* تحقيق عزيزة محمد القعيضب :
عفواً أنت امرأة !!؟ كم تصيب هذه العبارة صاحبتها (المرأة) بالإحباط رغم أن هذه هي حقيقتها! ليس لأنها تهرب من واقعها الذي قدره الله لها ولكن لأن الضغوط التي تواجهها تجبرها على أن تعيش حالة قلق واضطراب.
ولربما كانت الضغوط التي تعاني منها هي المؤشر (المخيف) الذي يؤكد انضمامها لقائمة المصابين بالامراض النفسية وبالتالي تكون عبئاً ثقيلاً على المجتمع وفي هذا التحقيق تسلط (الجزيرة) الضوء على بعض الضغوط النفسية التي تعاني منها المرأة العربية وتسجل بعضاً من اعترافات (الرجال) . فضلاً عن ان الحملة على الاسلام والعرب التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر كان لها دور هام في إذكاء تلك الضغوط فالتفت إليها هذا التحقيق ليرى الموضوع بأكثر من زاوية ولم ننس أن نُعرِّج على الناحية الطبية ومدى تأثيرها على المرأة ونفسيتها.
المصداقية ... مفقودة!
من وجهة نظري وفي اعتقادي الشخصي هو أن الضغوط النفسية لا يعاني منها إلاّ المرأة العربية فقط لأن المرأة الغربية تتمتع بحرية مطلقة غير معترفة بأي عرف!
هكذا بدأت هند (الطالبة الجامعية) حديثها حول الموضوع مع اختلافنا معها في ذلك واردفت قائلة:
نحن في عالمنا العربي نعني من ضغوط نفسية رهيبة رغم أنها في حقيقتها لو أعيدت لحقيقتها لوجدنا أنها أسباب تافهة غير مؤثرة خصوصاً علينا نحن العرب الذين عرفنا بالصبر وتجاوز الصعاب ومن المؤسف جداً هو أن المرأة العربية تواجه كل يوم تحديا جديدا قويا يترتب عليه (نفسية) متعبة لا يمكن أن تقدم وتعطي ما لديها ومما يزيد الطين بلة هو أننا للأسف فقدنا مصداقية التعامل مع المرأة فلم يعد المجتمع يحترمها لذاتها ولم يقدر تواجدها فأصبحت هي تنظر إلى نفسها أنها عديمة الفائدة ولكم أن تتخيلوا انعكاس هذا على نفسيتها!
المرأة .. آلة عوجاء!
رغم أن رأي (هند) رأي شخصي إلاّ أن الحق معنا في أن نخالف رأيها فليست المرأة العربية هي من تعاني فقط مع أن الحقيقة (المريحة) هي أن تعامل كما عاملها الاسلام وكفل حقوقها ورأينا هذا أكدته تهاني سعد (موظفة حكومية) فتقول:
للأسف أصبحت المرأة وكأنها آلة فقط تعمل لتجلب المال وتطالب أيضاً بمضاعفة الجهد لتقوم بأعباء المنزل والزوج والالتزامات الأخرى فأنا أعاني من ضغوط خيالية فزوجي يطالبني بالإنفاق على المنزل وتحمل مسؤوليات الأبناء فضلاً عن اقتطاعه هو من مرتبي ما يحلو له وعلاوة على هذا يُكيل الشتائم ويذيقني أنواعاً من الضرب المختلفة إذا اعتذرت له عن عدم قدرتي عمل أمر ما خصوصاً إذا كان فيه تحميل لي فوق طاقتي إلى أن طلبت الطلاق وأصبحت في نظر المجتمع مطلقة وابتدأت ضغوطا نفسية جديدة لأن المجتمع ينظر للمرأة المطلقة نظرة قاصرة ويتهمها بأنها هي السبب في الطلاق ولو لم تكن (عوجاء) لما طلقت و... و...
إلى أن انتهى بي الأمر إلى عيادة نفسية منذ ما يقرب الثلاث سنوات ولم تنته معاناتي بعد رغم أن الاسلام حفظ حقوقنا نحن النساء وشرع لنا الطلاق ليكون نهاية معاناة لنريح ونستريح!
يتركني أتحدث مع نفسي ...
