الجنادرية اسم أصيل يمدنا بمذاق حلو يصل حاضرنا المتفائل بماضينا السابق، ويربط ذاكرتنا العربية بأسواق العرب التي ابتدعوها وأنشؤوها في تنقلاتهم، وتجاراتهم وجولاتهم الأدبية، والجنادرية تنقل إلينا سوق عكاظ مكاناً وزماناً، تنقله من ضواحي الطائف إلى ضواحي الرياض، وترحل به عبر الزمان من عصور الجاهلية إلى عصرنا الحديث الزاهر، كما تنقل بقية أسواق العرب من مجنة، وذي المجاز، وهجر، وشحر، والمربد وتبث فيها الحياة المعاصرة.. وتؤكد على الصلة بين الحياة والأدب، وبين المادة والروح، وبين الصفقات التجارية والصولات الأدبية، وبين مبارزات الفرسان ومنافسات الشعراء والخطباء. الجنادرية تذكرنا بسوق عكاظ يوم كان خطيب العرب المفوه: قَس بن ساعدة، يخطب في أهل عكاظ فيستمع الناس إلي بيانه، وتأسرهم عذوبة كلماته، ورائع عظاته.
والجنادرية تذكرنا بالشاعر الشهير: النابغة الذبياني الذي كان يجلس في قبة من أدم أحمر، تنصب له، ويفد إليه الشعراء، يتنافسون في إلقاء قصائدهم، وإنشاد أشعارهم، فيحكم النابغة بينهم. لا يرد له رأي، ولا ينقض له حكم.
الجنادرية تحضن الوفاء والأصالة في محض وارف الظلال، ممهد الجنبات، آمن من الردعات، وتعلن على الملأ عن أن حضارتنا العربية الإسلامية ممتدة الجذور، متصلة الحياة، تمور بالحياة وبالحركة، فالكلمة الحرة الأصيلة مازالت تحتفظ بمكانتها شعراً ونثراً، والرياضة العربية الأصيلة العريقة مازال نبضها قوياً حيَّاً في مطاردات الفرسان على صهوات الخيل، وفي جري المطايا وسباقات الهجن، وتتواصل العلاقة بتناغم بهيج بين التجارة والصناعة والشعر والخطابة والرياضة والفروسية.
الجنادرية نجم مضيء يكشف ملامح الثقافة العربية الأصيلة، وينير لمن يقلب صفحاتها معالم هذه الثقافة المتصلة الجذور، ويفتح أمام الأدباء والمثقفين في هذا العصر صفحة جديدة كل عام، فيتجدد العطاء، وتزهو الملامح، وتنتعش الآمال ببذوغ فجر عربي القسمات إسلامي الرؤى.
والجنادرية منبر يعلن من فوقه عن أسماء الرواد الأوائل في دنيا الثقافة والأدب والفكر في بلادنا الغالية، المملكة العربية السعودية التي ترعى الحياة الثقافية في مملكتنا، وتنميها وتثريها، والجنادرية هو سوق العرب الحديث في هذا العصر ينال فيه الرجال ما يستحقون من تكريم ووفاء عرفانا بالجميل الذي صنعوه وقدموه لبلادهم ومواطنيهم، فعلى منبرها أعلن تكريم عدد من الرجال الرواد الأوائل منهم:
1 حمد الجاسر.
2 أحمد العقيلي.
3 عبدالكريم الجهيمان.
4 حسين عرب.
وهي تحتفي اليوم بتكريم ابن الجزيرة، وأديبها، وشاعرها وواحد من أعلامها الكبار وراويها الشاعر: عبدلله بن خميس الأديب الذي وصل صوته إلى كل أذن، وارتفع اسمه علي كل منبر أدبي، واستوعب كلامه كل متذوق للشعر العربي قديمه وحديثه وفصيحه وعاميه، وسمع الناس رواياته، واستمتعوا بما نثره عليهم من قصصه وحكاياته.
فهو من جيل الرواد الذين أسهموا في بناء حركة أدبية ثقافية فكرية تميزت بها بلادنا، هؤلاء الرواد الذين ضحوا بالكثير من الجهد والوقت في زمن كان يمثل مرحلة جديدة من مراحل النهضة في الجزيرة العربية، في مجتمع كان ينتقل من مرحلة الأمية عند تأسيس هذه المملكة العزيزة إلى مرحلة التعليم على الرغم من ضعف الإمكانات، وصعوبة الاتصال بالثقافات الأخرى خارج جزيرة العرب، وقد أسهم الأديب العلامة: عبدالله بن خميس في نقل حياتنا إلى مرحلة أكثر ثراء وغنى وجمالاً وفهماً.
فله تهنئتي من القلب، وتهنئة النادي الأدبي بمنطقة الباحة بأعضائه ومنسوبيه ورواده وللجنادرية ألف وردة حب، وألف تحية إكبار وإجلال.
والحمد لله أولاً وآخراً،،،
(*) رئيس النادي الأدبي بمنطقة الباحة |