| محليــات
سبق أن حدثتكم عن «أبو شايع» ودجاجته. لكن لا مانع ان أذكركم بقصته مرة أخرى!
كان أبو شايع يربي دجاجاً في سطح بيته في وسط الرياض القديمة. وهذه الدجاجات وديكها تشكل جزءا من دخله. وفي احدى المساءات وهو عائد من السوق قدر له أن يرى المراهق يطلق الساكتون على احدى دجاجاته الراكضة على سور السطح «الحجى» لتتهاوى صريعة أمام عينيه فصرخ بكل ما يملك من صوت: حرية حرية حرية يا جماعة الخير حرية تراها صارت حرية. ثم أخذ يتقافز من الجزع والرعب وهو يردد كلاماً فاحشاً لا يمكن أن أقوله لكم في الجريدة. فتناتقت الناس من بيوتها وتجمعت من كل حدب وصوب ليرون الحرية وأسبابها ماثلة أمامهم فطالما ان هناك اعتداء سافراً على دجاجة من دجاجاته فلاشك أن العالم أصبح حرية والحرية تعني في قاموس أبي شايع أفعل ما تريد فقد انفلت الأمر وفقد الأمن وتفكك النظام ولك ان تفعل ما تريد.
يبدو أن مفهوم العولمة وصل الى كثير منا كما وصل مفهوم الحرية لأبي شايع. فأهل العولمة ومروجوها جلسوا سرا في مكان ما في أوروبا وأمريكا وأخذوا يتدارسون الطريقة التي ينهبوننا بها، والطريقة التي يفسدوننا بها، والطريقة التي يخرجوننا بها من أخلاقنا. وبعد جهد جهيد توصلوا أخيرا وليس آخراً الى نظام العولمة. فكل جولات المباحثات من الأروجواي الى مراكش الى قطر. وكل المخترعات من انترنت الى قنوات فضائية هدفها الحقيقي سلبنا مقدراتنا وافساد اخلاقنا والاعتداء السافر على دجاجاتنا. فالعالم كله من الشرق الى الغرب، لا شغل له الا كيف يكيد لنا ويحيك لنا المؤامرات وكيف يوقع بنا، كيف يسلبنا مقدراتنا وفي المقابل نحن طيبون وعلى نياتنا، فما ان يعلن المتآمرون عن بضائع تآمرهم حتى نتهافت عليها. كنا في طليعة الأمم التي استوردت اللاسلكي، وكنا اول الأمم التي استوردت الراديو، وكنا أول الأمم التي استوردت التلفزيون، وكنا أول الأمم التي استوردت الانترنت مشكلتنا اننا لا نصغي الى صوت العقل بين ظهرانينا ذلك الصوت الحكيم الذي يريد منع هذه الاجهزة ومنع اسباب وجودها في حياتنا. مشكلتنا او مشكلة أبو شايع تحديدا اننا لا ننتبه الا بعد ما يقع الفأس في الرأس وبعد ان تنغرس رصاصة الساكتون في أجساد دجاجاتنا فالمؤامرة واضحة وضوح الشمس يكفيك ان تقلب الريموت كنترول لتعرف ان العالم لا شغل له الا الكيد لنا. والمصيبة الأعظم التي تهدد ابو شايع ان الكيد لا يأتي فقط من الاعداء بل من أناس منا من أبناء جلدتنا تراهم يروجون ويسوقون الأفكار والاجهزة الهدامة دون واعز من ضمير.
هنيئا لنا بأبي شايع وأمثاله ولكن متى نصغي الى هذا الصوت الحضاري الذي يريد ان يحمي دجاجاتنا.
|
|
|
|
|