Sunday 27th January,200210713العددالأحد 13 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ورحل الشيخ الجليل

عندما يرحل بعض الرجال الى مثواها الأخير يجد الإنسان نفسه حائرا مابين الحزن والأسى وكيفية التعبير عنه حتى لو كان هذا الانسان مازال غير قادر على التعبير في فقد رجل قلما تكون مثله الرجال.
عندما رحل شيخنا الجليل محمد بن ابراهيم بن جبير اسكنه الله فسيح جناته يوم الخميس الماضي لم يكن الحزن ومشاعر الاسى تحيط بانسان بعينه بل شوهدت كل التعابير والمشاعر في عيون الجميع حتى عيون الذين لايعرفون الشيخ الجليل عن قرب وكانوا يسمعون عنه وسجاياه وخصائله التي قلما وجدت في رجل جمع مكارم الاخلاق والعلم والرأي السديد مما مكنه بأن يحظى بتلك المكانة المتميزة من بين اهل العلم ورجالات الدولة.
رغم قربي من الشيخ الجليل والعمل تحت قيادته لفترة قصيرة ادركت من الوهلة الاولى من العمل معه بأني امام تحد كبير في العمل مع رجل مسؤول يختلف عن كثير من المسؤولين منهم بحجمه كونه اعطى للمسؤولين معنى آخر باحاطاته بكل الامور وفطنته وذكائه وتواضعه وبعد نظره والتفافه حول من يعملون معه وتعامله مع الجميع بسياسة القلب المفتوح قبل الباب المفتوح مما فرض على ان اتعامل معه رحمه الله بنمط يختلف كثيرا من الانماط المتبعة في التعامل مع الرؤساء وكل النماذج التي تدرس في علم الادارة. حقاً انه رجل يختلف عن الكثير.. رجل له من الاعمال الكثير.. رجل يتمتع من الفضائل بالكثير.. رجل حزن على فراقه الكثير.. وليس ابلغ من ماتحدث به سمو ولي العهد في رحيله حينما قال ان رحيله خسارة لكل السعوديين وخسارة للعالم الاسلامي ولا ابلغ كذلك مما قاله سمو الأمير سلمان بقوله اننا فقدنا رجل علم ورجل دولة ولا ابلغ مما قاله الكثير والكثير في رحيله الذين هم اكثر من يعرف من هو هذا الشيخ الجليل.
انا لا انسى عندما كان رحمه الله حريصا كل الحرص في سؤاله عمن هم حوله وعن احوالهم.. لا انسى عندما كان ينادي من يعملون معه باسمائهم بكل تواضع وبمنتهى الاحترام والتقدير اثناء السلام عليهم.. لا انسى حرصه على حضور مناسبات منسوبي مجلس الشورى كافة وتلبية الدعوة.. لا انسى مدى حرصه على العمل قبل كل شيء مما هيأ مناخاً قد لا يتوفر في كثير من الاماكن يجعل كل من هو موجود يعمل.. لا انسى حينما نجتمع معه على موائد الطعام في بعض المناسبات في جو اسري يضم الاب مع ابنائه انا لن انسى مدى احترامه للوقت ودقة المواعيد.. انا لن انسى اشياء كثيرة لم اكن اراها الا في هذا الاب في هذا الشيخ الجليل.
انا ومن هم في سني لم نكن نعرف عن مجلس الشورى شيئاً من قبل الا بعد ان جرى تحديثه وتعيين شيخنا الجليل ابن جبير رحمه الله رئيساً له فكان هو الوحيد الذي يتحدث عن مبدأ الشورى في الاسلام وممارسته في المملكة.. كان هو الوحيد الذي يوضح لنا كيف تكون الشورى.. كان هو بالنسبة لنا الأمل هو الرمز الذي يقود اعلى جهاز تنظيمي في بلادنا الذي بدأنا نقطف ثمار انجازاته بعد فترة قصيرة من الانطلاقة الجديدة.. انه بلا شك كان يشكل احلام جيل عرف الشورى من خلاله وادرك اهميتها ونعِّم ببعض انجازاتها من ممارستها في هذا البلد الذي حضن رجالاً مخلصين عملوا بجهد وافادوا بعلمهم واسلوبهم الكثير.. رجالاً منهم مثل فقيد الامة الشيخ محمد بن ابراهيم بن جبير.
رحمك الله ياشيخنا واسكنك فسيح الجنان والله نسأل ان يتقبل من محبيك والجميع دعاءهم بالرحمة والمغفرة لك.. انت يا ابا خالد ذهبت عن هذه الدنيا ولكن لن تذهب من قلوبنا وعقولنا لانك انت لب العقل ولب الذاكرة وأهم شيء فيها.
الى جنة الخلد يا شيخنا الجليل.

أسامة بن عبدالرحمن النصار

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved