هذا سؤال من الأسئلة الخرساء التي لا يجد فيها الطالب أو الطالبة من الفائدة والمتعة ما يحفزه على التفكير والبحث عن إجابة لها، إنه نموذج لأسئلة وتدريبات متدنية المستوى لا تخلو منها مناهجنا للرياضيات، أرأيت لو ان هذا السؤال الذي يراد به قياس مهارة مقارنة الكسور أعيدت صياغته ليطلب من التلاميذ مقارنة ما حدث لهم من نمو أو تغير في أوزانهم، أو مقارنة ما حدث من تغير في درجاتهم التي اكتسبوها في مقرراتهم، أما كان ذلك سيكون أجدى تعليمياً؟ بلى، إذا أردنا لطلابنا ان يحققوا التعلم الذي نتمناه فعلينا ان نجتهد لنجعلهم يرون في المنهج من المتعة والفائدة المباشرة ما يحرر ويطلق دوافعهم الفطرية الطبيعية للتعلم. مثال آخر، يرد في منهج الرياضيات تدريبا يُطلب فيه من التلاميذ تقسيم دائرة ذات نصف قطر محدد إلى أجزاء «قطاعات» متساوية، إنه تمرين أو تدريب أصم لا يجد فيه الطالب أي معنى، تخيل كيف ستكون استجابة الطلاب لهذا التدريب لو ان المعلم قسّم طلابه إلى مجموعات مختلفة العدد وأعطى لكل مجموعة طلابية قطعة من الكيك «دائرية الشكل» وطلب منها ان تقتسم فيما بينها قطعة الكيك بالتساوي مستعينين في ذلك بالمفهوم الرياضي المعروف.
وقفة:
قامت لجنة مكلفة بإعداد تقرير عن التعليم في أمريكا وقدمته للأمة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، ذكرت اللجنة في معرض نقدها للتعليم ما معناه:
«لو ان هذه المناهج التي بين أيدينا فرضتها علينا أمة من الأمم لاعتبرنا ذلك اعتداء سافرا علينا»، من المعروف ان الأمة.. أي أمة.. تختار لنفسها بنفسها المناهج التي تعزز لدى أجيالها القيم العالية التي تؤمن بها، وتشكل لديهم السلوكيات المثلى المستهدفة، وترتقي بمستويات التفكير لديهم، تختار الأمة لنفسها المناهج التي تخرجها من أزماتها وتقربها من طموحاتها المستقبلية انطلاقاً من واقعها الفعلي الذي تعيشه، التعليم عموما، والمناهج خصوصاً، هو صياغة صريحة لشخصية الأمة، ومن السخف الحديث عن أمة تتدخل في تعليم أمة أخرى.
* كلية المعلمين بالرياض | 