أكد دراسة نفسية أن النساء يتحدثن أكثر من الرجال بمعدل ثلاثة أضعاف وحين تصل هذه الدراسة لواقع المرأة الذي يفتح باباً آخر من المعاناة يكون مشكلة تبحث عن حل حتى لا تترتب عليه ضغوط نفسية يعاني منها كلا الطرفين.
أم عمّار (أردنية) تقول: مشكلتي ليست هي أنني حين اتحدث لا اجد من يفهم ما اقول ولكن المشكلة ان من اريد ان اتحدث معه ويفهمني لا يريد ان افتح معه اي موضوع نتناقش فيه على العكس مع زملائه فهو كثير الكلام كثير المزاح وكم حاولت ان افتح معه الموضوع صراحة في ان يخبرني ان كنت أنا سبب في أمر ما لكنه يلوذ بالصمت ويجعلني أتحدث إلى أن أصبحت هذه عادة لدي فتشير إليّ أصابع الاتهام بأنني (مجنونة) تتحدث مع نفسها فأخذت لاحدى المصحات النفسية وخرجت بأن أمل شفائي هو زوجي بعد الله الذي يكثر حديثه مع زملائه ويتركني في أحاديث (مسموعة) مع نفسي وكأنني سفيهة رغم أنني أدير دفة النقاشات مع صديقاتي وأقاربي ولكن قبل استفحال المشكلة والمعاناة معي.
بين الرجل المرأة
تقول أم ياسر (موظفة سورية) : تواجه المرأة ضغوطاً كثيرة متعبة منها التفرقة الكبيرة بين الولد والبنت من جهة الوالدين فالبنت تتحمل اعباء المنزل منذ نعومة اظافرها في حين ان الولد هو المدلل دائماً بل وتجلب له طلباته وهذه الضغوط لا تنتهي بزواج البنت بل يتبعها ضغوط اخرى من الزوج نفسه بدءاً من تربيته التي نشأ عليهاكونه المتسلط دائماً بل ويفرض رأيه ولا يشارك زوجته رأياً ولا مشورة فضلاً عن نظراته الساخرة ومعاملته القاسية مما يولد ضغطاً نفسياً لديها وانفجاراً لا يعلم مدى حدته.
وحول الرأي نفسه تقول جيهان مصطفى (مصرية) : دائماً ينظر المجتمع للرجل على انه هو (الصح) والمرأة دائماً خطأ حتى وان كشفت الحقائق صحة كلامها ومصداقية رأيها فالرجل دائماً هو المتفضل على المرأة وهو المغفور ذنبه في مجتمع سواء كان جرمه المقترف صغيراً أو كبيراً بل على العكس يُلتمس له العذر ويبدأ من التهم الموجهة إليه ولعلي أتذكر ما حصل لإحدى قريباتي حين طلب منها أخوها إحضار كوب من الشاي له فلبت له طلبه ولكن في طريقها للمطبخ رن جرس الباب فذهبت لتفتح بيد أن الضيف القادم أخذ من وقتها (7 دقائق) فقط وهي ترحب به في ذلك الوقت خرج أخوها وانهال عليها بالشتائم وحين وجدها صامتة وعلامات الاحراج بادية على وجهها ضربها ضرباً مبرحاً لتنقل على إثرها للمستشفى وحين حضرت الشرطة لتفتح محضرا بذلك أجبرها أهلها على التنازل مع التهديد بأن الذي لاقته وزيادة عليه سيكون مصيرها إن هي تفوهت بكلمة أو اعادت ما حصل مرة اخرى فيا ترى أي راحة ستشعر بها المرأة وهي تواجه كل هذه الضغوط سواء كان لها فيه يد أو ليس لها؟!
فقط .. يفكر في راحته!
