| متابعة
* نيودلهي أميت ميتال د ب أ:
في ظل تراجع المخاوف من نشوب حرب شاملة بين الهند وباكستان وبعد التصريح الذي أدلى به الرئيس الباكستاني الجنرال بيرفيز مشرف السبت الماضي حيث سجل مشرف نقاطا إيجابية بعدم تصرفه كجنرال عسكري ميال للحرب وإثباته بدلا من ذلك أن بإمكانه بصورة أفضل من المتوقع القيام بدور الدبلوماسي.
وبدا كأن البلدين قد اقتربا كثيرا من الدخول في حوار.
وبفرض بيرفيز مشرف حظرا على جماعات متطرفة من بينها جماعتا لاشكار أي تويبا وجيش محمد وهما الجماعتان اللتان تتهمهما الهند بالتورط في الهجوم الذي تعرض له البرلمان الهندي الشهر الماضي أظهر الجنرال الباكستاني أنه جاد في تلبية المطالب الهندية وذلك بالرغم من أنه اتخذ هذه الخطوة تحت ضغوط من الغرب.
ولم يكن من الممكن تجنب هذا الحظر بعد أن قدمت الهند أدلة تشير إلى تورط الجماعتين في أنشطة إرهابية داخل أراضيها.
وبهذه الخطوة التي اتخذها الجنرال مشرف لم يكن هناك خيار أمام الهند سوى الترحيب بها وهو ما فعله بالفعل وزير شئونها الخارجية جاسوانت سينج برغم التحفظات والاشتراطات التي أبداها.
وهناك إحساس قوي في الهند أن الجنرال لم يقدم على تنظيف الساحة إلا لارضاء العالم الغربي ويشعر المحللون في الهند أن تحول مشرف لا يمكن الوثوق به إلا إذا ما أثبتت تحركاته ذلك، وهو ما سوف يستغرق بعض الوقت.
وقد أعرب اجتماع ضم جميع الاحزاب الهندية عقد في نيودلهي في أعقاب تصريح مشرف عن اعتقاد غالب بأن سياسة فلننتظر لكي نرى هي السبيل الوحيد المتاح أمام الحكومة الهندية للتعامل مع الموقف.
وكان مشرف الدبلوماسي وليس العسكري هو الذي فاز بتأييد الولايات المتحدة في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر من خلال عرضه على الامريكيين استخدام القواعد العسكرية في بلاده في محاربة حركة طالبان مدركا بذلك الاتجاه الذي يميل فيه ميزان القوى بصورة لا يمكن مقاومتها وبعد شن الهند هجومها الدبلوماسي على باكستان باتهامها إياها بالارتباط بعدة جماعات متطرفة وممارسة إرهاب في كشمير استطاع مشرف التصرف كدبلوماسي محنك بإدانته للارهاب والحصول على إشادة بذلك من الدول الغربية.
وقد يكون وزير الخارجية الهندي غير راض لعدم حصوله على الارهابيين العشرين المزعومين المطلوب من باكستان تسليمهم، غير أنه يتعين عليه تفهم أنه لن يحصل عليهم مطلقا لأن ذلك معناه تراجع مشرف عن مواقف سابقة وهو ما لا يمكنه تحمله.
وقبل عامين كانت نفس الحكومة الهندية ونفس وزير الخارجية جاسوانت سينج، هما اللذان سلما إلى باكستان سجناء محتجزين في السجون الهندية في قندهار مقابل الافراج عن ركاب طائرة تابعة للخطوط الجوية الهندية اختطفت وهي في طريقها إلى العاصمة النيبالية كاتماندو ومن الملاحظ أن واحدا على الاقل من بين المطلق سراحهم آنذاك من بين المدرجين على قائمة المتطرفين العشرين المطلوبين حاليا.
وبحديثه عن الجهاد باعتباره ليس حربا ضد غير المسلمين فإن مشرف ربما يكون بذلك قد وضع نفسه في موقف المعادي للمجاهدين أو مؤيدي الجهاد، إلا أنه حصل على أي حال بإشادة الدول الغربية.
وقد حدد الجنرال خطوطا عريضة جديدة للمساجد والمدارس التي تفرز بتعليمها الديني رجالا على طريق التطرف ووحده الجنرال مشرف هو القادر على عمل ذلك، حيث انه من المستحيل على الهند اتخاذ مثل هذه الخطوات الحازمة ضد جهات إسلامية عديدة تعمل على أراضيها هي نفسها وقد نحّى جاسوانت سينج هذه القضية جانبا بقوله ان الهند ليست بحاجة إلى منافسة باكستان فيما تفعله غير أن الحقيقة المعروفة تماما هي أن المتطرفين قد تلقوا تعليمهم أيضا في مدارس الهند وأن الائمة في الهند بإمكانهم السيطرة على جماهير المسلمين بخطبهم الملتهبة.
وقد تبنى الساسة الهنود منذ أمد طويل سياسة تهدئة المسلمين من أجل أصواتهم الانتخابية ولهذا فإنه ليس بإمكانهم سوى الابتعاد بأنفسهم عن الحديث عن مثل هذه الاجراءات العنيفة.
ويشير تصريح مشرف ورد فعل وزير الشئون الخارجية الهندي بوضوح إلى شيء واحد هام وهو أن حرب الكلمات ستستمر في حين أن أصوات المدافع ستظل صامتة.
وسوف يستمر التوتر، ولكنه لن يكون مقرونا بالخوف من الحرب، وسوف يستمر جيشا البلدين في مواجهة بعضهما البعض بما يحمله ذلك من تبادل بين الحين والآخر لاطلاق النار، كما اعترف بذلك وزير الشئون الخارجية إلا أن القوات ستنسحب في نهاية المطاف وإن استغرق ذلك بعض الوقت.
كما ستبقى الهند راغبة في تنفيذ تدريباتها العسكرية المقررة في وقت ما قبل الربيع إلا أن البلدين يريدان برغم ذلك تفادي نشوب حرب بينهما ويقتربان كما يقول المحللون من الدخول في حوار.
|
|
|
|
|