| تحقيقات
تحقيق مريم شرف الدين
مهما حاولنا الهروب عن الحقيقة المرة لواقع المخدرات فإنها تبقى طريقاً تملؤه المخاطر والمهالك كل من يخطو الى هذا الطريق.. سيضيف سطوراً جديدة الى السجل الحافل بالمآسي الحكايات والقصص التي تدمى لها القلوب.. تتحرك امامها المشاعر.. مآس كتبت بمداد الحزن والألم، دموع انهمرت ولن تكفكفها سوى التوبة والعودة الى الله.
ولقد أكد الكثير من الباحثين ان جنوح الاحداث في الوطن العربي بات يشكل خطورة اكثر من تلك المخاطر المترتبة على الحروب او ارتفاع وانخفاض الاسعار في السوق البترولية وليس هذا فحسب وانما اعتبارهم لهذه المشكلة من المشكلات الاقليمية التي تعيق عملية التنمية.
وقد ساعدت المتغيرات الحديثة هؤلاء الاحداث الى اقحام انفسهم في قضايا تفوق اعمارهم .. الى جرائم عالم المخدرات والقتل والى السرقة ولأن موضوعنا عبر سلسلة تحقيقات هو «الحدث» فاننا نود ان نشير في البداية الى ان عدد قضايا الاحداث في المملكة والذين يعيشون الآن في إحدى عشرة دار للملاحظة يصل عددهم إلى «300 .3» حدث يعاملون وفق اسس علمية وتربوية خاصة.. وهناك جهود كبيرة تبذلها وبذلتها الدولة في ايجاد المناخات التي تساهم في ابعادهم عن سبل العودة الى هذه القضايا وارتكابهم لها مرة اخرى. واهتمامها بالفروقات العمرية بالنسبة لهم كمهتمين بهذه القضايا وتطبيقها للتدابير الاصلاحية بحق هؤلاء الاحداث وفقاً للتشريعات الدولية التي تؤكد ان المسؤولية الجنائية للحدث تتطلب اخضاع الذين سبق لهم ممارسة اي فعل منحرف.. لتدابير الحماية الاصلاحية.
وللوقوف على مايدور في عقول اولئك الاحداث اقتحمنا عالمهم.. وتعرفنا على تجاربهم من خلال زيارات متعددة لدار الملاحظة الاجتماعية في جدة.. وقمنا برصد هذه الزيارات على عدة حلقات ابتداء من اليوم..
حيث التقينا اولاً بعدد من نزلاء هذه الدار من الاحداث الذين كانت في احاديثهم شعور بالوجع والالم والخوف والقلق في كل عبارة من عباراتهم تحس بنبضات قلوبهم المتسارعة.. وندمهم وحرقة دموعهم على توجههم الى عالم المخدرات.
تحدث عن كيفية انسياقهم الى المخدرات.. والاسباب والظروف التي دفعتهم الى ذلك.. مَنْ هم الاشخاص الذين كانوا وراءهم..؟ وعن سرقاتهم وكذبهم وكيفية استغلالهم لأسرهم.. كيف كانت حالتهم عند القبض عليهم؟
القصة الأولى كانت للحدث.. ع.ع.ع. 17 عاماً رغم ان الحدث لم يكن له علاقة بملابسات القضية الا ان من قصته شيء من الايثار والتضحية كما يقول ونترك الحديث للحدث:
عمري 17 عاماً ادرس بالصف الثاني متوسط.. ومازلت اواصل دراستي في مدرسة الدار بعد تحولي اليها.. تأخري في الدراسة بالطبع يعود الى الظروف والوضع العام لأسرتي التي.. كنت اعيش في احضانها مع.. والدي الذي يعمل في احد القطاعات العسكرية.. ووالدتي واخوتي الا ان بعض المشاكل بدأت تدب بين والدي ووالدتي وهذا مما ادى الى خلق جو مشحون بالتوتر.. هذا الامر دفعه ليتزوج بأمرأة اخرى.. كنا نعتقد ان حدة هذه الخلافات من الممكن ان تخف وطأتها الا انها لازالت قائمة حتى الآن..
