| الاقتصادية
* القاهرة محمد العجمي:
أوضح د، أحمد السيد النجار محرر التقرير الاستراتيجي للاتجاهات الاقتصادية الحديثة عام 2001م بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام ان اقتصاد المملكة لم يتأثر بأحداث 11 سبتمبر والحرب في أفغانستان، وأشاد بقوة الجهاز المصرفي السعودي، وبقوة أسواق المال وكشف عن تراجع معدلات النمو في الاقتصاد العالمي الى 4، 2% بدلا من 7، 3%، وقال ان سياسة «بوش» كانت وراء تراجع النمو الاقتصادي الأمريكي الى 4% بدلا من 5%، وطالب بانشاء صندوق عربي لانماء فلسطين الى جانب المقاطعة،
«الجزيرة» التقت بالخبير الاقتصادي، وطرحت عليه كافة الاستفسارات التي تفرضها الأحداث العالمية الحالية، والتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي والعربي والسعودي، ، فكان هذا الحوار:
قبل الأزمة
* ما هي مؤشرات أداء الاقتصاد العالمي بعد حادث 11 سبتمبر والحرب في أفغانستان؟
تشير تقديرات صندوق النقد الدولي الى ان النمو الاقتصاد العالمي في عام 2000 كان الأفضل منذ عقدين من الزمن فقد بلغ معدل النمو 7، 4%، وكانت الولايات المتحدة على رأس الدول في النمو الاقتصادي، وخاصة أنها تمر منذ عام 1992م بأطول وأقوى دورة نمو اقتصادي متواصل منذ الحرب العالمية الثانية ووصل نموها الاقتصادي الى 2، 5%، والاتحاد الأوروبي 4، 3%، كما شهدت كوريا الجنوبية، وتايوان، وهونج كونج، وسنغافورة معدلات نمو تراوحت ما بين 5، 6% الى 80، 8% وكذلك الدول النامية فارتفعت معدلات النمو بها الى 6، 5% العام الماضي، ومن دون أدنى شك فقد كان ارتفاع أسعار النفط السبب الرئيسي في تحسن الأداء الاقتصادي للدول المنتجة والمصدرة للنفط وفي مقدمتها الدول العربية،
ولكن بعد أحداث 11 سبتمبر والحرب في أفغانستان تراجعت معدلات النمو في الاقتصاد العالمي، فقد كانت التوقعات حتى مايو 2001 بأن معدلات النمو تصل الى 7، 3% ولكنها تراجعت بعد شهر من الأحداث الى 6، 2%، وبعد شهر آخر اصدر صندوق النقد الدولي تقريراً يفيد بأن معدلات النمو لن تتجاوز 4، 2%، ومن المتوقع ان تستمر الأزمة في العام القادم، وقد كانت انجح دورة نمو في الاقتصاد في عهد كلينتون قبل الأزمة، فقد كان يتبع سياسة انعاش النمو الاقتصادي من خلال زيادة الانفاق على التعليم والصحة والتحولات الاجتماعية، مما زاد من الطلب وكانت هذه السياسة تراعي العدالة الاجتماعية،
* هل يعني هذا ان سياسة «بوش» كان لها تأثير على النمو الاقتصادي الأمريكي قبل الأزمة؟!
بالطبع عندما جاء «بوش» إلى السلطة اتخذ سياسة مخالفة فاتجه إلى زيادة حصة الأغنياء من الدخل الأمريكي عن طريق تخفيض الضرائب على الشركات، ورجال الأعمال، وتحيز بشدة للأغنياء، وهذه الفئات تنفق جزءاً قليلاً مما انعكس على انتعاش النمو الاقتصادي، وهو ما أدى إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي الأمريكي من 5% عام 2000 إلى 3، 1% في الربع الثاني قبل الأزمة، ثم تراجع إلى _4% بعد الأزمة،
الأزمة والانهيار
* كيف ترى الاقتصاد العربي بعد الأزمة وفي ظل التهديدات الأمريكية بضرب بعض الدول العربية؟!
شهدت الاقتصاديات العربية تحسناً في الأداء خلال عام 2000 نتيجة للارتفاع الطارئ في أسعار البترول، وأدى ذلك إلى ارتفاع قيمة الناتج المحلي الإجمالي بشكل قوي في الدول العربية المصدرة للنفط والتي تشمل كل الدول العربية باستثناء المغرب، وأدى أيضاً إلى تحسن الموازين التجارية للكثير من الدول العربية، وجاءت على رأس هذه الدول السعودية والكويت اللتان خرجتا من ركود عميق في عام 1999 إلى نمو جيد عام 2000 وبلغ النمو في السعودية 5، 3% بدلا من 1% والكويت 6، 3% بدلا من 4، 2% وقدر ان الناتج المحلي الإجمالي للمملكة عام 2000 بلغ 8، 164 مليار دولار محققاً نمواً بلغ 50، 15% بالأسعار الجارية،
فمن الواضح ان الاقتصاديات العربية تعتمد بصورة كبيرة على البترول وبعد الأزمة والانهيار الحاد في أسعار البترول أدى إلى تراجع عائدات الدول العربية من النفط، إلى جانب التراجع الحاد أيضاً في عائدات السياحة باستثناء السعودية التي تعتمد على السياحة الدينية فهناك دول مثل مصر والمغرب وتونس تأثرت بشكل كبير من انخفاض السياحة،
تحسن مؤقت
* بماذا تصف تحسن الأداء الاقتصادي العربي عام 2000؟ وهل انهيار أسعار البترول حالياً هو انهيار لهذا التحسن؟!
التحسن هو حالة طارئة نتيجة لارتفاع أسعار البترول، ولايعبر عن تحول استراتيجي في الاقتصاديات العربية وفي قدرتها على النمو الذاتي فهو تحسن مؤقت، كما يشكل أيضاً انعكاساً لتحسن المناخ بما له من تأثيرات إيجابية على قطاع الزراعة في دولة مثل المغرب، وكلاهما لا يعتبر عن تطور حقيقي، وهو ما ظهر حاليا في تراجع معدلات النمو في الدول العربية، وخاصة بسبب انخفاض أسعار البترول، ولكن يمكن الاستفادة من الطفرة التي حدثت في أسعار البترول في عام 2000 في إقامة استثمارات صناعية تساعد على تطوير القدرة الذاتية، ولا يمكن ان نذكر ان ارتفاع أسعار البترول أدى إلى تحسن ظروف عمل القطاع الخاص في هذه الدول، وتحسن قدرته على المساهمة في تمويل الاستثمارات الخاصة، وحفز النمو بعيداً عن القطاع النفطي،
لهذا يجب العمل على توظيف التحسن الذي شهده الاقتصاد العربي العام الماضي في تطوير قدرة الاقتصاديات العربية على النمو الذاتي من خلال تطوير القطاع الصناعي، والصناعات العالية التكنولوجيا، وتطوير البحث العلمي وزيادة الانفاق عليه لتطوير الجماعة العلمية العربية، وتطوير قدرتها على المشاركة في الإنجازات العلمية، وذلك لتفادي الأزمات التي قد تحدث مثل انخفاض أسعار البترول الذي يشهده العالم حالياً،
* ما تأثير ضرب العراق على دول مجلس التعاون الخليجي؟
دول المجلس ترفض أي عدوان على الدول العربية لأن ذلك سيخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة مما ينعكس على برامج التنمية لهذه الدول، وضرب العراق سيؤثر على أسعار البترول ويؤدي إلى ارتفاعها، وخاصة إنها تنتج نحو 5، 2 مليون برميل وهذا سيتوقف في حالة الحرب،
سياسات التقشف
* في ظل الانهيار الحاد في أسعار النفط وتراجع النمو الاقتصادي العربي كيف تخرج الدول المنتجة للبترول من هذه الأزمة وخاصة المملكة؟
المملكة وغيرها من الدول المنتجة للبترول مطالبة بالضغط على باقي الدول لخفض الانتاج في إطار سياسة الأوبك، إلى جانب وضع موازنات يتبع فيها سياسات التقشف، وخفض الانفاق العسكري، مع ضرورة تنويع الاقتصاد من ريعي إلى صناعي وخدمي، والمملكة لديها أكبر فرصة في التاريخ البشري في إحداث نقلة نوعية والدخول في صف الدول المتقدمة، فلديها رأس المال والعمالة الرخيصة المتوفرة في الدول العربية، ومعظم الشركات العالمية العملاقة لديها الاستعداد الكامل للتعاون والاستثمار في المملكة كما ان لديها أكبر جهاز مصرفي في الوطن العربي، وكذلك أعظم أسواق المال العربية، وحتى تظل في المقدمة لابد من التطوير المستمر، والاتجاه إلى التمويل الاستثماري بما ينعكس على حركة التنمية، وخاصة ان البنوك المتخصصة في هذا الشأن قليلة جداً فالعالم العربي في حاجة إلى ثورة إصلاح وتطوير بقيادة المملكة العربية السعودية،
مناخ عنصري متصاعد
* تحدثت عن الاستثمارات، ، فهل يمكن جذب الاستثمارات العربية من الخارج؟
هناك فرصة تاريخية لجذب الأموال العربية من الخارج والتي تزيد على تريليون دولار فهناك مناخ عنصري متصاعد ضد العرب والمسلمين وهناك إجراءات خاصة للأموال العربية دون الأموال الأخرى بدعوى معرفة مصدرها، وعدم الشبه في غسيل الأموال، وإذا افترضنا ان الأموال العربية سوف تعود مرة واحدة فهذا لن يتحقق، ولكن يمكن العمل على وقف التدفقات الجديدة للأموال العربية إلى الخارج، وكذلك جذب أموال السندات والودائع للاستثمارات المباشرة في الدول العربية، أما بالنسبة الى الأسهم فيصعب ذلك لأنها حالياً تعاني انخفاضاً، وانسحابها يعني خسائر كبيرة، وهذا يتطلب تحسين المناخ الاستثماري العام في الوطن العربي، وانهاء البيروقراطية المعقدة، ووقف الفساد المتمثل في المعاملة المتميزة بين رجال الأعمال وبعضهم البعض بأن تعطى مميزات كثيرة لرجال الأعمال الذين لهم علاقة بالسلطة ويحرم الآخرين من هذه المميزات، بالاضافة إلى الشفافية في الصفقات التي تعطى للشركات، وأهم الوسائل أيضاً لجذب هذه الاستثمارات هو التفاوض المباشر مع كبار رجال الأعمال المستثمرين في الخارج لمعرفة مشاكلهم، وتسهيل الاجراءات لانتقال رؤوس أموالهم إلى الدول العربية،
سياسة متكاملة للمقاطعة
* في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، ، ما جدوى المقاطعة الاقتصادية العربية لإسرائيل وأمريكا؟
المقاطعة العربية لإسرائيل تتمثل في ثلاث درجات الأولى مقاطعة مباشرة للسلع الإسرائيلية، والثانية مقاطعة الشركات التي تتعامل مع إسرائيل، والثالثة مقاطعة الشركات التي تتعامل مع إسرائيل، وتحت ضغط من أمريكا على بعض الدول العربية تم الغاء المقاطعة العربية لإسرائيل من الدرجتين الثانية والثالثة، ورغم استمرار المقاطعة لإسرائيل من الدرجة الأولى رسمياً باستثناء مصر والأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م إلا أن بعض الدول العربية سارعت، غير مضطرة إلى تطوير علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل وتبادلت معها مكاتب التمثيل التجاري مثل قطر وتونس وعمان والمغرب، وقد بدأت المقاطعة العربية لمنتجات اليهود في فلسطين قبل الحرب العالمية الثانية، واتخذت بعداً جديداً بعد قرار جامعة الدول العربية بانشاء مكاتب للمقاطعة تحت اشراف مكتب رئيسي لها في دمشق وتتولى هذه المكاتب تخطيط ومتابعة المقاطعة وذلك في ما يو 1951م كورقة ضغط لحرمان إسرائيل من المزايد المتعددة التي تتمثل في انخفاض تكاليف النقل، والتأمين على حركة التجارة السلعية والأشخاص بين الطرفين، وحرمانها أيضاً من استثمار الموقع الجغرافي لفلسطين في قلب الوطن العربي، وخاصة أن فلسطين مركز هام لتجارة الترانزيت،
92 مليار دولار خسائر إسرائيل
* بالأرقام، ، كيف تؤثر المقاطعة في إسرائيل؟
المقاطعة بمفردها لن يكون لها جدوى، ولا بد أن تتكامل معها سياسات أخرى، منها دعم الشعب الفلسطيني، ومواجهة إسرائيل، وإذا أردنا أن نقدم كشف حساب للمقاطعة العربية، فإنه يؤخذ على الدول العربية أنه نادراً ما أجريت دراسات عربية لأثر هذه المقاطعة على الاقتصاد الإسرائيلي، مما يوضح عدم وجود متابعة عربية رسمية لفاعلية هذه السياسة، ولمدى تحقيقها للأهداف المطلوبة، وهناك دراسة لمكتب المقاطعة العربية التابع لجامعة الدول العربية، أوضحت أن خسائر إسرائيل بسبب المقاطعة بلغت نحو «92» مليار دولار منذ بدايتها حتى الآن، كما يشير تقرير صدار عن اتحاد الغرق التجارية أن الخسائر الإسرائيلية الناجمة عن تطبيق المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل منذ 1952م بلغت 45 مليار دولار، منها مليار دولار قيمة الاستثمارات العربية التي كانت من الممكن أن تتوجه لإسرائيل، ولعل سياسة المقاطعة تحرم إسرائيل من الأسواق العربية الواسعة التي تستوعب ما يزيد على 160 مليار دولار من الواردات السلعية في العام،
ولعل المقاطعة من الدرجة الثانية التي تتمثل في مقاطعة الشركات التي تتعامل مع إسرائيل هي أكثر ألماً لإسرائيل، ولكن الدول العربية في حاجة إلى تنسيق مواقفها نحو سياسة المقاطعة، وخاصة أن حجم الاستثمارات العربية لإسرائيل زاد في عام 2000م إلى 5 مليارات دولار مقابل 7، 3 مليارات دولار عام 1999م في حين أن الاستثمارات العربية في مصر بلغت 2، 1 مليار دولار فقط خلال عام 2000م مما يؤكد ضرورة بناء سياسة متكاملة للمقاطعة إلى جانب السياسات الأخرى لانقاذ فلسطين،
المملكة وقيادة العالم العربي
* أين الاقتصاد السعودي من هذه الأحداث العالمية؟!
الاقتصاد السعودي قوي، وحقق طفرة في العام الماضي نتيجة لارتقاع أسعار البترول، ولم يتأثر كثيراً بأحداث 11 سبتمبر، وخاصة من مجال السياحة فهي تعتمد على السياحة الدينية، ولكن هناك مؤشرات بتراجع معدلات النمو نتيجة لانخفاض أسعار البترول، ولكن هي مؤهلة لقيادة العالم العربي اقتصادياً لامتلاكها لأكبر احتياطات البترول، وأكبر الأسواق المالية، وجهاز مصرفي، لكن على المملكة والدول العربية أن تقوم بتصنيع البترول وتكريره بدلاً من تصديره مادة خام لتضاعف قيمته المضافة،
|
|
|
|
|