قلت: هذه نظرة حكيم، وقول مجرّب، أدرك في خضم حياته وشؤونها تفاوت أخلاق الناس، واختلافها، مما دعاه الى بسط تجربته بهذه الصورة الواضحة الجلية. انظر الى بيته الأول تجد محصلة حكمية بيّنة، هؤلاء ذوو الأحقاد بقلوبهم المريضة، ونظرتهم العليلة، لا يطرحون ضغنهم إلا بتعامل من غيرهم يسمو عن طبعهم ويتعالى عن مستواهم ويتحقق ذلك في نظر هذا الحكيم بتحيتهم، وحسن التعامل معهم شأن التعامل مع الوضيع الحاقد الذي قد ينفع في شأنه الميسور من التحية والمتاع.
ويزيد هذا الشاعر في بيته الثاني مايكمل معادلته الاجتماعية حيث ودّ تحقيق الفضل وزيادته بمثل ما يصدر عن ذوي الأضغان، وينهى عندئذ عن إظهار الفضول وتحقيقه، فمنع السؤال بإشباع الظن عند صمت هذه الفئة وسكوتها، وبخاصة في حديثهم وتعاملهم، ويرجح من بعد أن ما قد يظن بوقوعه من المكر لن يقع لضعف كيد هؤلاء القوم، وعدم ضرهم، نعم!