أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 13th January,2002 العدد:10699الطبعةالاولـي الأحد 29 ,شوال 1422

الاخيــرة

وتاليتها...!!
أ.د.هند بنت ماجد آل خثيلة
كأنني لا استطيع أن اغادر نافذتي التي اقف وراءها ساعات طويلة تتلقف فيها عيناي هذا الجميل المقبل من السماء وارقب بفرح غامر ذراعي الصحراء وهي تتلقفه بكل لهفة وتحضنه بكل قوة.. واسرّح فكري ساعات طويلة اخرى في محاولة لترجمة ما يدور بينهما من حوار، وما ينزّ من ثغريهما من فرحة وغبطة.
أتخيل أن الارض لا تنفك تردد في لهفة لا نهائية.. لقد انتظرتك طويلا، بينما يحاول هو أن يسبقها فيقول: بل لقد اشتقت إليك كثيراً!! والا فما معنى هذا الذوب الذي نراه ونحس به ويهز اعماقنا بين المطر والرمال؟!.
كنا ونحن على مقاعد الدراسة الأولى نحاول فهم معنى تأخر المطر.. وكنا نضيع خوفاً حين نقرأ كلمات مثل: القحط والجدب والسنوات العجاف.. وحين كبرنا ازداد خوفنا من تأخر المطر بازدياد فهمنا لمعنى هذه الحياة المتجددة التي اصبحت لا تزورنا الا لماماً سبحان الله مع أننا لسنا كاسلافنا البعيدين ومن هم دونهم يرحلون ويقطعون المسافات بحثاً عن واحة تزف اليهم نبأ وجود شربة ماء في ظلالها.. وكثيراً ما كان السراب يضحك منهم، فتنتهي رحلاتهم وقلوبهم إلى لا شيء.! اقول: ازدادت مساحة خوفنا علماً بأننا نريق على اجساد سيارتنا الفارهة ما كان يكفي لأن تروي عدة قبائل منه ظمأها الذي لا يطفئه إلا كرم السماء.. وصلاة الاستسقاء.
ومع ذلك الجدب البعيد الذي كان يهيمن على الرمال، إلا أنه كانت هنالك قلوب «رطبة» تنبض خلف صدور الجميع وعلى رأسهم الرجال.
فما بال هذا الجدب يأخذ بالرمل وبالقلوب في هذه الايام الاسمنتية التي تحجرت فيها المآقي والقلوب، وطار منها الخوف من الآتي الذي نجهل حتى مجرد ملامح وجهة القاسية؟!.
نحن في حاجة ماسة للوقوف خلف نوافذنا، بل خارج بيوتنا ساعات اطول نعلق أعيننا بالسماء، ونوظف ألسنتنا في الدعاء أن يحفظ الله هذه الرمال واهلها، وان يسقيهم غيثاً مغيثاً ليس خلال افواههم إلى معدتهم، بل ومن خلال صدورهم إلى القلوب التي أحسبها لا تزال ظامئة.!.
شهدت المطر في ديار كثيرة، واقسم انني ما شممت فيها مثلما يفوح من عبق عندما تتلاقى حبات المطر بذرات الرمال في جزيرة العرب.
وشهدت اسفاراً «كثيرة»، واجزم انني لم اسمع بوح الارض يسامر المتنقل فيها مثلما اسمعه في عناوين نجد، وشهدت اشواقاً تبعث في القلوب ارقاً طويلاً، وازعم انني لم احترق بشوق مثلما هو عندما أكون بعيدة عن مرابع الوطن.
مع كل ذلك لا أزال اشهد اسراب الهاربين إلى مرابع الجليد، وشواطئ الاجساد، اللغات الاعجمية.. تاركين وراءهم نبض «النفل» و«عطر» «الخزامى» .. وتاليتها؟!!.
hindmajid@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved