Sunday 27th January,200210713العددالأحد 13 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

فقيد البلاد.. الشيخ محمد بن جبير
نزار بن عبيد مدني

قبل ان اتشرف بعضوية مجلس الشورى لم أكن أعرف عن صاحب المعالي والفضيلة الشيخ محمد بن ابراهيم بن جبير سوى النذر اليسير مما كنت اتلقطه من اخباره عبر وسائل الاعلام وعبر احاديث عارضة في بعض المجالس والمحافل، ثم كان لقائي الأول به حينما زرته في مكتبه بمجلس الشورى بعد صدور الأمر السامي بتعييني عضواً في المجلس في دورته الأولى، منذ اللحظات الأولى في ذلك اللقاء ايقنت انني امام رجل ولا كل الرجال، واذكر انني همست في اذن زميل لي كان حاضراً في ذلك اللقاء قائلاً: ان هذا الشيخ الفاضل يجبرك على احترامه ويرغمك على تقديره، وليس بسبب منصبه او مركزه او مكانته العلمية او الاجتماعية، بل بسبب حكمته وبعد نظره وخلقه وتواضعه. ثم بدأت اتعرف على شخصيته رويداً رويداً من خلال اللقاءات الخاصة التي كانت تجمعنا به كاعضاء في المجلس، او في الجلسات الرسمية التي كان يديرها، او في الوفود التي كان يرأسها لتمثيل المجلس خارج المملكة، ومن حصيلة ذلك كله تبين لي ان الفقيد لم يكن شخصاً عادياً، بل كان رجلاً فذاً وعالماً جليلاً متنوراً وانساناً رقيق القلب طيب المعشر دمث الاخلاق.. رجلا آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب، وآتاه سعة من العلم وبسطة من الوعي والفهم، واسبغ عليه محبة الناس وتقديرهم واحترامهم لشخصه الكريم واعجاباً بشخصيته السمحة التي تفيض حباً ورقة وتعاملاً حسناً راقياً مع الناس جميعاً، بلا ايثار او تفرقة او تمييز بين صغير وكبير، عالم وجاهل، غني وفقير.
لئن رحل الشيخ بن جبير عن دنيانا بجسده الفاني الضعيف الى بارئه الأعلى فإن مدرسته ورسالته وذكراه سوف تظل نابضة بالحياة بين محبيه وعارفي فضله وكل من قدر له الاقتراب من هذا العالم الجليل والقاضي الفاضل بعقله المتفتح وقلبه الكبير وعلمه الواسع وخلقه الحميد وتعامله الحضاري وتواضعه الجم.
مدرسة الشيخ بن جبير تضم فصولاً في الحكمة والموعظة الحسنة والتقى والورع والمجادلة بالتي هي احسن، ورسالة الشيخ بن جبير هي تقديم الإسلام كدين سماوي خالد يقوم على الاعتدال والسماحة والسلام والحق والعدل وكشريعة سمحة متجددة، مرنة، غير منغلقة، صالحة لكل زمان ومكان. واما ذكرى الشيخ بن جبير فانها وان كانت ستظل راسخة في قلوبنا ومتمكنة من افئدتنا، الا اننا سنعمل ان شاء الله على احيائها سواء باطلاق اسمه رحمه الله على احدى القاعات الكبرى في مجلس الشورى أو على شارع من الشوارع القريبة من منزله او من المجلس، او بغير ذلك من الوسائل والطرق التي لاريب ان محبيه ومريديه وعارفي فضله سيسعون الى التفكير فيها والبحث عنها. لقد فقدت البلاد علماً بارزاً من اعلامها، وعالماً كبيراً من علمائها، وقاضياً جليلاً من قضاتها، ورجلاً فاضلاً من خيرة رجالاتها.. رحمه الله رحمة واسعة وغفر له ذنوبه واسكنه فسيح جناته انه سميع مجيب.

مساعد وزير الخارجية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved