| الريـاضيـة
من الأخطاء التي تقع فيها الرسائل الإعلامية الموجهة بشأن قضية العزوف الجماهيري، مطالبة تلك الجماهير بالحضور من أجل الدخل المادي للمباراة. وأحياناً نقرأ دعوة لحضور مباراة في كرة القدم من أجل أن يدخل خزينة النادي المفضل مزيد من المبالغ من أجل سد العجز الذي تعاني منه الخزينة. وهي دعوة عقيمة جعلت الحضور الجماهيري للمباريات وكأنه بعيد عن مسألة الترفيه.
üü وهناك رسائل تطالب الجماهير بحضور المباريات على أساس«الفزعة»، وكأن الحضور الجماهيري هدف واحد نسعى إليه، متناسية تلك الرسائل الإعلامية أن الوضع الإعلامية بهذه الطريقة لا يتفق مع الدور الاجتماعي والتربوي الذي تشكله مدرجات الملاعب. فالأنشطة الرياضية الممثلة في الحضور الجماهيري وإقامة المباريات لها أهداف تربوية واجتماعية وثقافية تحتاج منا إلى فهمها جيداً.
ولهذا ما زلنا حتى هذه اللحظة نتخبط في فهم أهمية الحضور الجماهيري في المدرجات.
üü والمتابع للشاشة الفضية يلاحظ خلو معظم المدرجات من الجماهير الرياضية خاصة تلك المباريات التي تنقل من الرياض أو جدة أو الدمام على الرغم من أن هذه المدن مدن مليونية من حيث تعداد السكان. قبل سنوات كانت مدرجات الملاعب الرياضية تغص بالجماهير الرياضية وكان الحضور الجماهيري يأتي طوعاً ولا يحتاج إلى دعوة أو أن يحث على ذلك.
üü ولعل الأسباب التي أدت إلى عزوف الحضور الجماهيري للملاعب هو تعدد وسائل الترفيه في وقتنا الحاضر ووجود الاتصال المرئي من خلال ما تبثه القنوات الفضائية من برامج متنوّعة بما فيها تلك البرامج المتعلقة بالرياضة، والتنافس الذي نشهده بين تلك القنوات من أجل تقديم تحليلات فنية عن المباريات والاستعانة برأي خبراء في مجال الرياضة، ثم هناك قصور إعلامي ممثل في صحافتنا التي لم تستوعب أهمية مدرجات الملاعب في شغل فراغ الشباب، بل إن هناك نظرة خاطئة في المجتمع تجاه مدرجات الملاعب.
üü إن الحضور الجماهيري للمدرجات أيها الإخوة يحتاج منا إلى وقفة جادة لمعالجة المشكلة من زوايا أشمل وأعمق من النظرة المادية أو أن نأخذ المسألة على أساس أنها ترفيهية. فقبل أن نشجع على الحضور الجماهيري، علينا أن نعرف أهمية ذلك. فالشباب اليوم يعاني من مخاطر كثيرة لعل أبرزها المغريات المتاحة في ظل ثورة الاتصالات التي يخشى منها على الشباب من التأثير الفكري، كما أن الشباب اليوم يخشى عليه من التجمعات الخاصة المحدودة التي يمكن أن تؤثر على سلوكياته بشكل يجعل من هذه الفئات الشبابية في حالة لا ترتقي إلى ما نرجوه من شبابنا.
üü إن الشباب اليوم يخشى عليهم من أشياء كثيرة ولعلك تلاحظ في هيئة بعض الشباب ما يؤكد أهمية دعم الحضورالجماهيري من أجل فرض الرقابة المطلوبة على تلك الفئة التي يخشى عليها. فالعزلة لها مخاطر يمكن أن تظهر في ميوعة البعض والخمول الذي لا يعكس الهدف المأمول من الشباب. علينا كمجتمع أن ندرك المشاكل التربوية التي نواجهها مع شبابنا في مرحلة المراهقة وأهمية فرض الرقابة عليها.
üü عندما نعود لما كانت تتمتع به مدرجات الملاعب من حضور جماهيري كثيف، ومن واقع التجربة الشخصية كان الاستعداد لحضور مباراة في كرة القدم يبدأ الساعة الثانية ظهراً والمباراة تنطلق بعد صلاة العصر مباشرة وكان موعد العودة للمنزل مع صلاة العشاء تقريباً نكون فيها قد بذلنا جهداً يتيح لنا فرصة الخلود إلى الراحة والنوم.
üü هذا الانشغال المحمود للشباب فيه فوائد كثيرة أبرزها أن وقت الشباب يقضى تحت رقابة المجتمع الذي تكونه الجماهير الرياضية في الملعب، فليس من السهل الخروج بسلوكيات غير مألوفة، فكل من حولك يشكلون عين الرقيب على تصرفات الشباب على المدرج. ثم إن الحضور الجماهيري يشجع على أداء الصلاة جماعة، فتحول الفراغات في الملعب إلى مصليات تشجع الكثير على ممارسة العبادة. وقبل بدء المباريات تدور أحاديث رياضية شيّقة وممتعة. أثناء المباريات يتحرك الشباب بطريقة غير إرادية أثناء متابعة المباراة فهو يقوم ويجلس مع كل هجمة أو حركة تثير العواطف أو هدف يجعل الشباب يقفز مرات عديدة وبذلك يتيح لنفسه ممارسة نوع من النشاط الرياضي، وعلى ذكر النشاط الرياضي نجد أن الجمهور الرياضي يقطع مشياً مسافات من موقف السيارة وحتى المدرجات وهي في بعض الأحيان تصل إلى عدة كيلوات.
üü أما اليوم فإن الشباب بحاجة إلى مدرجات الملاعب أكثر مما مضى، فالوقت الذي يمكن أن يشغله حضور مباريات كرة القدم يتجاوز الست ساعات، وبالتالي فإننا نكون اشغلنا وقت الشباب في غير ضرر. كما أن حضور الشباب للمدرجات فيه شيء من الرقابة الاجتماعية وفيه شيء من القضاء على وقت الفراغ كما فيه شيء من الرياضة. ما أروع أن يكون الشباب في أجواء يستنشق الهواءالطلق بدلاً من أن يكون داخل غرف مغلقة لا يتحرك فيها إلا بشكل محدود.
وما أروع أن نرى شبابنا يتمتع بكامل رجولته بدلاً من أن نصل إلى درجة يظهر علينا الشباب في حالة من الميوعة.
üü أعرف أن هناك بدائل كثيرة لوقاية الشباب من أي أضرار ولكني أعتبر مدرجات الملاعب إحدى هذه القنوات المطلوبة، متى ما كان الشباب ميالاً للرياضة وتشجيع الأندية الرياضية. فعلينا كآباء أن نصطحب أبناءنا لحضور المباريات حتى ولو مع أصدقائهم فقد كان هذا دأب بعض الآباء. وعلى رعاية الشباب والأندية الرياضية أن تخصص إدارة يمكن أن نسميها شؤون المدرجات. كما أن وسائل الإعلام والصحافة الرياضية على وجه الخصوص مطالبة بأن تركز على الدور التربوي والاجتماعي الذي يمكن أن يبرز في مدرجات الملاعب. فقلة الحضور الجماهيري في مدرجات الملاعب يعني أننا بحاجة إلى التعامل مع أهمية هذه الظاهرة التي يسميها البعض العزوف الجماهيري.
üü إدارة شؤون المدرجات المقترحة يمكن أن تظهر لتعالج وضع المدرجات بحيث تتناسب مع ما نعيشه من مغريات أغنت شبابنا عن الحضور الجماهيري الذي هو روح مباريات كرة القدم.
للتواصل fjaber@msn.com
|
|
|
|
|