الأسرة والعجز المادي
ومن خلال انجاب الزوجة الاخرى ارتفع عددنا الى 21 من الاخوة الذكور والاناث، اضافة بالطبع الى والدي ووالدتي وزوجة والدي.
اصدقكم القول على الرغم من ان والدي يعمل في القطاع العسكري.. الا ان دخله المادي كان ضئيلاً للغاية ولم يكف لاطعام هذه الأسرة الكثيرة واحتياجاتها المتزايدة التي تتضاعف يوماً بعد يوم.
والدي.. والبداية
وبشيء من الحزن.. يواصل حديثه.. نتيجة لهذا العجز المادي الذي اصبحت تعاني منه ومتطلباتنا التي لن تنتهي.. بدأ والدي بالبحث عن السبيل او الطريقة التي تمكنه من تلبية هذه الاحتياجات.. والطعام الذي يسد جوع 24 من الاخوة.. لم يجد طريقاً آخر سوى «ترويج القات» بعد ان كان متعاطياً له لأنه كان من كل عملية يقوم بتوزيعها يحصل على مايقارب «500 ريال» ربما كان المبلغ الذي يتقاضاه والدي ضئيلاً اًخصوصاً امام ذلك الكم الهائل من الطلبات الا انه كان يفي بعض الشيء بالغرض.
على الرغم من ان والدي يتعاطى القات المخدر ووجود هذه المادة في منزلنا الا انني لم يسبق لي او لأي احد من افراد الأسرة التفكير في التعاطي او حتى مشاركة الوالد في عملية الترويج.. باعتباره هو الذي كان يقوم بعملية البيع ويقبض الثمن استمر لفترة من الزمن في هذه العملية وتحقيق بعض الارباح المادية منها.
تضحية
الا ان هذا الخطأ لم يستمر.. لاعتبار ان احدهم قام بالابلاغ عن والدي وعن مداهمة رجال مكافحة المخدرات لمنزلنا «بالكليو 14» تم القاء القبض على والدي وعلي كذلك، ومن خلال التحقيق ونظراً لمحبتي الكبيرة لوالدي وتفكيري في تلك الأسرة الكبيرة.. وماذا سيكون مصيري بعدها.. انتابني شيء من الخوف والهلع الشديد عليهم.. لم افكر فيما يمكن ان يحدث لنا بقدر ما خفت على اخوتي الصغار.. وضياع مستقبل هذه العائلة.. ولم اجد نفسي الا وانا اعترف وأتحمل هذه القضية على الرغم من انني كما ذكرت لم افكر في تعاطيه او ترويجه وصدر علي الحكم بعدها بثمانية اشهر تم تحويلي بموجبها الى دار الملاحظة.. وطبعاً امضيت منها ثلاثة اشهر وتبقى امامي خمسة اشهر.
صرح تربوي
ويضيف الحدث /ع: استفدت من الدار لان الوضع العام لايشابه مع السجن.. وانما اشعر انا وزملائي انها عبارة عن صرح تربوي.. اصلاحي.. لانه ساعدني او اتاح لي الفرصة للانضمام الى حلقات تحفيظ القرآن.. شعرت بالسعادة تغمرني.. بعد مواظبتي على اداء الصلوات الخمس في وقتها.. احسست بروحانية العبادة ومكنني من التقرب الى الله.. الالتقاء بهذه النخبة من الزملاء.. والتعاون بروح الفريق بداخلها وكأننا اسرة واحدة.
لكن ما ارغب.. اضافته هو.. ربما انا تحملت هذه القضية عن والدي.. الا ان هناك الكثير من المآسي داخل الدار ومن معايشتي للكثير من هذه الحالات.. اقول للشباب ابتعدوا عن مخالطة اصدقاء السوء.. تخيروا منهم من يتمثلون بالصلاح.. حتى لاينتهوا الى طريق المخدرات.. ويصلوا الى هذه النهاية المؤلمة.
حياة مستقرة
الحدث ص.أ.ع وهو في نفس عمر الحدث السابق الا انه انساق الى الطريق الخطأ.. ويقول عن قصته.. انا واسرتي كنا نعيش في احدى قرى المملكة وتتكون من ابي وامي.. واربعة اخوة وخمس اخوات.. واحدة منهن متزوجة.. ويأتي ترتيبي الثالث من بينهم.. والدي يمتلك مزرعة خاصة بزراعة البن وباعتبار انه يتولى عملية الزراعة فيها و ادارته لها بنفسه.. وهذا بالطبع مما جعل الملامح العامة لحياتنا حياة مستقرة.. لان العائد المادي من هذه المزرعة كان يفي بمتطلبات الاسرة.
الجهد الكبير الذي يبذله والدي في هذه المزرعة لم يدفعه امام ذلك الارهاق من حرماننا من الدراسة.. انقطعت عن دراستي بعد الصف الثاني الابتدائي.. بدأت بمساعدة والدي في المزرعة.. وكان كل عام يمر من حياتي كانت تطلعاتي تكبر.. ولكني عندما وصلت الى 16 من عمري وباعتبار انني كنت قريباً من خالي الذي يتقارب معي في العمر.. تواجدي الدائم معه جعلني اتعرف على الحبوب المخدرة «الكبتاجون» ومعه زوج اختي وبعض افراد قبيلتا.
درس في الترويج
لم يكن لوالدي او والدتي او اخوتي علم او دور حتى في توجهي الى هذا الطريق.. وبشيء من الحسرة والحزن.. اندفعت الى هذا الطريق لم اكن ادرك الخطر الذي ينتظرني او احس به الا بعد ان انتقلت من القرية التي اعيش فهيا الى مدينة جدة لم اكتف بتعاطي الحبوب.. فتعلمت ترويجها من خلال مصاحبتي لزوج اختي وخالي وصديقه.. بعد حصولي على الحبوب منهم كنت اخرج الى الشارع لترويجها.. ولكنني لم اكن اقوم ببيعها الا على الاشخاص الذين انا على معرفة بهم.. بعد تناول حبة منها.
واختلف الوضع بعد انتقالي الى مدينة جدة سواء من ناحية الحصول على هذه الحبوب او الاشخاص الذين يمكنني الترويج لهم كنت اشعر بالطفش امام الظروف التي اختلفت بسبب عدم توفر هذه الحبوب وعدم الحصول عليها.. كنت ابحث عنها عند الاشخاص الذين انا على معرفة بانهم يتعاطون من هذه الحبوب.
عندما كانت تتوفر لي هذه الحبوب كنت اقوم بترويجها لسائقي السيارات وطلاب المدارس مقابل كل عملية ترويج كنت اقوم بها كان يصل دخلي عند بيعي للشد الواحد كما نسميه ويعادل «200» حبه مابين «200 الى 300 ريال» هذه المبالغ كنت اقوم بصرفها على نفسي.. اضافة الى تسديد بعض الديون المرتبة عليّ.
ومن خلال هذا الدخل كنت احصل على ثمن المادة المخدرة التي اتعاطاها وهي لاتتعدى الحبة الواحدة ربما اندفعت الى هذه الحبوب الا انني لم انسق للتعاطي.. بقدر ما اندفعت الى الترويج والربح المادي الذي تزين في ناظري..
