هل هي صحوة ضمير.. أم اقتراب للواقع.. أم فهم أكثر نضجاً لمصلحة الإسرائيليين، ما يقوله رئيس الكنيست الإسرائيلي أفراهام بورغ الذي صعد من انتقاداته لما تقوم به حكومته من إجراءات قمع للفلسطينيين وإصرار الغالبية الكبرى من الإسرائيليين على مواصلة احتلال الأراضي الفلسطينية.
أفراهام بورغ الذي كان مرشحاً لرئاسة حزب العمل الإسرائيلي، وهزم في انتخابات الحزب أمام بنيامين بن إليعازر «العراقي المولد» والذي كان يحمل اسم فؤاد حينما كان يعيش في حي البتاوين في بغداد.. وهرب إلى فلسطين المحتلة ليصبح مثله مثل كل اليهود الشرقيين القادمين من الدول العربية الاكثر إيذاء وشراسة في تعاملهم مع الفلسطينيين إذ يذكر إخواننا الفلسطينيون أن اليهود القادمين من اليمن والعراق وتونس وسوريا والمغرب هم الأكثر وحشية في تعاملهم مع العرب، عكس اليهود القادمين من الغرب فاليهود الشرقيون من أمثال فؤاد بن إليعازر ورئيس أركانه الجنرال موفاز «القادم من إيران» واليهود المولدون في فلسطين من أمثال شارون هم الأكثر إيذاء وإرهاباً.
ومع أن الحقد والكره الإسرائيليين والإيذاء صفة عامة لدى الإسرائيليين عامة، إلا أن بورغ ويوسف بلين وعدداً من اليساريين الإسرائيليين يرون أنهم يستطيعون أن يحققوا الفائدة للإسرائيليين وتحقيق تفاهم يسمح لكيانهم بالعيش بسلام في وسط العرب، إن هم قبلوا بقيام دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967م.
بورغ وقبله مفكرو اليسار كثيراً ما نادوا بمثل هذا الحل، إلا أن قول رئيس الكنيست الإسرائيلي يأتي في هذه الأوقات التي تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي وبأوامر من أرييل شارون بفرض الإقامة الجبرية على الرئيس الفلسطيني وتجاوز كل الاتفاقيات التي عقدت مع السلطة الفلسطينية.. وتزداد أهمية أقوال ومواقف بورغ مضاعفة بعد انحياز الإدارة الأمريكية لتصرف شارون الشاذ، والأكثر أهمية من كل ذلك هو التمديد الواضح للأزمة الراهنة التي تحكم علاقة الإسرائيليين بالفلسطينيين، حيث يقول بورغ: «إن شعباً يحتل (أراضي) حتى وإن اضطر لاحتلالها ضد إرادته يتغير مع الزمن وتشوهه عيوب الاحتلال».
وأضاف بورغ بلهجة صارمة: «علينا ألا ننسى أن السجان والسجين يبقيان سجينين في معظم أوقات النهار وراء الجدران نفسها وهي جدران غياب الأمل».
وقال مخاطباً أعضاء الكنيست الإسرائيلي: «بعبارات أخرى أكثر قساوة أيها السادة النواب: إن الاحتلال يؤدي إلى الفساد».
هذا الموقف يعد موقفاً شجاعاً بالنسبة لرجل يتبوأ المنصب الثاني في الهرم السياسي الإسرائيلي لأن رئيس البرلمان في الأنظمة «الديمقراطية» يتجاوز رئيس الحكومة، رغم أن النظام الانتخابي الجديد في إسرائيل يعطي شارون تفوقاً، إلا أن رئيس الكنيست يظل مركزاً سياسياً متقدماً. وموقف كالموقف الذي أعلنه رئيسه قد يجعله يفقد هذا المركز خاصة في ظل تنامي ثقافة الإرهاب وسط اتساع دائرة الخوف التي ينميها شارون.
|