Sunday 27th January,200210713العددالأحد 13 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حبيقة، ولدغة العقرب القاتلة
رضا محمد العراقي

أعاد سيناريو السيارة المفخخة التي قتل بها الوزير اللبناني السابق ايلي حبيقة مع ثلاثة من مرافقيه يوم الخميس الماضي ببيروت «الشرقية المسيحية» الى أذهان اللبنانيين منظرا كادوا ينسونه من ذاكرتهم، ودوي انفجارات أشنف آذانهم طيلة 17 عاما هي عمر حرب أهلية عصفت بالبلاد وحصدت الغالي والنفيس فيها.
وجاء مقتل ايلي حبيقة متزامناً مع فتح قضية محاكمة رئيس الوزراء الارهابي آرييل شارون في بلجيكا وبعد يوم واحد فقط من مرافعة محاميه في المحكمة البلجيكية كمحاولة لتفويت فرصة النظر في المحاكمة.
وبعد يومين من وصول مبعوثين من القضاء البلجيكي لتقصي الحقائق بأنفسهم مع الناجين من مذبحة صبرا وشاتيلا.. الأمر الذي سيفعل معه القضية ويضعها في إطارها القانوني السليم. وجاء مقتله بعد ان التقى السيناتور البلجيكي جوزي دوبييه الذي يرأس لجنة العدل بمجلس الشيوخ البلجيكي ثم صرح بعد مقتله ان حبيقة أعلن خلال لقاء سري عقده في لبنان مع أعضاء مجلس الشيوخ البلجيكي ان لديه معلومات يريد الادلاء بها حول مجازر صبرا وشاتيلا. اللبنانيون عاودهم اذاً المشهد الدامي بتفخيخ سيارات السياسيين لكنهم بعد ان ذهب عنهم هول المفاجأة أجمعوا على إلقاء التهمة على جهاز الاستخبارات الاسرائيلي للتخلص من أهم شاهد سياسي في قضية صبرا وشاتيلا بعد ان أخذت أبعاداً جديدة كلها جاءت في صالح تثبيت التهمة والحكم على شارون.. وكان حبيقة قد أعلن في شهر يوليو من العام الماضي استعداده لتقديم وثائق تثبت براءة ميليشيا القوات اللبنانية من مسؤولية المجازر وتدين شارون. وكل البراهين والمعطيات المتوفرة حاليا على الساحة تجزم بضلوع اليد الصهيونية في اغتياله، وان القدر المتيقن من المعلومات السانحة تؤكد ذلك، لاسيما بعد تسخين الجبهة بين حزب الله واسرائيل وعادت خلالها صواريخ الكاتيوشا تتساقط على رؤوس الاسرائيليين من جديد فتريد اشغال الجبهة الداخلية بدلا من الخارجية ففعلت جريمتها في وقت تنتظر فيه العاصمة اللبنانية اجتماع القادة العرب على أراضيها لتقول للقادة العرب ان العاصمة بيروت لا تنعم بالهدوء والاستقرار ويجب نقل هذا الاجتماع لعاصمة أخرى. فهناك اذاً أكثر من عصفور تريد اسرائيل حصده من قتل ايلي حبيقة، أولاً: غياب أهم شاهد كان يؤكد براءته ولديه الأدلة على تورط شارون في مذبحة صبرا وشاتيلا، ثانياً: انشغال الجبهة الداخلية اللبنانية بنفسها وإحراج قيادتها أمام القادة العرب بأن الاستقرار والأمان مفقودان من العاصمة بيروت. ونذهب مع ما قاله الممثل الشخصي للرئيس عرفات في لبنان العميد سلطان أبو العينين أن جهاز الموساد الصهيوني يقف وراء اغتيال حبيقة كي لا يكون شاهداً ضد شارون أمام القضاء البلجيكي.
هذا من ناحية الجهة التي نفذت الجريمة، لكن ماذا بقي عن حبيقة الذي اغتيل؟!
ذلك السياسي اللبناني الذي حملته لجنة تحقيق «كاهانا» مسؤولية مجازر صبرا وشاتيلا وأشارت الى مسؤولية غير مباشرة لشارون وزير الدفاع حينها وهو الأمر الذي جعله يقدم استقالته من الحكومة.
اذاً، كان حبيقة الذي أعلن انه بريء من التهمة ولديه اثباتات سيقدمها للمحكمة أثناء مثوله أمامها، كان ضالعاً بالقطع في المسؤولية سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة في المجزرة البشرية للمخيم الفلسطيني.. وتعاون ونسق مع اليهود فيها.. وليس هذا الكلام من عندنا ولكنه جاء في أكثر من اتهام ولجنة تحقيق، لذلك كان مشهد مقتله يذكرنا بالقصة التراثية التي تروى عن عقرب وسلحفاة كانا يقفان على شاطىء بحيرة، فأراد العقرب ان يتعهد للسلحفاة بأنه لن يلدغها في مقابل أن تحمله على ظهرها لعبور البحيرة، لأن السلحفاة تستطيع العوم والعقرب لا يستطيع، في البداية ارتابت السلحفاة في العقرب وقالت :انه سيلدغها اذا حملته على ظهرها، فأكد لها العقرب أنه لو لدغها أثناء السباحة سيغرقان معاً فاقتنعت السلحفاة بمنطق العقرب، وحملته على ظهرها وفي منتصف البحيرة لدغها العقرب، فصاحت فيه السلحفاة ألم تعاهدني بأنك لن تلدغني في مقابل توصيلك للشاطىء الآخر. قال لها العقرب: لا تنسي بأنني عقرب!!
هكذا كانت علاقة ايلي حبيقة مع شارون تعاهدا على قتل سكان مخيم صبرا وشاتيلا العزل من السلاح.. لكن حبيقة لم يسلم من لدغة العقرب شارون عندما أعلن انه يملك أدلة على ادانة شارون.. فكانت اللدغة القاتلة.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved