| فنون مسرحية
* القطيف أثير السادة:
على صالة الأمير نايف الرياضية بالقطيف، قدمت في الأسابيع القليلة الماضية محاضرة بعنوان «مسرح الطفل: مقوماته وأهدافه ومدارسه» للفنان والكاتب المسرحي عبدالعزيز السماعيل رئيس قسم المسرح بجمعية الثقافة والفنون فرع الدمام، وذلك ضمن برنامج الأسبوع الثقافي الذي ينظمه مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب والرياضة بمحافظة القطيف.
وقد عرض السماعيل في بداية محاضرته لنبذة تاريخية موجزة عن ارهاصات الولادة الأولى لمسرح الطفل التي جاءت متأخرة قياسا بوجود المسرح في العالم، وشدد فيها على ان هذا المسرح هو تربوي في المقام الأول ويراد له ان يستغل في اشباع حاجات الطفل التربوية والمعرفية، فالصورة بحسب السماعيل ومنها الحركة المسرحية قادرة على انتاج دلالات مختصرة وعميقة التأثير أكثر من كل كتب علم النفس والتربية والأخلاق في مسرح الطفل».
وهذا ما دفع السماعيل الى التنبيه في محاضرته الى خطورة التعامل غير الجاد وغير الواعي مع مسرح الطفل الذي يستسهله الكثيرون وهو ما قد يخلف أثرا سلبيا على شخصية الطفل أو أثراً مضادا بتعبير السماعيل ناتج عن سوء الاعداد للمسرحيات التي لا تحظى في العادة برقابة متخصصة. يقول السماعيل: انه من الخطأ الاعتماد كليا على اجازة النصوص من قبل وزارة الاعلام أو أي جهة رسمية أخرى، لأن من يجيزها في الغالب غير متخصص في المسرح، فهو ينفذ اجراء اداري روتيني مهتم بقيم المجتمع وأخلاقه العامة أكثر من اهتمامه بمستوى مضمون النص وعناصره الفنية.
وانطلاقا من النظريات التربوية والدراسات السيكولوجية، يذهب السماعيل الى القول بضرورة تقسيم الأعمال المسرحية الموجهة للأطفال حسب المراحل العمرية ، على اعتبار ان مستوى التلقي والاستمتاع لدى الطفل يختلف من مرحلة الى أخرى، حتى مع الاقرار بوجود مجموعة عناصر فنية مشتركة تجمع كل العروض، ويوضح قائلا: لقد جاء تقسيم مسرح الطفل بناء على ان لكل مرحلة من السن خصائص وقدرات ذهنية محددة يجب العناية بها ومن ثم الاشتغال على المسرحية برمتها في ذلك الاطار بدءا من اختيار النص وحتى تقديمها للجمهور مروراً بكافة عناصر العرض المسرحي.
ويبدأ هذا التقسيم من عند الأطفال التي تتراوح اعمارهم ما بين الثلاث والخمس سنوات، وهذه المرحلة التي يصفها السماعيل بالواقعية والخيال المحدود تحتاج الى عروض بسيطة تعتمد على الحركة أكثر من الكلام، يعقبها مرحلة «الخيال المنطلق» وهي للأعمار من ست الى ثمان سنوات حيث يجنح الطفل فيها بخياله، ويقترح لها السماعيل عروضا تعتمد الأساطير والقصص الشعبية الحافلة بحس المغامرة.
الشجاعة والبطولة وروح المغامرة موضوعات تبدو اقرب لروح الأطفال فيما بين التاسعة والثانية عشرة من أعمارهم، لذا يفضل السماعيل الاستعانة بها في تحديد شكل المسرح المقدم والذي ينبغي برأيه ان يشبع رغبة الطفل في اكتشاف الأشياء، وان يستفيد من ميوله للاستماع والتقليد لمن يحبهم في صياغة عرض تربوي اجتماعي يحض على القيم الأخلاقية.
وقريبا من ذلك يأتي مسرح المراهقين ما بين الاثنتي عشرة والست عشرة سنة الذي يصنفه السماعيل ضمن مسرح الطفل، وهو موسوم بالمثالية، ويقترح له عروضا تميل للعقلانية والتحرر من النزعة العاطفية مع التأكيد على ضرورة اقتراب المحتوى من القضايا المعاصرة الملامسة لشؤون الحياة والدين والتاريخ والثقافة.
ويلخص السماعيل في ختام محاضرته سمات التجربة المسرحية المحلية التي تشترك فيها جميع العروض على اختلافها، وتختزل ملامح البنية الأساسية للتجربة، من ضمنها فردية الجهود وغياب التخصص، عدم توافر مسارح مجهزة، افتقار المسرح المحلي للموارد المالية، غياب النقد المسرحي، اضافة الى تذبذب مستوى النتاج المسرحي وانقطاع الموهوبين من ممارسي العمل المسرحي عن الاستمرار وانصراف البعض منهم الى العروض التجارية التي يغلب عليها النزعة المادية.
وكان الجمهور القليل الذي تابع المحاضرة قد أثار في مداخلاته مواضيع عدة، اقتربت من هموم المسرحيين المتنامية، كأهمية تشجيع انشاء فرق أهلية مسرحية، وضرورة التأسيس العلمي للمثل وايجاد مشروع واضح الأهداف والخطط للمسرح في المنطقة.
|
|
|
|
|