| العالم اليوم
يحكى أن صاحب حقل اشترى ثوراً قوياً وكبيراً ومن يومها أصبح الحقل حديث أهل القرية فحرث الحقل كان ينتهي قبل حقول القرية، وزرع الحقل كان مخضراً، كثير الإنتاج لأن الحرث كان جيداً، والعمق مناسب للبذور، وأن الساقية التي تزودها بالمياه البئر التي يرفع مياهها الثور بواسطة السواني المركب عليها، مياهها وافرة وكثيرة، وبعد أن تتم عمليات الحرث والزرع كان للثور نصيب كبير في الحصاد، ولأن صاحب الحقل رجل طيب وحكيم، وثوره قوي ومطيع فقد توسع الحقل وزاد الإنتاج ففاض عن حاجة أهل القرية ليعم الخير المدينة المجاورة.
ظل الحال هكذا حتى توفي صاحب الحقل الرجل الطيب الذي ورثه أبناؤه الذين تنازعوا على ملكية الحقل والثور لينتهي الأمر ببيع الحقل والثور اللذين انتقلت ملكيتهما إلى رجل جشع، أحمق لا يهمه أن يعيش ويعيش الآخرون، ولا أن يتشارك مع الآخرين الربح، فأطلق العنان لثوره الذي انتقل طبع صاحبه إليه فأصبح يفرغ طاقته الزائدة في العبث بحقول الجيران، وبدلاً من أن يوسع حقله ويستثمر قوة ثوره في زيادة الإنتاج، أطلق صاحب الحقل الجديد ثوره ليعيث فساداً ويبقر بقرونه القوية أبقار المزارعين الذين لم يستطع أي منهم مواجهة جبروت صاحب الحقل الأحمق ولا قوة ثوره الذي استشعر الخوف في عيون قرائنه من الثيران والأبقار فزاد بطشه وأضاف الأطفال والنساء إلى ضحاياه.
ظلت مشكلة الثور تكبر.. وضحاياه يزدادون، ومع كل ضحية وتدمير حقل جديد كان المزارعون يقتربون أكثر فأكثر بعضهم لبعض حتى اجتمع أمرهم على التخلص من الثور وصاحبه، واتفقوا على الإيقاع بالثور من خلال استدراجه إلى حفرة عميقة بإغرائه ببقرة جميلة ظلت تجري أمامه لتقوده إلى الحفرة التي تجاوزتها بالانحراف عنها، ويسقط الثور الذي اكتسب الحماقة من صاحبه الجديد، فيسقط في غياهب الحفرة الجب، ويصل الخبر لصاحبه الذي دفعته حماقته إلى محاولة إنقاذ ثوره بالاستعانة بالمزارعين الذين ذاقوا الأمرين من شره وشر ثوره، فما كان من المزارعين إلا أن طالبوا الأحمق بالاتعاظ بما جرى لثوره وألا يندفع خلف ثور آخر يقوده هذه المرة إلى حفرة أكبر.
نعرف أن الثور في هذه الحكاية يرمز إلى شارون فهل يلجمه صاحبه قبل أن يقوده إلى الحفرة كما قاد الثور الرمز صاحبه الأحمق إلى الحفرة.
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|