| محليــات
صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني ..حيّاك الله أيها الأمير القادم من البيت العتيق، ومن بطحاء مكة، ومن مساكن قريش وأزقتهم.
حيّاك الله أيها الأمير القادم من طيبة الطيّبة، ومن مساكن الأنصار وأزقتهم، والطالع علينا من عبق التراب الذي يغطي أطهر جسد على الأرض حيث يرقد في المكان الذي بركت على أرضه الناقة المأمورة من فوق سبع سماوات.
حيّاك الله أيها الأمير القادم من أعماق الصحراء العربية.. من مضارب تميم وقيس وأسد ومن منازل الأزد وكندة وطيىّء.
حيّاك الله أيها الأمير القادم من قصور بني أمية وبني العباس ومن قصور الخلافة في الأندلس.
حيّاك الله أيها الأمير القادم من أرقى ديموقراطيات العالم وأكملها..
من البلد الذي يحكم بشرع الله لا بشرائع البشر.
لقد والله رفعت لواءنا، وأعطيتهم درساً في الديموقراطية الحقة لم يعرفوه، وسلوكاً في المسؤولية لم يعهدوه، وعزاً بالعقيدة لم يتوقعوه، وافتخاراً بالهوية لم يتصوروه حلماً وعطفاً لم يجربوه، وتقاليد أصيلة لشعب أصيل لم يقدّروه.
حيّاك الله أيها الأمير العربي المسلم الذي حكى الإباء سلوكاً، ولبس العربية ثياباً وساس الناس عدلاً، واحتكم لشرع الله حاكماً.
حيّاك الله أيها الأمير الذي تصدر المجلس أميراً وسيداً من أسياد العرب المختارين في زمن تكالبت فيه على المسلمين الأمم، واشتدت عليهم المحن حتى لقد تحكم فيهم اليهود الأوغاد، واحتلوا أرضهم، واعتدوا على أعراضهم، وقتلوا أطفالهم وهم على ما فيه من تفرق وتمزق. شغلهم الهوى عن الاجتماع، وأعمتهم الأنانية عن الإتحاد، واليوم وقد زرع العدو بينهم الفتنة راحوا يقتتلون بلا رحمة، ويتسابون بلا خجل وكأنهم حنّوا إلى الجاهلية فاستبدلوها بالإسلام..
فيا ضيعة الإيمان، ويا ضيعة الإسلام ويا ضيعة النور والهداية والحضارة.
حيّاك الله أيها الأمير القادم من القادسية واليرموك، ومن حطين وعين جالوت لقد والله حكمت لنا حين حكّمناك، وحكمت عليهم حين تعاملت معهم بحكمتك.
لقد والله أعدت لنا صورة من صور العز والقوة والمجد خلال استقبالك أشراف الأمريكيين وشيوخهم..
حينما حضروا مجلسك الكريم فرأوا جزءاً من لوحة عظيمة لحياة هذه الأمة العظيمة، ومشهداً مبهراً من مشاهد رائعة لاجتماع رجال الأمة مع أمير الأمة.. إنه والله مشهد فقدناه من زمن بعيد، ومجلس كنا نقرؤه بين السطور.
يا الله.. أمير الأمة يمسك بيد شيخ أكلت جسمه السنون، وذوّبت لحمه الهاجرة. جاء ليبث شكواه، ويعرض للأمير حاجته فيجلسه الأمير إلى جانبه وهو يرفع يده تارة، ويخفضها تارة، ويشير بسبّابته، وينادي بصوت بدوي صنعت الصحراء تردده والأمير يرنو إليه وينصت، ويصادق على كلامه ويُسْمِتْ، ثم يأمر وزيره بأخذ خطابه وتحقيق طلبه.
ويتقدم جمع من الناس نحو الأمير يتقدمهم عريفهم حتى إذا سلّم على الامير وقبّل جبينه وأجلسه الأمير بجانبه تحلّق الجمع جالسين القرفصاء حول أمير الأمة منصتين وعريفهم يستأذن بالكلام فيأذن الأمير له، فيعرض مسألته نيابة عن وفده والأمير يسمع فلا يتكلم وعيناه تتفحص الوجوه المستبشرة والعيون الناطقة، والجميع من حضروا المجلس كلهم ينظرون ويستمعون أما الضيوف الذين تسمرت أعينهم على هذا المشهد النادر وكأن على رؤوسهم الطير لسان حالهم يقول: أنحن حقاً في عصر الذرة والصواريخ وحاملات الطائرات والقنابل الثقيلة الثاقبة، فلا يلبثوا أن يعودوا إلى رشدهم ويتذكروا أنهم في مجلس أمير الأمة حقيقة..
هذه الأمة التي لم يقدّروها حق قدرها، ولم يحترموها، ولا يلبث الجمع أن ينفضّ من حول الأمير بعدما سمعوا مقاله وتيقنوا من جوابه.
ويتقدم من بين الجموع رجل متلهف ممسكاً يد طفله البريء الذي أدهشه ما يجري من حوله لكنه لا يبالي فهو يتقدم أباه الى الأمير ويلقي السلام، ويرد الأمير بأحسن منه ويزيد بمصافحة الغلام حتى إذا اطمأن الغلام وهدأت نفسه جلس إلى جانب الأمير وراح يعرض مسألته على الأمير، والأمير به معجب ولكلامه منصت حتى إذا انتهى الغلام من الكلام وقف وقبّل جبين الأمير وثنّى بيده ثم انتظر، فلم يمهله الأمير ولم يخذله وأعطى أوامره لوزيره بإجابة الطلب.
ومشهد رابع، وخامس، وسادس.. فهذا أب مسكين يحمل كتلة لحميّة لا حراك فيها إنه ابنه المعاق المشلول يلفه بذراعيه ويضمه إلى صدره وتكاد عيناه تسيحان على الأرض مع دموعه، ويتقدم به نحو الأمير الذي ينهض واقفاً ليساعد الأب في إجلاس هذا الصغير المبتلى وهو إن احتفظ بهيبته لكن قلبه يتفطر حناناً، وعينيه تحكيان حزناً وهو يرنو إلى الطفل بعطف شديد، وينصت لكلام أبيه بكل حواسّه، حتى إذا عرض الأب مسألته نهض الأمير مرة أخرى ليساعد الأب في حمل هذه الكتلة اللحمية البشرية ويأمر وزيره ويؤكد عليه بسرعة الإجابة وتحقيق الطلب.
حيّاك الله أيها الراعي الساهر على مصالح الرعية، والأمير المشغول بهموم الأمة، فقد والله أفحمت كل حاسد لئيم، وكل ناكر للجميل دون كلام، ورددت عليهم بالإشارة فأخرست ألسنتهم، وأطفأت نيرانهم وأنت في صدر المجلس ومن حولك ذوو الأحلام الرزينة، وذوو السواعد المتينة. فنعم الأمير أنت، ونعم الرجال رجالك، ونعم الأمة أمتك.
|
|
|
|
|