اقتصرت مهمة الزوج على توفير الجانب المادي فقط وعند دخوله المنزل لا يريد حتى رؤية أولاده! هكذا قالت أم بدر (معلمة) حول معاناة المعلمة في حياتها الزوجية وتضيف: فالزوج يفضل الجلوس لوحده كي يرتاح ويطلب من زوجته الخروج بأولاده عنه وحتى في اجازته يفكر في راحته والتمتع برفقة اصحابه ولا يعير أولاده أو زوجته أي اهتمام ومع كل مسؤولياتها يطالبها بأن تقابله بوجه بشوش وتبادله الحديث الذي هو يبتدئه ويرغب في التحدث فيه ويطالبها بخدمته كخدمتها لطفل من أطفالها لدرجة أنها لا تجد وقتاً للراحة والنوم وحتى نومها يكون متقطعاً نتيجة لرعايتها لأطفالها الرضع، وهذا حتماً ينعكس على صحتها ونفسيتها التي حتماً ستكون بسببها عصبية المزاج كثيرة البكاء قليلة الانتاج والابتكار.
عجوز كلمة مؤلمة
حين تدخل المرأة مرحلة اليأس كما يسميها البعض والتي يقصد بها سن اليأس تبدأ الهرمونات التناسلية بالتناقص مما يجعلها عرضة للإصابة ببعض الأعراض مثل الاكتئاب النفسي وعدم التركيز والأرق ويمكن علاجها بواسطة الهرمونات ولكن تحت اشراف طبيبة متخصصة وفي هذه السن تبدأ الحاجة النفسية لكل من حولها خصوصاً من الأبناء وهذا ما حث عليه الدين الاسلامي في الحث على بر الوالدين وتتبع احتياجاتهم الحسية والمعنوية وحول هذا تقول أم سلمان حمد (مسنة) ولدي ليس الوحيد لكنه هو المتواجد عندي في المنزل فكل أبنائي وبناتي يرون أني كبيرة فلا يلتفتون لكلامي ولا لمشورتي ظناً منهم أني متخلفة وقاصرة وكثيراً ما يقولون (خلوا عنكم كلام العجوز) فيسمعون كلام زوجاتهم ويضربون برأيي عرض الحائط إلى أن طفح بي الكيل وطلبت العيش في سكن لوحدي لا يرافقني أحد منكم مرة مرضت ولم يسأل عني أحد واحتجت ولم يلتفت لحاجتي أحد فأصبح الدواء هو قريني وتبدلت نفسيتي لحال سيئة وتساءلت ترى أين من كان يسمع لحديثي ويحتاج لحناني ويطلب مني رأيي فيما يواجهه .. بل أين أبناء أبنائي الذي كانوا يطلبون مني الحكايات والقصص لتروِّح عن أنفسهم ويستفيدوا منها في حياتهم؟!
أينما تول المرأة وجهها تجد الضغوط والتوترات تطاردها في العمل في المنزل والمناسبات في كل مكان تعاني كان هذا رأي ابتسام مهنا (طبيبة سورية) وتؤكد:
حين تعلمت المرأة وعملت حسبت نفسها حرة لنفسها تجد ما يكفيها ويغنيها عن مسألة الآخرين ولكنها اصطدمت بواقع مرير يحتم عليها التقدم أكثر من الأخذ من الزوج والأسرة والالتزامات والعمل والأصدقاء أيضاً فحين تشتكي لزوجها فيجيبها بأسرع الحلول وأقربها وهو الجلوس في المنزل والانقطاع عن العالم مع أن المرأة الشرقية تعاني من تراكمات عديدة وخصوصاً المرأة العربية فطبيعتها الحساسة ترغمها على ان تكمل المشوار الذي بدأته ليس من أجلها وإنما لأجل من حولها فعاطفتها حتمت عليها أن تكون هكذا تعاني.. تكبت.. تتقدم لتقدم!
الهروب من الحرمان
الضغوط النفسية على المرأة العربية متفرعة ومتشعبة، هذا ما قالته عائشة الرايسي من (تونس) فتحكي جانباً هاماً من تلك المعاناة بقولها: في أحدث دراسة علمية تمت في جامعة القاهرة أكدت أن (70%) من الفتيات الهاربات كان بسبب الفقر الذي يعانيه ربما لا يكون فقراً يعود لدخل العائلة بقدر ما هو إحجام عن توفير متطلبات الفتاة حتى الضروري منها وهذا ما حصل بالفعل مع إحدى زميلاتي التي أجبرتها الضغوط العنيفة التي أجبرها أهلها عليها في كونها محرومة من أبسط الحقوق المادية للهروب من منزل أهلها ليتم الإعلان عن فقدها بعد مرور ثلاثة أيام فتبدأ الشرطة بالبحث عنها إلى أن وجدت مقتولة بعد تعرضها لابتزاز متعمد من قبل من قتلت على يديه!
