Sunday 27th January,200210713العددالأحد 13 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ابن جبير كما عرفته

لقد كان واحة واسعة من المعرفة والاطلاع، ويملك قلباً مؤمناً بالله رحيماً، لم يكن مستعلياً ابداً ولم ألحظ عليه التقليل من شأن محدثيه حتى لو كانوا اقل منه قدراً او علماً او سناً، لقد كان كريماً بأخلاقه وماله، نبيلاً في تعامله وتصرفاته عالماً بعلمه الواسع واطلاعه الحسن على كثير من الامور الحياتية وشؤونها، راغباً في معرفة كل جديد، يقرأ نصف وقته، ويعمل في النصف الآخر، وهبه الله صفات عدة قلما جتمعت في شخص واحد، سعة علمه مع تواضع جم، وبعد النظر والحكمة في تقدير الامور، والقدرة القيادية الحكيمة وحدة الذكاء، ودماثة الخلق، ورحابة الصدر، وسرعة البديهة، والحزم في العمل والصدع بالحق.
لقد عرفته منصتاً لمحدثيه، يعطي الفرصة الكاملة لسماع وجهة نظر المتحدث دون ان يتدخل بالكلام او المقاطعة حتى ينتهي محدثه من كلامه. يعطي رأيه بتواضع كان بابه مفتوحاً للجميع وأذكر في بدايات عملي في المجلس انني طلبت منه رحمه الله ان يخصص ساعة بعد الظهر لاعطاء الفرصة لمنسوبي المجلس للسلام عليه والالتقاء به لمن يرغب في تقديم شكوى او اقتراح واخبرني بتواضعه وادبه رحمه الله موضحاً ان بابه ليس مفتوحاً ساعة، بل مفتوح كل اوقات العمل ومنذ تلك اللحظة وجه مدير مكتبه بعدم اغلاق باب المكتب والسماح لكل موظف كبيراً ما كان او صغيراً بالدخول الى مكتبه دون استئذان، وكثيراً ما شاهدت صغار الموظفين يقابلونه ويعرضون شكواهم ان وجدت وكان يجيب عليها ويحلها بكل رحابة صدر ولم أر موظفاً قد خرج من مكتبه غضبان.
عرفته رحمه الله مواسياً ومعزياً الصغير قبل الكبير يحضر المناسبات الاجتماعية لزملائنا دون تردد وخصوصاً مناسبات الزواج كما انه يبادر رحمه الله الى تعزية الموظفين في منازلهم لتقديم واجب العزاء ولأي فقيد لديهم واذا لم يسعفه وقته يتصل هاتفياً اذا علم حتى ولو كان خارج المملكة.
عرفته رحمه الله يبذل الخير فلقد رافقته في عدد من الزيارات خارج المملكة وغالباً ما يقدم الدعم المالي والمعنوي للمؤسسات والجمعيات الخيرية ودور الايتام والمراكز الاسلامية في الخارج واذكر انني اثناء زيارتنا الى بلد مسلم قلت له: لو بامكان معاليكم العرض عن ذلك للدولة للحصول منها على الدعم اللازم لتقديمه دعماً لهذه المؤسسات بدلاً من ان تصرف من حسابك الشخصي فقال لي: إن الدولة قدمت الدعم الكثير ونالت ان شاء الله من الاجر الشيء الكثير الا تريد ان يكون لي اجر ايضاً دعني اساهم بالقليل لعل الله يرحمنا برحمته اسأل الله له الرحمة وان يقبل ما قدمه من عمل صالح .
عرفت فيه إكرام ضيوف المجلس وضيوفه من وفود الدول التي تزور المجلس كان يوجهني دائماً بتلبية طلبات الوفود وعدم الاعتراض على اي طلب قبل الرجوع اليه وكثيراً كان يذلل العقبات التي تعترض البرنامج ويحرص على راحة الوفود ولم يعتذر عن استقبال اي ضيف في المطار حتى ولو كان الوصول في ساعة من آخر الليل.
عرفت فيه حرصه على المال العام عندما عرضت عليه رحمه الله ذات مرة معاملة اطلب فيها بعض المستلزمات لحاجة العمل ولم يكن مقتنعاً بطلبي فألحيت عليه فقال لي بأن المال الذي سأستشري منه هذه المستلزمات ليس مالي وانما مال الدولة لو كان مالي لصرفت منه لانه مالي، وانا حر فيه، اما مال الدولة فانا مسؤول عنه امام الله ثم امام ولي الامر لا اصرفه الا عندما اكون مقتنعاً بالجهة التي سيؤول اليها.
عرفته محاوراً ومناقشاً لا يكل ولا يمل مع محاوريه يقدم لهم الحج تلو الحجة يسمع ما يقولون ويجيب على ما يريدونه بشكل كبير في تثبيت اسس الحوار البناء في جلسات المجلس حيث جعل للمجلس مكانته وقيمته بين المجالس الاخرى في العالم تسابقت كثير من المجالس لدعوته لزيارتها دعوات كثيرة لعدد من المجالس ترغب في زيارة المجلس والبعض الآخر يطلبون منه زيارتهم.
عرفته داعياً الى الله ناصحاً اميناً حضرت مجلسه في احد الايام ابان الازمات التي مرت بها المنطقة وكان ينصح مستمعيه بأنكم في بلد يسعى دائما لتكريم مواطنيه والحفاظ عليهم وانكم في دولة ترفض المعصية وتحاربها، وتقف ضدها فما بالكم بالدول التي تدعو للمعصية وتنشرها بين مواطنيها خصوصا اذا كانت هذه الدول مسلمة ودعاهم الى الالتفاف على ولاة الامر وعدم الخروج عليهم وعليكم بدعوة الناس الى ذلك.
إن ما اعرفه عنه رحمه الله الشيء الكثير من الخصال الحميدة والمزايا الطيبة التي لا يتسع المقال لذكرها رحمه الله رحمة واسعة لقد فقد الوطن عالماً ومخلصاً ورئيساً، كما فقد المجلس حكيماً وهبه الله عدداً من الصفات التي قلما تجتمع في رجل واحد، لقد جمع بين القضاء والعلم الشرعي والقيادة والادارة وحسن الخلق فرحم الله شيخنا رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته وعوضه الله داراً خيراً من هذه الدنيا وان يخلف على اهله وعلى المسلمين به انه سميع مجيب.

عبدالرحمن الصغير
مدير عام العلاقات العامة والإعلام بمجلس الشورى

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved