| شرفات
تتسبب العواصف والأعاصير وكل الزوابع العنيفة الاخرى وكذلك الزلازل في إحداث تدمير فادح وخسائر مادية وبشرية كبيرة، ولك ان تتخيل منظر المنازل المحطمة والاشجار المقتلعة من جذورها ومجتمعات بأكملها قد سويت بالأرض. ونحن لا نستطيع أن نمنع حدوث هذه الكوارث، الا ان العلماء يستطيعون بفضل الله ثم بواسطة الرادار والأقمار الاصطناعية وبعض الاجهزة الحديثة الاخرى ان يتنبأوا بموعد ومكان حدوث مثل هذه الكوارث ومن ثم يستطيع الناس اتخاذ احتياطات الأمان اللازمة لتجنب حدوث الخسائر اذا ما توافر التحذير قبلها بوقت كاف.
ويعمل الرادار كالصدى، فلو أنك صحت بصوت عالٍ منادياً نفسك في مكان تحيط به الجبال، فسوف تنتقل الموجات الصوتية الى تلك الجبال ثم ترتد منها وتعود اليك على هيئة صدى، وبنفس الطريقة يبعث الرادار بإشارات على هيئة موجات غير مرئية من الطاقة وتصطدم تلك الموجات بالأشياء التي تصادفها في طريقها فترتد انعكاسات ـ أو صدى ـ تلك الموجات مرة اخرى الى الرادار، وهكذا فإن الرادار يرى الأجسام بحيث تظهر كصورة على شاشة الجهاز. وقد استوحى المخترعون فكرة الرادار من الخفاش الذي يتحسس طريقه بناءً على أصواته التي يصدرها فإذا ارتدت عليه يعرف ان شيئاً ما أمامه فيتجنب الاصطدام به. ويستطيع العلماء استعمال الرادار لتتبع العواصف، فموجات الرادار تصطدم بقطرات المطر والثلوج العالقة في الهواء، ومن دراسة الصدى الذي يرتد الى الرادار يستطيع العلماء معرفة مدى قوة العاصفة واتجاه تحركها والسرعة التي تتحرك بها.
وكجميع الاختراعات فإن الرادار ظل يتطور مع الزمن حتى وصل الى شكله الحالي، ويمكن القول إنه بدأ في ستينيات القرن الماضي ففي ذلك الوقت وضع العالم البريطاني (جيمس كلارك ماكسويل) النظرية التي تنص على ان موجات الطاقة غير المرئية ذات الطاقة الهائلة والسرعة الكبيرة موجودة بالفعل.. وقد برهن العالم الالماني (هيزيش هيرتز) نظرية (ماكسويل) في ثمانينيات القرن الماضي، فقد وجد (هيرتز) ان موجات (ماكسويل) غير المرئية ترتد عند اصطدامها بالأشياء وأدى هذا الاكتشاف بكثير من العلماء الى الاعتقاد بأنه لابد من وجود وسيلة لاستخدام تلك الموجات في اكتشاف الأشياء البعيدة.
وفي عام 1935 تمكن العالم الاسكتلندي سير (روبرت واطسون واط) من تطوير اول منظومة متكاملة لاكتشاف السفن والطائرات البعيدة، وكانت تلك بمثابة اول جهاز للرادار. ومنذ ذلك الحين اخذت استعمالات الرادار في التعاظم أكثر فأكثر، وقد بدأ استعمال العلماء للرادار أولا في مجال الارصاد الجوية خلال الاربعينيات.
ويوجد بمعظم مطارات العالم اجهزة رادار لرصد العواصف المزعجة وتتبع مسار العواصف يساعد المراقبين الجويين على تحذير قائدي الطائرات حتى يسلكوا مسارات بعيدة عن المناطق الخطيرة، وفي حالة عدم امكانية تجنب العواصف فإن قائدي الطائرات يستطيعون على الأقل إعداد أنفسهم وركابهم لمواجهة الموقف.
وفي الستينيات طور المهندسون كشافا آخر للطقس وهو القمر الاصطناعي، وهو عبارة عن جهاز يتنقل في مسار منتظم حول الأرض وقد بنى العلماء توابع (أقمار اصطناعية) وأرسلوها الى الفضاء وتخبرنا هذه الاقمار فى أثناء وجودها بالفضاء بأشياء كثيرة، فتوابع الارصاد الجوية لها آلات تصوير تلتقط صورا للسحب، كما يمكنها ايضا قياس سرعات الرياح، وتساعد هذه المعلومات العلماء على التوقع بمشيئة الله بنوع الطقس الذي سيحدث في العالم بأسره.
والى جانب الاختراعات الخاصة بالتنبؤ بالعواصف، حاول العلماء اختراع أجهزة للتنبؤ بالزلازل، ورغم انهم لم ينجحوا في ذلك الا أنهم توصلوا الى اختراع آلة تسمح لهم بالاحساس بالزلازل وقياس شدتها عن طريق جهاز يسمى (السيزموجراف). والمعروف ان الزلازل تحدث نتيجة للتحركات التي تقع تحت الارض فأحيانا تنكسر اجزاء من القشرة الأرضية وتتزحزح محدثة موجات في باطن الأرض، وهذه الموجات هي بعينها الزلازل.
وفي عام 1855 بنى العالم الايطالي (لويجي بالميري) اول جهاز لتسجيل الزلازل، إلا أنه لم يكن مفيدا تماما. فقد كان أي شيء تقريبا قادرا على جعل اختراع (بالميري) يأخذ في الاهتزاز، سواء كان هذا الشيء زلزالا او عربة ترج الارض أثناء سيرها في احد الطرقات القريبة من موقع الجهاز.
ومضت خمس وعشرون سنة قبل ان يبدأ العالم الانجليزي (جون ميلن) في بناء جهاز لتسجيل الزلازل، وفي اثناء عمله بالتدريس في اليابان حيث تكثر الزلازل قام هو ومعاونوه ببناء اول (سيزموجراف) ويستخدم العلماء الآن صورا حديثة معدلة من جهاز (ميلن).
على ان اجهزة السيزموجراف لا تحدد سوى موقع الزلازل وشدتها ولا يزال العلماء يحاولون ابتكار جهاز قادر على التنبؤ بحدوث الزلازل لأن مثل هذا الاختراع سوف يجعل الارض اكثر أمانا لملايين البشر الذين قد يتأثرون بالزلازل المدمرة.
|
|
|
|
|