نشوة المال الحرام
ويكمل حديثه تزينت المادة في عيوني ولكن مع ذلك لا اخفيك امراً وهو.. ربما ينساق الانسان منا احياناً الى طريق او الاتجاه الى مسلك معين للبحث عن المال ومع لذة نشوة تلك الاموال الحرام الطائلة التي يتحصل عليها.. يتجاهل المخاطر التي من الممكن ان يتعرض لها سواء في صحته بسبب تعاطيه للمخدرات اي كانت نوعيتها او جذبه لبعض الفئات الى مزالق الطريق الذي تكمن فيه المخاطر وتمهيده لهم للولوج الى عالم المخدرات والتعاطي.
نهاية الخطأ
ومن يشعر بفداحة هذا الخطأ الكبير لابد له من ان يشعر بآدميته وهذا ماحدث معي..
عندما القى رجال المكافحة القبض علي شعرت بالحزن يسكنني تحركت كل المشاعر بداخلي.. كنت في هذه أسير في الشارع العام بحي النزلة اليمانية.. ووجدوا بحوزتي «ثلاثة شدود» اي حوالي «600 كبتاجون» اضافة الى «10 حبات اخرى» ومبلغ «400» ريال قيمة بعض الحبوب التي قمت ببيعها منها.
وبعيون شارده.. يقول في هذه اللحظة ادركت انذاك بانني وقعت في مشكلة كبيرة لايمكنني الخلاص منها وشعرت بحجم المخاطر الموجوده في هذا الطريق الذي انا سلكته اصابتني حالة من الذهول الى درجة انني بعد صدور الحكم لم افكر في التوبة اطلاقاً ادخلت الدار التي تهيئت لنا فيها كل السبل الاصلاحية وجدت القائمين عليها كاخوان لنا.
أصابع الندم
وهذا مما جعلني أتندم كثيراً على الايام التي ضاعت والوقت الذي اهدرته في اشياء ابعدتني عن الله سبحانه وتعالى وعن التفكير في مستقبلي ولم تعد عليَّ سوى بجني الاموال الحرام والحاق الضرر بالآخرين وانا الآن جاد في التوبة والبحث عن السبيل الذي يساعدني على التفكير في ذنوبي السابقة والعودة الى جادة الطريق.
والدار جعلتني أشعر بقيمة الجو الاسري والاستقرار بشكل اكبر.. اضافة الى انها اتاحت الفرصة لي للالتحاق بالمدرسة الخاصة بداخلها شعرت انني تعلمت الكثير من القيم والمبادئ والقيم التي ستساعدني في حياتي القادمة بعد انقضاء مدة محكوميتي واستفادتنا من المعلمين فيها الذين ساعدونا على حل مشكلاتنا الخاصة وتهذيبهم لاخلاقياتنا وبلورتهم لها بصورة تمكننا من تقبل المرحلة القادمة وتقبل الحياة بوجه آخر وخصوصاً بعد التعافي من هذه السموم بعد وصولي الى الدار وبإذن الله انا عازم على التوبة.
طريق تحفه المخاطر
لان طريق المخدرات مهما صغرت او تعاظمت فيه حجم القضية او مقدار الجرعة التي يتعاطاها الانسان يبقى طريقاً محفوف بالكثير والكثير من المخاطر اضافة الى النهاية المؤلمة اما بالسجن المؤبد او القصاص الذي يطبق بحق المهربين وكأقل جزاء لهم يستحقونه او الانتحار البطيء في حق أنفسهم.
وينصح هنا من جانبه الشباب قائلاً: بعد مرارة الألم والعذاب النفسي الذي تذوقته والبعد عن اهلي.. والاحساس بالذل والهوان لنظرات الازدراء والتي سوف ترمقني بعد خروجي من الدار من قبل الاهل وكافة من يحيطون بي.. وهذا يعتبر الحصاد الحقيقي لكل ماغرسته يداي.. ومن الممكن لاي شاب ان يصل الى ما وصلت اليه على كل شاب أن يفكر في كل المتاعب و المشاكل التي من الممكن ان يتعرض لها ان يتخيل فراقه واسرته وهو داخل السجن ومدة العقوبة التي سيقضيها فيه.. ووضع كافة هذه الامور قبل ان يخطو الى هذا الطريق.