فهذه الفتاة الهاربة واحدة من بين الهاربات من الاهل مع انها لو فكرت في اقدامها على هذا العمل وما يتبعه سواء عليها أو على اهلها لما أقدمت على فعله افلم يكفل الاسلام لها راحتها ويحميها من نفسها الامارة بالسوء وكل من اراد استغلالها؟! من يجيب؟!
ضغوط ... وغربة!
خلّف انفجار البنتاغون أحداثاً عديدة ونفسيات متعبة كل حسب ما يعانيه فعقب أحداث 11 سبتمبر واجه العرب والمسلمون حروبا اعلامية وضغوطا نفسية متعددة والمرأة هناك واجهت ضغوطا وممارسات نفسية عديدة فكان للجزيرة اطلالة على معاناتهن فماذا قلن حيال ذلك؟!
تقول راجية ابو عليقة (مقيمة عربية في الولايات المتحدة) بعد اتهام العرب بالتفجيرات اصبحت اصابع الاتهام توجه الينا فنزع حجابنا واجبرنا على التخلي عنه حتى في التجمعات خوفاً من اننا ارهابيات او نخطط لعمل ما فيكون الحجاب هو ملجأ للتخفي فتقول إحدى العربيات انني كرهت الخروج من المنزل حتى لشراء حاجياتي الضرورية بعد ان اجبروني على نزع حجابي ونادوني بالارهابية فلكم ان تتخيلوا الضغوط التي واجهتها وعانيت منها وحين فكرت في الذهاب الى طبيب اعرض عليه حالتي خفت ان يتهمني هو الآخر ويقلل من شأني كعربية فاصبح الشك والشعور بالدون والخوف من الاشياء الملازمة لي في حياتي بل ومن الاشياء التي ضايقت من حولي مني.
وعن نفس المعاناة تقول رندا ابو بكر مقيمة في الولايات المتحدة: الضغوط النفسية التي تعانيها المرأة العربية كثيرة في بلدها فكيف بها في بلد ليس يوافق عاداتها وتقاليدها فضلا عن الاتهام الذي وجه اليها في انها من المفسدين في البلاد التي تقيم فيها فنظرات السكان واهل الحي الذي نسكنه تقول انني متهمة وليس الامر عند هذا الحد بل تعداه الى ان التنقيص يصلني الى باب بيتي والتهديد فهذا اثره سيىء ومؤلم أيما إيلام. وتقول سعاد يوسف (خليجية مقيمة) بودي لو تتحسن النظرة الينا فالاعلام شن حربا نفسية علينا وجعلنا في حالة عصبية وفزع دائمين حتى نومي متقطع وكأنني اسرقه فضلا عن سيطرة الشعور بعدم الثقة علينا فانا حين اسمع كلاما
اعترفوا بقسوتهم وسوء معاملتهم :
ربما لا اكون فيه المعنية او المقصودة لكنني اشعر وكأن الكلام موجه اليّ فقلّت شهيتي للاكل واصبحت اتناول المهدئات وبعضاً من الادوية النفسية ليقل ذاك الشعور المسيطر واستطيع النوم!
فنحن ولله الحمد نعرف حقوقنا وواجباتنا ولنا في رسول الله اسوة حسنة حين حدد ووضح الحقوق حتى لاهل الكتاب فضلا عن اننا نجعله قدوتنا في الصبر على المكاره واحتساب ذلك وألا يؤثر على نفسياتنا ويقلل من انتاجنا وعطائنا بل على العكس نسعى جاهدين لان نذب عن الدين ونثبت للاعلام الغربي اننا نتحلى بالخلق الاسلامي الرفيع واننا بعيدون كل البعد عن التعدي والاعتداء على الآخرين.
اعترافات بعض الرجال
كان ما مضى من صاحبات الشأن فذكرن جوانب بسيطة مما يواجههن من ضغوط فيا ترى ما رأي الرجل في ذلك؟! هذا ما (اعترف) به بعضهم فماذا قالوا؟!
يقول وليد خالد: صحيح ان زوجتي موظفة وتقوم (تقريباً) باغلب اعباء المنزل لكنني اصب جام غضبي عليها حين اشعر بالدون فهي موظفة وراتبها افضل من راتبي ويزيدني شعور بالقهر والغضب هو ان شهادتها اعلى من شهادتي فهي جامعية وانا احمل فقط الثانوية وحين تطلب مني اكمال دراستي اشعر وكأنها تريد استفزازي وان تحسسني بالنقص وانها اعلى مني فابدأ بالتعامل السيئ معها ولربما وصل الأمر للضرب وكثيرا ما تحمل حقائبها وتذهب لمنزل اهل ه ا بحجة انها تريد (تغيير جو) ولكن هي المخطئة فلماذا تشعرني بانني اقل منها فتقدم الهدايا وتتكفل بشراء بعض الحاجيات؟!
يقول (نادر .ع) (كويتي): حين أعود للمنزل ولا أجد زوجتي تثور ثائرتي وأبدأ اشكك في خروجها حتى وان اخبرتني بانها ستذهب للمكان الفلاني فتزداد المشكلات ويبدأ ضغطي النفسي عليها لدرجة انها اصبحت تكرهني وتكره المكان الذي اتواجد فيه الى ان طلبت مني الطلاق فرغم احساسي بالذنب إلا ان المجتمع سيقف ضدي لو اعترفت بتقصيري وأنا بالطبع لا أريد أن يقال عني إنني ضعيف الشخصية وأن زوجتي هي التي تقرر وأنا فقط أنفذ ولا يهمني حينها ما تكون نفسيتها أو الضغوط التي تعاني منها المهم هو أن احتفظ برجولتي على الاقل في نظر المجتمع!
ويقول جمعة . س (من الامارات) : للاسف المرأة تعاني من ضغوط نفسية شديدة ونعترف نحن الرجال إن لم نكن نحن السبب فنتحمل ما لا يقل عن 75% منها فمثلا الرجل الذي دائماً يتبجح امام زوجته بان فلانة افضل منها خصوصا امام القنوات الفضائية فاحد الزملاء ذكر ان زوجته اصيبت بانهيار عصبي نتيجة المقارنة التي كان يقوم بها زوجها بينها وبين المذيعات في القنوات الفضائية فيقول والحديث للزوج كنت دائماً أقول (لو انت مثل فلانة شوفي جمال فلانة.. فلانة وفلانة) إلى أن طفح كيلها ذات يوم وأخذت الكأس ورمت به شاشة التلفاز حينها لم احتمل الموقف فصرخت وضربتها وهي تقول: (كل مرة تقارني بفلانة وفلانة..) شددت شعرها وهي تصرخ وأصيبت بعدها بانهيار عصبي وهي الآن تتلقى العلاج في إحدى المصحات النفسية.
فبعد أن (جاءت) بعض نفوس الرجال ببعض الاعترافات ألا يتطلب الأمر لوقفة صادقة لتمحي ص ظاهرة الضغوط التي تمارس في حق المرأة وتحديدا المرأة العربية؟! ألا يتطلب الأمر وضع خطة علاجية يقوم بها المجتمع لعلاج الازمات والمشكلات النفسية التي تعاني منها المرأة؟! ألا من رجوع لكتاب الله وسنة نبيه لنتبع العلاج الناجع ونتخلص من كل الضغوط النفسية والجسدية منها؟! لابد من علاج طبي وعلاج ذكره المولى قبل ذلك في التعامل بالرفق مع المرأة (وخياركم خياركم لنسائهم) (وما دخل الرفق في شيء إلا زانه) وبما أن هذا الموضوع طويل ومتفرع ويحتاج لمساحات ومساحات فضلنا الاقتصار على الناحية الطبية جسدياً ونفسياً لنقف مع رأي الطب واختصرنا مسافات الحوار فما رأي الطب؟!
