّرٍوا عّلّى" عّوًرّاتٌ پنٌَسّاءٌ وّلا يّضًرٌبًنّ بٌأّرًجٍلٌهٌنَّ لٌيٍعًلّمّ مّا يٍخًفٌينّ مٌن زٌينّتٌهٌنَّ ّتٍوبٍوا إلّى پلَّهٌ جّمٌيعْا أّيٍَهّا پًمٍؤًمٌنٍونّ لّعّلَّكٍمً تٍفًلٌحٍونّ (31)}.
3 الحذر من الخلوة والاختلاط بالرجال الاجانب او السماح لهم بالدخول على النساء في البيوت مع عدم وجود الرجال المحارم وفي الحديث «اياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الانصار افرأيت الحمو، قال: الحمو الموت» متفق عليه.
وقال عليه الصلاة والسلام:« لا يخلو احدكم بامرأة الا مع ذي محرم» متفق عليه.
4 تعويد الفتيات والنساء على عدم محادثة الرجال الاجانب الا عند الحاجة، مع مراعاة عدم الخضوع بالقول قال تعالى: { فّلا تّخًضّعًنّ بٌالًقّوًلٌ فّيّطًمّعّ پَّذٌي فٌي قّلًبٌهٌ مّرّضِ $ّقٍلًنّ قّوًلاْ مَّعًروفْا}. وهذا عام في الهاتف وغيره.
5 الحيلولة دون سفر النساء بدون محرم، قال عليه الصلاة والسلام« لا تسافر المرأة الا مع ذي محرم» متفق عليه. مع مراعاة ان تكون الغيرة منضبطة بضوابط الشرع، فلا إفراط ولا تفريط.
الوسيلة الثانية:
لابد من التربية الجادة فالغيرة وحدها لا تكفي فنحن في زمن تغيرت فيه وسائل الشر فالحزم مطلوب ولكنه وحده لا يكفي والحل هو ايجاد رادع من ذوات فتياتنا وفتياننا.
اذكر قصة في هذا المقام عالجتها حينما كنت رئيساً لاحد مراكز الهيئة وهي ان احدى الفتيات ممن زين لها الشيطان اقامة علاقة معاكسة مع احد الفتيان اصلح الله الجميع فكانت لا يمكن ان تتحدث اليه عن طريق هاتف المنزل لكونها من بيت محافظ وابوها حازم جداً، فكانت تستعين بزميلتها في المدرسة لايصال ما تريد ان تقوله الى الشاب، والمقصود من ذكر هذا هو الاعتبار والتأكد بأن الحزم وحده لا يكفي خصوصاً في زماننا هذا بل لابد من التربية الجادة للفتاة على وجه الخصوص.
وهذه التربية مسؤولية البيت بالدرجة الاولى ثم المدرسة ودور التعليم، والإعلام.. الخ.
الوسيلة الثالثة:
حث الفتيات على الاقدام على الزواج المبكر عملاً بحديث ابن مسعود رضي الله عنه الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:« يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج فمن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء».
وايضاً العقاب
ويختتم الشيخ الغانم حديثه بطرح مبدأ العقاب على الفتاة كما هو على الشاب المعاكس فقال فضيلته: اما ما يتعلق بمعاقبة من تصدر منها المعاكسة فالمخطئ يتحمل خطأه شاباً كان أو فتاة، ولهذا شرعت الحدود والتعزيرات لان الناس يختلفون فمنهم من ينفع معه اسلوب الترغيب والكلمة الطيبة ومنهم من لا ينفع معه الا الحزم وايقاع العقوبة.
اما الآلية المقترحة لذلك، فأحب ان اذكر بان قرار ولاة الامر وفقهم الله القاضي بجلد المعاكس على الملأ قد اثمر ثماراً حميدة ملموسة حيث خفف من هذه الظاهرة، وليس هناك ما يمنع من تطبيقه على الفتيات بالتدرج حيث يمكن في البداية الاقتصار على الاعلان عن فتيات جلدن لقيامهن بالمعاكسة في الاماكن العامة دون ذكر اسمائهن، فاذا سمع الناس بهذا انزجروا عن اقتراف مثل هذه المنكرات، وهذه المعاكسات بريد للزنا والعياذ بالله وقد قال تعالى في حق الزناة: {پزَّانٌيّةٍ وّالزَّانٌي فّاجًلٌدٍوا كٍلَّ وّاحٌدُ مٌَنًهٍمّا مٌائّةّ جّلًدّةُ وّلا تّأًخٍذًكٍم بٌهٌمّا رّأًفّةِ فٌي دٌينٌ پلَّهٌ إن كٍنتٍمً تٍؤًمٌنٍونّ بٌاللَّهٌ وّالًيّوًمٌ الآخٌرٌ وّلًيّشًهّدً عّذّابّهٍمّا طّائٌفّةِ مٌَنّ پًمٍؤًمٌنٌينّ} ومن الحكمة في شهود طائفة من المؤمنين حصول الارتداع ومعلوم ان افتتان الرجال بالنساء اشد من افتتان النساء بالرجال، فقد يخرج الشاب بنية المعاكسة فلا يجد بغيته، بخلاف الفتاة، فهي اذا خرجت بهذه النية الفاسدة تستطيع ان تجر وراءها عشرات من الشباب والله المستعان والمسؤول سبحانه.
|