الثمن باهظ فآدمية الانسان واحترام الناس له وشعوره بقيمته هو الاهم في هذه الحياة الى جانب طاعة الله ورضاه عنا واعتقد العقلاء وحدهم هم من يمكنهم الاستجابة.. وعدم الانجراف او الاتجاه الى مشارف اللذة المؤقتة.. والركض وراء المكسب الحرام الذي ستكون له عواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة.
أعباء مادية أرهقت والدي
انتقلنا للحدث ي.ب.س حيث يقول:
عمري 18 عاماً اسرتي التي اعيش فيها تتكون من «9 أفراد» انا ووالدي ووالدتي واخوتي نعيش في سعادة ومحبة.. الا ان راتب والدي الذي يعمل في وزارة المعارف.. لم يعد يكفي خصوصاً امام الديون الكبيرة المترتبة على والدي و ارهقت كاهله.. كما كدرت علينا سعادتنا.. لان اي انسان يطمح ان يعيش بعيداً عن اي مشاكل قد تعترض طريقه.. او ما يحول بيننا وبين توفيرنا لاحتياجاتنا ومنها على الاقل احتياجاتنا الخاصة الغذائية والملابس وتوفير العيش الكريم لنا.
أنا والمستقبل
أمام هذه المشكلة بدأت اشعر بالتوتر والقلق امام المتطلبات المعيشية المتزايدة.. بدأت تسيطر علي مخيلتي بعض التساؤلات وتكبر بداخلي علامات الاستفهام كنت اسأل نفسي كيف باستطاعتنا ان نفكر في المستقبل المشرق امام هذه الهموم.. او نتطلع الى حياة مليئة بالتفاؤل.
وانا ابلغ من العمر 13 عاماً.. كيف يمكنني ان احلم بالزواج عندما اغدو شاباً وان يكون لي بيت وأسرة وزوجة و اولاد؟ سواء انا او هم او التكاليف الباهظة التي تقصم الظهر.. صبرت أبيت و امسي وفي مخيلتي هذه المشكلة كنا نشعر بالحزن والوجع الذي يكمن في داخل و الدي وبحجم هذه المشكلة التي تتوقد في داخلي نتيجة الديون المترتبة على والدي.
امام هذه الثورة العارمة بداخلي ومن اجل الخروج بدأت تتكرر زياراتي لاصدقائي ورفاقي وجدتهم يتعاطون الحشيش.. وبدأت أنصهر معهم في هذه البوتقة.. ومشاركتي لهم في ارتكاب هذا الاثم منذ 13 من عمري اي في عام 1417ه.. تعلمت تعاطي الحشيش وكيفية لف السيجارة.. مع اللذة الوهمية التي كنت اشعر معها عند التعاطي وحالة التوهان التي كنت فيها كنت احس بانني ابتعد المسافة تلو الاخرى عن المشكلات التي كنا نعاني منها ومحاولة تناسيها او الخروج منها كان التعاطي يخمدها بصورة تلقائية مع كل حبة او سجارة حشيش كنت اتنفسها.. الا ان تلك اللذة التي كانت تنتابني ليست سوى مجرد لذة وهمية.. نسعى الى خلقها و نتوهمها نحن بفعل الجو العام للتعاطي ذلك الاضواء الخافتة والدخان الازرق السام الذي كان يعبق المكان الذي نقبع فيه او الوكر الذي نجرم فيه بحق انفسنا.
انجرفت الى عالم المخدرات واسرتي لم يكن لها اي معرفة بذلك.. رغم.. نصائح الوالد والوالده لنا بعدم التأثر بالوضع المادي الذي تعاني منه الأسرة وتأكيدهما دائما ان الامور سوف تنفرج.. وحثنا على عدم الالتفات لهذه المشكلة.. والابتعاد عن مزالق السوء حتى لانقع في دائرة المخدرات بانواعها.
الفريق الآخر
وباعتبار ان المشكلة لم تنفرج بل وتتأزم كنت في حاجة لتوفير المادة لتوفير الحشيش ومن خلال نفس هؤلاء الرفاق واصدقاء الحارة وكما تعلمت التعاطي.. تعلمت منهم الترويج وبيع المخدرات.. كنت اقوم بالبيع لفئات محدودة تنحصر بين طلاب المدارس وبعض العمال من جنسيات مختلفة وبعض الاشخاص ايضا الذين يطلبون مني هذه المادة كنت اقوم بالترويج في حي «السبيل» ولكن بعد اخذ كفايتي وتزودي منها اثناء وجودي في الشارع الا ان الكميات الاساسية كنت اقوم بشرائها من احد المروجين الكبار.. الكمية لم تكن تتجاوز ربع الكيلو تصل قيمته «000 .4» ريال وباعتبار انني كنت ابيع قطع صغيرة بالمفرق وبعد شظف العيش الذي كنت اعيش فيه.. انفرجت الامور امامي من خلال هذا الربح الحرام.. وكما كانت تأتي هذه الاموال كنت اقوم بانفاقها على التمشية واللهو مع الاصدقاء ركوب الدبابات والتعاطي معهم.
المتعة الوهمية.. والفضيحة
اما عن سؤالكم لي حول التفكير في المخاطر التي جلبتها على نفسي والعقوبة التي تنتظرني اقول لكم نعم.. كنت افكر في هذه المخاطر والفضيحة التي قد تلحقني وانا واسرتي.. ربما انني ادمنت تعاطي الحشيش كلما راودتني هذه الافكار كنت احاول ان اتجاهلها لاشغل كل تفكيري في المتعة الوهمية التي اشعر بها.. متعة زائفة..
لكن ارجوكم ان لاتعتقدوا بان من يسير في هذا الطريق انسان بلا مشاعر.. لا بالعكس نحن اناس لنا احاسيسنا ومشاعرنا الصادقة.. نبكي ونتألم وينتابنا الحزن..
كنت اشعر برعشة تسري في اوصالي كلما تذكرت الخطر الذي من الممكن ان يلم بي في حالة اذا ماتم القبض عليَّ..
وبالفعل تم القبض علي في شارع السبيل العام ولكن بالاضافة الى كمية المخدرات التي كانت بحوزتي.. كنت في حالة سكر تام بعد تناول للعرق المسكر والحشيش الذي تعاطيته.. شعرت بالخجل والخوف والذنب وخصوصاً بعد معرفة اسرتي لهذا الجرم الذي ارتكبته في حقها وفي حق نفسي.
رأفة
وبعد المحاكمة كنت اعتقد بان العقوبة ستطبق داخل السجن.. ولكن حمدت الله سبحانه وتعالى على تحويلي لدار الملاحظة التي انا فيها شعرت بالطمأنينة لاعتبار ان هناك الكثير من الاحداث في مثل عمري بداخلها ومن خلال المدة التي اقضيها عادوت دراستي وانا ادرس الآن في الصف الخامس الابتدائي بمدرسة الدار وللامانة.. قبل تحويلي اليها لم اكن افكر في التوبة او الاستقامة ولكن بعد الفائدة الكبيرة التي تحققت لي من وجودي فيها تأكدت بان كل من يسلك الطريق الخطأ لابد ان تكون هذه هي نهايته.
وبعد اسبوع من وجودي بالدار كتب لي الشفاء من هذه السموم التي سبق ان أدمنتها وكانت تسري في جسمي سريان الدم.. وهذا مما يجعلني اعقد النية على التوبة وعدم العودة الى هذا الطريق المحفوف بالمخاطر.وفداحة الخسائر المعنوية والذاتية ويكفي الفضيحة والسجن.
|
|
|
|
|