توتر وحساسية مفرطة
بداية التقت (الجزيرة) بالدكتورة عفاف التويجري اخصائية نساء وولادة بمستشفى النساء والولادة بمجمع الرياض الطبي فقالت: المرأة من حيث تركيبها الفسيولوجي معرضة للحساسية المفرطة والتوتر الانفعالي رغم انه ثبت علميا انها تتحمل الجهد والألم أكثر من الرجل والأم العاملة قد تشعر بالاجهاد نتيجة التفكير المتواصل بأبنائها وقلقها عليهم مما يسبب لها ضغطاً نفسياً، أما العاملة التي تمر بفترة الحمل فان ضغط العمل يؤثر عليها بشكل أقوى نظرا للتغيرات الجسدية التي هي تغيرات طبيعية تلازم فترة الحمل فالوضع الفسيولوجي في الاسابيع الاولى قد يسبب ضغطا نفسيا وجهدا جسدياً والحال كذلك في فترة الحمل الاخيرة حيث ثقل الحمل وضغط العمل وقلة النوم واعراض الكتابة المتقطعة والتصورات المزعجة التي تتعلق بهن وبالمولود ناهيك عن آلام الظهر وصعوبة التنفس وعسر الهضم مما يجعل المرأة في وضع نفسي غير مريح على الاطلاق ومن اربعة الى ستة اسابيع قبل موعد الولادة تشعر المرأة بتوتر عصبي واجهاد فكري بسبب تفكيرها حول المخاض وما سيكون مصيرها لذا نلاحظ ان الاجازات تكثر في هذه الفترة حتى وان لم تكن مريضة (الفترة الاخيرة للحمل) ولكن ثقل الحمل على جسدها والضغط النفسي عليها يجعلها غير قادرة على العطاء لذا اقترح ان تكون اجازة الامومة ستة اشهر تبدأ مع بداية الشهر الثامن او التاسع من الحمل حتى يتسنى للمرأة العودة إلى العمل وقد حصلت على الدعم العاطفي والنفسي الذي يقيها من تراكمات الضغوط النفسية.
التوتر والعصبية
وحول العقاقير والادوية التي تتناولها المرأة تحدثت كبيرة الصيادلة بمستشفى القوات المسلحة بالرياض الصيدلانية امل القاسم فقالت: ان بعض الامراض العضوية مثل اضطرابات الغدة الدرقية وداء الباركنسون وقرحة المعدة والقولون العصبي الذي اصبح يعالج في بعض الاحيان بالمهدئات والادوية المضادة للاكتئاب فقط ترتبط بالاصابة كذلك بعض العقاقيرمثل ادوية الضغط والمنشطات وغيرها، أما الصداع الناتج عن التوتر فهذا النوع يصيب النساء أكثر من الرجال يقول الباحث بريان شوارتن المتخصص في علوم الصحة كلية الصحة العامة جامعة هوبكنس «إن الصداع الناتج عن التوتر في العمل مألوف ومشهور ويصيب النساء أكثر من الرجال وخاصة اللواتي تتراوح اعمارهن بين 30 39 عاماً» ولأن التوتر المستمر قد يتطور فيما بعد إلى عصبية دائمة أو اكتئاب عارض لذا نجد ان العقاقير المتداولة المهدئة والعقاقير المضادة للاكتئاب اصبحت في الاونة الاخيرة من اكثر العقاقير المتداولة حيث ارتفعت نسبة تعاطيها في المجتمعات الشرقية والغربية على حد سواء.
أما التوترات النفسية التي تتزايد مع المرأة في عملها وتكون ناتجة أثناء وقبل الدورة الشهرية فقد انتجت احدى الشركات المنتجة للمستحضرات الصيدلانية عقارا جديدا يعتبر اول دواء منتج لمعالجة النساء اللواتي يتعرضن لتوترات نفسية وبدنية قبل وخلال الدورة وهذا العقار يحوي على مركب فلوكسيتين هيدروكلورايد وهي المادة الفعالة ذاتها التي توجد في دواء البروزاك المضاد للاكتئاب.
المرأة القاتلة!
تقول الدكتورة حنان عبدالحافظ حسين (مستشفى اليمامة) حول ظاهرة القتل من قبل المرأة لزوجها: (المرأة القاتلة) ظاهرة غريبة بعيدة كل البعد عن الدين الاسلامي لكنها وللاسف نشأت في بعض البلدان العربية فنجد ان المرأة ذلك المخلوق الوديع تحولت الى وحش كاسر وتقتل الزوج نظرا لخيانته لها فهذه القاتلة مريضة نفسياً نسيت إيمانها بالله والصبر على المكاره فالمرأة الانثى التي تستطيع ان تؤدي دور الزوجة بنجاح فانوثتها تثبت لديها مشاعر الحب تجاه الزوج وتجاه مملكتها الخاصة، فالانثى الحقيقية هي الزوجة والحبيبة والعاشقة وهي الام وهي الابنة.
وحول التغيرات الفسيولوجية قالت الدكتورة حنان: تتعرض المرأة للعديد من التغيرات الفسيولوجية الهرمونية فمثلاً قبيل مجيء الدورة الشهرية ينتاب المرأة الشعور بالاحباط والكآبة والحزن بالاضافة الى العديد من التغيرات الجسدية الاخرى كالانتفاخ وقد تشتد هذه الاعراض عند بعض السيدات فتظهر بصورة مرضية فنجدها تطلب الطلاق من زوجها لاتفه الاسباب ولوحظ انه سجلت اعلى معدلات الحالات الطلاق في تلك الفترة.
بحث طبي لطيف
يقول الدكتور قيس حداد (عراقي) استشاري امراض باطنية والتهابات بمستشفى قوى الامن ان المشكلات الصحية والنفسية ليست فقط للمرأة العاملة بل يرتبط بالعديد من القضايا الاخرى والعلاقات الاجتماعية وما يترتب من سلبيات في العناية بالزوج والاطفال وفي بحث لطيف نشر في مجلة الجمعية الطبية الامريكية العام الماضي اثبتت زيادة آلام الذبحة الصدرية لمرضى شرايين القلب عن الامهات العاملات والذين يعانون من مشاكل مهمة داخل الاسرة حيث تمت دراسة 292 امرأة عاملة يبلغن من العمر 30 15 سنة اثبتت الدراسة بان آلام الذبحة تزيد الى ثلاثة اضعاف عن المرأة العاملة والتي لديها مشاكل نفسية داخل الاسرة بينما لم تزد هذه النسبة بالنسبة للمرأة العاملة التي تعيش حياة هادئة في حياتها.
حواء ... سبب البلاء!
يذكر الدكتور نجم الدين الفاضل (سوادني) المستشفى العسكري جانباً من الجوانب التي يلوم فيها المجتمع المرأة وخصوصا المجتمع العربي والذي نحمد الله تعالى انه وان وجد عند قلة إلا انه يندر وجوده في مجتمعنا العربي المسلم فيقول:
منذ ان خلق الله المرأة من ضلع آدم وهي تتعرض دائماً وابدا لضغوط هائلة تترجم عادة بمقولة يرددها الجميع دون ادراك واع لمدلولها فيقولون ان المرأة ناقصة فقد خلقت من ضلع اعوج وليت الامر يقف عن هذا الحد فالكثير من الرجال يؤمنون بان حواء هي سبب البلاء وهي وراء معاناة الانسان في الدنيا فلولاها لبقي الانسان ينعم بخيرات الجنة ونعيمها وغيرها من المقولات.
وهكذا تتضافر رؤى المجتمع وتتكاثر لتخلق مناخاً نفسياً سالباً يؤدي إلى ضغوط داخلية تحاول حواء اليوم ان تتخلص منها لتثبت للجميع انها ليست بناقصة ولا معوجة ولن تعيدنا الى النار.
وبعد!
بعد ان تحولنا في ربوع هذا (الموضوع المتشعب) والذي نعترف باننا لن نلم بكل جزئياته او حتى باغلبها إلا ان العقل يحتم علينا ان نعيد الامر ونناقش الموضوع من وجهة إسلامية التي ولله الحمد تقلد المرأة وسام التكريم والشرف وتحميها من التيارات وتبعدها عن الضغوط النفسية ما ان تمسكت بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولعلها تكون دعوة صادقة لان ينظرالرجل بمنظار طيب للمرأة فيعاملها كما حث ديننا الحنيف على ذلك لتكون عنصرا فعالا في المجتمع بعيدا عن الضغوط والاثار النفسية السيئة التي تعقب التعامل السيئ معها.
|